نهايات و انتظارات



عمل فني تجلياتي ، تتلاشى فيه مادة العمل امام تجلي التجربة و الذات . عمل تجلياتي من المستوى الثاني (التجاوري ) حيث يتركب العمل من اكثر من مادة فنية ، كتابة موسيقى رسم  تمثيل  بشكل حضوري لها  لكنها لا تتداخل ، يتجسد التجلي للتجربة و للذوات في المشترك الايحائي لمقاطع العمل التي تتلاشى فيه حدود المادة  .

الوحدة هنا تكون في المحاكاة و البعد الجمال و الايحائي و الشعوري ، فكل هذه العناصر و الاجزاء ترتبط بخطوط ظاهرة و خفية و ترجع الى فكرة و احدة تجسده و تتجلى فيها الا وهي النهايات و الانتظار . في لغة المرايا يحصل ترادف تعبيري كتابي و يمكن ان نرده الى جامع اكبر هو ( المرآتية التعبيرية ) فمنها الكتابي و منها موسيقي و منها رسم و تمثيل و دراما و غير ذلك من مواد الفن .بحيث كل مقطع فني يحاكي و يتقاطع و يتفاعل مع غيره من اجزاء العمل الفني . ان وحدة العمل التجليات تعتمد على العوامل الجمالية الموحدة ، بحيث ان المعادلات الجمالية المختلفة في اجناسها من كتابة و رسم و تمثيل و موسيقى  و غير ذلك .





 



د أنور غني الموسوي
21-11-2014

اشارة : 

 يمكن افتراض ان فنان واحد يستطيع انجاز عمل فني تجلياتي متعددة المواد بان يكون متقنا لاكثر من فن كالشعر و الرسام و غيرهما من الفنون ، الا انه في حال الحاجة الى مادة فنية غير متقنة  او عند الرغبة للاشتراك فانه سيكون هناك عمل فني مشترك ، فالطبيعي في الاعمال الفنية التجلياتي  انها مشتركة او ان يتم اختيار المواد الاخرى من مصادرها كما فعلنا نحن هنا .

المصادر :

1-http://vimeo.com/62745954

2-  https://www.youtube.com/watch?v=a834YQdUTkE
3- http://galleryhip.com/rene-magritte-surrealism.html
4- http://www.pinterest.com/anwerg/boards/









