فيزياء الشريعة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مدخل الى

فيزياء الشريعة

أنور غني الموسوي

 

 

 

 

مدخل الى فيزياء الشريعة

أنور غني الموسوي

دار اقواس للنشر

العراق 2022

 

 

 

 

 


المحتويات

 

المحتويات.. 1

المقدمة 5

تمهيد. 14

المعرفة والدليل. 16

اشارات في فكرة المعرفة 18

العلم العرضي. 30

اشارات في فكرة العلم الشرعي. 32

الدليل العرضي. 42

اشارات في فكرة الاستدلال. 44

مادة الشريعة (المضامين) 50

اشارات في فكرة المضمون الشرعي. 57

طواهر الشريعة (التداخل والاتصال والتفرع) 68

اشارات في اتصال المعارف الشرعية 80

قوانين الشريعة ( فيزياء الشريعة) 98

اشارة في الاتساقية الشرعية 107

رياضيات الفقه 115

الفقه التجريبي. 117

الاستقراء الشرعي. 118

المصدقية 127

اشارة في الشواهد و المصدقات.. 129

مقاصد الشريعة 152

اشارات في المقاصدية 157

الاصول والفروع المعرفية 161

اشارات في الاصول الشرعية 165

الفصل الاول: نظرية الحق. 181

قانون العلم العام 184

قانون الثبوت.. 188

قانون الظهور 197

قانون الحق. 205

تعريف الحق. 208

تعريف الباطل. 208

درجات العلم 210

المثال الأول: 212

المثال الثاني: 214

المثال الثالث: 215

المثال الرابع: 216

المثال الخامس: 216

الفصل الثاني: نظرية الفقه 218

الاحاطة 220

مادة6. 220

مادة5. 221

قانون الاستنباط. 223

الظل المعرفي. 227

المسافة المعرفية 228

العلاقات المعرفية 229

الموافقة والمخالفة 234

الحكومة 236

اشارة 238

الفصل الثالث: نظرية التكامل. 239

قانون العلو 243

قانون الطبيعة 245

قانون الخير. 245

الدرجة 246

المكان المعرفي. 248

المركب المعرفي. 249

الفصل الرابع: نظرية اليقين. 255

التجريب.. 258

الدقة 259

الحضور 260

الاستقرار 262

الاطمئنان. 262

الرسوخ. 263

اليقين. 264

المعارف الجامعة 239

خلاصة قوانين فيزياء الشريعة 266

اختبارات في الفقه التجريبي. 269

مسألة: جواز رؤية الله تعالى وعدم جوازه 270

مسألة: جواز نكاح المتعة وعدم جوازه 282

مسألة التكامل في المؤمن والكافر 294

انتهى والحمد لله. 296

 

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. اللهم صل على محمد واله الطاهرين وعلى اصحابه اجمعين. ربنا اغفر لنا ولجميع المؤمنين.

من خلال ملاحظات كثيرة لي طوال سنوات مضت ادركت وبشكل عميق ان الشريعة ليست مجرد معارف تعبدية متناثرة، بل هي معارف دستورية مقاصدية وبنى عميقة تتولد وتتكاثر بشكل متصل غير منفصل. والقواعد التفسيرية والاصولية والفقهية يمكن تطويرها والتعبير عنها بشكل كمي رياضي مع اختبارات مناسبة وفق الفقه التجريبي. فكانت هذ الكتاب محاولة تقديم قواعد العلم الشرعي بشكل كمي، بصيغ معبرة عنها ومتجهة نحو فيزياء المفاهيم. وفيه شروح وتوجيهات وتعاريف محددة وغيرمحددة وتناسبات وهذا كله مقدمة وتمهيد للمقصد الرئيسي للكتاب الا وهي التعاريف الكمية والقوانين الرياضية. ان الغرض من الكتاب بيان التعاريف الكمية والقوانين التناسبية في المعارف الشرعية وغير ذلك من بيان وشرح هو تمهيد لهذه الغاية.

انا هنا اطرح تساؤلات اكثر مما اطرح افكار، ولكني واثق انه سيأتي اليوم الذي يدرك الباحثون ان العلم الشرعي هو عبارة عن قوانين كمية فيزيائية. انا لا امتلك الان الصيغ ولا امتلك المقادير الرقمية الا انني امتلك شعورا عميقا وقناعة تامة بان العلم الشرعي هو علم كمي.

ليس الغرض من هذه السطور هو التجديد الفقهي وطرح فرضيات جديدة في الاحتجاج الفقهي والاصولي وانما هنا غيتان مهمتان:

الاولى غاية استقلالية بتطوير الاحتجاج الاصولي وطرحه بشكل كمي منضبط  تؤدي الى نتائج واضحة لا تقبل الاحتمال وبشكل كمي ورقمي مما يجعل من الفقه علما بنائيا متطورا وليس ساكنا كما هو الان.

الثانية غاية وظيفية وذلك بالتعمق في اسس التشريع ومبادئه والتخلص من حالة التناثر والظن والفردية مما يقلل الاختلاف والغرابة والشذوذ ان لم يقض عليها.

 فهنا محاولة هي مدخل نحو فقه كمي يهتم جدا بادراك التناسبات العكسية والطردية ليمهد الطريق نحو الفرضيات المحددة وبعدها السعي بقوة نحو اكتشاف المعادلات الكمية للكيف والمفاهيم المعنوية واختبار ذلك بالتجريب، فالكتاب من الفقه التجريبي.  ولحقيقة قلة الاختبار فيه فانه يكون من الفرضيات وفلسفة العلم، رغم ان اسسه ومبادئه اكثرها وجدانية ومعتمدة على نظرية الصدق العرضي أي ان الحق دليل الصدق وليس العكس كما هو السائد. فمعرفة الحق هو دليل على ان الطريق صادق وليس العكس، فالطرق وسيلة للوصول وليست معيارا له. وربما المشكلة الكبيرة التي يعاني منها الفقه الاصولي هو جعل الحق فرعا للصدق، بينما الواقع عكس ذلك، فان الصدق فرع الحق، فاذا علمنا ان المعرفة حق علمنا ان الطريق صادق، والعكس ليس صحيحا. فلربما علمنا ان الطريق صادق لكن نعلم ايضا ان المعرفة ليست حقا.

ان طرح قواعد الشريعة سواء على مستوى الادلة او الاحكام او على مستوى الادوات المعرفية التي تتعامل معها بشكل معادلات رياضية ووفق بنى تشعبية واستنباطية مترابطة متصلة يمكننا من التجسيد الواقعي لتلك الحقائق، والتحول الى علم فقه بنائي تطوري كما هو حال باقي العلوم البحتة التطبيقية، كما انه يمكن من تحقيق علم شرعي مجرد غير خاضع للفردية نسميه ( فيزياء الشريعة).

ان للشريعة مادة هي المضامين وهي كيانات لها الوان واصناف. وتبرز اهمية تصنيف المضامين الشرعية بحسب الالوان والتباينات الكيفية الى ادراك وبحث وتطوير المعادل الكمي لها، حيث ان البيان الكمي للشيء هو اول خطوة نحو جعله عنصرا فيزيائيا. والمعاني والمفاهيم والافكار بما لها من كيف متميز وانظمة علاقات يمكن ان يعكس ذلك بشكل كمي. ان تمييز المضامين لونيا وكيفيا يمكّن من ضبط حالات التداخل والاتصال، وهي من اهم عناصر تحديد الاصول والفروع والاشتقاق والاقتران وهو المدخل الاهم نحو مجال الموافقة والمخالفة. وتصور كيف سيكون الامر عظيما اذا عبر عن ذلك بمقادير كمية مضبوطة. لقد كنت في ابحاث الفقه العرضي ادعو الى التخلص من الظن بشكل كامل، وانا هنا في الفقه الكمي ادعو الى التخلص من اي بيان مفهومي او معنوي غير محدد بمقادير كمية ورقمية. انني احلم برؤية الفقه الرقمي يوما ما.

 ان ضبط حالات التداخل والموافقة والمخالفة والاصلية والفرعية من مهمات فيزيا الشريعة الكيفية بل والكمية ايضا وهي المستوى الثاني من ابحاث فيزياء الشريعة بعد المستوى الاول المتمثل بوجود المضامين وخصائصها اي مادة الشريعة وبعده المستوى الثالث وهو قوانين الشريعة. فليدنا ثلاث مستويات من البحث الفيزيائي للشريعة:

 الاول: مادة الشريعة وهي المضامين والموضوعات والمحمولات.

الثاني: ظواهر الشريعة كالتداخل والموافقة والمخالفة بين المضامين والاصول والفروع.

الثالث: قوانين الشريعة التي تحكم مادة الشريعة وظواهرها واهما قوانين الثبوت والظهور والحجية والحق.

والكتاب سيكون في اربعة فصل؛ نظرية الحق ونظرية الفقه ونظرية التكامل ونظرية اليقين. وقبلها تمهيد معرفي وبعدها خاتمة في الفقه التجريبي.

 

 

 

 

تمهيد

 

 

 

 

 

المعرفة هي خبرة يكتسبها الانسان عن طريق العلم. فالعلم طريق للمعرفة وليس مساويا لها الا انه أحيانا من التسامح تسمى المعرفة علما.

والمعرفة يتوصل البها بطريقين مهمين الأول الادراك المباشر (الحس) والثاني الادراك غير المباشر (النقل). ولا ريب ان العلم الحسي هو الأصل وهو الأقوى الا انه  ولاجل ندرة العلم الحسي بالمعارف فان البشرية اعتمدت العلم النقلي والذي ربما يساوي اكثر من تسعين بالمئة منها في غير الواقعيات اليومية.

المعرفة والدليل

ان مشكلة خطيرة ظهرت اثناء تجربة البشر العلمية الا وهي الكسل التعلمي، مما أدى بهم الى المساواة بين الطريق والغاية في المعرفة، فصارت خصائص الدليل تعطى الى المعرفة المستدل عليها، وهذه هي الطريقة المعروفة المشهورة بين الناس الان، فصارت قوة الدليل مساوية لقوة المعرفة، الا ان هذا ادى الى كثير من الفردية بل أدى الى كثير من التوهم والاختلاف وأوضح امثلته هي المعارف الدينية والتي تعتمد النقل أساسا. فانه ورغم مرور مآت السنين على ختم النبوات فانه لا زال الخلاف قائما بين الأديان بل وبين الطوائف في الدين والواحد، وهذا امر غير منطقي من الجهة العلمي. فالعلم لا يقبل هكذا درجة من الاختلاف وهكذا استمرا، ان وجود الاختلاف واستمراره يضع علامة استفهام على علمية مناهج البحث الشرعي.

فلا بد من المراجعة الجدية لهذا الامر والتأكيد على ان الدليل وقوته العلمية لا يساوي المعرفة بل ان المعرفة غاية ونهاية وموضوع قصد مستقل عن الدليل في الصدق ويتناسب ثبوتها مع أمور أخرى تصديقية شواهدية وهذا هو أساس منهج عرض المعارف على بعضها.

اشارات في فكرة المعرفة

م: عرف الشيء أدركه بالحواس وغيرها. بالاستنباط او الاستقراء.

م: المعرفة هي الخبرات والمهارات المكتسبة من قبل شخص من خلال التجربة أو التعليم؛ الفهم النظري أو العملي لموضوع.

م: المعرفة ما يكتسبه الفرد من خبرات ومهارات، والتي يقوم أساساً على التجربة والتعلّم بالدرجة الأولى، المتمثلة بالفهم بشقيّه النظري والعملي لأي فكرة أو موضوع.

م: المعرفة هي سلسلة مترابطة من البيانات والمعلومات الموجهة والمختبرة، والتي خضعت للمعالجة والإثبات والتعميم نتاج تراكمها بغية الحصول على معرفة متخصصة في مجال معين.

 م: المعرفة ثمرة المقابلات والاتصال في عدة اتجاهات مختلفة.

م: المعرفة قائمة على حقيقة التمايز بين الراسخ وغيره، وكلاهما علم الا انهما يختلفان في طبيعة العلم بهما وقوته.

م: المعارف الراسخة هي محور المعرفة والعلم بها مستقل عن كل قرينة او مساعد وهي التي تكون محور المعرفة التي يرد اليها غيرها.

م: المعارف المحورية هي التي تعطي الشكل واللون والصبغة والاتجاه والميزة العامة للمعرفة ككل وبها يعرف غيرها.

م: المعارف المحورية مهمة جدا لأنها هي التي تكون المرجع في عملية التوافق والاتساق، فان الاتساق بالأساس يكون معها.

م: المعارف المحورية الراسخة في الشريعة لا بد ان تكون من القرآن والسنة متفق عليها لا يشك فيها أحد ولا يناقش.

م: أصل معارف نظام هو محوره ودستوره الذي فيه مضامين وفقرات، وهذا واضح عرفا ووجدان.

م: المعرفة المحورية هي الأصل وبها يعرف غيرها ثبوتا او دلالة فيكون فرعا سواء كان متشابها او محككما.

م: بالاتساق مع المعرفة المحورية يثبت الظني من الحديث فيصبح علما. وتتميز الدلالة المرادة من بين مرادات متعددة في الاحتمال اللغوي وتتميز الدلالة المرادة المغاير للظاهر في المتشابه التعبيرية.

م: الاتساق بين المعارف اساسي لتعريف المعرفة وهناك الاتساق الاولي الأصلي مع المعارف المحورية والاتساق الثانوي الفرعي مع المعارف الفرعية.

م: المعرفة تتميز في الصدر كعالم متجانس متوافق وهي شيء راسخ يتكون بفعل الادلة في قلب المعتقد والمؤمن.

م: حينما تكتسب المعرفة فإنها تكون بلون واحد فلا تتميز من حيث طريق استفادتها أي لا تتميز من حيث كونها قرانيه او سنية او انها أصلية او تفرعية او محورية او فرعية وانما تعرف على انها معرفة شرعية فقط.

م: معرفة المعرفة وتعريف المعرفة بالرد والعرض ونحو ذلك وتبين الاتساق والتوافق كلها عمليات وجدانية يقوم بها المؤمن والمعتقد باي مستوى كان بل هي من الضروريات الغريزية التي لا يمكن منع حدوثها.

م: العرض والتمييز والتعريف للمعرفة وظيفة كل عاقل ولا تختص بفئة معينة من الناس كالمفسرين مثلا.

م: المعرفة في مستقرها في الصدر انما تعرف انها معرفة من دون تمييز من جهة الاكتساب الا انها حينما ينظر اليها من الخارج او من حيث ادلتها وثبوتها تتميز الى القرآني والسني والمحوري والفرعي، والأصلي والتفرعي والنصي والاستنباطي وهذا التمييز هو من بحث (معرفة المعرفة او ما يسمى " ميتا المعرفة" ومن هنا يحسن ان يكون هناك علم اسمه "ميتا الشريعة".

م: من اهم المعارف المحورية في الشريعة بعد معرفة الله ورسوله والايمان بالملائكة والكتاب واليوم الاخر هو قيام الشريعة على العدل والاخلاق فإنها تعطي للمعارف الشرعية صفة الوجدانية والواقعية.

م: المعرفة الأصلية هي كل معرفة تثبت وتستقل بنفسها في الثبوت والفرعية ما تعرف بالرد اليها من متشابهات ومحكمات وهناك معنى للأصلي هو النصي ومنه يتفرع الفرع وهو الاستنباطي. 

م: المعرفة في حقيقة الامر لا تتعدد ولا تتميز وانما كلها تكون بأوصاف موحدة من حيث اللون.

م: في مستوى المعرفة ؛ الاعتقاد- لا توجد معارف قرانيه او سنية ولا معارف محورية او غير محورية ولا أصلية وتفرعية بل كلها معارف شرعية وانما في الخارج وعن الحديث عنها تصبح متميزة.

م: عند الحديث عن المعرفة في بحث ( ميتا المعرفة) تتميز المعارف اما هي نفسها وبما هي حديث عن الاشياء فإنها لا تتميز ومن هنا ينبغي التمييز بين حديث المعرفة عن الاشياء والحديث عن المعرفة.

م: المعارف الشرعية كغيرها من معارف لها وجودات خارجية حقائقية، والقول انها موضوعات اعتبارية لا يعني انها لا تمتلك حقيقية وشيئة وذاتية وخارجية.

م: كما ان هناك حقيقة وذاتا وخارجيا جوهريا فان هناك حقيقة وذاتا وخارجيا اعتباريا.

م: يجب توسيع فكرة الشيء الخارجي ليشمل الاعتباريات كما الجواهر ومنها الاحكام والقوانين والتشريعات الخاصة بالمواضيع الاعتباري.

م: الموضوع الاعتباري الذي تعرض عليه الاحكام هو حقيقة وعين وذات اعتبارية وهو شيء اعتباري. ولا فرق بين الجوهري والاعتباري الا ان الأول يدرك كشيء مفرد بينما الاعتباري يدرك كشيء مركب ( جواهر في علاقة).

م: الشيئية متقومة بالحقائقية والذاتية والعينية. نعم الشيئية والذاتية والعينية الاعتبارية تختلف عن الجوهرية والقصد هنا معرفي ولا فرق معرفيا بين الجوهري والاعتباري.

م: ان الشرع لا يقبل الاختلاف بخصوص حكم واحد عن موضوع واحد مع اتحاد الجهة، لان الحكم معرفة والمعرفة لا تتعدد وهذا أصل عقلائي في المعرفة ان المعارف لا تتعدد.

م: من هنا فمهما تعدد الناظرون والمتناولون والحكام الى موضوع وكانت جهة نظرهم واحد وجب الاتفاق.

م: الاختلاف المعرفي ليس صدقا ويجب ان يكون مع الاختلاف وجود مخطئ وهناك دوما مصيب واحد ان وجد.

م: عند الاختلاف اما ان يكون أحدهم مصيبا والباقون خطأ واما ان يكون الجميع خطأ والحقيقة غير معروفة. وتجويز الاختلاف في الشريعة فليس له اساس لا عقلائي ولا وجداني ولا شرعي.

م: الشريعة تسع الجاهل المخطئ في معرفته وتعذره باتباعه الحجة.

م: هناك قواعد عامة تحكم الوجود الاعتقادي للمعرفة في الصدور والعقول، وان صورة تلك المعرفة تفاعلية انصهارية تجريدية غير ملحوظ فيها طرق ايصالها ومصادرها.

م: بخصوص المعرفة الشرعية فإنها خاضعة لهذه الكليات، أي مضمونية وخطابية واعتقادية المعرفة النصية.

م: باعتبار ان القرآن والسنة هما الأصلان الأصليان في الشريعة، فهناك وجود مضموني قراني وسني، ووجود خطابي توجيهي بفعل علم النص القرآني وعلم النص السني مع تميز، وهناك الوجود الاعتقادي المعرفي في الصدور وهو انصهار لا تمييزي.

م: الوجود الانصهاري للمعرفة الشرعية في الصدور في مستواها الاعتقادي والوجود الخطابي التوجيهي المحصل من خلال التوجيه المعرفي أيضا يبطل الظاهرية والحشوية.

م: الدلالة المقامية طريق الى دلالات محصلة خطابية تنتج الاعتقادات.

 

 

 

 

 العلم العرضي

من المعلوم ان عرض المعارف على بعضها وان كان له أسس منطقية كالاتساقية المعرفية الا انه ظهر بقوة وبشكل جلي ومتكامل في النصوص الشرعية الإسلامية تحت عنوان ( عرض الحديث على القرآن). وفي الحقيقة هذا ليس امرا مستحدثا بالشرعية بل هو من تطبيقات وفروع العلم العرضي العام. حيث ان الانسان لا يذعن للمعرفة مهما كان دليلها الثبوتي الا اذا كانت توافقية ومتسقة ومبررة من قبل ما هو ثابت سابقا.

ان عرض المعارف الجديدة على المعارف السابقة هو أساس منهج العرض، وهذا امر يتميز به المنهج العرضي في قبال المنهج الاستقلالي في العلم.

 

 

 

 

 

 

 

اشارات في فكرة العلم الشرعي

م: العِلْم يعني إدراك الشيء على حقيقته. والعلم مقدمة المعرفة وليس هو المعرفة.

م: السنة الثابتة بالقطع او بالعلم تثبت الاصول والفروع والعقائد والاعمال فلا تختص بتبيين القرائن وشرحه بل هي مستقلة في بيانها واتصالها بمصدر الشريعة. والقول بخلاف ذلك لا مجال له.

م: العلاقة بين السنة والقرآن من حيث توجيه الدلالة هو كالعلاقة بين أي معرفتين تتداخلان وان السنة توجه دلالة القرآن كما ان القرآن يوجه دلالة السنة.

م: السنة وان كانت لا تعرف بالنسبة لنا الا بالحديث فإنها ليست الحديث بل هي علم وعلم في الصدور وليس في الكتب وانما الحديث دليل عليها فهي مستقلة عنه وليست مداليل الحديث الا مقدمات لها.

م: القرآن هو الآيات والسنة هي الأحاديث وليس من قران الا هو اية وليس من سنة الا وهي حديث الا ان العلاقة بينهما وبين مدلولات الايات والروايات علاقة معرفية تخاطبية وليس لغوية اتحادية. وهنا السنة تسامحية اعم من السنة النبوية والحكمة الامامية.

م: المعارف والعلوم ليست مداليل كما يتصور الكثيرون، والقرآن والسنة مستقلان عن مداليل الالفاظ وان كانت الالفاظ طريقا اليهما. 

م: المعالجة العقلية التفرعية باتصال المعرفة بحيث انه لا يخرج من جوهر المعرفة فيشتق منها ما ينتمي اليها بشكل صادق كإدراك افراد العام ومصاديق الكلي ونحوهما من التفرعات وهذا التعامل هو (التعامل العقلي العلمي) مع الحقائق وهو حجة شرعا.

م: من التعامل العقلي مع الحقيقة هو التعامل اللاتفرعي وهو اقتراح معارف غير مستفادة بالتفرع وهو اما ان يكون بصيغة منطقية وهو الفلسفة او بصيغة غير منطقية تخيلية وهو الادب. وهذا هو (التعامل العقلي اللاعلمي) مع الحقائق، وكلها ليست حجة في الشرع.

م: العلم هو تعامل تفرعي مع الحقيقة. والفلسفة هي تعامل لا تفرعي منطقي مع الحقيقة والادب هو تعامل لا تفرعي تخيلي مع الحقيقة.

م: فلسفة العلم هي تعامل عقلي لاتفرعي منطقي وافتراضي وظني للحقائق، وهو مقدمة للعلم بمعنى من المعاني.

م: ما ينتج الحقيقة هو العلم، أي التعامل التفرعي للعقل مع الحقائق واما التعامل العقلي غير التفرعي كالفلسفة والادب فلا ينتجان حقائق وهما ظنون.

م: فلسفة الشريعة لا يمكن ان تكون بذاتها علما ولا تكون من الشريعة ولا يصح ان تنسب اليها او تكون منها الا بإثبات تفرعها منه. فحينما تطرح معارف فلسفية بخصوص الحقيقة الشرعية فان ما يطرح حينها ليس من الشريعة ولا من حقائقها وكل الاحكام التي تفترضها ليست من الشرع الا انها تصلح لان تكون موضع بحث وتمحيص ولا يجوز نكران ان كثيرا من الحقائق العلمية كان اساسها الفلسفة.

م: من المفيد ان تكون هناك فلسفة للشريعة وتطرح الافكار المنطقية المتناسقة المتوافقة بخصوص الحقائق الشرعية وبحث العمق المعرفي لجوانب كثيرة من الشريعة، فان هذا يؤدي الى امرين تدعيم الحقيقة الشرعية وترسيخها في النفوس وايضا توفير مادة مقدمية قريبة لاجل البحث للإثبات او عدمه.

م: من المهم دوما تمييز المعارف الفلسفية بخصوص الشريعة والتي هي ظنون بخصوص الشريعة من المعارف الشرعية وعلم الشريعة.

م: وجود فلسفة للشريعة وفلاسفة شريعة مهم جدا وله فوائد بشرط التمييز بين علم الشريعة وفلسفتها وستكون مباركة.

م: العلم معرفة واقعية يدركها الانسان بعقله، والعقل ليس له قدرة على انتاج مثل هذه المعارف الواقعية، فالعلم هو الواقع.

م: طريقة إدراك الانسان للواقع بطريقتين متميزتين الاولى هي الإدراك المباشر والثاني هي الإدراك غير المباشر.

م: الإدراك غير المباشر هو الخبر ويسمى عادة النقل والصحيح انه الخبر لان النقل هو واسطة لنقل الخبر وليس هو الخبر، فالنقل وسيلة توصيل الخبر والمصدر هو الخبر وهو الدليل عليها والتمييز بين الخبر والنقل في غاية الاهمية في المعرفة البشرية.

م: المصدر الاول والاهم هو الإدراك المباشر وهو المعاينة أي الإدراك الذي يكون بواسطة ادوات الإدراك البشرية المباشرة سواء إدراكا حسيا او أثريا، وهذا يعني ان إدراك وجود المؤثر بالأثر هو إدراك معايني أصلي وليس فرعي.

م: الإدراك الاثري واقع على الخارج بشكل مباشر من دون فصل وغياب بعض الاطراف عن الحس لا يعني انه إدراك فرعي.

م: هناك تبعية في العقل للعلم هي تبعية محدودة الا انها مهمة فإذا حكم العلم على علمية معرفة فان العقل يستقبلها كعلم ويفرع منها فروعا على انها علوم، وهكذا إذا حكم العلم على لاعلمية معرفة فان العقل يمكنه ان يحلل ويفرع الا انه يحكم على التحليل والفرع انها ليست علما.

 

م: العلم أخطر من العقل لكن العقل كفوء بإبطال الكذب العلمي مع الوقت لكنه احيانا يحتاج الى وقت قد يستغل العلم ذلك فيستعبد البشر.

م: لاجل حصانة المعارف الشرعية ينبغي الا تقع فيما وقعت فيه العلوم الاخرى وينبغي الا تفارقها صفة العقلانية، ومن اهم صفات العقلانية هي الوجدانية وعدم ابعاد الشريعة عن ساحة الوجدان لأنه كلما ابتعدت المعرفة عن ساحة الوجدان قوي صوت العلم وخفت صوت العقل.

م: العقل دوما حق لكن العلم احيانا يكذب ويدعي فلا بد من تمييز العلم الحق من العلم الباطل ومن هنا صح ان نصف بعض الأحاديث انها باطل رغم انها تدعي صفة العلم.

م: لا علم الا في الحق وهذا هو الفرق الكبير بين العلم الحق والعلم المدعى، العلم الحق حق وصدق وغير ذلك فهو علم مدعى.

م: الشريعة علم لكنها ليست اختصاصا. فمعارف الشريعة ومصطلحاتها مما لا يحتاج معها الى معارف خاصة غير ما يعرفه عرف المسلمين ووجدانهم وما يعرفونه وسط مجتمعهم وهذا هو الوجدان الشرعي.

م: المعرفة ان كانت نصا فإنها تستفاد منه بطريقة عادية عرفية من حيث ثبوت النقل والدلالة وليس في الشرع شيء خاص ليعلم به ذلك غير ما عند الناس، وان لم يكن فيها نص فإنها تفرع مما علم من نص عام يشمل المسالة.

م: يعلم ان النقل حجة إذا كان له شاهد مصدق مما نعرفه من القرآن والسنة والشاهد والمصدق هو الموافقة في الغايات والمقاصد وليس المطابقة في الخبر.

م: العلم بالدلالة فيكون بتحصيل الدلالة المباشرة من النص او من مجموع ما نعلمه فيه بالجمع العرفي العادي البسيط كما نتعامل مع أي كلام او نص في حياتنا.

 

 

 

 

الدليل العرضي

بينما الدليل الذي يقتصر في العلم الاسقلالي على الدليل الاثباتي الطريقي فان الدليل في العلم العرضي يتوسع ليشمل إضافة الى طريق الاثبات الدليل الى العامل العرضي وهو التصديق بالمعرفة المعلومة سابقا ومدى موافقتها. وهذا الفهم للدليل له اسسه وهو طريق الحق والحقيق وطريق رفع التوهم والظن من البحث العلمي.

ان العلم العرضي إضافة الى تقديمه طريقة وجدانية واضحة لأثبات المعارف والعلم بها فانه يمثل منهجا واقعيا وحقيقيا في اثبات المعارف مما يبعد الظن والاختلاف. ان العلم العرضي هو أساس العلم الشرعي الحقيقي وهو الطريق نحو توحيد الطوائف والأديان.

 

 

 

اشارات في فكرة الاستدلال

 

م: المعرفة شرعية علم والعلم قائم على الاستدلال.

م: الاستدلال اما ان يتجه من الكلي الى الجزئي وهو الاستنباط أي يثبت حكم الجزئي بحكم الكلي او بالعكس بان يثبت حكم الكلي بحكم الجزئي وهو الاستقراء.

م: الاستنباط بنفسه علم اما الاستقراء ففي نسفه ظن الا انه يحقق العلمية ان كان مصدقا وله شواهد معرفية.

م: الدليل الاستقرائي بظنيته لا يمكنه ان يبلغ قوة الدليل الاستنباطي العلمي، وهو دوما كذلك وفق الفقه الاصولي وهذا الحكم ليس كليا في الفقه العرضي.

م: الاستقراء دليل علمي للمعارف الخارجية وهو معتمد في العلوم البحتة وتبني عليه البشرية الكثير من قرارتها المصيرية.

م: الاستقراء يصح ان يكون دليلا في الشريعة لكن بعد إخراجه من الظن الى العلم. 

م: المعرفة الاستقرائية في الشريعة في الأساس ظن وهي بنفسها ليست حجة الا انه ليس من الممتنع ان تكون دليلا كما انه ليس من المقبول اركان هذا الدليل المهم جانبا لذلك لا بد من السعي نحو تكامل علمية الاستقراء الفقهي واخراجه من الظن الى العلم.

م: جميع محاولات الفقه الاصولي التي حاولت ان تعطي للاستقراء علمية فشلت وجميع محاولاته التي حاولت ان تعطي الاستقراء حجية فشبت لكن الفقه العرضي اعطى للاستقراء علمية واثبت حجيته.

م: نحن نعلم بوجداننا ان الاستقراء علم على وجه من الوجوه، كما ان العلوم التجريبية تعتمده أساسا لحقائقها التي بنت هذا البناء الضخم الذي من غير المعقول التقليل من علميته.

م: الفقه العرضي كفيل بتحقيق علمية الاستقراء الفقه بعرض نتيجته على القران فان وافقه وشاهد له فهو حق وعلم والا فهو ظن وباطل.

علمية الاستقراء

م: أحد اهم إنجازات ومهمات الفقه العرضي هو اخراج المعرفة من الظن الى العلم. والمنهج المتبع في الفقه العرضي بإخراج المعارف الشرعية من الظن الى العلم يجري في الاستقراء.

م: حينما يتحقق عندنا استقراء شرعي يتحقق عندنا ظن شرعي، وبعرضه على القرآن، وتبين شواهد له ومصدقات منه يخرج من الظن الى العلم.

م: وجود شواهد ومصدقات من المعارف القرآنية للنتيجة الاستقرائية كفيل بتحقيق العلمية له واخراجه من الظن الى العلم.

م: التتبع الاستقرائي حقق جزءا من العلم والتصديق القرآني كمل ذلك وهذا هو الحال في جميع المعارف الشرعية فان الدليل يثبت جزء من العلم وتصديق القرآن له يكمل العلم.

م: اشتراط موافقة الفرضية وتناسقها واتساقها مع ما هو معلوم وثابت من معرفة هو المصحح للاستدلال بالاستقراء ومحقق ومكمل علميته في جميع العلوم.

 

م: يمكن للاستقراء تأكيد الاستنباط، فإننا نستطيع بالاستقراء ان نتبين صدق الحكم الاستنباطي. بل ان ظاهرية الحكم قد تتبين بالاستقراء حينما يثبت الاستقراء الموافق للقران، اذ يكون الاستقراء حينها هو الواقع والاستنباط المخالف له يكون هو الظاهر.

م: العلاقة بين الحقائق العلمية الاستقرائية بخصوص موضوعات معينة وبين البيانات الشرعية الخاصة بتلك الموضوعات، فان البيان الشرعي الموضوعي يكون واقعيا حتى يثبت استقراء علمي مصدق بالقرآن، فيكون الحكم وفق ذلك الاستقراء لأنه يمثل الواقع.

 

م: العلاقة بين الاستقراء والاستنباط هو حاكمية الاستقراء على الاستنباط، ومن خلال وحدة المعارف البشرية نستطيع القول ان كل استقراء معرفي وان لم يكن شرعيا نقليا حاكم على كل استنباط معرفي وان كان شرعيا نقليا.  

م: وفق الفقه الاصولي الاستنباط دوما مقدم على الاستقراء ويمكن للاستنباط العلمي مخالفة الاستقراء العلمي لعدم القول بتوحد المعرفة، بينما في الفقه العرضي الاستقراء دوما مقدم على الاستنباط، ولا يمكن للاستقراء العلمي  مخالفة الاستنباط العلمي لقاعدة توحد المعرفة.

 

 

 

مادة الشريعة (المضامين)

 

ان المعارف التي يجب ان تحصّل بطريقة مباشرة من دون قانون هي مادة الشريعة، وبخصوص المضامين فانها تحصل بالاستقراء ونسميها المعطيات الاساسية وسنذكرها في محلها في كل موضع يجب فيه تحصيل المعارف المادية للشريعة، وهي مرة تكون بشكل ادلة وهو الغالب واخرى تكون بشكل احكام. فالعلم الشرعي بل والاستنباط لا يتوقف فقط على الادلة وانما على الاحكام، وكما ان الادلة تترتب بين قرآني وسني وحكمي (بكسر الحاء من الحكمة وهو حديث الامام الوصي عليه السلام)  فان الاحكام تترتب ايضا بين قرآني وسني وحكمي.

ولحقيقة ان المعنى له اصالة في مادة الشريعة فانه لا بد من الاهتمام كثيرا  في خصائص المعنى لاجل المعارف الشرعية الكمية وهو علم الشرع الكمي وهو علم عميق ومتطور جدا ولا يتيسر بسهولة تتحول فيه الشريعة الى عالم رقمي، وعلى كل حال فلا بد من الالتفات الى ان المضمون وهو اصغر وحدة مادية في علم الشريعة يتكون من طرفين موضوع ومحمول وكل منهما مفرد او مركب المعنى، واضافة الى لون المضمون بما هو فان لاطرافه الوانها الخاصة. ومن هنا فالمادة الشرعية لها ثلاث مستويات معنوية لونية، المضمون، الاطراف، المفردات. وكل من هذه المستويات ممكن ان تكون موضوعا للبحث. والطريقة الصحيحة ولاجل تفاعل المعاني يجب الابتداء بالالوان المعنوية المفرداتية، والبحث بشكل عميق وتفصيلي في الوان المفردات والتي بحسبها تترتب في مجاميع انتمائية وتقاطعية في حقول متميزة في القرب والبعد مما يعطي تصورا مكانيا لها وهذا هو علم ( المكان المعرفي). وهنا تبرز اهمية المناطق المعنوية وهو (طيف المعنى) والذي تترتب فيه المفردات بشكل مجاميع واصناف ومن خلال الخصائص والتاثيرات تتوزع المفردات على مناطق ذلك الطيف وتتخذ كل مفردة مقدارا  كميا هو انعكس للكيف.

وخلافا لما هو سائد من تصور فان وجود المضمون ثلاثي الابعاد وليس احاديا ولا ثنائيا. فمستوى افقي للطبيعة الجوهرية ومستوى عمودي للخصائص المعنوية. في المستوى الافقي تحدد نقاط او موقع الاطراف من خلال خصائصها من حيث حقول الجواهر ودرجات تطورها وتفاعلها، وفي المستوى العمودي حقول المعنى وعلوها وتكاملها. فيكون لكل معنى نظام وجود ثلاثي الابعاد، فلو فرضنا ان معنى  محموليا معينا كان في علاقتين جزئيتين مع موضوعين، بينهما تباعد جوهري اي احدهما اكبر من الاخر في مقدار الصفة، وكان بينها بعد معنوي اي اختلاف في معناهما زيادة وقلة، فالبعد المحمولي سينتج مستوى الارتفاع والبعد الموضوعي سينتج مستوى العرض اي الافقي، والشكل الناتج سيكون مجسما ثلاثي الابعاد حتما وهو الواقع. ومثال له في المحمول؛ الطول في شخصين س و ص احدهما اطول من الاخر، فالتباين في الطول يحقق المستوى العمودي والتباين في الذوات يحقق المستوى الافقي، فيكون لدينا مستويان عموديان متقاطعان مع مستوى افقي. ومثال له في الموضوع ادراك الطول و الوزن لشخص واحد، فللطول مستوى عمودي وللوزن مستوى عمودي ونقاط الشخص فيهما بالتباعد بينهما يحقق المستوى الافقي. بل حتى لو قلنا ان هناك تفرد لموضوع واحد بصفة واحدة لا يشترك معه فيها موضوع اخر، فان التباين الاحوالي للموضوع يحقق المستوى الاخر فيكون لدينا مستويان عموديان على افقي واحد. ومن الواضح ان العمودان هو اقل عدد من المستويات العمودية الجزئية. ومن المعلوم ان المسافة بين النقاط له مقدار عددي كمي وهو ناتج عن اختلاف كيفي. كما ان الفرد هو مستوى  ضمن مجموعة مستويات للعام. فيكون التقاطع بين العامين بشكل مجسمات وليس مستويات. وبالقدر الذي يدرك فيه العقل الوجود المستوياتي للمعاني فانه ايضا يدرك الوجود المجسماتي.

 ومن هنا تبرز حقيقة جوهرية هي ان المقادير الكمية للمعنى هي الاصل لتنوعها الكيفي، فالتنوع والاختلاف المعنوي والمفهومي بل والخارجي هو في الواقع بسبب التباين الكمي. وهذا الامر مهم جدا لفهم الحقيقة الرقمية للغة والمعنى والمفردات.  وفيما يخص الشريعة فان ضبط علم اللون المعنوي يمكن من تحصيل معارف واقعية عن الوجود الكمي للمضامين الشرعية.

اشارات في فكرة المضمون الشرعي

م: المضمون لغة المحتوى والفحوى وما يفهم منها.

م: المضمون هو القضية الأساسية التي يشتمل عليها النص.

م: النص الكلامي الشرعي من اية او حديث قد يكون له مضمون واحد – قضية واحدة- او مضامين متعددة، بحسب تعدد الموضوعات.

م: بيان المضمون لا يعني بيان المعنى او المغزى او القصد او المحتوى في النص، بل يعني بالضبط تفكيك النص من اية او رواية الى أصغر وحدة كلامية مستقلة في موضوعها او محمولها من دون إضافة تفسيرية من خارجها.

م: البيان المضموني بيان نصي للقضية التي في النص الشرعي من قران او سنة.

م: تحرير المضمون الشرعي ليس فيه اية إضافة تعبيرية من خارج النص بل هو تعبير نصي توقيفي عن القضية التي في النص.

م: العلم الذي يهتم بمضامين الشريعة هو علم المضامين الشرعية.

م: الغرض من علم المضامين هو تحليل النص الى قضايا موحدة الموضوع والحمول.

م: التحليل المضموني للنص وهذا التحليل نصي حرفي لا يتدخل فيه أي فهم او توجيه دلالية.

م: المضامين هي من مجال التعبير وليس من مجال القصد والفهم، لذلك لا بد من الحفاظ على التعبير كما هو نصا وحرفيا من دون أي تدخل فهمي او توجيهي بحجة بيان القصد.

م: الاحكام والتوجيه والشرح والتفسير هو من مجال الفهم والقصد والاستنباط وليس من مجال التعبير والمضمون.

م: ان علم المضامين الشرعية هو علم يهتم بالتعبير الشرعي في أصغر وحدة تعبيرية له من دون التعرض للقصد ولا الى الاحكام.

م: لمضمون الشرعي يسعى نحو تحرير مجرد للقضية العلمية في النص من دون توثيق للبعد البلاغي لها

م: كل المؤثرات الخطابية التي في النص من الشدة والعمق والتأثير والجمالية والحسن التعبيرية كلها لا توثق في المضمون، انما يوثق معنى بسيط يتكون من موضوع وصفة تخبر عنه.

م: لا بد ان تكون القضية مستقلة في بيانها ولهذا فإذا اشتمل النص (اية او رواية) على أكثر من مضمون وكان فيه ارتكاز تعبيري (أي بالضمير او بالصفة) فانه لا بد من استبدال الإشارة بالصريح وهو عمدة العملية الإجرائية في علم المضامين.

م: اول خطوة في تحرير المضمون الشرعي من النص هو تحليل النص من اية او رواية (حديث) الى عبارات موحدة في موضوعها وهذه هي (الفقرة القرآنية او الحديثية).

م: الفقرات مستقلة موحدة في موضوعاتها. من ثم تحلل الفرقة الى الجمل.

م: المضامين الشرعية تنقسم الى مضامين قرآنية ومضامين حديثية روت السنة المطهرة عن النبي صلى الله عليه واله والحكمة عن أوصيائه عليهم السلام.

م: المضامين الشرعية وان ظهرت متميزة الى قرانيه وسنية وحكمية الا انها في واقعها وفي التعامل معها هي قران سنية وحكمة.

م: في مستوى المرادات يمكن اجراء التقدير والشرح الاحكامي والتبياني للنصوص بما يبرز الهوية الشرعية للمضامين.

م: عمليات التقدير والتفسير التي يجريها المفسرون ليست رأيا ولا إضافة بل هي ابراز وتحقيق للوجود المعرفي للنصوص.

م: تفسير القرآن وشرح السنة علوم جليلة تبرز الهوية المعرفية للنصوص القرآنية والسنية.

م: استنباطات الفقهاء عادة ما تكون معرفية لذلك لا تحتاج الى شرح، نعم الاستنباط الظاهري والاستنباط الحشوي يبين بطلانه بانه لفظي مقامي قاصر وغير معرفي.

م: لعلم المضامين ثمرات علمية اهمها ضبط القضايا الشرعية بشكل قضايا أساسية بسيطة من موضوع واحد ومحمول واحد.

م: علم المضامين يمكن ان يجرى في كل جانب من علوم الشريعة بل في ك جانب من علوم المعرفة ليس القولية والكلامية فقط بل والخارجية أيضا.

م: علم المضامين مقدمة لعلم العرض ومن مبادئه، فان التناسق والتوافق المعرفي انما يكون للقضايا الأساسية وليس للنصوص الجامعة متعددة المواضيع.

م: مهما كانت طبيعة المعرفة المكتسبة فان العقل يحللها الى قضايا أساسية بسيطة ويحكم عليها لذلك فهو يميز الواحدة الأساسية في الإدراك المركب.

م: علم المضامين يؤكد على ان العنصر الإدراكي المكتسب ومنه النص ينبغي ان يحلل الى القضايا الأساسية البسيطة ويكون الحكم على القضايا المستقلة بموضوعها كل على حدة وان كان النقل الواحد من اية او رواية متعدد المضامين.

م: الرواية قد تكون متعددة المضامين بعضها حق مصدق وبعضها شاذ منكر، فينبغي عدم رفض الرواية كلها بل تفكك وتحلل الى مضامين منفصلة فيقبل ما هو مصدق وله شاهد و يرفض ما هو منكر وشاذ ومخالف للثابت العلوم.

 

م: الإدراك العقلي هو إدراك مضاميني عرضي، فما توافق وتشابه يقبل ويطمأن له وما اختلف وشذ يتوقف فيه حتى يجد تبريرا وهذه اهم علامات الحقيقة والباطل عند العقل.

م: ان الحقائق الدينية يصدق بعضها بعضا، وان ما وافق ما هو معلوم منها وكان له شاهد ومصدق منها فهو حق وصدق وهذا هو الاتصال المعرفي وما خالف الثابت العلوم فهو باطل وهذا هو الانقطاع المعرفي.

م: علم المضامين يشمل التفريعات الاستنباطية لفقهاء ويشمل الوقائع التاريخية بل ويشمل كل أصناف المعرفة والإدراك ويكون محور الرد هو المعلوم الثابت من المعارف فيرد اليها غيرها فما وافقها وكان له مصدق فهو صدق والا كان ظنا او باطلا.

م: المعرفة التي يرد اليها هي مضامين منصهرة متفاعلة في مستوى الاعتقاد فهي محكمة ثابتة تامة بينة جدا.

م: علم المضامين مقدمة أساسية لمعرفة الحق والحقيقة، فان علامة الحق والحقيقة التوافق والتصديق من الثابت المعلوم، وعلامة الباطل والوهم التنافر والاختلاف والتعارض مع الثابت المعلوم.

م: ان الانسجام أساسي للحكم بواقعية المعرفة وحقيقيتها وصدقها، والتناسق والتوافق جوهري في الحق والحقيقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

طواهر الشريعة (التداخل والاتصال والتفرع)

مضامين الشريعة تظهر في وجودها في اوضاع علاقاتية مختلفة اهمها التداخل، والاتصال، ومن كلا الظاهرتين تتولد مظاهر الموافقة والمخالفة والاصول والفروع.

ان ميكانزما  التشريع اي اليته تختص بالية تفرع الاصول وتفرع الفروع منها، وبعد اشارة الى ترتب المعارف الدليلة من قران تتفرع منه السنة النبوية ومنها تتفرع الحكمة الامامية.