نقد التجلي \ من الاكاديمية المادية الى الاكاديمية الجمالية

من الظاهر جدا ان فترة ما قبل الحداثة تميزت ببلوغ الجمالية الادبية فيها درجات عالية من التشخيصية  لعناصر جماليات الادب الكلاسيكي ، حتى ان درجات التوقع الانتاجي و التجريبي صار امرا راسخا في مجال التحليل الجمالي لتلك الاعمال ، و حقق البحث التحليلي درجات تفصيلية للمصطلاحات العامة و الخاصة و الكلية و الفرعية و مراتب المفاهيم و صور التراكيب و خصوصا في علم البلاغة .
و من الظاهر ايضا عدم تحقق مثل هذا المنجز في جماليات الادب الحداثوي و ما بعد الحداثوي ، طبعا و لحقيقة ظهور منجز ابداعي متميز لهذه الفترة يعطي ملامح واضحة لها ، الا ان العوز و الافتقار الى المصطلح العلمي ناتج عن قصور في الادواة النقدية ، حتى الاستعانة بعلوم اخرى كالالسنية لم يفلح بتقديم التصورات الناضجة  ، و سبب عدم الاستيعاب هذا  لا يخفى على الكثيرين وهو منهج التلقي المدرسي لمنهاج النقد الغربية الارتجالية و المتشعبة ، بمعنى اخر ان تاثر العقلية الغربية بوطأة العلم و البرمجة ادى الى ظهور نزعة من التسلط و التحكم  و الانطلاق من نقطة خارجة عن  دائرة الابداع الادبي   متجهة نحوه باعتباره مادة لها ، ان الابداع في مناهج النقد الادبي الحديث لا يفهم الا كمادة و حالات فردية لاحكام و قوالب جاهزة . لذلك هي دائما تصطدم بالفشل و العجز و الوهم احيانا ، ان افضل صفة يمكن ان يوصف بها النقد الحديث هي عدم الاصالة ، و نقصد بذلك النقد الغربي  بالاساس ، انه ابن اعرج لنظريات العلم  المادي المتسلطة .
ما كان مطلوبا من النقد الادبي هو الانطلاق من علم الجمال و ليس من علوم اخرى ، نعم الاب الحقيقي و الشرعي للنقد الادبي الاصيل هو علم الجمال ، و كل قصور في هذا الفهم او في جانب الجماليات الاصلية و الفرعية يولد نقدا ادبيا عاجزا ، ان ما هو مطلوب من النقد هو الثورة على النقد ، التحرر من قيود العلمية المادية  ، ما هو مطلوب علمية جمالية  ، علمية الادب الحقيقية .
لقد ادى الخلط  بين الخصائص الجمالية للمادة الفنية و خصائص المادة  نفسها ، الى تصور امكانية تحديد العناصر الجمالية لتلك الاعمال الفنية بتلك المادة ، لكن الامر ليس كذلك ، ولا يقال ان ذلك يعني البحث عن عناضر جمالية ليست مادية ،  و الجواب ان هذا صحيح في جزء كبير منه ، فان ابداعات ما بعد العولمة  والاعمال التجلياتية اثبتت  وجود عناصر جمالية تتجاوز المادة ، عوامل مشتركاتية بين الفنون ، ولو ان النقد الادب اقترب اكثر من العلمية الجمالية لكان بامكانه ان يتلمس الخطوط العريضة لتلك العناصر الجمالية ، الا انه و للاسف اخذ يتقلب  في احضان العلوم المادية الخاصة بتلك المواد ، ولو استمر ذلك النهج المعتمد على العلوم المادية فانا سننتهي الى نقد فني مليء بالمصطلاح الفيزيائية و الكيميائية و الرياضية  ، مع افتقار حقيقي في تشخيص العناصر الجمالية . اما النقد التجلياتي النابع من العلمية الجمالية ، فانه سيحقق انجازا  جماليا و تشخيصا لعناصر الجمال في الاعمال الفنية ، سواء كان على مستوى الجنسية ( كالشعرية و السردية و الموسيقية و الرسمية و غيرها ) او على مستوى الجمالية بعناصرها الايحائية و التلقياتية و القصدية و التجرباتية .
نعم التناول التجلياتي للاعمال الجميلة هو الحل الحقيقي لمشكلة العوز الاصطلاحي العلمي للنقد الفني ، و العلمية التي تتحقق بالمنهج التجلياتي علمية جمالية اصيلة ، و ليست علمية تابعة لعلوم اخرى متعلقة بمادة الفن . لا بد من التاكيد و كثيرا على ان العمل الفني بمادته له تناول علمي من جهتين ، علم مختص بمادته و علم مختص بجمالها ، الخلط الذي حصل في عصر الحداثة بين العلمين ادى الى مزلق خطير اوصل النقد الفني الى طريق مسدود .
نعم تابعية النقد الفني لعلوم المادة ادى الى فقدان القدرة على تشخيص العناصر الجمالية بشكل واضحة ، طبعا من التجني القول بعدم قدرته على الاشارة و التلميح و الايحاء ، لان ذلك كلام فارغ ، ما نقصده هو عدم قدرته لبلوغ العلمية المناسبة في المصطلح ، فكانت اكثر اطروحاته و مبتكراته و مصطلحاته فضفاضة  وغير مشخصة ، فصار النقد عبارة عن ممارسة يحتكرها  المادياتون اكثر من الجماليين .او انها غرق في التعبيرية ،  بمعنى اخر ان المنهج التجلياتي للنقد الفني هو دعوة نحو النقد الجمالي  و ليس النقد المادي او التعبيري .
ان الفهم التجلياتي للجماليات هو المدخل الحقيقي و الواضح نحو علم جمال فني ادبي او غيره ، نحو نقد علمي جمالي و ليس ماديتاي ، انه تاسيس لاكاديمية الجمال و ليس اكاديمية المادة ، انه  مقدمة علم الجمالية و ليس علم المادة .
لقد بينا في مقالات سابقة ان هناك تميز بين جمالية العمل الفني و فنيته كالشعرية للشعر مثلا ، فجمالية الشعر غير الشعرية ، كما ان كليهما غير خصائص اللغة الماداتية المعرفية .، العلوم المادية المختصة باللغة مختصة بالاساس في الجهة الاخير اي الخصائص المادية للغة .
لقد ساد فهم لاواقعي ادى الى ابتعاد النقد عن مكانته الحقيقية ، و هي الاتجاه نحو لا نمطية الكتابة ، وهذا وهم ، اذن ان النمطية متاصلة في الموجودات ، بمعنى انه ليس هناك من وجود الا وله نمطية ، نعم قد تتعدد صور النمطية للموجود المعين و قد تبلغ حد غير محصور او لا متناهي الا انه يبقى له نمطية . ان هدم الايمان بالمشترك الجمالي و اعلاء فكرة اللانمطية ادى الى ظهور طرفين لاواقعيين من الاتجاهات النقيدية ، التجاه المادي  و الاتجاه التعبيري ، فبينما غرق الاول في قواعد العلوم اللاجمالية ، غرق الثاني في الفردية و التاملية و الخطابية و العاطفية ،  و في الواقع كلما تجد نقدا مليئا بتلك المظاهر فاعلم انك اما نقد لاعلمي .ان اساس الفهم التجلياتي للجمالي هو تشخيص المشتركات الجمالية ، ان التجلي هو الظهور المتميز بالمتباينات ، انه تضاؤل المادة امام التجربة انه تلاشي المادة الفنية و فقدانها شخصيتها و كيانتها و منطقيتها و قواعديتها اما تجلي التجربة  ، و كلما ازدادت قوة الظهور و ازدادت شدة التباين بين وسائط الظهور و شدة تضاؤل المادة ، كان التجلي اكبر .فمثلا الشعرية وهي عملية البوح الجمالي  بالتجربة ، لها صور تشكيلية و تلقياتية  و تجرباتية ، كلما ازدادت  قوة ظهور التجربة و ازداد تباين الصور التشكيلية و تضاؤل المادة  التي تظهر فيها تلك التجربة كان ذلك يعني ان التجربي تتجلي بذاتها و ان التجلي اكبر .
من اهم انجازات النقد الحداثوي هو الاتجاه بالتحليل الفني من العمل وعنصر المشاهدة الى عملية التلقي وهو حق ، ان الجمالية هي عملية ابداعية تلقياتية ، لا يمكن فهم العناصر الجمالية الا في ضوء حقيقة كونها نتاجات لعملية التلقي ، فلا وجود لعناصر جمالية مستقلة بالكلية في ذات العمل الفني ، بل ان العمل الفني خال من الفنية من دون عناصر تلقياتية .. ان هذه الحقيقة تمكننا من تمييز الفوارق العريضة بين النقد الكلاسيكي المرتكز على العناصر الشكلية و النقد الحداثوي  و العولماتي المرتكز على العناصر التلقياتية المادية و النقد ما بعد العولماتي اي التجلياتي المرتكز على العناصر التلقياتية التجرباتية التجلياتية  .. و لقد اشرنا في مقالات سابقة الى مجموعة عريضة و عامة من العناصر الجمالية التجلياتية ،و سنعمد ان شاء الله في المستقبل الى بيان ملامح كل منها بتفصيل اكبر .



مظاهر تجلي

من مقومات التجلي هو تحاوز استعمال المادة للزمان و المكان و المادة و الهيئة ، و من صوره الخارجية ضعف ، و احيانا تلاشي  منطقية المادة و غاياتها المعهودة ،فكل عمل تحافظ فيه المادة على منطقيتها  فليس تجليا ،بل لا بد من الابهار و الادهاش و الصدمة المخرجة للعمل من المنطقية و النمطية نحو الاستثنائية و الخارقية و المثالية او اقتراب مناسب من كل ذلك .و  من هنا فللتجلي درجات .
من مظاهر التجلي الواضحة التي لا يشك فيها نذكر ما يلي :

1- تجلي الذات اللامتناهية  و القدرة اللامتناهية
الابداع الخلقي للعالم و كائناته بتشكيلات اعجازية و دقة لامتناهية و سعة غير محدودة انه مظهر  لتجلي الذات اللامتناهية
2- تجلي الذات اللامتناهية و القدرة اللامتناهية  والاحاطة اللامتناهية
الابداع الخلقي للانسان من جهة علو  المكون الروحي وتعقيده و من جهة دقة تركيبة الجسد الاعجازية انه مظهر  لتجلي الذات المحيطة  .
3- تجلي الذات المنقذة
كمال الرسالية لرسول الله صلى الله عليه و اله و النقلة التاريخية في مجال الانسانية و التحول الاستثنائي في العقيدة و التعامل ، انه مظهر تجلياتي للذات المنقذة .
4-  تجلي الذات الخارقة
المعراج ، و الانكشاف و الرؤية المعرفية و الادراك الواقعي للايات الذي حصل لرسول الله صلى الله عليه و اله مظهر انجازي تجلياتي للذات الخارقة.
4- تجلي الذات العارفة
كون النبي صلى الله عليه واله اعرف الناس بالله و انه كذلك في كل وقت ، انه مظهر تجلياتي للذات العارفة و لذات المعرفة.
5- تجلي الذات المطيعة
ان اقبال نبي الله ايراهيم عليه السلام  على ذبح ابنه امتثالا لامر الله تعالى مظهر تجلي للذات المطيعة
6- تجلي الذات الموقنة
ان  دخول نبي الله  ابراهيم  عليه السلامة  النار مظهر تجلي للذات الموقنة.
7- تجلي الذات الموقنة
ان علي بن ابي طالب بلغ درجة اليقين المطلق اذ لا زيادة،  انه مظهر تجلي للذات الموقنة.
8- تجلي الذات المضحية
ان بذل الامام الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام روحه و اهل بيته في سبيل الله مظهر لتجلي الذات المضحية.
9- تجلي الروح الصابرة
ان نبي الله ايوب عليه السلام في صبره  حقق مظهرا تجلياتيا للذات الصابرة.
10-  تجلي الذات  الحاضرة
ان المعرفة القطعية بقيام الامام المهدي عليه السلام بتكليفه القيادي و الرسالي في عالم الحضور  رغم غيبته الظاهرية مظهر تجلياتي للذات  الحاضرة .
11-  تجلي الذات الصابرة
ان انتظار الامام المهدي عليه السلام الفرج و انتظار شيعته الفرج هو مظهر من مظاهر الذات الصابرة.
12- تجلي الذات المستذكرة.
ان ما حققته الطائفة الشيعة من منجز استذكاري بالشعائر الحسينية هو مظهر تجلياتي للذات المستذكرة.
13- تجلي الذات التعايشية الواعية
ان العمل بالتقية و عدم الاصطدام بالغير حفاظا على الوحدة و المكتسبات و المسيرة هو تجلي للروح الواعية  التعايشية.
14- تجلي الذات المتالمة و المتفانية المنتظرة.
ان ما يمارسه الشيعة من شعائر حزائنية تعتمد ايلام الجسد باليد او بغيرها من وسائل  و اشهار السيوف هي مظهر تجلياتي للذات المتالمة المتفانية المنتظرة.
15- تجلي الذات الموفقة و المثابرة
ان الانجاز العلمي الذي حققه العلامة المجلسي رحمه الله  في
مؤلفاته و بوسائله المحدودة المتاحة لهو مظهر لتجلي الذات الموفقة و المثابرة.
16- تجلي الذات  الجمالية المجددة
ان ما قدمه بودلير من  رؤية جديد للشعر و الجمال و ما قدم من اعمال  هو مظهر لتجلي الذات الجمالية المجددة.
17-  تجلي الذات المؤذية و المغوية
ان ما دأب عليه ابليس من غواية و شر و ايذاء هو مظهر لتجلي الذات المؤذية و المغوية.
18- تجلي الذات الخاطئة
ان ما فعل قابيل من قتل اخيه هابيل هو مظهر تجلي للذات الخاطئة.
14- تجلي الذات المتكبرة
ان ما ادعاه فرعون من الوهية  و ما فعله في هذا الشان  مظهر تجلي للذات المتكبرة.
15- تجلي الذات المضلة
ان ما فعله السامري من اضلال بني اسرائل هو تجلي للذات المضلة .