ان للمعارف الشرعية اصول معرفية اهمها الحقائقية والواقعية والوحدوية والاتصالية. واتصال المعارف ومنها المعارف التناسبية (القوانين) ومن خلال رجوع الفرع الى اصل اكبر فان المعارف الشرعية في اصولها العميقة ستنتهي الى اصول كبرى قليلة وبعدها الى اصل واحد هو اصل الاصول. واصل الاصول في المعارف الدينية هو (التوحيد) ومنه تتفرع باقي المعارف والاصول.

ومن خلال المعارف الشرعية الراسخة فان ميكانزما التشريع اي اليته وظاهر تشعب الاحكام  يقوم على اصلين عامين:

الاول ان المعارف الشرعية ومنها الاصول لا تتعارض ابدا بل كلها متوافقة ويصدق بعضها بعضا.

الثاني: ان الفرع تابع للاصل في الصفات المعرفية وهو اقرب المعارف اليه  وهو منتم اليه في الغاية والغرض.

ومن هنا فاصل الاصول وهو التوحيد يتفرع منه اصول الاخلاص والعبودية  ومنها اصول العلم ومنه اصول الربوبية ومنها اصول التدبير ومنها اصول الرحمة ومنها اصول الاصطفاء  ومنها اصول الهداية ومنها اصول الولاية ومنها اصول العبادة  واصول التعامل.

ولهذه الاصول درجات كالتالي

الاصل الاول (الدرجة الاولى): التوحيد

الاصول الثانية: الالوهية

الاصول الثالثة: الربوبية

الاصول الرابعة: التدبير

الاصول الخامسة: الرحمة

الاصول السادسة: الذكر

الاصول السابعة: الوصايا

 

ومن هذه الاصول تتفرع وتتمظهر قوانين وقواعد معرفية،  ورغم ان هذه الاصول بغاياتها واغراضها وصفاتها وطبيعتها محددة للقوانين التي تتفرع منها، وموجهة لها، فان فائدة اعظم تظهر في هذا التشعب وهو التصديق للمعرفة ومعرفة الصدق والحق من خلال ما هو معلوم. واضافة الى ما توفره هذه المعرفة من عصمة للمعارف وتمييز للحق والباطل والدليل الصحيح من غيره ومن الدعوى والحقيقة، فان امتلاك العلم بالاصول بشكل دقيق وكامل يمكن من قوة تفرع مستقلة عن الدليل الخاص، وهذا ما يمكن ان نسميه بالتشعب الواقعي الذي يكون متاحا للأنبياء والاوصياء في قبال الاستدلال الاجتهادي المتاح للفقهاء والعلماء، نعم بامتلاك معرفة قوية بالاصول وشبه كاملة من قبل الفقيه يمكنه ان يتشعب منها بدرجة عالية من الواقعية المعلومة وهذا درجة من العصمة المعرفية وان كانت بسيطة الا انها تخلص الفقه من العلم الظاهري وهو الغاية القصوى للفقاهة.

الكم والكيف

في حقيقة الامر جميع ظواهر الطبيعة الخارجية والذهنية، العينية والمعنوية كلها يمكن تفسيرها بمقدار كمي، ولذلك لا وجود للضد في الواقع وانما الضدية امر وظيفي تقييمي تمييزي وليس امرا واقعيا، فالكيف في الصفات انما هو انعكاس للكم.

ان كل شكل من اشكال المعارف له وحدة كمية تحدد كيفه، ولو افترضنا ان الكم هو رقم فيمكن القول ان العالم كله بجميع مفاهيمه واشيائه المعنوية والخارجية يمكن تفسيره رقميا وبيانه بشكل ارقام وهذا هو الادراك الرقمي للاشياء.

وما يجب الاشارة اليه هنا هو ان الكيفيات العرفية والعقلائية والضدية كالحق وبالباطل والخير والشر هي في الواقع وجودات كمية.فالمعرفة او الشيء او الفعل او المعنى الذي هو من  مجال الخير والشر له مقدار معين من الخيرية، مهما كان شرا او شريرا، الا ان ذلك المقدار الكمي لا يحقق الحد الادنى المطلوب من التمظهر الخير او الكيف الخيري العرفي. بمعنى ان هناك خيرا كميا وهناك خير كيفي هو العرفي العقلائي، وباتصاف الشيء بكم معين من الخير يحقق الخير الكيفي العرفي. ومن هنا فكل شيء في نظام الخير والشر فيه خير كمي الا انه ليس كل شيء فيه خير كمي هو خير عرفا، فحتى الشر او اشر الشر فيه خير كمي الا ان ذلك الشيء او الصفة كيفا ليست خيرا بل شرا. وهكذا الكلام في الحق والباطل وغيرهما من انظمة التضاد، بل وانظمة الكيف كلها. فحينما نقول ان الحق هو معرفة مقدار الحق فيها كذا لا يكون دورا لاننا نقصد بالحق الاول الحق الكيفي والثاني الحق الكمي وساشير الى ذلك دوما لكي لا يلتبس الامر على احد.

والامر الاخر هو العدد فان التميز العددي من المفرد والمتعدد من الواحد والاثنين في المعرفة ليس هنا اعداد مجردة، بمعنى ان العدد التمييزي امر غير واقعي، بل ان الكيف ملحوظ فيه، والكيف هو مقدار كمي، بمعنى ان العدد الصحيح (1)  لا يوجد بشكل اشياء ومعارف ظاهرية بل هو فقط ممكن في الوجود الكمي واما في الوجود الكيفي فمتعذر، ومن هنا فاحيانا يكون الواحد الكيفي ليس واحدا بل اكبر من واحد او اقل من واحد، واحيانا يكون ( 1+1  لا يساوي اثنين)  بل قد يكون اكبر من اثنين او اقل من اثنين، وذلك لان العدد واحد هو كيف والكيف ليس حقيقة ولا واقعا وانما هو صورة للكم والتي تبلغ من الدقة مقدارا يتعذر معه تحقيق العدد الصحيح. بمعنى اخر ان العدد الصحيح كيفيا هو في الواقع تقريب وظيفي والا فانه لا وجود لعدد صحيح بل جميع الاشياء تكون بشكل كسور عشرية حتى لو بدا وظهرت انها عدد صحيح. فحينما نقول حضر ثلاثة رجال ففي الواقع مع التحليل الكمي لمعنى الرجل وخصائصه والتي هي عدة قوانين فانه سينتهي الى انه من الصعب تحقيق الكيف بثلاثة بشكل دقيق لاجل الاختلاف الكمي، نعم على مستوى الكم الاعداد تتميز.

بعد ان بينا ان الكم هو اصل لكل كيف، حينها يكون واضحا ان الزمان والمكان وهما كيفان يرجعان الى كمات خلفية لهما، الا ان الزمن يدرك بالحركة، والحركة تعني ادراكا للمكان، فيكون الاصل هو المكان، لكن هذا ليس واقعيا بل الاصل هو كمات خلفية للمكان والزمان، والكيف المدرك هو صورة لها. ويمكن تصوير الامر اننا كما نرى الالوان والاشكال في الحاسوب الا انها ليست حقيقة بل الحقيقة النظام الرقمي الذي خلفها او الوندوز. وهكذا عالم المعاني والمفاهيم بل والافكار فهي عالم صوري يقف خلفه عالم رقمي. ان افكارنا هي نتاج لارقام تقف خلفها اذا تغيرت تلك الارقام تغيرت الافكار وربما هذا يستعمل بشكل غير معلن او غير واضح رقميا في استعمال الافكار وحرب الافكار.

ان كل ما تقدم يمكننا من القول بوجود نوع كمي يحدد ويفسر الكيف في الاشياء بمعنى ان الاشياء باختلافاتها الكيفية في الواقع هي تترتب كميا، فكل كم معين يتمظهر بكيف معين، ولا نقصد بالكيف الصفة المستقرة فقط بل نقصد الحدث والتجدد والوقوع والحصول والتغير والانتقال والفعل. ان هذا الامر في منتهى العمق ويمكن الانسان في حال اكتشافه من امتلاك قدرة على التوقع بالمستقبل والتحكم بالاحداث غير مسبوقة بل ربما يمكن من التحكم بالزمن وبالمكان وبفيزياء الاشياء، بل وفي توقع ما سيحصل مستقبلا وما سيفعل الشخص المعين في الزمن التالي وهذا من ارقى العلوم ولا يقال ان هذا علم بالغيب بل العلم بالغيب لله تعالى الا انه علم مادي كمي رياضي فيزيائي يمكن من العلم بما سيحصل مستقبلا ولا استقلالية فيه.

اشارات في اتصال المعارف الشرعية

 

م: الشريعة مجموعة من القواعد والقوانين التي تُبين الطريقة التي يجب على النَّاس اتباعها في عبادتهم لله عزوجل.

 م: الشريعة هي منظومة معارف مستقلة لها مظهرها واستقلالها ولونها المعرفي المتميز بخصائص واضحة.

م: الشريعة تستفاد من مواد الشريعة أي ادلتها والتي هي القرآن والسنة، وتعتمد كما هو حال غيرها من معارف على التوافق والتناسق والتشابه والاتصال والاعتصام.

م: تعرف المعرفة من كونها شرعية بعلامات التوافق والتناسق والاتصال فتصبح علما وحقا شرعيا وصدقا واعتصاما.

م: قد يعتقد ان الشريعة هي النص او دلالته وهذا لا مجال له بل الشريعة معرفة مستقلة في مستوى خارج النص ودلالاته وان كان النص ودلالاته مقدمة وطريق اليها، بل حينما يكون النص غير موافق للشريعة فانه يعالج بطريقة او بأخرى حتى يتوافق وهذا بسبب استقلال الشريعة عن النص.

م: الشريعة هي المعرفة الدينية الإسلامية، ولا ريب في وجود تداخل لغوي عرفي وفي الوعي بين الدين والشريعة الا ان كل منهما وجهان لمعرفة واحدة فحينما ينظر اليها من جهة المعتقد فهي دين وحينما ينظر اليها كمعرفة فهي شريعة.

م: الدين في أصله ما يدين به الانسان والشريعة في أصلها الطريقة، وكلاهما صفة لمعرفة واحدة الا انهما يختلفان من جهة الملاحظة والنظرة لتلك المعرفة.

م: لأننا نتعامل مع الشريعة اساسا هنا من الجهة والنظرة الثانية أي باعتبار المعارف الدينية شريعة وطريقة وكيف نتوصل اليها كان لفظ الشريعة انسب. فالمقصود هنا كل ما يتعلق بدين الانسان.

م: المعرفة الشرعية هي جزء من المعرفة البشرية وليست شيء في قبالها.

م: يمكن فهم الغيب بانه معارف مستقبلية بالمعنى الفلسفي وانه علوم متطورة من جهة القدرة والامكانية، وبعضها يحتاج الى لطف إلهي ليحصل الإدراك به وهذا ما يحصل في الانتقال من الدنيا الى الاخر، فالانتقال من الدنيا الى الاخر هو انتقال إدراكي تطوري وليس خلق نوع مختلف من الإدراك.

م: كما ان جميع الخصائص في الواقع الغيبي ومنه الاخروي يمكن تفسيرها فيزيائيا الا انها فيزياء عالية أي فيزياء مستقبلية يعجز العقل الان عن إدراكها ويحتاج الى لطف إلهي ليتمكن من ذلك.

م: الواقعية والطبيعية والتناسقية والاتساقية والعلمية والفيزيائية أمور مترسخة في الإدراك البشري ومعارفه ومنها الشرعية، وليس هناك ما يدل قطعا على نسخها او مسخها او رفعها من الإدراك البشري ولو في الاخرة بل الدلائل على خلافه.

م: المعرفة في نفسها مجموعة عناصر معرفية مستفادة من معان مكتسبة، وان المعارف تتكتل بشكل دائري حول المعنى المركزي للحقيقة، وهذا المعنى المركزي هو الجوهر المقوم لوجود المعرفة والذي يتصور بأقل قدر من العناصر المعرفية والذي بانتفائه ينتفي المعنى الكلي او يتغير، وحول هذا المحور الجوهري توجد دوائر أكبر تتسع بسعة علاقات المعنى حتى تصل الى درجات كبيرة طرفية واسعة.  هذه الدوائر الطرفية تعطي المظهر للمعنى أي للحقيقة المعرفية.

م: الشريعة فيها دائرة جوهرية هي محور الدين ومقاصه الاساسية الجوهرية وحول تلك المعارف معارف شرعية تمظهرية يتمظهر بها الدين.

م: المتدينون يتحدون في تلك المقاصد الجوهرية ويتفاوتون في الدوائر الطرفية الا انهم ينبغي الا يتعاكسوا لان التعاكس هنا مخالف لوحدة النظام، فالمعارف الشرعية كلها متوافقة الا انها قد تتلون وتتمايز الا ان تلونها وتمايزها لا يكون باختلافات عكسية، اذن فالجائز من التلون الطرفي يجوز ان يكون بالشدة والضعف وليس بالتعاكس. كما ان الاختلاف المقاصدي لا يجوز.

م: الحقيقة الشرعية لا تقبل الاختلاف وتقبل التلون والتكتل لكن من دون اختلاف والاختلاف هو تعاكس في اتجاه المعرفة حيث ان للمعاني اتجاهات معروفة من حيث النفي والثبات والتضاد والتناقض والتعارض ونحو ذلك.

 

م: الشريعة لها تناسق ومحورية ومقاصدية واتجاه وتميز واضح في ابعادها الالهية والانسانية والاخلاقية والمعرفية عموما.

م: من المعارف الشرعية ما هو محوري في الشرع يرد اليها غيرها، وهي مقاصده. وتلك المعارف المحورية عادة ما تكون واضحة لجميع الناس وبينة بجميع تفاصيلها أي بجميع عناصرها المعرفية الجوهرية والعرضية الاساسية والعريضة الفرعية.

م: في المعارف الشرعية الشاهد هو تداخل معرفي مع توفق في الاتجاه فإذا لم يكن تداخل فهذا يعني عدم الشاهد وإذا كان تداخل وباتجاه معاكس أي مع تعارض فهذا شاهد بعدم الانتماء أي مخالفة.

 

م: القرب المعرفي هو بمعنى من المعاني الاتصال عن طريق جهة من جهات المعنى ويكون هذا قويا وواضحا ثم يضعف الى حد العتبة الاتصالية التي حينها تخفت الصلة وتضعف وتكون ظنا لا علما.

م: كلما كانت المعرفة متصلة مباشرة أي بالدائرة الأصلية للشيء وليس بواسطة حلقة اخرى كانت أكثر وثوقا وأكثر رسوخا وكلما ابتعدت حلقة الاتصال كانت اقل رسوخا ووثقا.

م: أكثر اشكال الاتصال قوة هو الاتصال الاشتقاقي اي الاتصال بحلقة المعنى مباشرة ثم الاتصال الاقتراني اي الارتباط بثالث ثم الاتصال البعيد وهو الاتصال بواسطة أكثر من حلقة وهذا كله هو الاتصال المعرفي والوثوق المعرفي، فالاتصال هو مطلق القرب من دائرة المعنى واوثقه أقربه من الدائرة الجوهرية وقوته أي تعدد جوانبه.

م: للعقل كفاءة عالية في كشف درجة الاتصال والقرب وحجمه لذلك فمن الكفاءة والسرعة الكبير ان يحكم الوجدان على كون المعرفة المعينة قريبة ومتوافقة مع ما يرد اليه ام لا، وهذا هو اساس مبدأ الرد وهو اساس منهج العرض أي عرض المعارف على الثابت منها كعرض الحديث على القرآن والسنة.

م: كل كلام له مدلول معرفي، حينما يستقبله العقل فانه يرده الى ما يعرف من معارف وعلى قدر التوافق والتناسب يطمان له والا يكون في حيز النكارة والشذوذ حتى يجد له تبريرا لتقبله.

م: النكارة والغرابة والشذوذ امور حقيقية في المعرفة ولا بد ان تكون المعارف متوافقة ومتناسقة ومتجانسة وينبغي التقليل من الغلو بالمعارف وفرضية التعبد.

م: بالقدر الذي لا يصح احداث معارف من خارج الدليل الشرعي فانه ايضا لا يصح ان ينتقل الدليل الشرعي من مجال التوافق والتناسق والفطرية والعقلائية الى مجال الغرابة والنكارة والشذوذ بحجة التعبد والتسليم، ان هذا ليس تسليما و لا تعبدا بل هو خلاف التعبد و التسليم لأنه خلاف الاصول و الثوابت بوجوب تناسق و توافق المعارف وان بعضها يصدق بعضا و خلوها من كل اختلاف او غرابة او نكارة معرفية.

م: ان ما تثبته المعارف القطعية هو اصول المعارف واليها يرد غيرها، ومحكم القرآن ومتفق السنة هي اصول المعارف الدينية واليها يرد غيرها من معارف سواء دلالات او نقولات وان ما يقتضيه الأصل التنظيمي والتعاونية لمنظومة المعارف الاسلامية هو التوافق والتناسق وعدم التعارض والاختلاف.

م: جميع المعارف الشرعية في مستوى الاعتقاد لا تتمايز حسب مصادرها بل تكون كلها مجردة عن كل تلك التميزات.

م: التفاعل والانصهار الاعتقادي يشير الى أهمية توافق المعرفة مع الموروث الإنساني الأخلاقي والقيم العقلائية النقية.

م: عرض المعارف الجديدة يكون على المعارف في الصدور وليس على الخطاب القرآني او الخطاب السني فضلا عن المضمون القرآني او السني.

م: العرض على المعارف متيسر لكل مسلم علم  العلم الإسلامي الراسخ، بل هو متيسر لكل من عرف ضروريات الإسلام.

م: لا بد ان يكون عدم النكارة وعدم الشذوذ عاملا مهما بل وحاسما احيانا في الترجيح الدلالة والنقلي والمعرفي عموما، ولا ينبغي ان تكون دعوى الاحتياط وعدم الاحاطة مبررا لقبول المعارف التي تتصف بالنكارة والشذوذ والغرابة لان الشرع هو نظام عرفي عقلائي وجاء وفق هذه الاسس والحدود.

م: الاحتياط والاعتراف بعدم الاحاطة هو عدم تقبل ما فيه نكارة وشذوذ من معارف دينية ونسبتها للدين. فالاحتياط في الدين والاعتراف بالقصور المعرفي تجاه معارف الدين هو عدم قبول ما فيه نكارة وشذوذ من نقل او اقوال. والشذوذ والنكارة ليست تجاه المشهور الديني بل تجاه الوجدان و العقلائية.

م: ان التسليمية من الدين ومن الاحتياط للدين لكنها قد تكون احيانا خلاف الدين وخلاف الاحتياط ان كانت تؤدي الى قبول متساهل للغريب والشاذ وجدانا وعرفا وما فيه نكارة عقلائية.

م: كما ان هذا ينطبق على النص المنقول فانه ينطبق على الدلالة مع تعددها، فينبغي في مجال قبول النقل او الدلالة او الفهم الاهتمام بان تكون المعارف متوافقة متناسقة يصدق بعضها بعضا خالية من الاختلاف والنكارة والشذوذ الشرعي و الوجداني والعقلائي. وهكذا بخصوص الفهم وخصوص الاستنباط.

م: لا يوجد أي دليل ولا أي مسوغ لقبول معارف شرعية مخالفة للعقل والوجدان وهذا خطا يقع فيه الظاهريون.

م: الأصل المصدق للمعرفة ما يكون مصدقا للدليل الفرعي والمعرفة الفرعية، والأصل المصدق بالأساس ما يكون علاقته مع الفرع دلاليا، أي يصدقه بشكل مباشر او غير مباشر وبوجه ما يكون مصدقا تصديقيا.  هذا هو الظاهر من القرآن.

م: الأصل الشاهد لفرعه هو بالأساس شاهد تصديقي معرفي، وبوجه يكون شاهدا دلاليا.

م: ان العقل مستقل بإدراك الاخلاق كما ان العقل لا يقبل احكاما غير اخلاقية، بل لو قلنا ان العقل راجع الى أصل اخلاقي لكان صحيحا، وهذا ما نراه في وجداننا الإنساني.

م: ان الحكمة الالهية اخلاقية وهذه النقطة مهمة جدا في الشريعة، لإنها تجعل الاخلاقية مقوم للمعرفة الشريعة فلا تقر معرفة شرعية الا بصفة أخلاقية.

م: ان تمييز علم القرآن عن نص القرآن، وان ما يكون في الصدور هو معرفة شرعية مجردة عن مصادرها يعني عدم التمييز بين القرآني والسني في كل جزء منها.

م: على هذه المعرفة الثابتة المستقرة في الصدر تعرض المعارف الأخرى وبعد العرض والاثبات تجرد من مصدرها فتصبح معرفة شرعية.

 

 

 

 

 

 

 

 

قوانين الشريعة ( فيزياء الشريعة)

فيزياء الشريعة هي القوانين التي تتناول بالاساس العلاقات بين المعارف الشرعية، والتي تسعى نحو طرح القوانين الشرعية بشكل معادلات رياضية ومن اهم تلك القوانين قوانين الحق والصدق والحجة. ويمكن فهم فكرة القانون والمعادلة بانها التعريف بشكل رياضي. فمن خلال التعريف وما يتناسب مع الشيء طرديا او عكسيا يمكن بيان صورة تقريبية رياضية للتعريف بشكل قانون.

وليس متوفرا الان الصيغ المضبوطة لتلك القوانين الا ان وضوح دخول الاصل المصدق في ثبوت الدليل الفرعي ممكن من تحقيق معادلة قانون العلم اي الثبوت العام التي بينتها في كتابي ( رسالة في قانون العلم) كالتالي

العلم = العلم بالدليل الفرعي * العلم بالدليل الاصل المصدق * درجة تصديق الفرع بالاصل \3

العلم = الفرع * الاصل * التصديق.

ولا بد من التأكيد على الاسس التي ابتنيت عليها هذه الافكار لكي تفهم بشكل واضح وصحيح. وهي ما يلي:

اولا: الفقه العرضي، بعرض المعارف على بعضها، وعرض الادلة على القرآن والسنة القطعية، وان الحجة ليس هو ظاهر الدليل الثابت بالنقل فقط، بل هو الدليل المصدق  بالقران والسنة، وهذا ما بينته مفصلا في كتب كثيرة.

ثانيا: التصديقية بان المعارف الحقة يصدق بعضها بعضا ولا بد من اتصال تصديقي بينها وكلما ازداد التصديق الدلالي ازداد الحق في المعرفة وكلما قل كثر الباطل فيها وهذا ايضا بينته في مناسبات عدة.

ثالثا: المقاصدية في المعارف الشرعية بان للشريعة مقاصد تتجه معارفها نحوها وترسخها بل وتشتق منها وتتكاثر عنها وتتولد منها. ان هذه الفكرة المتطورة عن المقاصدية والتي بينتها في كتب سابقة والتي بينتها اصولها من التوحيد والايمان ونحوهما تؤسس لعلم شرعي متتتتترابط غير متناثر لا يتناقض ولا يختلف.

رابعا: اعتماد ما هو متراكم وراسخ في الاحتجاج الفقهي و البيان الاصولي و الاختيارات التفسيرية، مع الميل نحو الوجدانية والعرفية والعقلانية والمنطقية متمسكا بالأصول القرآنية والسنية الواضحة بعيدا عن الظن والاجتهادات. ان كل عبارة او سطر في هذا الكتاب يقف خلفه عدد جم من الاصول القرآنية والسنية والتي ذكرتها في كتب اخرى. فالطرح هنا وان كان جديدا في صورته الا انه قديم في عمقه ومعناه وهذا ما يجعله مصدقا ومشهودا له بالاصول والشواهد الشرعية والعلمائية.

الغاية القصوى هو بيان القوانين بشكل كمي وهذا من الفقه الكمي، كما انه يجب اختبار تلك القوانين باعتبارها فرضيات، وهذا من الفقه التجريبي. ولحقيقة ان الكثير من هذه القوانين غير مختبرة بشكل واسع فانها في الاساس فرضيات فلسفة كمية لعلم الشريعة.

انا لا انكر ان طرح الاحتجاج الفقهي  وعلم الشريعة عموما بصور قوانين رياضية وكمية فيه شيء من الغرابة الا ان ذلك في الواقع انعكاس لقواعد تفسيرية واصولية وفقهية راسخة الا ان التأكيد على التناسب والبحث الكمي والكيفي مكن من طرح تلك النظريات الرياضية.

انا اقول وبصراحة ان ما مكتوب هنا هو معادلات تناسبية تحتاج الى كثير من الاختبار، وكحال أي علم فان تلك المعادلات قد تتطور او تعدل او تغير وهذا لا يضر بمادة الشريعة ولا في ادلتها ولا في احكامها، لكن كل ما هنا مبتن على اسس علمية موسعة طرحتها سابقا في كتب كثيرة تتجاوز الثلاثين كتابا في الاحتجاج الشرعي اهمها الفقه العرضي والمعارف التصديقية ومقاصدية الشريعة وفكرة العلم الشرعي وفكرة الحق ومنهج العرض وقانون العلم.

الغاية القصوى من قانون العلم والقوانين التطبيقية له هو تحويل اصول الفقه من قواعد تعريفية الى قواعد رقمية رياضية مضبوطة جدا من هذه الجهة، فيتحقق التعريف الرياضي للمفاهيم الاساسية في الاحتجاج الفقهي كالحق والصدق والعلم والظهور، وفي قبالها الباطل والكذب والظن وعدم الظهور ويتحقق تشكل واضح علم (رياضيات الفقه).

لا ريب ان طرح افكار جديدة يحتاج الى بيان موسع لتعاريف المفاهيم لكن المصطلحات التي استعملها سأعرفها رياضيا كما انها وجدانية وعقلائية ومذكورة في كثير من كتبي بشكل مفصل، اضافة الى انني اريد هنا ان اطرح الفكرة الاساسية  باختصار، وسأعمل مستقبلا على بيان تقصيلي في مناسبات اخرى، فهذه السطور مدخل مختصر الى علم فيزياء الشريعة.

ولحقيقة عمق وتعقيد العلاقات في نظام المعرفة الشرعية كان هذا العمل على مرحلتين الاولى الفيزياء الاجمالية تهتم باربع نظريات محورية في علم الشريعة وبشكل اجمالي و الثانية الفيزياء التفصيلية تفصل تلك المعرفة وتبحث ما يرتبط بها من معارف.

 اشارة في الاتساقية الشرعية

 

 حديث العرض على القران نصه ان الحديث المنسوب للشريعة يعرض على القران فان وافقه  اخذ به والا لم يؤخذ به. فعامل الموافقة ضروري هنا لاجل قبول الحديث، والموافقة هنا داخلة في فكرة الاتساق في نظرية الاتساق في معرفة الحقيقة. فلكي نعرف ان الحديث (الفرض) حق (صدق) علينا ان نعرضه على القران (المعارف المعلومة) فان وافقه (اتسق معه) فهو حق (صدق) و الا لم يكن حقا ( لم يكن صدقا). والموافقة هو وجود شاهد له من المعارف الثابتة.  هذا وان المعرفة الشرعية و بدلالات ومعارف ثابتة تشير الى انها معارف متوافقة غير مختلفة لا تختلف مع بعضها ويصدق بعضها بعضا وهذا هو الاصل لحديث العرض.

وهنا امران متطوران في النظرية الاسلامية الاتساقية وهما:

الاول : اعتبار وجود معارف معروفة مستقلة بنفسها في العلم من دون الحاجة الى عرض او اتساق وهي محور المعرفة و ثانيا ان علامة الاتساق هو وجود نسبة للشريعة وشاهد من المعارف الثابتة. ان هذه الصفات مهمة جدا لتقديم صور قوية للاتساقية. فاركان الاتساقية الاسلامية اربع:

اولا: وجود مصدر معتبر للمعرفة محدد.

ثانيا: وجود معارف معلومة مستقلة عن الاتساق.

ثالثا: وجود نسبة للمعرفة المفترضة الى المصدر بطريقة طبيعية واقعية.

رابعا: وجود شاهد من المعارف المعلومة على المعارف المفترضة.

وجميع هذه الامور ينبغي ان تكون بطريقة عرفية طبيعية واقعية وجدانية وبشكل واضح.

والحق و الحقيقة في الاتساقية الشرعية هو العلم بالصدق لذلك لا يكون للظن اثر في ميزان الحقيقة،ولا تاثير ولا خدش فالحق و الصدق هو ما علم صدقه واما غير ذلك وهو ( ما علم كذبه او ظن كذبه او ظن صدقه ) فلا يدخل في الحقيقة. وهذا ايضا يسد ثغرة في الاتساقية الفلسفية و يقدم اجابة على سؤال مهم بخصوص الظن.

ان الاتساقية الشرعية لا تطرح الموافقة كحل لمشكلة العلم وانما تطرحها كعلامة للعلم ولذلك فالمتسق والموافق هو العلم والصدق أي هو المطابق للواقع ، كما ان المتسق والموافق هو النافع.  وبهذا فانها تعطي تعريفا للمطابقة و النفعية من خلال الاتساق. ومن هنا فلا مجال لتقسيم المعرفة الى ظاهرية وواقعية وانما كل المعرفة واقعية الا انها حين يتبدل العلم فانها تتبدل ليس لاجل تبدل الواقع وانكشاف خطأ الاول وانما هو في الحقيقة تحقق حالة مختلفة من الواقع تختلف عما سبق وهذا يعطي مركزية للعلم في معرفة الحقيقة فالحقيقة في نفسها وواقعها هي ما يعلم ومن هنا ولاجل ان الحقيقة واحدة والواقع واحد فان العلم لا يختلف. واذا اختلف نعم قد يكون للحقيقة اوجه و درجات للظهور و التكامل فيختلف الناس ضمن هذا الحد أي بالاختلاف في جهة النظر و درجة التكامل و الظهور الا انهم لا يختلفون اختلاف تباين وتغاير، فالزيادة والنقصان الجائزة بين الناس هي من حيث تعدد جهات النظر و تكامل الظهور و ليس من التباين و المغاير. وما الامور الشرعية الا كالامور الظاهرية بل هي منها فكما ان الامور الظاهرية  الخارجية تختلف في المظهر و الشكل والادراك بين جهة واخرى و بين القريب و البعيد وفي درجة الوضوح و عدمه فان المعارف الشرعية هيي ايضا اشياء خارجية لها جهات و للنظر اليها وادراكها و ووضوحها درجات بالنسبة للناس.  ان الاشياء الشرعية كالاشياء الخارجية بعضها يبلغ من الوضوح والرسوخ بحيث لا يختلف فيه أي احد وبعضها يتباين الناس في ادراكه الحسي فيختلفون الا انه ليس مختلفا ككينونة وهكذا المعارف الشرعية فان الاختلاف فيها لا يسبب اختلافا في حقيقتها و كينونتها وتمظهرها.

وان الاتساق والموافقة والتصديق وعدم الاختلاف يكون باصل التشريع بان المصدق و المتسق والموافق هو الحق و الصدق و الحقيقة وهو النافع و العمل و الوظيفية فهذه مسلمات شرعية ثابتة. ومع ان كل ذلك جاء في الشرع بخصوص معارف الشرع الا انه واضح من انه جاء تطبيق لمعرفة انسانية عقلية عامة ومن هنا يكون بالامكان تقديم الاتساقية الشرعية كاتساقية معرفية وجميع قواعدها و مبادئها هي تطبيقات للقواعد الاتساقية العامة. فالاتساقية الشرعية هي تطبيق للاتساقية المعرفية العامة. ومن هنا فانا اطرح الاتساقية الشرعية كنموذج فلسفي للاتساقية الاسلامية في نظرية المعرفة.

 

 

للمعرفة درجات من حيث الثبوت والعلمية والعلم في الشرع والعرف رسوخ واتصال وحقيقة، وفي الشريعة أصول معرفية هي النصوص القرآنية والحديثية وفيها فروع هي الاستنباطات الفقهية. وأصول المعرفة الرعية منها ما هو قطب يرد اليه غيره وهي محكم القران وقطعي السنة وما قارب القطعي من الحديث، ومنها ما هو عمدة وهو ما كان شديد الثبوت والاتصال بالقطب، و من أصول الشريعة ما هو دائر حول الاعمدة وهو الأصول الدائرة وهو علم الا انه متصل بالأعمدة وليس له ثبت كالأقطاب والاعمدة. وعلامة الثبوت والاتصال والحقيقة والعلمية هي رسوخ المعرفة بكونها قرانا وسنة او اتصالها بما هو راسخ من القران والسنة.

هذا كله في المعارف الاصلية الأصولية وهناك المعارف الفرعية او التفرعية وهي استنباطات الفقهاء من الاصول وهي ان كانت متصلة بالأصول فهي علم وحق وهي على درجتين فروع قريبة التي يكون اتصالها بالاصول واضحا لكل احد و الأصول البعيدة وهي التي يخفى على البعض اتصالها الا انها متصلة حقيقة والأفضل عدم التطرق للأصول البعيدة الا عند الضرورة التفصيلية.

هذه المعارف من أصول وفروع كلها علم وحق ودين وشرع ولا يصح الطعن في حجيتها وحقيقتها لانها علم ولها برهان ودليل،  وهناك معارف أخرى ظنية ليس لها اتصال بالاصول وهي ثلاثة أصناف اما فهم غير صحيح لنص ثابت فيكون فهما منفصلا غير متصل معرفيا او اثبات نص لا يثبت فيكون منفصلا غير متصل او استنباط غير صحيح فيكون معرفة منفصلة غير متصلة.

 

 

رياضيات الفقه 

ان قانون العلم بمعادلته الواضحة والتي اختبرتها كثيرا وحققت ثبوتا استقرائيا ممتازا و بقانون التداخل المعرفي من جهتي التوسيع والتضييق ومعادلاته الواضحة المختبرة فان ذلك يمهد الطريق نحو علم احتجاجي رياضياتي بعيدا عن الاستدلال التقريبي الذي مهما كان مضبوطا الا انه يفتح مجالا لتدخل الفردية والتوهم والظن. ومع ذلك فان هذا العلم أي الاحتجاج الرياضي يحتاج الى جهود اكبر وعمل أوسع واختبار تجريبي اكثر.

الغاية القصوى من قانون العلم والقوانين التطبيقية له هو تحويل اصول الفقه من قواعد تعريفية تناسبية الى قواعد رقمية رياضية مضبوطة جدا من هذه الجهة، فيتحقق التعريف الرياضي للمفاهيم الاساسية في الاحتجاج الفقهي كالحق والصدق والعلم والظهور، وفي قبالها الباطل والكذب والظن وعدم الظهور .

 

 

 

 

الفقه التجريبي

من اهم المعارف الشرعية هو الفقه وما عاد مقبولا ادخال الظن فيه فلا بد أولا من ابعاد الفقه عن الظن، كما انه من المهم أيضا اعتماد الاستقراء والتجريب على المعارف الفقهية وعدم الاكتفاء بالطريقة المعهود في الاستدلال والتي تستمد ثبوتها من تصورات مدرسية ومذهبية وخبرات فردية لها احترامها طبعا الا انها لا تحقق العلمية الكافية التي تدخل الفقه في العلوم البحتة الخالية من الفردية والمدرسية والتمذهب.

 

 

الاستقراء الشرعي

   الاستقراء هو أحد الطرق المستخدمة في مناهج البحث العلمي. وهو دليل علمي للمعارف الخارجية ومعتمد في العلوم البحتة وتبني عليه البشرية الكثير من قرارتها المصيرية. وهذا يمكن من القول ان الاستقراء يصح ان يكون دليلا في الشريعة لكن بعد إخراجه من الظن الى العلم.  ان المعرفة الاستقرائية في الشريعة في الأساس ظن وهي بنفسها ليست حجة الا انه ليس من الممتنع ان تكون دليلا كما انه ليس من المقبول اركان هذا الدليل المهم جانبا لذلك لا بد من السعي نحو تكامل علمية الاستقراء الفقهي واخراجه من الظن الى العلم.

نحن نعلم بوجداننا ان الاستقراء علم على وجه من الوجوه، كما ان العلوم التجريبية تعتمده أساسا لحقائقها التي بنت هذا البناء الذي من غير المعقول التقليل من علميته. اذن كيف يصبح الاستقراء الظني علما؟  كما انه من الواضح أيضا عجز الفقه الاصولي عن الارتقاء بالاستقراء الى العلم لقصور ادواته عن ذلك، فبقي الاستقراء الفقهي ظنا وليس حجة والادعاء لا ينفع.

لكن الفقه العرضي الذي نعتمده كفوء جدا في تحقيق العلمية في الاستقراء الناقص، اذ ان أحد اهم إنجازات ومهمات الفقه العرضي هو اخراج المعرفة من الظن الى العلم. والمنهج المتبع في الفقه العرضي بإخراج المعارف الشرعية من الظن الى العلم يجري في الاستقراء حينما يتناول موضوعا شرعيا، وهو ما نسميه الاستقراء الشرعي. فحينما يتحقق عندنا استقراء شرعي يتحقق عندنا ظن شرعي، وبعرضه على القرآن، وتبين شواهد له ومصدقات منه يخرج من الظن الى العلم. اذن وجود شواهد ومصدقات من المعارف القرآنية للنتيجة الاستقرائية كفيل بتحقيق العلمية له واخراجه من الظن الى العلم. ولا يقال ان الحكم علم في البعض فيجوز ان يكون البعض الاخر على خلافه فان هذا الظن زال بتصديق القرآن للحكم، فبعد ان لم يثبت حكم معارض في البعض الاخر وثبت كون الحكم المتبنى موافق للقران وله شواهد منه كشف ذلك ان هذا الحكم هو الجاري في جميع الجزئيات. فالتتبع حقق جزء من العلم والتصديق القرآني كمل ذلك وهذا هو الحال في جميع المعارف القرآنية فان الدليل يثبت جزء من العلم وتصديق القرآن له يكمل العلم. وفي الواقع هذا ليس مختصا بالشريعة بل هو جار في جميع العلوم التي اعتمدت الاستقراء كدليل علمي فان اشتراط موافقة الفرضية وتناسقها واتساقها مع ما هو معلوم وثابت من معرفة هو المصحح للاستدلال بالاستقراء ومحقق ومكمل علميته في جميع العلوم.

لقد بذلت الكثير من الجهود للتعرف على الطريقة و المنهج الاصح لاجل البلوغ الى معارف معتصمة لكن الكثير من تلك المناهج وخصوصا المعتمدة الى خصائص الطريق لم تثبت فاعليتها فضلا عن قصور دليلها، الا انه من بين تلك المناهج فان المنهج الذي له شواهد و ادلة و مصدقات هو منهج العرض المتني اي عرض المعارف الفرعية على المعارف الاصلية بما هي مضامين، و الابتداء من نقطة اصلية و التفرع منها باتجاه حقول المعرفة الدينية من دون اضطراب او تعارض او غرابة او شذوذ بل بتواصل و اتصال معرفي و ليس طريقي وهذا لا يتحقق الا بعرض المعرفة الظنية على المعرفة المعلومة فيكون البناء كله معرف بعضه لبعض و مصدق بعضه لبعض.

ان الاتصال المعرفي قرينة عرفية و عقلائية على الانتساب لكن ذهب الكثيرون الى تفسير بالاتصال النقلي اي السندي وهذا مع قصور دليله فانه لا يحقق الغرض اضافة الى امكان الخلل في الفهم، بل الاتصال المعرفي العاصم للمعارف هو الاتصال المضموني اي المتني وهو المدعوم عقلائيا و شرعا، فالمعرفة التي لها شواهد و مصدقات و تقرها الاصول المعلومة يكون نسبتها للنظام امر طبيعي وان لم يبلغ درجة الاتصال النقلي بينما كل ما هو شاذ و غريب و فيه نكارة فان نسبته للنظام يعد امرا غير طبيعي وان كان بالاتصال معرفي لا يبلغ القطع.

 

 

 

 

 

استقرائية الايمان

الطريق الوحيد الصحيح للمعرفة هو العلم، والعلم اخبار، وهو اما استنباط او استقراء ولا ثالث، والأول أيضا يرجع الى الاستقراء، ففي الحقيقة علمنا بالأشياء ومعرفتنا بها مرده الاستقراء، ولا بد لمن ليس لديه استقراء علمي ان يعتمد بمن لديه استقراء علمي.

الانسان يعلم بوجدانه انه حادث وليس قديما وانه مركب بطريقة فائقة الدقة وكذا باقي الأشياء حوله فإنها حادثة وفائقة الدقة في صنعها، ومن خلال الاستقراء العلمي فان هذا يعني وجود صانع حكيم وازلي غير حادث غير محتاج الى خلق وصنع هو الله تعالى خلق كل شيء. والانسان يلاحظ بوجدانه ان الله تعالى الذي خلقه خلق معه الراحة والتعب والخير والشر والالم واللذة وهكذا من متناقضات وكذا الاختيار والقهر، وبحسب الاستقراء العلمي فان هذا يكشف عن وجود حالة اختبار للإنسان من قبل صانعه تعالى. ووجدان الانسان الاستقرائي يثبت ان كل اختبار له جزاء وكل طاعة وامتثال له ثواب وعطاء كل إساءة وعصيان له عقاب وحرمان الا انه لا يرى ذلك حاصل في الدنيا فلا بد وبحسب الاستقراء العلمي ان يكون الحساب في عالم اخر غير الدنيا وهو ما أسمته الشريعة بالآخرة.  ان الانسان يرى حالات الانحراف الحاصلة في سلوكه من حيث الظلم ويرى ان معارف توضيحية تخص الحكمة يتحاج فيها الى اخبار من الله تعالى وبحسب الاستقراء العلمي هذا يحتم ارسال الرسل وإنزال الكتب.  ان هذا الاثبات الاستقرائي للإيمان وللشريعة وللمعرفة بها هو جزء من صفة عامة في المعرفة البشرية الا وهي الاستقرائية فان الحس والمادة والاستنتاج والفرضيات في الواقع كلها نتاج الاستقراء وانما التوجيه الخبروي هو لبيان المفاهيم بشكل تواضعي وليس لمعرفة الحقيقة وهذا هو المبدأ الاستقرائية للمعرفة. ان ما قدمته يبين وبوضوح إمكانية اثبات المعارف الايمانية الرئيسية استقرائيا وبحسب مناهج العلم الاستقرائي بل والتجريبي وهذا يفتح افاقا واسعة اما معارف الشريعة طبيعة تناولها وطرحها للناس.

المصدقية

 

المصدقية او الاتساقية والتوافقية وعدم التناقض وعدم الاختلاف بان تكون المعارف يصدق بعضها بعضا جوهري في الشريعة كظاهرة وكخبر اخبر به النص.

والمصدقية لها جذر عقلائي وهي من اهم الاسس لمنهج العرض والآيات ظاهرة في ان المضمون والمعرفة المصدقة لما قبلها ولما هو خارجها من معارف حقة امر معتبر في الايمان وصدق المضمون وكونه حقا وعلما.  لا احتاج الى الكثير من القول لبيان اهمية المصدقية فير معرفة الحق والفت كثيرا من الكتب في ذلك، كما انه من الخطأ التقليل من اهمية المصدقية في الاحتجاج الشرعي.

ان محورية القيمة المتنية للخبر مما يصدقه بل وأقره سلوك العقلاء في تعاملاتهم والشرع جرى على ذلك، ولحقيقة كون الشرع نظاما له دستور وروح ومقاصد ورحى وقطب تدور حوله باقي اجزائه وانظمته كان الرد والتناسق والتوافق اوليا واساسيا فيه. فكل ما يخالف تلك الروح والمقاصد والثوابت لا يقر. ولا يتحقق اطمئنان او استقرار انتسابي واذعان تصديقي الا بان تكون المعارف متناسقة متوافقة يشهد بعضها لبعض وهذا مطلب عقلائي ارتكازي.

اشارة في الشواهد و المصدقات

من الواضح ومن خلال ما تقدم من نصوص ان الشاهد و المصدق الذي يصدق النقل  الظني بالمعارفة الثابتة هو الشاهد العقلائي العرفي المعتمد على المرتكزات الادراكية العرفية. فهو كل شاهد يراه العرف و العقلاء و تميزه الفطرة بالبداهة من دون تكلف او تعمق او تعقيد. ولان العملية مهجورة في عصرنا و العرض هو لاقوال منقولة على منظومة معارف مستفادة من النقل بالنسبة لنا كان من المفيد شرح الشاهد الذي يجعل الحديث الظني مصدقا و يدخله خانة العلم. طبعا ان اوامر العرض و بيان الشواهد انما هو مصداق لمنهج عقلائي اطمئناني هو الاطمئنان بالقرائن، ولاجل ان الكثير من القرائن التي توضع للاطمئنان بالنقل تتعرض للخلل او للتعقيد او للتخصصية المانعة من تحصيل الاطمئنان من قبل المكلف العادي فان الشاهد المعرفي هي المتيسر لدوما كل مكلف و مميز.

ان الشاهد المصحح للحديث هو كل معرفة ثابتة تصدق العلاقة و القضية في المعروض، فليس بالضرورة ان يكون الشاهد بشكل العام او المطلق للمعروض، بل يكفي اي قدر من المشاكلة و المشابهة، بحيث انه اذا اريد تمييز الاشياء رد اليها باي واسطة تجوز الرد. فالشاهد هو شكل علاقة واسع و شكل اشتراك واسع، و كل ما يصح ان يكون مشتركا و علاقة بين معرفتين فهو شاهد.