تجليات

عمل تجلياتي تتجاوز فيه الاشياء المكان والزمان و المادة و الهيئة ، يوصف العنصر المكاني بالزماني اللغوي فهو عمل تجلي من الشكل الاول
تجليات
1-   افق احدب، فوق ظهره اعمدة سوداء صلدة ، امامها اناس جالسون ذوي اقدام واسعة ، تدوس اشلاء مهشمة .
او :
القدس اغنية تغتصب تحت الشمس ، مرحى فلتبتسم الانسانية و ضميرها الجديد
2- بناية شاهقة ، امامها رجل اجوف طويل ، احدى قدميه تعلو سلة نفايات قد تجمع فيها ثلثا سكان الارض .
او :
هكذا في العالم البعيد ، ينزل الانسان من السماء ، و بقية الارض طحلب رخيص . كلا لا مجال هناك للحب و الجمال .
3-  حقل واسع من الزهور يتجاوز المشهد و الاطار ، في الزاوية البعيدة بئر تغرق في الوحدة ، يتكاثر في قعرها المظلم  اكوام من العظام و الحلي .
او :
صدور الثائرين جنائن معلقة بالعرش ، تختبئ في فجوات الزمن ، تاركة المكان لكل فناء بهيج .
4-   فضاء فضي ، تخترقه خطوط افقية من اللانهاية ، تتجاوز طرفي المشهد ، شديدة السرعة ، لا تترك  من المكان الا مربعات حمراء متازحمة في الجانب القريب .
او :
الحرية فراشة ناعسة ، لا تعشق الا كل زهرة باسمة، او كل موت ينثر حياة بلا حدود .
5-   مساحات عريضة سوداء ، تنهض بايدي و ارجل حديدية ، قمتها المربعة صلدة جدا .
او :
الحضارة تنتفخ في الهواء الطلق ، تدنو من شلالات ذات ابتسامات عريضة لا تنجب .
6-  فضاء رملي واسع ، ذو حركة ملفتة ، تغطيه طبقة من الرياح الثقيلة ، هناك في الجانب البعيد ، اشلاء متساقطة ، وهنا اعمدة ذات الوان صافية .
او :
سيكون للاصوات ابتهاج لم تر مثله من قبل ، حينما تحدث خيانة عظمي .
7- بناية واطئة ، يبزغ من جوانبها نتوءات مستطيلة ، فتبدو كتاج رث يتجمع فوق سطحه كثبان  من القش .
او :

من المحزن اني اردد اغنيات بائسة ، هكذا هكذا اتجمد.