ان وظيفة الشاهد هو اخراج المعرفة من الظن الى العلم اي من مطلق الجواز الى الجواز الاطمئناني . فالمعرفة الجائزة في الحديث لا تصحح ولا تقبل الا ان يكون لها شاهد يحقق الاطمئنان لجوازها، بمعنى انه ليس كل جائز هو مفبول بل لا بد ان يكون هناك شاهد يبعث على الاطمئنان لها. و الشاهد هو كل ما يبعث على الاطمئنان من القرائن المعرفية. و لا بد في الشاهد ان يكون واضحا و بسيطا و متيسرا لكل ملتفت وهذا هو شرط نوعية الشاهد، فلا عبرة بالشاهد المعقد و غير المتيسر للعرف مهما كانت مبانيه و تبريراته و حججه، بل لا بد في الشاهد ان يكون واضحا و مقبولا لكل احد، فلو ان كل ملتفت التفت اليه لاقر به. ومن هنا يمكن بيان الشاهد العقلائي في العرض بانه يتصف بثلاث صفات الاول ان يكون معرفيا مستفادا من المعارف الثابتة من القران و السنة و الثاني ان يكون اطمئنانيا اي انه يبعث على الاطمئنان بالمشهود له باي شكل من التصديق و التطمين و ثالثا ان يكون نوعيا اي انه واضخ ومتيسر و مقبول لكل من بلتفت اليه. و اخيرا اؤكد ان العرض كله عملية عقلائية بل و فطرية ارتكازية من رد  شيء الى شيء و تبين درجة التناسب و الوئام و التشابه بينهما.

مما تقدم يعلم ان الموافقة و المخالفة هي على مستوى الواضح من المعرفة  اي بين افادات و دلالات نوعية متفق عليها من دون تأويل او اجتهاد او ميل او تكلف. وان الموافقة تكون بكل شكل من اشكال العلاقة و التداخل الدلالي و المعرفي الذي يشهد للاخر و يصدقه عرفا و يحقق اطمئنان.

ان الموافقة عامة لاي معرفة مهما كانت درجة علميتها سواء كانت علمية او ظنية في المعروض او المعروض عليه. و اما المخالفة فالامر مختلف فان معنى المخالفة للمعرفة المعلومة في العلميات ( المعلوم)  تختلف عنها في الظنيات ( المظنون). اذ ان للعلم ان يحكم على العلم و ليس للظن ذلك وهذا هو الفرق، فالمخالفة في العلمي تعني خصوص التعارض المستقر الذي لا يقبل التأويل  وليس منه انظمة الحكومة اي التخصيص و التقييد و النسخ، و ان و المخالفة التعارضية  ممنوعة في الشريعة بين العلميات. و اما المخالفة للعلمي من قبل الظني فهي كل مخالفة للظاهر باي شكل حتى التخصيص و التقييد . هذه النقطة ربما سببت ارباكا  عند البعض في معنى المخالفة، و ربما حتى في معنى الموافقة. و لاجل مزيد بيان نؤكد ان الموافقة تجري في جميع اشكال المعرفة من ظنيات او علميات سواء كان المعروض عليه علما – كالكتاب و السنة- او ظنا – كخبر الواحد-  و سواء كان المعروض علما او ظنا، و تتحق الموافق بكل ما يصح ان يكون شاهدا و مصدقا عرفيا عقلائيا. و اما المخالفة للعلمي اي اذا كان المعروض عليه علميا – كالكتاب و السنة- فانها تعني التعارض التام اذا كان المعروض علما، و كذا الحال اذا كان المعروض عليه ظنا و المعروض علما لاجل خكومة العلم على العلم و العلم على الظن. و اما اذا كان المعروض عليه علما –  كالكتاب و السنة- و المعروض ظنا- كخبر الاحاد- فان المخالفة تعني كل اشكال مخالفة الظاهر حتى التخصيص و التقييد وهذا القسم الاخير هو الذي نجريه على الاحاديث الظنية اي اخبار الاحاد.

والنسخ من الحكومة الجائزة بالشرع لثبوته بنسخ العلم للعلم فلا يتخلف من صنف لاخر. كما ان حكومة العلمي على العلمي لا يعني اختلافا بل يعني ان المحكوم عليه في الاصل – ان لم يكن نسخا- مراد منه ما تؤدي اليه الحكومة، مثلا اذا جاءت معرفة علمية – كتاب او سنة- مطلقة او عامة و جاءت معرفة علمية اخرى – كتاب او سنة- مقيدة او مخصصة فان ذلك يعني ان المراد الاصلي في المطلق و العام هو المقيد و الخاص ولاجل هذه الحقيقة فان ابطال الرأي و القياس في الشريعة ليس ثابتا شرعيا بل مطلبا عقلائيا ايضا.

 وهن ايضا يحسن الاشارة الى ان ظاهر الاية المحكمة و السنة الثابتة هو علم ، فاذا جاء علم اخر – من كتاب او سنة – فخصص او قيد و بين ان المعنى الظاهري ليس مرادا فهذا لا يعني ان دلالتها الظاهرية ظن، و لا يحولها ذلك الى ظن، بل هي علم و تبقى علما الا ان العلم الحاكم من مخصص او مقيد او ناسخ يكشف عن ان هذا الظاهر المعلوم ليس مرادا. فظاهر الالفاظ ليس ظنا كما يشاع بل هو علم لانه مصدق بارادات و فواعد التخاطب و الافهام و التفهيم، وانما التأويل والاحتمال هو الظن. الظاهر محقق لقدر من الاطمئنان يفوق كثيرا من الاطمئنانات التي تعامل كالعلم، فهو علم و العلم عند العقلاء ليس فقط القطع بل هو مطلق الاطمئنان الذي يبنى عليه وهذا من الواضحات و لا علاقة للدقيات العقلية في هذا الشأن العرفي العقلائي. ان اقحام الابحاث الدقية و الفلسفية في نظام التخاط و الفهم و التفهيم اضر كثيرا في حقيقته و في مصداقية نتائجه وحرفه عن فطريته و عقلائيته. ان الحكومة الدلالية جائزة كما ان الحكومة الدليلية جائزة، فكما ان دليل معلوم يحكم على دليل معلوم فان دلالة ظاهرية معلومة تحكم على دلالة ظاهرية معلومة، و لا تكون بذلك الدلالة المحكومة عليها ظن و لا تصبح ظنا و لا يكشف ذلك على انها ظن.

ولا بد من التذكير ان السنة لا تخالف القران ، بمعنى ان السنة المعلومة لا تعارض القران تعارضا مستمرا بل المتتبع يعلم ان لها دوما شاهدا من القران، و الاحاديث الثابتة بنفسها – اي العلمية- من دون الحاجة الى عرض هي دوما لها شاهد من القران و من السنة القطعية، فالمصدقية و الشواهدية اولية و اساسية بل و ذاتية للمعارف الشرعية بكل اشكالها و مستواياتها، كيف و القران نفسه يصدق بعضه بعض بالنص. ولو اننا عملنا تسلسلا اتصاليا معرفا و تفرعيا لتبينا ان المعارف الشرعية من قرانية و سنية متصلة بقوة بالشواهد من دون انفصال، وهذا ما نسميه الاتصال المعرفي، و الشاهد و المصدق في العرض هو من الاتصال المعرفي.  و درجة الشهادة هذه تتباين الا انه دوما هناك شاهد ولو كان فيه بعد او واسطة او مركبا او كان بالارتكاز بل ان الكثير من الشواهد هي ارتكازية لثبوتها و قوتها و ظهورها و يجري احرازها بعملية رد سريعة قد لا تدرك كعمل عقلي اذ ليس بالضرورة اننا ندرك عملية الرد و العرض بل يكفي اننا حققنا ادراك الشاهد. و يمكننا القول ان المعارف الشريعة و وفق اعتبار الشواهد و الاتصال المعرفي فانها كالشجرة التي لها جذع و اغصان و اوراق فكلها متواصل و مترابطة، و الرابط لها هو الشواهد و هي الحقيقة و النور الدال على ان تلك المعرفة حق. وكلما كان الاصل اكبر كان اقرب الى المركز و كلما كان الاصل اصغر كان ابعد و كان اقرب الى اطرافها الا انها كلها متصلة و اصل الاصول كلها هو التوحيد. و كلما كان الشاهد اوضح و اقوى كان الاتصال اقوى، فلدينا اتصال معرفي في قبال الاتصال السندي، وهذا الاتصال المعرفي في الشرع له درجات في القوة و الوضوح و له منازل في القرب و البعد عن الاصل الكبرى و الاصول المركزي. ان هذا الفهم يفتح بابا كبير على علم في الشرع يمكن ان نسميه علم ( الاتصال المعرفي)، ترتب في المعارف بحب اصليتها و فرعيتها فالاصل الاكبر – اي التوحيد – اولا ثم الاصول الاكبر فالاكبر حتى نصل الى الفروع و فروع الفروع في الاطراف في شجرة الاتصال المعرفي في الشرع.

لقد بينا فيما سبق ان العرض اخراج للحديث من الظن الى العلم و الحديث الاحادي ظن سواء كان صحيح السند او ضعيفه ، و ادلة العرض اثبتت الاطلاق اي ان كل ما وافق القران بشواهد له يعمل به و كل ما خالف القران لا يعلم به . ومنها هنا فالحديث صحيح السند قد يكون موافقا للقران و السنة او مخالفا ، و كذلك الخبر الضعيف سندا قد يكون موافقا او مخالفا، و الخبر الموافق يتعين العمل به مطلقا وان كان ضعيف السند و المخالف لا يعمل به مطلقا وان كان صحيح السند . وعرفت ان الموافقة هي وجود شواهد ومصدق و اتصال معرفي وان يكون عليه حقيقة ونور ليخرج من الظن الى العلم و يكون في النفس نحوه اطمئنان ليكون علما و المخالفة هي عدم الشاهد فلا اصل له و هو منقطع و هو ظن وليس عليه حقيقة او نور. و قد شرحنا ذلك سابقا.

و المطلب العقلائي هو صحة النقل اي العلم بصحة الحديث و ليس صحة السند و صحة السند اعم منه كما هو ظاهر. كما ان الحديث الصحيح في الاصطلاح هو ليس الحديث المعلوم الصحة، فالحديث الصحيح اصطلاحا لا يكون حديثا صحيحا حقيقة الا بشرط خروجه من الظن الى العلم و الخروج من الانقاطع المعرفي الى الاتصال المعرفي و ذلك بالمصدقية و الشواهد، و الحديث الصحيح حقا لا يكون حديثا معصوما الا بالعلم بعصمة النقل. هذا و ان الحديث الصحيح حقا اعم من الحديث الصحيح اصطلاحا فمنه الحديث المعصوم اي الذي ينقله المعصوم من دون سند، و كذلك الحديث الضعيف المعلوم اي المصدق. فالعلاقة بين الحديث الصحيح حقا ( المصدق) و الحديث الصحيح اصطلاحا عموم من وجه، و لاجل ذلك فانا اشرت الى الحديث الصحيح حقا بالحديث المصدق ، و لحديث الصحيح اصطلاحا يالحديث الصحيح سندا.  وكما ان هناك حديث صحيح سندا فهناك حديث صحيح معرفيا وهو الموافق المصدق و كمان ان هناك حديث ضعيف سندا فهنا حديث ضعيف معرفا وهو المخالف المصدق. وكما ان هناك اتصال سندي فان هناك اتصال معرفي وهو وجود الشاهد والمصدق والاصل وكما ان هناك انقطاع سندي هناك انقطاع معرفي وهو عدم الشاهد وعدم المصدق وعدم الاصل له في المعارف المعلومة الثابتة.

 

 

 

 

 

الشاهد المتني يخرج ظني النقل الى العلم

ان عرض المعرفة غير الثابتة على معرفة ثابتة و البحث عن شواهد و مصدقات من الثابت على الظني هو السبيل الكفيل باخراج الظن الى العلم عرفا و عقلا و شرعا و تحقيق معارف معتصمة متوافق متناسقة. وهذا القانون ليس مختصا بمعارف الدين بل بجميع المعارف الانسانية، فلا نجدهم يقرون للغريب و الغرابة مدعاة الا بادراكات قطعية وهذا ما يجب ان يحصل في المعارف الاستدلالية الدينية فلا يسلم للنقل مهما كان درجة اتصاله  اي صحة سنده الا اذا كان له شواهد و مصدقات ما لم يبلغ القطع.

 

المعارف المحورية التي يرد اليها غيرها

يمكننا ان نصف الانظمة المعرفية بانها مجتمعات معرفية وان المعارف المنتمية الى نظام انها افراد معرفية وان قوة ومحورية الفرد ناتج من فاعليته في المجتمع وتاثيره. وتاثر المعرفة فاعليتها تكون برسوخها و مقدار تمثيلها للنظام و كثرة تداخلها وعلاقاتها، اذن فمحورية المعرفة في نظام تعتمد غاليا على قوة تمثيلها للنظام أي رسوخها فيه و كثرة علاقتها فيه وحكميتها على غيرها بحسب العلاقات الحكمية والعرفية في التداخلات. وهذه المحورية هي التي تعطي للمعرفة المعينة صفة مرجعية يرد اليها غيرها.

 

 

العرض الشرعي والشاهد الشرعي

ان الرد يكون للمعارف الشرعية و ليس الى المنطوق او النص اللفظي .  الشريعة لها تناسق و محورية ومقاصدية و اتجاه و تميز واضح في ابعادها الانسانية و الاخلاقية والمعرفية عموما. من المعارف الشرعية ما هو محوري في الشرع يرد اليها غيرها، وتلك المعارف المحورية عادة ما تكون واضحة لجميع الناس وبينة بجميع تفاصيلها أي بجميع عناصرها المعرفية الجوهرية والعرضية الاساسية والعريضة الفرعية. وفي الشرع الشاهد هو تداخل معرفي مع توفق في الاتجاه فاذا لم يكن تداخل فهذا يعني عدم الشاهد واذا كان تداخل وباتجاه معاكس أي مع تعارض فهذا شاهد بعدم الانتماء.

تصديق المعرفة طرق العلم وعلامة الحق

بجانب النقل الديني القطعي اي القران و قطعي السنة هناك نقل ظني ككثير من التفسير و الحديث. و شرعيا و عقلائيا لا يصح العمل بالظن و لاجل اخراج المعارف من مجال الظن الى العلم استدل لمجموعة طرق قرائنية اشهرها الان هو صحة سند الحديث و من الواضح ان صحة السند لا يصلح ان يكون عاملا يخرج النقل من الظن الى العلم ، و ليس هو وسيلة لا شرعا و لا عقلائيا تصلح لذلك. و قيل بقرائن اخرى منها الشهرة  الروائية و منها الشهرة الفتوائية الا ان تلك القرائن لا تساعد على اخراج النقل من الظن الى العلم. لكن ما يصلح فعلا لاخراج النقل من الظن الى العلم هو المصدقية اي ان تكون المعرفة المنسوبة للشرع مصدقة بالمعارف الثابتة، وهذا اضافة الى كونها وسيلة عقلائية موجبة للاطمئنان فعلا فان النصوص الشرعية القطعية اكدتها و على وفقها جاء حديث العرض اي عرض الحديث على القران و السنة و العمل بما وافقهما و ترك ما خالفهما.

 

المعارف الصحيحة والمعارف المعتلة

معارف الدين تبنى على العلم، والعلم اما قطعي او تصديقي هو المعارف المعلومة بالتصديق نقلا وبالشواهد متنا. ومن العرفي استعمال صفة الصحيح لما هو صدق وحق وصواب ولما هو سالم من العيوب، وفي قباله المعتل الذي لا يبلغ ذلك حنى يصل الى ادنى الدرجات فيكون سقيما. فالمعارف هناك ما هو صحيح وهناك ما هو معتل، و الكلام بحسب مضمونه وما يحمل من معرفة يوصف ايضا بانه صحيح او انه غير صحيح اي معتل او سقيم.

 

 

التصديق طريقا العلم من دون قرينة سندية

النقل ظن، ومعنى انه ظن أي ظن بالصدق فهو لا يحمل في نفسه ظنا بالكذب، وحينما يكون النقل من مسلم يكون اكثر ظنية بصدقه وحينما يكون النقل بواسطة المسلم الثقة الضابط يكون اكثر ظنية ايضا الا انه لا يخرج الى العلم بذلك ولا يترجح لانه غير مستقل بذلك في هذه القرينة، أي القوة السندية النقلية لا تستقل بالعلم الا ان يكون هناك أمرا بالتسليم وهو فقط للولي من نبي او وصي واما غيره فلا خروج من الظن الى العلم بذلك. وحينما يصل النقل فانه مباشرة ودون تأخر يعرض على المعارف الثابتة فان صدقته وكان له شاهد منها اذعن العقل له وصار علما مهما كان صورة اسناده. وهذا هو الواضح ووجدانا وعليه القران والسنة الثابتة وسيرة السلف الاوائل.

 

                   

 

 

 

مقاصد الشريعة

لا بد من التأكد والتذكير دوما ان الشرع نظام معرفي واضح المعالم والحمد لله وهي حصانة له، وفيه مقاصد ومعارف ثابتة قطعية لا يصح مخالفتها لأنه من نقض الغرض ومن الاخلال بالنظام.  فالأخبار الظنية مهما كانت صحة سندها خاضعة لعملية الرد والعرض والى وجوب تبين مدى الموافقة والتناسب ومدى الاقتراب من جوهر الشريعة ومقاصدها او مدى ابتعادها وشذوذها. وهل يعرف غرابة وشذوذ ما ينسب للشرع بظنون نقلية من تفسيرات لآيات او تأويلات او روايات احاد الا من خلال الرد والعرض، بل ان سيرة المتشرعة حمل ظواهر الأحاديث المشكلة على ما يوافق الثابت بل ان ظواهر الايات المتشابهة يحمل على محكمها، وهذا كله من تطبيقات العرض والرد. 

فالتقييم المتني متجذر وعميق في الوجدان الشرعي كما هو حال اي نظام معرفي دستوري اختصاصي يحتكم الى مقاصد ووعمومات وقواعد ثابتة ظاهرة هي روح النظام وجوهره لا يقبل الا ما توافق معها ويرد ما خالفها، وعلى ذلك المعارف الشرعية الثابتة بل الارتكاز الشرعي المصدق بسيرة العقلاء بل وفطرتهم. فمن الجلي جدا ان ما يخالف ما هو قطعي من الشرع يكون مشكلا بل احيانا يحكم بانه منكر وأحيانا يحكم بانه كذب. ولقد رد او كذب السلف والاعلام ومن لا يشك في ورعه وتقواه معارف كانت بهذه الصفة ليس الا انهم طبقوا الرد والعرض.

هناك معارف دينية لها رسوخ عند المؤمن يلحقها بالشهود والعيان وهي محكم القران وقطعي السنة وهناك معارف دينية لها شواهد وآيات تصدقها. 

الشواهد المعرفية المصدقة للخبر كفيلة بإخراجه من الظن الى العلم وان هذا العلم تصديقي والمعرفة الحاصلة به صدق، وهذا ليس من التعبد او توسعة العلم والصدق بل هو كشف واضاءة من المعرفة العرفية والعقلائية عميقة وراسخة في وجدان العقلاء بالتصديق لما هو مستقبلي عن المشاهدة والعيان. وهذا هو مبدأ (تصديقية المعرفة).

ان العلم والواقع الشرعي المتحقق بمنهج العرض هو تصديق وبيان الشواهد والحجج والآيات التي في المعارف الراسخة كالشهود والعيان اي قطعي القران والسنة على المعارف الاخرى التي هي بحال المعارف الغيبية والايمانية. وبهذا يتبين ان العلمية والواقعية واليقينية التي يحققها العرض والتوافق والتناسب هي علمية عقلائية عرفية وجدانية وفطرية ويقيني وواقع عرفي عقلائي ووجداني فطري وليس من استحداث في البين.

ان الشريعة فيها جوهر معرفي هي محور الدين ومقاصده الأساسية، وحول تلك المعرفة المحورية دوائر معرفية تعطي للدين مظهره الخارجي. جميع المعارف الطرفية تكون بحالة موافقة تامة للمعرفة المحورية وتابعة لها اتجاها ومضمونا. بل في الواقع هي مشتقة منها. وهذا هو أساس العرض والرد الشرعي؛ أي عرض المعارف التي تنسب الى الشريعة الى محورها لبيان مدى موافقته وتناسقها معها وردها اليها عند الابتعاد بالتوجيه الحق. ومحور الشريعة يؤخذ من المعارف القطعية المحكمة المسلمة المتفق عليها من القران والسنة. ان محور الشريعة لا يساوي النص الشرعي وانما هو علم ومنظومة معارف متناسقة متوافقة لا تقبل التعدد والاختلاف في مستوى محفوظ معصوم خارج النص محله صدور المؤمنين لا يقبل الظن ولا الشبهة.

 

 

 

 

 

اشارات في المقاصدية

المقاصدية في المعرفة هي مدى موافقة المعرفة لمقاصد الشريعة العاليا من التوحيد والايمان والهداية والطاعة. وقد يعتقد ان عدم الموافقة قد تجتمع مع عدم المخالفة وهذا غير صحيح بل عدم الموافقة تعني مخالفة. 

 ولا ينفع موافقة الهداية والعمل مع مخالفة التوحيد، ولا فرق بعد مخالفة والتوحيد مخالفة غيره او موافقته. ومن المخالفة عدم الموافقة كما بينت، فعدم الموافقة مخالفة.

 واتصال المعارف ومنها المعارف التناسبية (القوانين) ومن خلال رجوع الفرع الى اصل اكبر فان المعارف الشرعية في اصولها العميقة ستنتهي الى اصول كبرى قليلة وبعدها الى اصل واحد هو اصل الاصول. واصل الاصول في المعارف الدينية هو (التوحيد) ومنه تتفرع باقي المعارف والاصول.

اصل الاصول كلها هو التوحيد. و كلما كان الشاهد اوضح و اقوى كان الاتصال اقوى، فلدينا اتصال معرفي في قبال الاتصال السندي، وهذا الاتصال المعرفي في الشرع له درجات في القوة و الوضوح و له منازل في القرب و البعد عن الاصل الكبرى و الاصول المركزي. ان هذا الفهم يفتح بابا كبير على علم في الشرع يمكن ان نسميه علم ( الاتصال المعرفي)، ترتب في المعارف بحب اصليتها و فرعيتها فالاصل الاكبر اي التوحيد اولا ثم الاصول الاكبر فالاكبر حتى نصل الى الفروع و فروع الفروع في الاطراف في شجرة الاتصال المعرفي في الشرع.

للحق ركنان اساسيان لا بد منهما الاول موافقة المعرفة لمقاصد الشريعة وهو الاصل الاكبر و الثاني موافقة المعرفة للاصل الاصغر القريب المتفاعل معها موضوعيا اي الذي يتداخل معها في الموضوع.