انور غني
2001

قصيدة النثر من الاشكالية الى الظهورية

من الغريب جدا انا الى الان نجد من يتناول قصيدة النثر بكونها اشكالية ادبية . و لو تفحصنا الاسباب الحقيقية وراء استمرار الحكم عليها بالاشكالية عند البعض ، نجده ناتج عن امرين مهمين ، الاول هو القصور في العقل النقدي و الاداة النقدية ، التي فشلت الى الان في طرح  صورة منظمة و علمية لجمالية الشعر النثري عموما  و قصيدة النثر بالخصوص ، يصاحبه قصور استيعابي ليس لقصور ذاتي في المتناول و انما لعلو مستويات الجمالية في قصيدة النثر .الامر الثاني هو مطالبة الشعر النثري بعناصر جمالية اعتيادية انطلاقا من كون الاستجابة الجمالية امر عرفي قائم على ظاهرة الانفعال ، الا ان هذه المطالبة باطلة و ما لم يتحرر المتلقي من هذه المطالبة فانه لن يكون هناك فهم حقيقي لجماليات قصيدة النثر .
اذن نحن امام دعوة لاجل الترقي في البناء التحليلي الجمالي لكي يتناسب مع الجمالية المتفردة لقصيدة النثر ، و مطالبون ايضا بفهم  انساني تطوري لجماليا قصيدة النثر . اي اننا امام معرفة جمالية الشعر النثري ، و نتكلم هنا بصورة عامة عن الشعر النثري لان قصيدة النثر في كثير من جمالياتها تشترك مع الشعر النثري الذي يمكن ان يفهم كعام طبيعي لها ، الا انها تتفرد بخصائص جمالية  مميزة .
ان الشعر كلغة هو لغة شعرية ، وللشعرية ملامح ، و للشعر جمالية هي ليست الشعرية ، و الجمالية غير منحصرة بالعمل اي النص انما هي متحققة في عملية التلقي ، فجوهر الجمالية الشعرية ليس في القصيدة بل في عملية قراءة القصيدة ، و القراءة ليست عملية فهم للنص الفني و انما هو عملية تعرف و اكتشاف للجمالية التي فيه ، و بعد كل ذلك تتوج العملية بالاستجابة الجمالية الشعورية التي تكون ظاهرية متمثلة بالنشوة و الطرب و الهزة الشعورية او تكون عميقة متمثلة بالانس الذهني و اللذة الفكرية و المشاعرية العميقة .
اذن لدينا ثلاث جهات للتعرف على جمالية قصيدة النثر و لفهمها و استيعابها .
الجهة الاولى : الشعرية : وهي امر لغوي بحث فني تركيبي الا انه لا يقتصر على الشكل و التركيب اللفظي و لا يقتصر على البناء الجملي بين المفردات بل يشمل البناء الاكبر الذي يكون بين الجمل ،  ان عوامل الشعرية اللغوي المهمة تتمثل بالمجازية و اللاسردية و اللامنطقية النحوية و اللالفة التركيبية و الايحائية ،  و التصويرية  كما و كيفا ، وبقدر ما  ما تتوفر في العمل الفني عدد اكير من هذه العناصر و ظهور اكبر لها فيه تزداد شاريته .، و الشعرية الجزئية ظاهرة تكون و لا تصنع .
الجهة الثانية : الجمالية : وهي امر تفاعلي ناتج عن القراءة للقصيدة ، فلا هو في القصيدة بمعزل عن القراءة و لا هو في القراءة بمعزل عن القصيدة ،ان العمل اللغوي الجمالي يتكون من مقومين  الصورة و التجربة ،  و في مجال الصورة لدينا العناصر التصويرية و في مجال التجربة لدينا العناصر  التجرباتية ، و لكل منهما مظاهر كمية و كيفية ، و لقد بينا في مقالتنا ( المحصلة الجمالية)  العوامل التصورية و التجرباتية و نذكرها هنا باختصار: ان القصيدة  انجاز تصويري متلقى ، يتميز فيه جانبي الصورة و التصوير ، و التجربة والايحاء .و هناك ثلاثة اشكال من التصوير ، التصوير التواضعي و التصوير المجازي   و التصوير التعجيزي وهو ان تكون التجاوري بين المفردات و الجمل على درجات متفاوتة من اللاارتباطية .
اما في جانب التجربة  فان الانتقال من الصورة الى عالم التجربة يتخذ اشكالا قصدية ، منها المباشر   و يمكن التعبير عن ذلك بالايحاء المنطقي المباشر ، و الشكل الثاني هو الرمزية بحيث تتميزة التجربة عن الصورة الا ان الايحاء  يكون بمنطقية لا مباشرية ، و الشكل الثالث هو الايحائي الحر الذي لا يراعي المنطقية .
مع هذا التنوع الكيفي للصورة و التجربة فان من عوامل الجمالية هو الكم الصوري و الكم التجرباتي ، فان بامكان التصوير ان يكون ضيقا يتمحور حول صورة او صورتين او تجربة او تجريتين ، و قد يكون واسعا يتضمن عددا من الصورة او من التجارب المحققة بالتركيب اللفظي الواحد ، وهذا ما يشار اليه بتعدد التصويرات و تعدد الايحاءات . و العنصر الثالث في الصورة و التجربة هو المحتوى ، و كلما كان المحتوى متقارب التصوير كان القصيدة اكثر خطابية و كلما كان المحتوى متعدد و متباعد في المكاونات الصورية  ة كانت القصيدة كتابية لا خطابية .و اما محتوى التجربة فانه قد يكون واسعا  او متقاربا  من حيث الفضاء و الابعاد ، و من الواضح ان الهزة المشاعرية و النشوة الظاهرة تلازم المحتوى التصوري الخطابي المتقارب ، و اما العواطفية و المشاعرية في قصيدة الكتابة فانها عميقة ذهنية  باطنية .
ان التدقيق و التطبيق و التصديق بهذه العناصر الجمالية ، و التجربة التكرارية و صدق التوقع الابهاري و الادهاشي المصاحب كفيل بان يولد قناعات ان عناصر الشعر النثري و منه قصيدة النثر ظاهرة و حقيقية و ليس فيها اشكال او غموض  .
خاتمة في جماليات قصيدة الهذايان و الفوضى التركيبية ، ان جمالية هذه القصيدة تتمحور حول بوحية اللامعنى ، اي ان الشاعر يريد ان يبوح لنا بسره و تجربته وان يوصله لنا بطريقة لامعنوية و لا توصيلية ،  وهذا ما نسميه  تضائل البيان التصويري ، فيكون التعبير عن التجربة بالتجربة ، اي انه يتجاوز خدود اللغة و التصوير  ، فتكون الحروف او لكلمات مناسبة  لتجلي التجربة ببذاتها  ،و في الحقيقة هكذا حالة من التلقي غير متوفرة الا لمن لديه مستوى عالي من الايحائية ،  و ليس بالضرورة ان يكون شاعرا الا ان من الضروي ان تكون لديه تجربة جمالية مناسبة

الجمالية من الحداثوية و قصيدة النثر الى العولماتية و النص المفتوح الى ما بعد العولماتية و عمل التجلي


لقد بات واضحا و بشكل لا يصح انكاره ان الجمالية الفنية المتاحة للانسانية قد مرت بثلاث مراحل واضحة : الاولى مرحلة ما قبل الحداثة ، و الثانية مرحلة الحداثة ، و الثالثة مرحلة ما بعد الحداثة و يمكن ان نسمي الجمالية الاولى بالجمالية الكلاسبكية و الثانية بالجمالية الحداثوية و الثالثة بالجمالية العولماتية . من مميزات الجمالية الكلاسيكية التشبث بالهيئة و المادة و تقدسبهما بينما الجمالية الحداثوية التي تجاوزت جوانب جزئبة من الهيئة بلغة اجناسية لانوعية او لا نمطية ، واهم صور ذلك هو قصيدة النثر اما الجمالية العولناتية اي ما بعد الحداثوية فانها تجاوزت الهيئة بالكلية فظهر لنا النص العابر للاجناس او النص المفتوح. ولو نظرنا الى ان ذلك التطور في  الجمالية ، نجده تابع و مرافق للتطور الادراكي العملي و ليس التنظيري ، و من المتصور ان للسعي نحو توحيد الادراكات و الجماليات سيستمر بل ان من الواضح وجود بوادر العمل الفني المتجاوز للمادة اي الذي تتداخل فيه المواد الزمانية كاللغة و المواد المكانية كاالون ، فان من المتوفع انها ستتداخل قي اعمال فنية موحدة ع، ليست فقط عابرة للاجناس بل عابرة للمادة ة هذا ما نسميه العمل الفني اللاماداتي ( او التجلياتية ) و الذي يمثل جماليات ما بعد العولمة . ان الادراك الشيئي اللازماني اللامكاني اللاهياوي و اللامادي يقدم لنا فهما و شرحا للجمالية اللامادتاية العابرة للفنون ، الا انه بسبب سيادة الادراك الزمكاني و وظيفيته فانا بمكن ان نتصور مرور الاعمال اللاماداتية ( التجلياتية ) في عصر ما بعد العولمة باربع مراحل تكون على شكل اربع صور :
1- التجلياية ( اللامادتاية ) الوصفية : بان يكون الاستعمال لمادة واحدة ، لكنها تصف وتصور و تستحضر العنصر النماير ماديا.
2- التجلياتية ( اللاماداتية ) التجاورية : بان يتكون العمل من اكثر من مادة فعلا مع الخفاظ على اتميز كل منها فتتجاور لكن لا تتداخل .
3- التجلياتية ( اللاماداايتية) التداخلية : بان يحصل اضافة الى تعدد المواد ، تداخلها و ليس فقط تجاورها . فلا تتمايز .
4- التجلياتية ( اللاماداتية ) االشيئية : و التي يتم فيها تجاوز المادة بالكلية و تتجلى التجربة بذاتها ، اي لا يكون االمادة و الهيئة دالا بل عوامل مساعدة .

مثال على التجلياتية الوصفية : مقطع من عمل تجلياتي وصفي عنوانه تجليات. حقل واسع من الزهور يتجاوز المشهد و الاطار ، في الزاوية البعيدة بئر تغرق في الوحدة ، يتجمع في قعرها المظلم اكوام من العظام و الحلي .
او :
صدور الثائرين جنائن معلقة بالعرش ، تختبئ في فجوات الزمن ، تاركة المكان لكل فناء بهيج .

مثال على التجلياتية التجاورية : مقطع من عمل تجلياتي تجاوري عنوانه انتظارات


او:
وتنزل الرغبة بثيابها الابدية ، محطمة كل فضاء جليدي يغرق في الوهم ، اجل هكذا مفاصلها تأن حنينا الى عالم من الخوف ، و النهاية الباسمة .