 

 

 

 

الاصول والفروع المعرفية

من الأمور التي تنتج واقعية المعرفة هو اتصالها المعرفي، أي ان المعرفة تنتج عن أخرى بإنتاج طبيعي واقعي اتصالي من دون قفز او غرابة بل بانسيابية وواقعية وطبيعية اشتقاقية. ولو قلنا ان المعارف هي صورة للوجود الخارجي بمنطقيته لكان صحيحا، وكما ان أشياء الواقع واحداثها متصلة ولا تقبل الانقطاع فان المعارف التي هي انعكاس للخارج ايضا حالها كذلك في الاتصال وعدم الانقطاع، وهذا هو مبدأ (اتصال المعارف). وكما ان اللخارج واقع يعرف بمنطقيته الراسخة فان للمعارف واقع يعرف بمنطقيته الراسخة، بل ان عالم السيطرة والتحكم بالمعرفة يقتضي ان تكون المنطقية في واقع المعارف اقوى من واقعية الخارج.

ان صفة وخاصية اتصال الفرع بالأصل اهم بكثير من اي صفة اخرى للمعرفة، والمعارف الاسلامية ليست معارف متناثرة متباعدة بل هي معارف متناسقة متجانسة ومتصل ومتفرعة، وتتابعها بهذا الشكل هو السبيل الى اعتصامها.

دين الاسلام دين اتصال وهذا مصدر عصمته واعتصام اهله، وما يحصل احيانا هو التقليل من شدة الارتباط بأصول المعارف والاتكال على الادلة الظنية مما سبب الاختلاف وهو علامة الاخلال باعتصام المعارف الدينية. والحق لا يتعدد وإذا كان هناك مجال لتبرير تعدد الفهم لأجل اننا امام تعاليم منقولة باللغة والكتابة، فان الشريعة منعت ذلك بأصول عقلائية واهمها الرد والعرض على المعارف الثابتة فلا يقبل بالشاذ والغريب.

المعرفة الشرعية كاي معرفة قابلة للتفرع بشتى انواعه المقرة عقلائيا، ولذلك فالتفرعية متجذرة ومترسخة في الشريعة وسواء أبرز ذلك واظهر خارجا ام بقي عملا عقليا ذهنيا داخليا فانه حاصل وواقع، وما يفعله المجتهد والمتفرع هو في الواقع الكشف عن تلك المعارف الموجودة لا انه يصنع معرفة. لا بد من تصحيح الفهم للاستنباط والاجتهاد بانه اكتشاف معارف موجودة بفعل المعرفة الشرعية نفسها وليس عملية استحداث وصنع للمعرفة. ليس بمقدور العقل صنع معرفة سواء بالاجتهاد او بغيره وانما هو يكتشف عن المعرفة. وبالطريقة الاجتهادية العلمية الحقة تعرف ان المعرفة المدعاة اكتشافها حق وليس ظنا وادعاء.

الشريعة هي القران والسنة وتثبت بكل معرفة حقة تنسب الى الله تعالى او الى رسوله صلى الله عليه واله او الى وصيه صلى الله عليه واله.  وهي الأصل. ومنها يتفرع الفرع في الشريعة هو كل معرفة تتفرع عن الأصول بتفرع عرفي المستنبط.

 

 

 

 

 

 

 

 

اشارات في الاصول الشرعية

 

م: لأجل ان تكون المعرفة ثابتة وراسخة لا بد ان تكون لها أصول بينة ولها فروع متصلة بالأصول.

م: كل فرع معرفي ليس له أصل فهو مجرد ادعاء وهم وخيال.

م: أصول المعرفة الشرعية هي القرآن والسنة.

 

م: لأجل البناء لا بد من تمييز اللبنة البنائية التي تبنى بها البناية ثم ايصالها بما تحتها. وهذه القاعدة وهي تمييز اللبنة واتصالها بما قبلها تجري في جميع الأشياء بما فيها المعرفة.

م: في المعرفة النقلية اللبنة هي الدلالة والبعد المعرفي والاتصال هو التصديق الدلالي والتوافق المعرفي.

م: لا بد من اجل بناء الفروع على الأصول من إدراك الدلالة ثم إدراك التصديق وذلك بعرض الفروع على الاصول. ولا ينفع هنا الظن ولا الشك ولا التشابه، بل لا بد من العلم ولا شيء غير العلم.

م: المعروف ان الفقه هو الفهم، وكثيرا ما يستعمل الفقه في الفهم الا ان التأمل والتدبر يشير الى ان الفقه معرفي والفهم دلالي.

م: الفهم مقدمة للفقه. فالفهم هو مرحلة إدراك الدلالة المعرفية والفقه هو مرحلة إدراك التصديق المعرفي.

م: لا فقه من دون إدراك التوافق والتصديق المعرفي.

م: كما ان هناك جوانب دلالية في الأصول الشرعية فهناك جوانب تصديقية فيه، والأول نسميه الفقه اللفظي والثاني الفقه المعرفي.

م: الاقتصار على الفقه اللفظي كما هو الان سائد يؤدي الى اضطراب وخلل ملحوظ وتوهمات فلا بد لأجل بناء معارف شرعية صادقة من إتمام الفقه المعرفي مع الفقه اللفظي، وان الفقه اللفظي داخل في الفقه المعرفي لأجل معرفة صحيحة.

 م: الاصول أصول أصلية واصول فرعية. والأصل الأصلي هو القرآن والأصل الفرعي هو السنة، فان السنة تتفرع من القرآن. فالسنة أصل وفرع في نفس الوقت. والسنة هنا اعم من سنبي وحكمة وصي.

م: الفروع قسمان فروع حقيقية وفروع إضافية. فالفرع الإضافي هو السنة بالنسبة الى القرآن، فالسنة أصل الا انها فرع بالنسبة الى القرآن. والفرع الحقيقي هو الاستنباط (التفرع) فهو فرع للقران والسنة.

م: السنة أصل للاستنباط وفرع للقران بينما القرآن أصل للسنة وأصل للاستنباط.

م: المعارف الشرعية ثلاثة اقسام؛ الأصلي وهو القرآن والأصل الفرعي وهو السنة أي سنة النبي وحكمة الامام، والفرعي هو الاستنباط.

م: العلاقة بين الأصول والفروع وفيما بينها قسمان علاقة دلالية انتمائية وعلاقة معرفية تناسقية.

م: العلاقة الدلالية اما ان تكون مباشرة او غير مباشرة.

م: العلاقة المعرفية هي علاقة تناسقية أي ان في الفرع معرفة تتسق وتتناسق مع الأصل.

م: لا يكون الفرع متصفا فقط بعدم المخالفة فان عدم المخالفة نوع من الغرابة بل لا بد في الاتصال المعرفي ان يكون هناك توافق وتناسق واتساق. وعلى هذا المعنى يجب ان يحمل لفظ (ما وافق) ومشتقاته في السنة وكذلك (المصدق) في القرآن.

م: الاتصال المعرفي بوجود شاهد ومصدق مخرج للحديث الظني أي خبر الواحد من الظن الى العلم.

م: الاتصال المعرفي بوجود شاهد ومصدق من المعرفة الأصلية مخرج للاستنباط من الظن الى العلم.

م: يجب في اعتبار خبر الواحد والاستنباط ان يكون له شاهد ومصدق من الأصول.

م: يجب عرض اخبار الاحاد واستنباطات الفقهاء على القرآن والسنة، فما اتصل بهما بوجود شاهد او مصدق منهما فهو علم يصح اعتماده والا كان ظنا.

م: تمايز الأصول والفروع الشرعية الى قراني وسني واستنباطي تمايز ظاهري والواقع انها في وجودها العلمي الاعتقادية غير متميزة.

م: قراءة الأصول والفروع الشرعية من قراني وسني واستنباطي تكون بقراءة تداخلية لاي منها ويلحظ فيها التكاملية.

م: معارف الأصول والفروع الشرعية تداخلية اتحادية في نفسها وفي التعامل معها لكن تمييز الأصول الى قراني وسني جائز لاعتبارات نصية.

م: هناك بجانب القرآن والسنة أصل ثالثا هو الامام عليه السلام.

م: بينما القرآن والسنة نقليان بالنسبة لعصرنا فان كلامه عليه السلام المباشر ليس نقليا الا ان الامام ينقل عن السنة لذلك فكلامه المباشر مشافهة او كتابة هو نقلي غيبي من وجه ومباشر شهودي من وجه.

م: لا ريب في تقدم المباشر الشهودي على الغيبي النقلي. فتتقدم مشافهة الامام على القرآن والسنة.

م: الامام لا يشرع ولا يخالف القرآن والسنة بل الامام يكشف عن العلم الواقعي الذي نحن كنا نعلم ظاهره، كما ان المخالفة ظاهرية تكشف عن ان ظاهر القرآن والسنة مؤول متشابه. وهذا كله في المشافهة مع الامام ولا يكون بالنقل عنه. لأنه سيكون لدينا نقليان.

م: المعرفة الشرعية من جهة الصدور هي اما قطعية، وهذه اما محكمة حجة او متشابهة تحمل على المحكم تأويلا.

م: المعارف الظنية من خبر واحد واستنباطات لا تكون حجة الا ان يكون لها شاهد من المعارف الثابتة فتصبح محكمة وتصبح علما وان لم يكن لها شاهد فهي ظن لا عبرة بهي وهي من المتشابه بالمعنى التسامحي لا الحقيقي.

م: القسم الثالث وهو المعارف العلمية غير القطعية وهي معارف ظنية لها شاهد من القرآن والسنة اخرجه من الظنية الى العلمية فهي علمية تصديقية.

م: تنقسم المعرفة الى قسمين علمية وهي حجة وظنية وهي ليست حجة، والعلمية منها قطعي ومنها تصديقي.

م: للفقه التصديقي أهمية في بناء معارف شرعية متناسقة متسقة.

م: تقسيم المعرفة الشرعية وادلتها الى قطع وظن وشك ليس تاما بل المعرفة تقسم الى علم وهو حجة وظن وهو ليس بحجة، والعلم ينقسم الى قطع وتصديق.

م: نحن نميز بين النص القرآني والنص السني و نميز ايضا بين الدلالة اللغوية لكل نص لكن حينما نتعلم منهما و تتحول الدلالة معرفة في الصدور فإنها تتداخل كعناصر معرفة وانما تبقى متلونة بالأثر النصي اما كعنصر بناء وانتاج فهي واحدة.

م: المعرفة الشرعية على مستوى الافراد واحدة، والتفرع حينما يحصل حقيقة لا يكون من نص وانما يكون من المعرفة وبهذا فالتفرع هو دوما منتم الى القرآن والسنة ليس بالدلالة بل بالمعرفة.

م: التفرع معرفي دوما وهو من القرآن ومن القرآن دوما.

م: وصف الدليل بالقرآن والسنة وحصر المعرفة بالقرآن والسنة انما هو ناظر الى أصليتهما ومصدرهما واما في مجال المعرفة فهي واحد ليست متميزة والتفرع من ذلك الواحد وليس من المتفرق الظاهري بل من الواحد الحقيقي.

م: من هنا فالتفرع معرفة وهي دوما من القرآن والسنة بواسطة التفرع المعرفة.

م: الشريعة قران وسنة الا انها ليست قرانا وسنة بتمايز وتباين بل هي قران وسنة بتداخل وتشابك وانصهار.

م: ليس هناك معارف قرآنيه ومعارف سنية في مستوى الاعتقاد، بل هي معارف واحدة.

م: الشريعة معرفة مبنية بعناصر متداخلة على أصغر مستويات بنائها.

م: الموافقة هي وجود شاهد والمخالفة هي عدم وجود شاهد، وهذا ما نطقت به روايات نصا، وله جذر انساني معرفي.

م: الاتصال يحتاج الى رابط ومعرف وهو الشاهد وعدم وجوده يفقد الربط والاتصال ومنها صورة عدم المخالفة.

م: عدم المخالفة دلاليا وبسبب عدم الشاهد يجعل تلك المعرفة مخالفا معرفيا لما له شاهد لان الصبغة واللون هو الشاهد وعدمه مخالفة.

م: الموافقة المعرفية أخص من الموافقة اللغوية فإنها تحتج الى شاهد لتحقيق الانتماء بينما الموافقة اللغوية هي مطلق عدم المخالفة.

م: الموافقة معرفيا علم ولا يتحقق العلم بمطلق عدم المخالفة بل لا بد من شاهد يحقق الاطمئنان.

م: ان عدم تحقيق مطلق عدم المخالفة للاطمئنان واضح فتبقى المعرفة غير المخالفة ظنا ان لم يكن لها شاهد.

م: ان غاية العرض الاعتصام والاتصال والانتماء وإخراج المعرفة من الظن الى العلم ومطلق عدم المخالفة لا يحقق شيئا من ذلك فلا يخرج المعرفة من الظن الى العلم.

م: لدينا علم بالاتصال وظن بالاتصال وعلم بعدم الاتصال، والعلم بالاتصال هو الموافقة بشاهد والظن بالاتصال هو عدم المخالفة والعلم بعدم الاتصال هو المخالفة.

م: الموافقة معرفيا هي العلم بالاتصال والمخالفة معرفيا هي الظن بالاتصال او العلم بعدم الاتصال. وعدم المخالفة مخالفة لان المعارف الشرعية لها لون وصبغة وشبهة وهو الشاهد وهو لون عدمه مخالف.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الاول: نظرية الحق

 

 

 

 

الحق هو مركز المعرفة ومحورها ومن خلال ادراك ان المعرفة حق يمكن حينها معرفة الصدق فيها. ومما تقدم في فصل التمهيد فان الحق معرفة صادقة موافقة لمقاصد الشريعة. بعبارة اخرى ان الصدق والمقاصدية متأصلة في الحق.

الحق = الصدق * المقاصدية.

وعلامة يساوي (=) هنا استعملها بمعنى التناسب، وعلامة الضرب (*) استعملها بمعنى التناسب الطردي واما الكسر (\) فبمعنى التناسب العكسي. وهذا البيان لا بد ان يكون ملحوظا وملتفت اليه فانا لا اطرح هنا قوانين رياضية وانما افكار تناسبية.

المقاصدية تعرف بالاستقراء الجزئي، اي مدى موافقة المعرفة والدليل الفرعي لمقاصد الشريعة اما الصدق فيعلم من الثبوت والظهور بقانون.

وفي الفقه العرضي الذي اعتمد لا يكتفى بالفرع دليلا او حكما بل لا بد من الاصل المصدق مع درجة تصديق معتبرة. وقيم الاعتبار العامة هي اثنان؛ قوي معتبر وضعيف غير معتبر، وادخال اي قيمة اخر بينهما يؤدي الى خلل كبير قد اختبرته كثيرا بنفسي. فالمعرفة اما قوية معتبرة او ضعيفة غير معتبرة ولا ثالث لذلك.

درجة المعرفة:

الدرجة الاولى: قوي معتبر

الدرجة الثانية: ضعيف غير معتبر.

 

قانون العلم العام

  بينما العلم (الاستقلالي) بالمعرفة يتناسب فقط مع درجة العلم بها كفرع، فان العلم (العرضي) بالمعرفة يتناسب مع العلم بالاصل المصدق المعروض عليه والقرب منه إضافة الى العلم بالفرع. فاذا اسمينا العلم بالمعرفة الفرعي هو العامل الاستقلالي والعلم بالمصدق والقرب منه هو العامل العرضي فان قانون العلم سيكون بالشكل التالي:

العلم= العامل الاستقلالي * العامل العرضي

= العلم بالفرع* العلم بالمصدق * درجة التصديق 

 

ع = ف * أ * ت

ع: العلم بالمعرفة

د: العلم الفرعي بالمعرفة اي العلم بادلتها وخصائصها

أ: العلم الاصلي بالمعرفة اي العلم باصولها

ت: درجة تصديق الاصول للفروع.

واشرت ان = تعني يتناسب و ان (*) تعني التناسب الطردي التفاعلي.

ان اعتبار العامل العرضيى اي المصدقية من اصل مصدق ودرجة التصديق المعتبرة مهم جدا في واقعية الصدق والكذب فلا ينبغي اهماله لاجل ما هو معتاد من الاكتفاء بالعامل الاستقلالي ( العلم الفرعي). ان العلم الاستقلالي الاصولي السائد غير صحيح بلا ريب ولا يحتاج بيان ذلك الى مزيد من الكلام.

ومن هنا يمكن تعريف العلم كميا بان العلم عرفا (كيفيا)  هو معرفة محققة لدرجة علم كمي هي اكبر من اقل درجة مطلوبة لتحقيق مفهوم العلم عرفا.

وهنا بيان للعلم الكيفي العرفي بالعلم الكمي الرقمي فلا دور. وهذا ما ينبغي ملاحظته في كل بيان كمي للكيف. اذ قد يكون الشيء واحدا ويستعمل بلفظ واحد بل معنى واحد لكن في احدها ملحوظ بما هو كيف والاخر بما هو كم. ويمكن صياغة ذلك بما يلي

الكيف (س) = الكم (س) اللازم لتحقيق الكيف (س).

 

 

 

قانون الثبوت

 

السائد في الفقه التقليدي الاصولي هو الاعتماد على الاطمئنان النقلي في الثبوت دون النظر الى باقي المعرفة مما ادى الى تناقضات ادت الى الحشوية والظاهرية وامراض اسدلالية كثيرة. والصحيح هو ادخال التصديق بالاصول الثابتة من القرآن والسنة بل ادخال تلك الاصول ضمن تعريف الثبوت وقوانينه.

من الواضح وكما بينت في كتب عدة ان الثبوت الواقعي للمعرفة يعتمد على عدة امور مادية هي درجة ثبوت الاصل ودرجة ثبوت الفرع والثبوت ودرجة التصديق.

فالثبوت الواقعي النهائي يتناسب مع درجة الثبوت الظاهري الابتدائي في الفرع ودرجة ثبوت الاصل المصدق له ودرجة التصديق.

الثبوت النهائي =  ثبوت الفرع * ثبوت الاصل * التصديق.

والثبوت النهائي هو الثبوت عند الاطلاق اما غيره فساذكر ما يتعلق به. فحينما اريد بيان الثبوت النهائي اقول (الثبوت) لكن حيث اريد بيان الثبوت الفرعي فساذكر ( الثبوت الفرعي).

ففي الواقع الثبوت النهائي هو للدليل الفرعي نفسه الا ان الثبوت النهائي ناظر الى نظام التصديق والعرض بينما الثبوت الفرعي هو الثبوت البسيط المستقل عن باقي المعارف.

  ان اثبات الحكم بالدليل الاصلي مع عدم وجود دليل فرعي هو من اهم انجازات الفقه العرضي، وهو من مقدمات الاشتقاق الحكمي، اي تولد حكم عن حكم ليس بالعموم بل بالاصولية (الاصلية).

ومن هنا يمكن التعبير كالتالي:

الثبوت النهائي للدليل = الثبوت الابتدائي للدليل * ثبوت الاصل * التصديق

الثبوت = الثبوت الابتدائي * ثبوت الاصل * التصديق.

الثبوت الابتدائي الفرعي او الاصلي له خمس درجات  والتصديق له خمس درجات ايضا.

درجات الثبوت الابتدائية الوجدانية

ووفقا لدرجات الثبوت الوجدانية فان للمعرفة ست درجات ثبوتية:

الأولى: المباشرة  = مشافهة=5

الثاني: اللامباشرة القطعية =القرآن والسنة القطعية= 4

الثالثة: اللامباشرة العلمية = الاطمئنانية القوي= 3

الرابعة: اللامباشرة الظنية = عدم الاطمئنان القوي =  2

الخامسة: اللامباشرة المشكوكة = الشك= 1

السادسة: الماشرة المعلوم كذبه= صفر

 

درجات التصديق الوجدانية

ووفقا للتصديق الوجداني فان للتصديق ست درجات

الأولى: مصدق صريح = شبه مطابق=5

الثاني: مصدق ظاهري =  4

الثالثة: مصدق استنباطي = 3

الرابعة: غير مصدق = 2

الخامسة: مخالف ظاهري=1

السادسة مخالف صريح =0

 

 تعريف الثبوت

الثبوت 0الكيفي) هو تحقيق المعرفة لدرجة ثبوت كمي اكبر من اقل ما هو مطلوب لتحقيق الثبوت عرفا.

في القانون الثبوت الاول هو الثبوت النهائي للدليل وفي داخل المعادلة هو الثبوت الابتدائي فلا دور. وفي التعريف الاول هو الثبوت الكيفي والثاني المعرف له هو الثبوت الكمي فلا دور.   وهذا هو الطرح الكمي للكيف. فكلاهما ثبوت الا ان احدهما كيفا والاخر كما. فالثبوت الكيفي هو في واقعه مقدار محدد من الثبوت الكمي ( كمات الثبوت)

الثمرة الاستدلالية

 يفيد قانون الثبوت هذا في ضبط مفهوم الثبوت والمعرفة الثابتة وضبط طريقة تعيينها، كما انه يبين معنى الثبوت كميا.

تعريف النفي

النفي هو حالة كون درجة الثبوت الكمي في المعرفة اقل مما هو مطلوب للثبوت العرفي.

 التشابه الثبوتي

  عدم تحقق الثبوت النهائي مع تحقق  ثبوت المعرفة الابتدائي ليس نفيا استقلاليا بل نفيا عرضيا. فالمعرفة من حيث نفسها ثابتة الا انها من حيث العرض والتصديق فليست ثابتة. وهذا هو التشابه الثبوتي. اذن التشابه الثبوتي هي معرفة ثبوتها الظاهري قوي لكن ثبوتها النهائي الواقعي ضعيف. بمعنى انها معرفة (دليل او حكم) تبدو انها ثابتة الا انها ليست ثابتة حقا. ومن الواضح ان الفقه الاستقلالي (الاصولي) السائد غير قادر على تعيين التشابه بينما الفقه العرضي الذي اعتمده كفوء جدا في تعيين المتشابهات القرآنية او السنية.

 

 

 

 

 

 

 

 

قانون الظهور

ان ما تقدم من علم بالثبوت هو في الواقع ثبوت الصدور، اي صدور الكلام او الاشارة عموما. ولهذه الاشارة او الكلام دلالة ، لها ظهور في اللغة. وفق الفقه التقليدي يكتفى بالظهور الظاهري (الابتدائي) للكلام دون مراعاة للاصول التي تصدقه او تخالفه وهذا ما ادى الى ظهور الظاهرية والحشوية. والصحيح هو ادخال ظهور الاصل المصدق ودرجة التصديق في تعريف الظهور.

فالظهور النهائي الواقعي هو نتيجة ظهور الدليل الابتدائي وظهور الاصل المصدق ودرجة التصديق.

ظهور الدليل في المدعى يتناسب مع دلالة الدليل الفرعي الابتدائي ودلالة الاصل الثابت ودرجة التصديق.