اما الشكل الثالث  فيمكن تصوره باجتماع  قراءة شعري مع مشهد تمثيلي و موسيقى  متداخلة  واما و الرابع فليس لدي تصور واضح عنه الى الان .

عصر التجلي \ عصر ما بعد العولمة

بعد ما احدثته العولمة من تحطيم جوهري لعنصري الزمان و المكان ، و بعد تعاظم العنصر اللاخارجي في التعامل البشري الحياتي، و بعد بلوغ العقل البشري العام  درجات عالية من التخيلية العلمية و الاجتماعية ، كان واجبا على التناولات التحليلية للمعرفة عموما و الفنون خصوصا اعلان عصر جديد هو عصر ما بعد العولمة ،  عصر تجلي الذات ، عصر يتحرر فيه الفعل الانساني التاملي من عنصري الزمان و المكان و ثنائية المادة و الهيئة . انه عصر حضور شيئية الاشياء بذاتها و تجلي التجربة بنفسها دون وسائط تعبيرية . انه عصر التعبير عن الاشياء بالاشياء و عن التجربة بالتجربة ، انه عصر تراجع المادة و الهيئة و الزمان و المكان امام التجلي الحضوري للذاتيات ، انه عصر العمل الانسان المتجاوز للمادة و العابر للفنون فلا تمايز و لا انتماء ، فالعمل لا ينتمي لغير شيئيته و لغير ذاته و لغير وجوده . انه عصر تلاشي الاختلافات و تعاظم التوحد و الحضور الذاتي للمعرفة .

انه عصر عدم الحاجة للزمان و المكان و لا للمادة و لا للهيئة ، انه عصر حضور الذات ، عصر تجلي الشيئية . فلم تعد الذات متوارية خلف المادة و الهيئة و خلف و سائل التعبير و التوصيل ، انها حاضرة انها تتجلي ، اننا نراها بعقولنا و قلوبنا ، نحس بوجودها نرى صورتها الحاضرة اما العقل و القلب  انها تتجلى تقهر المادة و الاججناس ، انه عصر التجلي ، انه عصر اعمال التجلي اللامادتية الاهيأوية الا زمكانية . انه عصر الشيئية و التجلياتية . انه عصر الحضور عصر الذات القاهرة .

مستويات التجلي

لقد بينا في مقالة سابقة لنا  ان للتجليات الفنية صور اربع ، هي باربعة مستويات و تمثل مراحل تطور الفن من مرحلة ما قبل الحداثة مروارا بالحداثة ثم  بالعولمة و ما بعد الحداثة ثم بعصر ما بعد العولمة  ، متمثلة بالتجلي الوصفي و التجاوري و التداخلي و الشيئي . 
و في الحقيقة ان هذه الاشكال من التجلي غير مختصة بالتجليات الفنية القصدية ، بل انها تجري في كل تجلي انساني  .

ان جوهر عملية التجلي هو تجاوز  حدود الزمان و المكان  المادة و الهيئة ، فالحضور و التشكل يكون للذات و تجربتها ، و ليس من شيء حاضر و قوي سوى الذات بحيث ان كل شيء تصويري و صوري و ظاهراتي يتضاءل و يصغر امام حضور الذات نفسها ، فلا وسائطية و لا طريقية لادراك الذات و تجربتها .
ان المادة و الهيئة و الصورة و التصوير و الزمانيات و المكانيات تنتقل من حالة المبين و الكاشف و الطريق و الدال على الذات و تجربتها في  العمل التصويري  المعهود ، الى حالة من المساعدة و الدعم و المناسبة في العمل التجلياتي .
و رغم قوة و سعة هذه المشتركات بين اشكال التجلي الا انه يمكن بيان صفات تمييزية لكل شكل من اشكال التجلي .
 
1- التجلياية ( اللامادتاية ) الوصفية : بان يكون الاستعمال لمادة واحدة  في عملية التجلي كأن تكون الفاظا او الوانا او غير ذلك من مواد الفنون ، لكنها تصف وتصور و تستحضر العناصر المغايرة ماديا.
2- التجلياتية ( اللاماداتية ) التجاورية : بان يتكون العمل من اكثر من مادة فعلا مع الحفاظ على  تميز كل منها فتتجاور لكن لا تتداخل .
3- التجلياتية ( اللامادايتية) التداخلية : بان يحصل اضافة الى تعدد المواد ، تداخلها و ليس فقط تجاورها . فلا تتمايز .
4- التجلياتية ( اللاماداتية ) االشيئية : و التي يتم فيها تجاوز المادة بالكلية و تتجلى التجربة بذاتها فتكون الصورة بالتجربة ، اي حالة صورة التجربة اللازمانية واللامكانية  ،بدلا من صورة واصف التجربة و الدال عليها المادي الهيأوي الزمكاني المعهود .