 

الظهور = ظهور الفرع الابتدائي * ظهور الاصل * درجة التصديق

يفيد قانون الظهور هذا في ضبط مفهوم الظهور والمعرفة الظاهرة كما انه يبين معنى الدليل المحكم كميا.

 ودلالة الدليل الابتدائية تحسب بالاستقراء.

للمضمون دليلا او حكما خمس درجات دلالية:

الأولى: الصريحة =5  

الثاني: الظاهرية =4

الثالثة: الاستنباطية =3

الرابعة: عدم الظهور = 2

الخامسة: مخالف ظاهري=1

السادسة مخالف صريح= 0

 

 ان عدم الظهور النهائي مع علو دلالة المعرفة الابتدائية ليس عدم ظهور استقلالي بل عدم ظهور عرضي، فالمعرفة من حيث هي ظاهرة ودالة الا انها من حيث العرض لا ظاهرة ولا دالة وها هو ( التشابه الدلالي) . اذن التشابه الدلالي هو معرفة دلالتها (الاستقلالية)  ظاهرة الا ان دلالتها (العرضية) غير ظاهرة.  فالتشابه الدلالي هو كلام يبدو ظاهره دالا على شيء الا انه في الواقع لا يدل عليه، ويعرف ذلك من خلال عرضه على الاصول المعلومة لمخالفته لها لقاعدة عدم تناقض الشريعة.

 

التشابه العلمي

المتشابه هو معرفة يكون العلم النهائي بها غير معتبر سواء كان العلم الابتدائي معتبرا او غير معتبر. لكن الصورة المشهورة هو ان العلم الفرعي معتبرا.

ويمكن بيانه بقانون:

التشابه : العلم النهائي\ العلم الابتدائي>1

تعريف المحكم

المحكم هو معرفة يكون العلم العرضي (الكلي) بها معتبرا سواء كان العلم الفرعي معتبرا ام غير معتبر.

وقانونه

المحكم : العلم النهائي\العلم الابتدائي<1

وهنا لا بد من تحصيل مقدار العلم بالمعرفة حسب قانون العلم ( العلم= العلم الفرعي الابتدائي*العلم بالاصل*التصديق)

 وهناك صيغة اخرى اكثر تبسيطا واختصارا تقتصر على التصديق كالتالي

المحكم = التصدق\ عدم التصديق<1

المتشابه: التصديق\عدم التصديق>1

 والتصديق هنا المصدقية بالمقاصد والاصول والشواهد.

 قانون الحجة

  ان قيم الحجية من اهم القيم المعرفية وهي محور البحث فيها. والحجية في الدليل تتناسب مع ثبوته الكلي  النهائي وظهوره الكلي النهائي

الحجية= الثبوت * الظهور

والثبوت والظهور يحسبان من قانونيهما المتقدمين.

ويجب التاكيد ان التعبير بعلامات اليساوي والضرب ليس بالمعنى الرياضي وانما تعبيرا عن التناسب، لحقيقة انني لا استطيع الان بيان التناسبات الرقمية التي هذي اساس التناسب الرياضي.

ومن خلال الاختبيار للقانون فانه اذا كان الدليل مصدقا وظاهرا ظهورا عرضيا تصديقيا بالشواهد والمصدقات فانه حجة بغض النظر عن قوة نقله او سنده، بينما اذا كان الدليل غير مصدق وليس ظاهرا ظهورا عرضيا تصديقيا فانه لا يكون حجة مهما كانت قوة نقله او سنده.

 

 

 

 

 

قانون الحق

الحق هو الغاية من كل معرفة وطلب وهو محور ابحاث المعرفة ويجب ان تخصص للحق الكتب والدراسات، والاكتفاء بالطريقة التقليدية الساذجة من اعتماد الطريق دليلا على الحق لا يصح بل مخالف للقرآن الذي جعل المصدقية من علامات الحق الجوهرية. فلا بد من وضع تصور حقيقي وموضوعي للحق لكي يكون بالمستطاع نيل المعارف الحقة دون تشويش.

 ان الفقه التقليد جعل الحق اسيرا للظن والطرق وهذا خطا فادح، فالحق ليس فرعا للظن ولا فرعا للطريق ولا فرعا للدليل بل ولا فرعا للصدق بل الحق يعرف بنفسه بخصائصه، فمهما كان الطريق قويا وصحيحا وصادقا الا انه لا يعني ان يوصل للحق. ان جعل الحق فرعا للصدق مما لا وجه له كما ان تعيين الصدق في الطرق مشكلة كبرى. والصحيح ان الحق هو اصل الصدق وان الصدق يعرف بالحق. فاذا علمت المعرفة انها حق علم ان دليلها صادق.

وللحق ركنان اساسيان لا بد منهما الاول موافقة المعرفة لمقاصد الشريعة وهو الاصل الاكبر و الثاني موافقة المعرفة للاصل الاصغر القريب المتفاعل معها موضوعيا اي الذي يتداخل معها في الموضوع. والاصل الاصغر القريب بيناه في قانون الحجة. ومن هنا فالحق يتناسب مع الحجة العرضية التي يدخل في تعريفها الاصل، واما الحجة الاصولية التقليدية التي لا تهتم الى الاصل المصدق فليست من علامات الحق ولا تناسب لها معه.

الحق = الحجة * المقاصدية

الثمرة الاستدلالية

 يفيد قانون الحق في ضبط مفهوم الحق والمعرفة الحقة  وما هو لازم فعلا لاثباتها، كما انه يبين معنى الحقيقة كميا.

 

تعريف الحق

الحق هو معرفة مقدار الحق الكمي فيها اكبر مما هو مطلوب عرفا للقول ان المعرغة حقا.

تعريف الباطل

الباطل هو معرفة مقدار الحق الكمي فيها اقل مما هو مطلوب عرفا للحكم بانها حقا.

من الواضح الترابط او العلاقة بين المقادير الكمية والمعارف الكيفية العقلائية ومن الواضح ان كلا منهما يمكن تعيينه مستقلا عن الاخر وهذا يمكن من اختبار كل منهما من خلال الاخر، كما ان الحق الكمي يساعد في التاكد والاطمئنان الى الدعوى والدليل الذي يدعى انه يدل على الحق بالطريقة التقليدية.

في حال تعارض المعارف فان الحكم هو الحق، فالمعرفة التي درجة الحق فيها اعلى هي المحكم الذي يعمل به. وهذا يعني امكان الاستفادة من قوانين الفيزياء الشرعية بصورتها الاجمالية وان لم بتوصل الى مقاديرها الكمية الحقيقة، فبفرض متغيرات وثوابت بنسب صحيحة فانه يمكن تبين الدليل الاعلى في مقدار الحق في حال التعارض فيعمل به وساطبق ذلك هنا على مسائل خلافية في الشريعة. 

درجات العلم

ووفقا لدرجات العلم الوجدانية فان للمعرفة خمس درجات ثبوتية:

الأولى: المباشرة  =5 وحدة علم (5 او اكثر)

الثاني: اللامباشرة القطعية =4 (4-4.9)

الثالثة: اللامباشرة العلمية =3 (3-3.9)

الرابعة: اللامباشرة الظنية = 2 (2-2.9)

الخامسة: اللامباشرة الوهمية =1 (0.1-1.9)

ملاحظة: الدرجات الثلاث الأولى حجة والدرجات الرابعة والخامسة ليست حجة .

واذا افترضنا ان درجة العلم بالاصل ثابتة فان قانون العلم النسبي يكون كالتالي

العلم ( العرضي) = العلم بالدليل * درجة التصديق

العلم ( الاستقلالي) = العلم بالدليل.

ويتبين الفرق في الامثلة التالية:

 

 

 

 

المثال الأول:

 ضعف العامل الاستقلالي مع قوة العامل العرضي ( الدليل الخاص قوي لكنه غير مصدق)

اذا كان الدليل ضعيف سندا (1) وكانت المعرفة المصدقة قطعية (4) والتصديق صريح (5) فان درجة العلم بالمعرفة الجديدة تكون كالتالي:

العلم بالمعرفة = العلم بالدليل * العلم بالاصل * درجة التصديق بالاصل \3

                  = 1 *4* 5\3= 6.6  (معرفة قطعية مباشرة) حجة

اما بحسب العلم الاستقلالي فان:

العلم بالمعرفة = العلم بالدليل = 1  (معرفة وهمية كاذبة). ليست حجة

 

 

 

 

 

 

المثال الثاني:

قوة العامل الاستقلالي وضعف العامل العرضي ( الدليل الخاص ضعيف لكنه مصدق)

اذا كان الدليل صحيحا سندا (3) وكانت المعرفة المصدقة ظنية (2) والتصديق ضعيف جدا (مخالفة صريحة) (1) فان:

العلم بالمعرفة = 3*2*1\3 = 2 ( معرفة ظنية ليست حجة )

 هذا بحسب العرض اما بحسب العلم الاستقلالي:

العلم بالمعرفة = 3  (معرفة علمية ) حجة.

 

المثال الثالث:

 اذا كان العلم بالدليل  صحيح (3)  وكان التصديق ضعيف جدا (مخالف صريح)  (1) فان العلم بالفرع يكون كالتالي:

العلم العرضي = 3 *1\3 =1  وهو ظن ضعيف قريب من الكذب وليس بحجة

العلم الاستقلالي = 3 وهو علم نقلي وهو حجة.

 

 

 

المثال الرابع:

اذا كان الدليل متواترا (4) وكان التصديق ضعيفا جدا  (مخالف صريح)(1)

فان العلم العرضي = 4*1\3 = 1.3 وهو ظن ضعيف قريب الكذب ليس بحجة. ولانه ثابت بالقطع فهو متشابه.

العلم الاستقلالي = 4  وهو علم نقلي قطعي وهو حجة.

المثال الخامس:

 العلم بالدليل ظني (2) والتصديق قوي جدا كالمباشرة القطعية (5)

العلم العرضي = 2*5\3= 3.3 وهو علم نقلي حجة

العلم الاستقلالي= 2 وهو ظن وليس بحجة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني: نظرية الفقه

 

 

 

 

 

 

 

الفقه في مسألة هو حاصل مقدار الحق في المعرفة والاحاطة بها. والحق تقدم قانونه فنبين هنا الاحاطة.

 

 

 

 

 

 

 

الاحاطة

ان كل معرفة سواء كانت شيئا معنويا او خارجيا مفردة او مضمونا فان له نظام معرفي يتناسب مع عدد الانظمة التي تدخل فيها في علاقات وهذا هو ( الاقتران) و عدم انظمة العموم وهذا هو الاشتقاق.  

 

مادة6

وبحسب المعنى والمفهوم وعمومه وما ينتج عنهما من مضمون فان الاقتران يكون اربع درجات:

اقتران كبير =3

اقتران متوسط =2

اقتران بسيط=1

لا اقتران=0

مادة5

وبحسب المعنى والمفهوم وعمومه وما ينتج عنهما من مضمون فان الاشتقاق يكون باربع درجات:

اشتاقاق كبير =3

اشتقاق متوسط =2

اشتقاق بسيط=1

لا اشتقاق=0

 فالاحاطة بالشيء تتطلب العلم باشتقاقاته واقتراناته. ان الاحاطة بالشيء تمثل الاستعداد المطلوب للفقه.

 

 

 

 

 

 

 

قانون الاستنباط

الاساس الفلسفي للتفرع والاستنباط هو ان المعارف متصلة ببعضها وان تولد المعارف وتكاثرها عن بعضها مضبوط ومحدد فلا تنثال المعارف بشكل اعتباطي. ومن يمتلك الاحاطة بالشيء والاسس المعرفية في الاحتجاج الحق  يكون فقيها، ويكون قادرا على االتفرع. ان للمعرفة تشعبات وتفرعات منضبطة بمسارات واتجاها واضحة وهذا ما يمكن من ضبط التفرع بعملية استنباط معرفة من اخرى. ويسمى ادراك التفرع واستنباط معرفة من اخرى بالاجتهاد خطا والصحيح ان المتفرع والمستنبط يجتهد اي يبذل جهده للاجل التوصل الى تفرع حق واستنباط حق وليس المعنى انه يجتهد ويقترح معرفة بظنه او استحسانه. وفقاهة الشخص تتناسب مع قوة استنباطه.

فالفقه هو مقدار من الاستنباط معين يتجاوز الحد الادنى المطلوب لتحقيق الفقاهة عرفا.

ولو اننا تمكنا من ضبط كمي للاستنباط المطلوب للفقاهة ولنقل انه (س) فيكون تعريف الفقه كالتالي:

الفقه هو مقدار الاستنباط يساوي (س) او اكثر.

 

الاستنباط اكتشاف التفرع، فالاستنباط ليس استنباط حكم من دليل بل استنباط حكم من حكم بمساعدة الدليل لان الاستنباط هو اكتشاف التفرع الحق.

الاستنباط= الاحاطة * الحق

درجة الاستنباط من اهم قوانين فيزياء الشريعة حيث بواسطتها يمكن الاشتقاق الاستنباطي مما هو معلوم. والاستنباط له ثلاث مستويات؛ وعي وشخصي ومعصوم.

والنوعي هو الوجود العام للمضمون بحسب ما معلوم للنوع والجماعة من معرفة أي انه اعلى نسبة معلومة عمليا عند الجماعة وهو التراث العلمي في المسالة.

والشخصي هو مدى علم الشخص المعين بذلك الارث أي مدى اطلاعه وقدرته الاستنباطية الشخصية.

والاستنباط المعصوم هو استنباط العالم المصطفى من نبي او وصي صلوات الله عليهما وهو يحقق اعلى درجات العلم الممكن للبشر بالمعرفة الشرعية.

 

 

الظل المعرفي

المعرفة سواء كانت مباشرة او نقلية، مشاهدة او نصية تولد دائرة من الظل والاشعاع الدلالي، فلا تقتصر فقط على مضمون الحقيقة كنقطة، بل ان تلك النقطة المعرفية – المضمون- لها ظل معرفي دلالي يحدث للانسان انثيال معرفي.  فالمضمون هو نقطة معرفية الا ان له دائرة ظل دلالية انثيالية وتولدية هي (ظل المعرفة). ويرتبط الظل المعرفي بامور معينة بينتها في كتابي قانون العلم منها:

 

 والظل يتناسب مع التداخل العمومات ( الاشتقاقات) والتداخل العلاقاتي ( الاقترانات)

الظل المعرفي = الاشتقاق * الاقتران

 

المسافة المعرفية

بحسب ترتب المعارف في مستوى العلم يكون بينها مسافات معرفية علمية، واشتراك المعارف في موضوع يحدث تفاعلا اثباتيا. فكلما ازدادات درجات المعارف العلمية قويت المعرفة المحصلة بالموضوع وكلما قلت درجات العلم الاثباتي بالمعارف المتعلقة بالموضوع ضعفت درجة اليقين به، الا انه من حيث الأصل يكون له اعلى درجات اليقين المحصلة بخصوصه،  لكن من حيث التفاصيل يكون بحسب كل معرفة. لذلك يكون من المهم تحصيل معارف ذات درجات ثبوت ويقين عالية لاجل تقوية درجة العلم بالموضوع. ان العلم بالموضوع يتناسب مع قرب المعرفة الجديدة مما هو معلوم ودرجة العلم بما هو معلوم ولا يتناسب مع كثرة المعارف المكتسبة بخصوصه. وهذا الفرق جوهري بين العلم العرضي والعلم الاستقلالي.

العلاقات المعرفية

ان ظل المعرفة ودرجتها من الصفات الاستقلالية للمعرفة وهناك صفات علاقاتية مع غيرها سواء على مستوى الدلالة وهي التوسيع او التضييق او على مستوى الثبوت من حيث الاصل والتفرع.

فاما العلاقات الدلالية فانه اذا اشتركت المعرفتان في الموضوع وكانت احدهما موسعة للاخرى فانها تكون لها نفس الاتجاه الإيجابي فيزداد بها نصف قطر دائرة الظل. فالمعرفة الموسعة تزيد الظل المعرفي وتزيد نصف قطره، اما المعرفة المضيقة فانها تقلل من مساحة الظل المعرفي وتقلل من نصف قطره.

واما العلاقات الثبوتية فان المعرفة قد تكون معرفة اصلية ثبوتيا او انها فرع تابع لغيرها، الا انه لا بد لكل معرفة من ان تكون مصدقة ولها شاهد مما هو مكتسب لتحقق اقتراب يقيني مما هو موجود. اذن فقوة المعرفة المكتسبة يقينيا سواء كانت اصلية او تبعية يتناسب مع قوة المعرفة المكتسبة سابقا وقرب الجديد من محور تلك المعرفة السابقة مع  قوة العلم بالدليل الخاص بها.

 

ان ما تقدم هو في قانون العلم بالثبوت والدلالة بالنسبة للدليل منفردا، وهناك علم اخر معرفي التداخل الدلالي.

ان المعرفة لها ظل دلالي، وهذا الظل يمكن ان يوسع ويمكن ان يضيق.

والظل الدلالي هو ظل نوعي بشري يتاثر بالخبرات الفردية والاجتماعية والموروث الا انه يمكن ضبطه بشكل دقيق اعتمادا على الوجدان اللغوي فلا يكون امرا ضبابيا او غير محدد.

فالانسان ليس فقط قادرا على فهم المضمون واستفادة الدلالة بشكل نوعي عام وانما يمكنه تحقيق دائرة دلالية لذلك المضمون ويمكنه ادراك حجم التداخلات الدلالية معها.

الظل المعرفي= مجموعة دلالات ( مضامين)

 الدلالة الظلية= المضامين الاشتقاقية * المضامين الاقترانية.

الظل المعرفي = العلاقات المحمولية (اشتقاق واقتران * العلاقات الموضوعية (اشتقاق واقتران).

الظل المعرفي = المضامين الاشتقاقية المحمولية * م الاقترانية المحمولية * م الاشتقاقية الموضوعية * م الاقترانية الموضوعية.

فالظل المعرفي ينظر اليه من جهة الكم والكيف

كم الظل = عدد المضامين

كيف الظل = اتجاه المضامين 

 

 

الموافقة والمخالفة

المعطيات الخاصة بالموضوع سواء كانت مباشرة او نقلية تتداخل موافقة ومخالفة، وبحسب الظل المعرفي فان التوافق يكون باتجاه إيجابي مع تقاطع مضموني. والتقاطع المضموني ليس هنا الاختلاف وانما التداخل الدلالي. اما الاختلاف فهو تقاطع مضموني مع اتجاه معاكس. والموافقة والمخالفة لا تبحث من جهة التوسيع والتضييق الدلالي وانما من جهة القرب والبعد عن المضمون.

الموافقة والمخالفة من مقولات الكيف المضموني.

في الموافقة والمخالفة لا بد من احراز التداخل المعرفي أي التقاطع الاسنادي، ثم ينظر الى الاتجاه، فان كان بنفس الاتجاه فهو التوافق والا فهو المخالفة، ومن المخالفة وعكس الاتجاه هو عدم الموافقة، فلا توجد منطقة محايدة هنا فاما سالب او موجب.

وهذا الكلام يجري في الظل المعرفي كما يجري في المضمون.

 

الحكومة

الحكومة اما بالتوسعة والتضييق في دائرة الذات او الظل من مقولات الكيف الدلالي فهي من صفات كيف المضمون او الظل.

لا بد في التوسعة والتضييق من احراز التقاطع الاسنادي. من ثم ينظر الى الاتجاه، فان كان إيجابا حصل توسع وان كان سلبيا حصل تضييق.

بينما يقتصر التداخل الكمي (توسيع او تضييق) على السعة في المضمون فانه يشمل السعة والكم الظلي. والأول هو التداخل الجزئي والثاني هو التداخل التام.

السعة تقاس بوحدة (القضايا) والقضية هي اسناد مع اتجاه.

الحكومة = دائرة المعرفة الاصل + دائرة المعرفة الحاكمة   

ودائرة المعرفة الحاكمة لها اتجاه فاما ان تضيف وتوسع او تقلل وتضيق.

 

 

 

اشارة

ان ما تقدم من حقائق التي يشهد لها الوجدان والعرف واسس المعرفة وما  للإنسانية من تجربة لا يترك مجالا ابدا لاعتماد العلم الاستقلالي وهو المشهور الان، ويوجب اعتماد العلم العرضي الذي إضافة الى تحقيقه واقعية علمية ودرجات صدق وحق حقيقة غير متوهمة فانه أيضا يقدم منهجا سهلا وواضحا لاثبات المعارف.

 

 

 

 

 

 

المعارف الجامعة

قوانين الفيزياء نوعية عامة فالمعتبر هو معارف الامة الجماعة ولس الفرق والمذاهب، ومن هنا فالاجماع والتقييم كله اسلامي وفي حال الاختلاف يستخرج المعدل

المعرفة الجامعة= معدل المعارف الفرقية

 وبشكل عام لاجل التفرق السني الشيعي يمكن عرض القانون كالتالي:

= معرفة فرقة 1+ معرفة فرقة2\2

ويجب ان تكون الدرجات بحسب التقييم الاسلامي وليس المذهبي كالتالي:

قوي: متفق عليه =3

ضعيف مختلف فيه او غير مقبول=1

والفارق بين القوي والضعيف مضاعف لاجل اهمية الحجية وخطورتها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثالث: نظرية التكامل

 

 

 

 

ان النص شرعي ظاهر جدا في تمييز التضاد والتدرج في الوجود بل انه نص في وجود الاختلاف في المستوى المعرفي والدرجة المعرفية.

والمدخل الى معارف الوجود و القيم والدرجات والمستويات المعرفية هو المركب المعرفي. حيث ان في الوجود المعرفي ثلاث مستويات تركيبية، المبادي والعناصر والمركبات.

اما المبادي فهي مكونات معرفية لا تظهر بشكل ذات وانما هي فقط اجزاء ومكونات للذات واهم هذه المبادئ المؤثرة هي الطبيعة والخير، اي طبيعة الشيء التكوينية وقدرته في التعامل.

والطبيعة تتناسب من حيث المستوى والدرجة مع  المعرفة والقدرة. اما الخير فيتناسب مع الايمان والنفع. فكلما كان الشيء ارقى طبيعة وارقى خيرية اي  اكثر معرفة واكثر قدرة في التصرف والتحكم والسيطرة واكثر ايمانا واكثر نفعا كان اعلى  في وجوده.

قانون العلو

وهنا بيان كمي للعلو فالعلو يتناسب مع طبيعة الشيء والخير فيه.

العلو = الطبيعة * الخير

وحسب مقادير العلو مقارنة بعامل نسبي اخر كالزمن ونحوه ولنفترض انه الاستعداد وهو نتاج العمر والعصر والتربية يحسب التكامل

التكامل = العلو\ الاستعداد

وهذا التعريف ليس فقط بدلالة شرعية بل بدلالة عقلائية لذلك الانسان المتكامل مبكرا يقال عنه انه اكبر من عمره او سابق عصره ومن هنا يدخل العصر والعمر والتربية في الاستعداد.

 

 

 

قانون الطبيعة

هنا بيان كمي للطبيعة وليس كيفيا. والطبيعة تتناسب مع معرفة الشيء وقدرته.

الطبيعة = المعرفة * القدرة

 

وكل من قيم المعرفة والقدرة لها بيان عرفي عقلائي استقرائي  الا ان المعرفة تتناسب مع الاستدلال والاكتشاف اما القدرة فتتناسب مع التحكم والحركة.

قانون الخير

وبيان الخير هنا كمي وهو يتناسب مع الايمان والنفع.

الخير = الايمان3 * النفع

وتكعيب الايمان لانها جوهر العلو.

ومن الواضح ان هذا القانون في الكيانات المختارة ، واما غير المختارة فالخير هو التسبيح والطاعة وهو محقق لمستوى عال فيها.

 

الدرجة

ولا بد من التأكيد ان الاشياء من جهة الكيف تترتب في مستويين مستوى الطبيعة  افقي ومستوى الخير عمودي ، الا ان ذلك يمكن ان يعبر عنه كميا بحسب قانون العلو فيكون العلو عبارة عن خط تدرجي تترتب فيه الاشياء والدرجة تعتمد على ما هو مكتسب وما يضاف اليه، كما ان ما هو مكتسب بؤثر على ما هو ات، وهذا هو الاستعداد. لذلك فالدرجة المعرفية يمكن حسابها من الاستعداد المكتسب في الاضافة.

 الدرجة = العلو المحصل * العلو المضاف

والدرجة مظهر من مظاهر التكامل الا انه ليس نسبيا.

 

 

 

المكان المعرفي

ان الاشياء جوهريها ومعنويها يترتب في نظام المعرفة في اماكن في حقول ومعرفية ولا يتميز هنا الجوهر عن المعنى وانما المميز مستوى الطبيعة ومستوى الخير. وما ينتج هو مقدار كمي يميز درجة الشيء في سلم الصعود والعلو.  

 وقيم  ( المعرفة والقدرة والايمان والنفع) كلها من مبادئ ومواد  الشريعة ومعطياتها فتحصل بالاستقراء وهي ظاهرة جدا وكلها درجات.

ويكون البعد باكبر قيمة واقل قيمة عن الوجود الاعلى وعن الوجود الاسفل فيمكن تحول تلك المراتب الى اعداد رقمية.

المركب المعرفي

ان الذوات ماديها ومعنويها تترتب في حقول، ومن خلا صفاتها القيمية تترتب في مستويات. فهناك القيم الحقلية متعلقة بالطبيعة وهناك القيم المستوياتية متعلقة بالقيم وهو متاثر بالخير. هذا هو التعبير الكيفي الا ان التعبير الكمي ممكن ايضا ويتحقق سلم درجات.

فالاشياء يمكن النظر اليها من جهة كيفية ومن جهة كمية. وقد تقدمت الجهة الكمية بقوانين الطبيعة والخير. وهنا بيان للجهة الكيفية.

ان الاشباء ماديها ومعنويها من جهة الكيف تترتب في ثلاث مستويات بنائية، المبادئ، والعناصر والمركبات.

 

مستوى المكونات البدائية

فالطبيعة والخير وما ينتجها من معرفة وقدرة وايمان ونفع هي مبادئ المكونات المعرفية فلا تتمظهر كماتها بشكل ذوات وانما تتفاعل لانتاج الكيف. وهذه المكونات البدائية تشابه النواة و الالكترونات والبروتونات في علم الذرة.

مستوى العناصر

ان المعنى هو العنصر الاساسي للمعرفة وهو كميا ينتج من فعل طبيعته والخير فيه.  والعنصر المعرفي وهو المفردة المادية او المعنوية يشابه الذرة في علم الذرة.

مستوى المركبات

اي علاقة تربط بين معنيين باسناد بين موضوع وموحول فهي مركب معرفي، فالمركب المعرفي هو علاقة الاسناد بين مسند ومسند اليه، وهو ايضا المضمون. فالمضمون اي الاسناد هو اصغر مركب معرفي وهو يقابل الجزئية في عالم الكيمياء.

فلدينا النويات المعرفية مثل الطبيعة والخير، ولدينا العناصر وهي المفردات مثل الذوات والصفات ولدينا الجزيئات المعرفية متمثلة بالمضامين او الكلام.

فمن الناحية الكيفية لدينا مفردات وكلام، ومن حيث الكم لدينا مبادئ وعناصر ومركبات معرفية.

ان التفاعل بين العناصر يخضع لقوانين نوعية، فالخارجيات او الافراد هي في الواقع تمثل صورة واحدة من حيث النوع، لذلك يمكن التوقع بطبيعة النتيجة الحاصلة بين نوعين من المفردات. كما ان التفاعل بين الاشياء ليس تراكميا بل تفاعليا، فاذا كان المكتسب ايجابي فان الاضافات الايجابية تزيده بينما الاضافات السلبية تقلله، وكذا العكس فاذا كان الارث سلبي فان الاضافات الايجابية تقلله والسلبية تزيده. وهذا يعطي معنى اخلاقيا وقيما للتركيب المعرفي والعلاقات المعرفية. كما انه يبين اهمية الاقتران والتفاعل حيث ان كل تفاعل واقتران له اثر سلبي او ايجابي. ومن جهة غاية الخير، فان افعال الخير تزيده وهذا هو الصلاح وافعال الشرر تقلله وهذا هو الفساد.

فالصلاح هو زيادة في قيمة الخير، والفساد هو قلة في قيمة الخير للشيء. وهنا يتبين المعنى القيمي للضر فليس كل ضرر شر بل قد يكون خيرا بفعل ما يصاحبه من نظام.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الرابع: نظرية اليقين

 

 

 

 

 

 

ان ما تقدم هو في الفقه النظري وان كان الكثير من مواده ومعطياته خارجية وتطبيقية الا ان الفرضيات مبنية على تناسبات نظرية. فهي فرضيات تحتاج الى اختبار، والاختبار لقوانين الفقه النظري ممكنة لان مفاهيمه عرفية ممكن الحكم بتحققها او عدمه بواسطة الوجدان وادوات العقلاء الادراكية. لذلك ففيزياء الشريعة والفقه الكمي لا تخرج الشريعة والفقه من العامية والبساطة وانما هي ادوات لتقليل الفردية والاختلاف والظنون.

ومن هنا فبالامكان اختبار النظريات المتقدمة من خلال عرضها على الوجدان، كما انه في حال استقرار تلك النظريات يكون بالامكان استعمالها في تبين الحق في حال الاختلاف او الشك. واختبار تلك الفرضيات والقوانين هو الفقه التجريبي. ومن اهم عناصر الفقه التجريبي هي درجات التجريب والنجاح. ومن ثم الاطمئنان واليقين

 

من مهام الفقه التجريبي هو اختيار وفحص الفرضيات ومدى موافقتها للخارج بل وكذلك تقييم وجود واداء كل شيء له فعل  واداء.

والفحص يتكون من اربعة عناصر؛

الاول: التجريب وهو اختبار النظرية بالتجربة.

الثاني: دقة الاختبار ويعتمد على اعتماد قواعد وضوابط واضحة ودقيقة وللدقة ثلاث درجات، عالية ومتوسطة وضعيفة.

الثالث: النجاح او نسبة الصحة العملي اي مدى صحة نتائج القانون تطبيقيا على الجزئيات وهو معدل النتائج الصحيحة.

الرابع: الحضور او سعة التجريب اي كثرة عمليات التجريب وهي ثلاث درجات؛ كبيرة ومتوسطة وصغيرة.

التجريب

 

التجريبية تتناسب مع عدد التجارب التي تم اجراؤها وصفاتها وخصائصها. وهو يتحصل بالاستقراء.

تجريبية كبيرة جدا= 90

تجريبية كبيرة=70

تجريبية متوسطة=50

تجريبية قليلة=30

تجريبية قليلة جدا=10

 

الدقة

درجات الدقة

تتناسب الدقة مع الكفاء و الاستعداد والادوات  ويتحصل بالاستقراء وهي خمس درجات

دقة كبيرة جدا=90

دقة كبيرة=70

دقة متوسطة=50

دقة ضعيفة=30

دقة ضعيفة جدا=10

 

الحضور

الحضور هو عدد الادلة او المعطيات وهي اما ايات او روايات عن النبي صلى الله عليه واله (سنة)  او الائمة عليهم السلام (الحكمة)  ويتحصل بالاستقراء.

ولكل منهما درجة ولان الحكمة فرع السنة والسنة فرع القران فتترتب كالتالي:

فالقران=9

السنة=3

الحكمة=1

فالحضور هو معدل عدد الادلة في درجاتها

 

الاستقرار

الاستقرار او النجاح او نسبة الصحة وهو مقدار التجارب التي تثبت صحة النظرية وهو يتحصل بالاستقراء.  وهي قليل =1، متوسط=2، وكثير3.

 

الاطمئنان

الاطمئنان للمعرفة يتناسب مع درجة دقة التجريب وكثرة عدد التجارب اي الحضور.

 

الاطمئنان= الدقة * الحضور  

 

 

 

الرسوخ

 يتحقق رسوخ المعرفة من خلال التجربة، ويتناسب ذلك مع نسبة النجاح اي الصحة فيها.

  الرسوخ= الاستقرار * التجريب

 

 

اليقين

اليقين ناتج عن الاطمئنان والرسوخ

 

اليقين= الاطمئنان  +  الرسوخ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة في الفقه التجريبي

 

 

 

 

 

 

 

 

خلاصة قوانين فيزياء الشريعة

كما اشرت كثيرا ان هذه التناسبات اجمالية وليست دقية ولا رقمية ولا رياضية وهي مستفادة من حقائق الفقه العرضي التصديق والوجدان الشرعي والاشارات العلمائية الاصولية والتفسيرية والفقهية.

الثبوت =  ثبوت الفرع * ثبوت الاصل * التصديق

الظهور = ظهور الفرع * ظهور الاصل * درجة التصديق

الحجية= الثبوت * الظهور

الحق = الحجة * المقاصدية

الاستنباط= الاحاطة * الحق

الظل المعرفي = الاشتقاق * الاقتران

الحكومة = دائرة المعرفة الاصل + دائرة المعرفة الحاكمة   

المكان المعرفي = الطبيعة * العلو

الطبيعة = الحركة * القدرة

الحركة = الاستدلال * السرعة

القدرة = السيطرة * المعرفة

العلو = الايمان * الخير

التكامل= العلو\الاستعداد

 

الاطمئنان= الدقة * الحضور 

  الرسوخ= الاستقرار * التجريب

اليقين= الاطمئنان  +  الرسوخ

 

 

 

 

 

 

 

اختبارات في الفقه التجريبي

سنختبر هنا قوانين فيزياء الشريعة في مسألة علمية تطبيقية هي رؤية الله تعالى، ومن الواضح ان فيها جوانب متفق عليها ستكون هي المقيم للقوانين وهناك جوانب مختلفة فيها سيكون للقوانين اثر في تمييز الحق فيها.

 

 

 

مسألة: جواز رؤية الله تعالى وعدم جوازه

اختلف في رؤية الله تعالى بين القول بالجواز وعدمه. ولا نتعرض الان هنا الى التمييز بين الرؤية في الدنيا والاخرة.

القول الاول: جوزا رؤية الله تعالى وسنستعمل رمز (ج)

القول الثاني: المنع من رؤية الله تعالى وسنستعمل رمز (م)

وستكون الدرجات بحسب التقييم الاسلامي وليس المذهبي كالتالي:

قوي: متفق عليه =3

ضعيف مختلف فيه او غير مقبول=1

والفارق بين القوي والضعيف مضاعف لاجل اهمية الحجية وخطورتها.

ادلة القول بالجواز

الاية : ثبوتها متفق عليه (3) ودلالتها مختلف فيها (1)

الرواية: مختلف في ثبوتها (1) دلالتها متفق عليها (3)

الاجماع: مختلف في ثبوته (1)  دلالته متفق عليها (3)

ادلة القول بالمنع

الاية:  متفق على ثبوتها (3) دلالتها مختلف فيها (1)

الرواية : مختلف في ثبوتها (1) دلالتها متفق عليها (3)

الاجماع : محتلف فيها (1)  دلالته متفق عليها (3)

ومع ان الاجماع ليس حجة الا انني ذكرته هنا لاجل الاستيعاب للاقوال السائدة. والرواية اقصد بها السنة والنبوية والحكمة الامامية.

 

اولا: الحكم وفق الفقه الاصولي الاستقلالي السائد

واقصد بالاستقلالي اي غير العرضي فانه يكتفي بالدليل الفرعي من دون النظر الى الاصولي المصدقة.

وبحسب الفقه الاصولي فان رفع الاختلاف متعذر لتساوي الادلة ورجحان جانب المنع لا يحقق الاذعان عند المخالف. فيكون هنا اذعان مذهبي مع فقدان الاتفاق فيستمر الخلاف حتتى تتغير قيم الادلة.

ثانيا: الحكم وفق الفقه العرضي

ان الادلة متقاربة تقريبا وان كانت اقوى في جانب المنع، الا ان ادلة المنع مصدقة بالاصول المعلومة والجواز لا مصدق له فيكون الاعتبار بادلة المنع فيكون المنع من الرؤية هو الحق.

ثالثا: وفقه الفقه الكمي

قد اشرت اننا نفتقد للكم الواقع للمعارف لذلك فالمتيسر هو البحث التناسبي والبحث الافتراضي بافتراض عامل معادل ثابت ونلاحظ مقدار الكبر والصغر النسبي بين القولين.  

البحث الكمي التناسبي

لاجل الثبوت النهائي الواقعي لا بد من تبين التصديق

 

القول بالجواز

الاصل للجواز : ثبوته غير حاصل (1) دلالته غير حاصلة (1)

التصديق للجواز : غير متحصل (1)

 

القول بالمنع

الاصل للمنع :  متفق عليه (3)  دلالته متفق عليها (1)

التصديق للمنع: متفق عليه (3)

 

 

الثبوت =  ثبوت الفرع * ثبوت الاصل * التصديق

الجواز

ث الاية= 3*1*1=3

ث الرواية=1*1*1=1

ث الاجماع=1*1*1=1

معدل الثبوت= اعلى القيم =3

 

المنع

ث الاية= 3*3*3=27

ث الرواية=1*3*3=9

ث الاجماع=1*3*3=9

معدل الثبوت= اعلى القيم =27  

 

المخلاصة: قيم الثبوت في ادلة المنع اكبر من قيمها في ادلة الجواز.

 

الظهور = ظهور الفرع * ظهور الاصل * درجة التصديق

الجواز

ظ الاية=1*1*1=1

ظ الرواية=3*1*1=1

ظ الاجماع=3*1*1=1

معدل الظهور= اعلى القيم=1

المنع

ظ الاية=1*1*3=3

ظ الرواية=3*1*3=9

ظ الاجماع=3*1*3=9

معدل الظهور=اعلى القيم=9

الخلاصة: قيم الظهور في ادلة المنع اكبر من قيم الظهور في ادلة الجواز.

الحجية= الثبوت * الظهور

 

حجية الجواز= 3*1=3

حجية المنع=27*9=243

الخلاصة: من الواضح ان مقدار الحجية في ادلة المنع اكبر منها في ادلة الجواز.

 

الحق = الحجة * المقاصدية

المقاصدية في ادلة الجواز ضعيفة مخالفة للتنزيه=1

المقاصدية ادلة المنع عالية موافقة للتنزيه =3

حق الجواز=3*1=3

حق المنع=243*3= 729

الخلاصة: ان الفارق بين حجية ادلة الجواز وحجية ادلة المنع كبير جدا لا يدع مجالا للشك باحقية المنع.

الاستنباط= الاحاطة * الحق

الاحاطة بمضمون المسالة ( جواز رؤية الله تعالى وعدم الجواز) هو محصلة الاحاطة باطرافه اي مدى الادراك المعرفي بها ومن الواضح انها جميعها امور راسخة شرعا وعرفا فتكون الاحاطة بالمضمون=3

استنباط الجواز=3*3=9

استنباط المنع= 729*3=2187

الخلاصة: ان قيمة الاستنباط في القول بالمنع اي قيمة الحق فيه اضعاف قيمته في الجواز بمات المرات. وهذا يجعل الاجتهاد بالجواز باطل بلا ريب.

 

مسألة: جواز نكاح المتعة وعدم جوازه

اختلف جواز نكاح المتعة بين القول بالجواز وعدمه.

القول الاول: جوزا نكاح المتعة وسنستعمل رمز (ج)

القول الثاني: المنع من نكاح المتعة وسنستعمل رمز (م)

وستكون الدرجات بحسب التقييم الاسلامي وليس المذهبي كالتالي:

والدليل او القول اما:

قوي: متفق عليه =3

ضعيف مختلف فيه او غير مقبول=1

والفارق بين القوي والضعيف مضاعف لاجل اهمية الحجية وخطورتها.

ادلة القول بالجواز

الاية : ثبوتها متفق عليه (3) ودلالتها مختلف فيها (1)

الرواية: متفق عليه  (3) دلالتها متفق عليها (3)

 والرواية تعني السنة النبوية والحكمة الامامية.

ادلة القول بالمنع

الاية:  متفق على ثبوتها (3) دلالتها مختلف فيها (1)

الرواية : مختلف في ثبوتها (1) دلالتها متفق عليها (3)

 

 ولم اتعرض للاجماع لانه ليس حجة حتى على فرض ثبوته. ولن اتعرض له في المستقبل.

 

اولا: الحكم وفق الفقه الاصولي الاستقلالي السائد

واقصد بالاستقلالي اي غير العرضي فانه يكتفي بالدليل الفرعي من دون النظر الى الاصولي المصدقة.

وبحسب الفقه الاصولي فان رفع الاختلاف متعذر لتساوي الادلة ورجحان جانب الجواز لا يحقق الاطمئنان والاذعان عند المخالف. فيستمر الخلاف حتتى تتغير قيم الادلة.

ثانيا: الحكم وفق الفقه العرضي

ان الادلة من حيث الفرعية والابتدائية متقاربة تقريبا وان كانت اقوى في جانب الجواز، الا ان ادلة المنع مصدقة بالاصول المعلومة والجواز لا مصدق له فيكون الاعتبار بادلة المنع فيكون المنع من نكاح المتعة هو الحق.

 

ثالثا: وفقه الفقه الكمي

 قد اشرت اننا نفتقد للكم الواقع للمعارف لذلك فالمتيسر هو البحث التناسبي والبحث الافتراضي بافتراض عامل معادل ثابت ونلاحظ مقدار الكبر والصغر النسبي بين القولين. 

 

البحث الكمي التناسبي

لاجل الثبوت النهائي الواقعي لا بد من تبين التصديق

 

القول بالجواز

الاصل للجواز : ثبوته غير حاصل (1) دلالته غير حاصلة (1)

التصديق للجواز : غير متحصل (1)

 

القول بالمنع

الاصل للمنع :  متفق عليه (3)  دلالته متفق عليها (1)

التصديق للمنع: متفق عليه (3)

 

 

الثبوت =  ثبوت الفرع * ثبوت الاصل * التصديق

الجواز

ث الاية= 3*1*1=3

ث الرواية=1*1*1=1

 

معدل الثبوت= اعلى القيم =3

 

المنع

ث الاية= 3*3*1=9

ث الرواية=1*3*1=3

 

معدل الثبوت= اعلى القيم =9 

 

الخلاصة: قيم الثبوت في ادلة المنع اكبر من قيمها في ادلة الجواز.

 

الظهور = ظهور الفرع * ظهور الاصل * درجة التصديق

الجواز

ظ الاية=1*1*1=1

ظ الرواية=3*1*1=3

 

معدل الظهور= اعلى القيم=3

المنع

ظ الاية=1*1*1=1

ظ الرواية=3*1*3=1

 

معدل الظهور=اعلى القيم=9

الخلاصة: قيم الظهور في ادلة المنع اكبر من قيم الظهور في ادلة الجواز.

الحجية= الثبوت * الظهور

 

حجية الجواز= 3*9=27

حجية المنع=9*9=81

الخلاصة: من الواضح ان مقدار الحجية في ادلة المنع اكبر منها في ادلة الجواز.

 

الحق = الحجة * المقاصدية

المقاصدية في ادلة الجواز ضعيفة مخالفة  للارث والطلاق والاحصان=1

المقاصدية ادلة المنع عالية موافقة للارث والطلاق والاحصان =3

حق الجواز=27*1=27

حق المنع=81*3= 243

الخلاصة: ان الفارق بين حجية ادلة الجواز وحجية ادلة المنع كبير جدا لا يدع مجالا للشك باحقية المنع.

الاستنباط= الاحاطة * الحق

الاحاطة بمضمون المسالة ( جواز نكاح المتعة وعدم الجواز) هو محصلة الاحاطة باطرافه اي مدى الادراك المعرفي بها ومن الواضح انها جميعها امور راسخة شرعا وعرفا فتكون الاحاطة بالمضمون=3

استنباط الجواز=27*3=81

استنباط المنع= 243*3= 729

الخلاصة: ان قيمة الاستنباط في القول بالمنع اي قيمة الحق فيه اضعاف قيمته في الجواز بمات المرات. وهذا يجعل الاجتهاد بالجواز باطل بلا ريب.

مسألة التكامل في المؤمن والكافر

هنا نختبر قوانين العلو في المؤمن والكافر

العلو = الطبيعة * الخير

الطبيعة = المعرفة * القدرة

الخير = الايمان * النفع

ولان النص دل على ان الايمان جوهر العلو فيكون نصف القيمة فيصبح القاون كالتالي

الخير=الايمان3 * النفع

العلو = الايمان3* المعرفة*القدرة*النفع

فلو افترضنا التساوي بينهما في الباقي  والاختلاف في الايمان اي 3للمؤمن و1 للكافر

فان الناتج سيكون كالتالي

اولا: باقي القيم =1

علو المؤمن =33*1*1*1= 27

علو الكافر 13*1*1*1=1

ثانيا: باقي القيم=2

علو المؤمن =33*2*2*2= 108

علو الكافر33*2*2*2=8

ثالثا: باقي القيم=3

علو المؤمن =33*3*3*3=729

علو الكافر =31*3*3*3= 27

والان نحسب نسبة اسوأ مؤمن لافضل كافر

27\27= 1 فيتبين ان اسوء مؤمن يساوي افضل كافر. 

ولان قيمة 27 او اقل هي قيمة تسافل فان اسوء مؤمن هو سافل، لكن كل كافر هو سافل مهما كانت معرفته او قدرته او نفعه، فهو سافل وجوديا ولا يخرجه ذلك من التسافل الوجودي.

 

انتهى والحمد لله