قد يستدعي الطلب  الحثيث  اللاواعي التراكمي للنوع البشري للصورة الزمكانية   وجود وحدة صورية ، و مع تعدد المواد يكون من الصعب تصور مثل تلك الوحدة ،  لكن هذا الامر لا يجوز ان يستمر ،  لعدم المبرر  فان الوحدة بالتجربة الظاهرة و بالذات  الحاضرة اقوى من كل وحدة صورية زمانية مكانية  بمادة او هيئة ، انها الوحدة القاهرة الاسمى ، كما ان التجلي ما هو الا حالة من السعي الحثيث نحو التوحد الوجودي ، فالاشياء جميعا تسعى نحو غاية الكمال ، و في كل مرحلة من مراحل هذا السعي تتخلى عن الاختلافات و تعتنق الامشتراكات لان الطرق النهائية نحو الغاية الكمالية لا يمكن ان تكون مختلفة ، لذلك مع الزمن تتلاشيى التميزية و تعظم المشتركاتية ، حتى يصل العالم الى حالة الوحدة   الظاهرية الصورية  ، نحن الان لا زلنا في عصر   توحد  الاشياء  ظهوريا و ليس ظاهريا ، اي ان الذات تحتاج لاجل التجلي تجاوز مظاهر الظاهر الصوري و مطالب وجود العناصر الزمانية و المكانية  ، اما في الوحدة الظاهرية فان حالة التجلي بدل ان تكون   استثنائية  وتحتاج الى ادوات غير عادية تحقيقا و ادراكا ، فانها ستصبح الموجود الحياتي اليومي و العنصر التعاملاتي و الواقعي ، اي ان العالم ينتقل من  التجلياتية التاملاتية  التخصصية كما  عليه  الوضع الان الى  التجلياتية الواقعية الحياتية  كما سيكون عليه وضع البشرية مستقبلا .

التجلي المتناهي و التجلي اللامتناهي

بسم الله الرحمن الرحيم
رغم ان جوهر عملية التجلي هو ظهور الذات و حضورها و ظهور تجربتها خارجا ، و ان تلقي ذلك يكون بادراك وجود متجاوز للزمان و المكان و المادة و الهيئة ، الا ان هناك جوانب تمكن من تصنيف صور التجلي و اشكاله . 

من الواضح الفرق اللامتناهي بين التجربة اللامتنهاية الالهية للخالق سبحانه و تعالى و التجربة المتناهية لمخلوقاته ، فلدينا تجربة خالقية سرمدية قديمة الهية لا متناهية  ، و لدينا تجربة مخلوقية حدوثية متناهية . ان تجلي الذات الالهية بتجربتها اللامتناهية يحقق التجلي اللامتناهي ، بينما تجلي ذوات المخلوقات بتجاربها المتناهية يحقق التجلي المتناهي . اذن لدينا نوعان متميزان من التجلي :

الاول :  التجلي اللامتناهي المحصور بالتجلي الالهي .

الثاني : التجلي المتناهي  الحاصل بتجليات المخلوقات .
من الخطأ  المقارنة بينهما او البحث عن شبه بينما لذلك نهى الشرع عن التشبيه كما يمنع العقل من ذلك .
طبعا التجلي الالهي يتاثر بعاملين الاول استعداد المتلقي و الثاني المشيئة الالهية ، و قد يصل نظام الاستعداد و المشيئة الى درجة عالية  بالحب الالهي و كمال الاستعداد ، بحيث تحصل حالة من التجلي اعجازية  استثنائية ، كما في حالة التجليات التي حصلت لرسول الله صلى الله عليه و اله في معراجه .
اما التجلي المتناهي المخلوقاتي فله ثلاثة اشكال حسب خصائص مميزة :
الاول : التجلي الفطري : وهو تجلي اولي و اساسي موجود في كل مخلوق ، يكبر الادراك به كلما تقدم العلم ، كالتجلي في تشكلية الفلك و نجومه و كواكبه ، و كالتجلي في وظائف اعضاء الانسان و خلاياه ، و كالتجلي في المعادلات الرياضية العالية ، و غيرها من الوجودات التجلياتية المتاصلة في الاشياء ، فهذا التجلي ناتج عن خصائص مخلوقية موجودة في المخلوقات ملازمة لها.
الثاني : التجلي المكتسب : وهو الذي تتحصل على عوامله الذات المتجلية بالاكتساب و التطوير ، و يكون بشكلين متميزين :
الشكل الاول : التجلي العرضي : وهو ان تبلغ الذات درجة عالية من الحضور بقصد تحقيق غايات اخرى غير التجلي كالقرب من الله تعالى و طلب رضاه ، فتتجلي الذات المخلصة العارفة  عرضيا دون ان يكون هناك قصد  محوري لذلك التجلي  وهذا ما حصل لتجليات الانبياء عليهم السلام في حياتهم وحالات الاخلاص الكامل في الانسان .
الشكل الثاني : التجلي المقصود : وهو التجلي الفني : بان تعمد الذات الى التجلي و اظهار تجربتها الى الخارج بقصد التجلي و بقصد ظهور التجربة .
فالخلاصة لدينا ثلاث جهات لتقسيم التجلي
االاولى : التتناهي و اللاتناهي
الثانية : الفطرية و الاكتسابية
الثالث : القصدية اي الفنية و العرضية اي اللافنية .



انور غني