الفصل الثاني من الموت





 الفصل الثاني  
عيناي يملؤهما التراب .
 أذناي تخترقها الحضارة الناعسة .
 أكاد لا أعرف كيف يتاح هذا الهواء لرئتي .
*
السيول ما عادت تكفي لتضع حدا لهذا العالم السقيم
 جسده شاحب كعصا لا حراك فيها ،
 ليس هناك سوى زحف جنوني نحو الظلام الرهيب
*
أجل ، لا بدّ من الموت الجديد .
 هكذا أخرج من خاتمي شبحاً للسلام .
 أجلد ظهر المجرّة بالصوت العتيد .
*
الوديان تختنق بالنمل ،
 تنطوي كمائدة للجياع ،
 تتكدّس أجسادهم رملاً رخيصاً ،
يردم شقوق الشيخوخة في وجه الحضارة الغاربة .
*
أجل ، الفشل إرث هذه المجرّة ،
لكي لا يقال أنّ الإنسان لا يعرف شيئاً عن الخلود ،
و لكي لا أدّعي أنّ الحياة قد تقاعدت في موسم البذار ،
 سأخرج بقرة هزيلة تملا الأرض بالنداء ، 
و لا تدع للمكان فرصة للرحيل ،
هكذا تنشطر الكلمة ،
 كنجمة تسبح في النهر .
*
العالم يصغر ،
 عظامه تلتهمها الروائح الكريهة .
كلا الروح إبتسامة للجمال ،
إمّا هذه الحضارة فما هي ألا مدينة للموت .
*
العمر جداول قاسية ،
 تملؤها العصافير بالأغنية ،
تعلم الإنسان الحبّ و الحياة ،
 أنا لا أنكر بهجة المدينة ،
و لا أنسى الوانها الزاهية على زجاج عدستي ،
 لكنّ ما تراه من الدموع ،
يكفي لأن يصمت الإنسان قليلاً .


***********


ومضات ( الموت و الحياة) ، الجزء الاول : الموت : الفصل الثاني 
د انور غني الموسوي
اللوحة من تصميم الفنان والأديب الفلسطيني المبدع يعقوب أحمد يعقوب

*******************

ملخص مقدمة الاستنباط د انور غني الموسوي









ملخص مقدمة الاستنباط
د انور غني الموسوي


1-  camaleo

ملخص مقدمة الاستنباط




أيضا في :

2-     mediafire

ملخص_مقدمة_الاستنباط
3-    4 shared    
ملخص مقدمة الاستنباط

المجاز التعبيري في ( بين بكائين أو أكثر ) لبكر زواهره







د أنور غني الموسوي



المجاز جوهرة الشعر ، حتى أنّ البعض يعرّف الشعر أنّه المجاز العالي . و لا ريب في تأصّل التوظيف في المجاز ، بأن يُعمد إليه لأجل غاية و وظيفة . و يمكن ملاحظة شكالين من التوظيف للمجاز في اللغة الأدبية الابداعية ، الأول المجاز التوصيلي وهو السائد بأن يلجأ الكاتب الى معنى يشترك في إحساسه تجاهه مع المعنى المراد ، وهو سمة اللغة الحكائية ، الثاني المجاز التعبيري وهو مجاز يعطي للمعنى المتشكّل بعداً دلالياً و إضافة ذاتية تتجلّى فيه رؤية الكاتب وهذا أحد شكال التعبيرية كما هو ظاهر .

المجاز التعبيري ينحى الى توظيف دلالي موسع ، يعرّف المعنى من جديد و يقدّمه بصورة متفرّدة الى الحد المحقّق لدلالة إضافيّة و خلق مرجعية نصيّة مبتكرة . فيتجه الفكر و القراءة بفعل ذلك المجاز الى حقول دلالية و مفاهيم تعريفية مغايرة للّبَنَة الأصليّة المعنوية . فيتعامل مع المجاز ليس كمحسّن لفظي و وسيلة توصيلية كما في اللغة الحكائية و حسب ، و إنما يتعامل معه كحالة إبداع و خلق جديد لمجال معنوي مغاير .

من هنا يتبين أنّ الفرق جوهري بين المجاز التعبيري و التوصيلي ، حيث يكون الإستعمال في الأخير في حدود عملية توظيف اللفظ ، بينما يكون في المجاز التعبيري في مجال التعبير بالمعنى عن المعنى فيكون التوظيف للمعنى ايضا و ليس اللفظ فقط . و لغة بكر زواهره تقدّم نموذجاً لتجلّي المجاز التعبيري ، الموسّع للمفاهيم و الإدراكات إضافة الى الشاعريّة المحقّقة .

في قصيدة ( بين بكائين و أكثر) يتمظهر توظيف للمجاز موغل في الرؤية و لا يرضى بالتسليم لما هو معهود من دلالات وفهم ، حيث يقول الشاعر في مقطوعة عالية التقنية و بلغة تتكامل فنيتها و شاعريتها (أنقشُ في وجهِ الريح \دموعي فيهلُ الغيث الساخن \ في عشبي المثقوبِ رمالا \ والريحُ تمشطُ غابات \الأحزان\ بصهيل حصانٍ \ مضمر ) ، هنا ( غيث ساخن ) و لا ريب أنّه ليس مجرّد تحسين لفظي ، و لا حكاية عما هو خارجي ، انما هو بوح من الشاعرو دعوة لكي نرى غيثاً ساخناً ليس غيثاً مطلقا حرّاً إنّما غيث ساخن . و إيضا ( عشبي المثقوب ) ، فهو ليس فقط تحسين لفظي و حكاية عن الخارج بل هو إطلالة للشاعر على ما يراه و ما رأيناه معه ، انّه ليس العشب الذي يدور في خلدنا إنّه عشب مثقوب ، فهو ليس عشباً فقط أو أيّ عشب. و في ( صهيل حصان مضمر ) تجلّي لرؤية الشاعر و دعوته لنا لكي نحسّ معه و نشعر في ضمور صاحب الصهيل .

و في موضع أخر عالي الشعرية و الإيحاء حتى أنّ المفردات و التركيب في توهّجها تصبح وجوهاً و علامات لعوالم دلالية واسعة و عميقة ، حيث (أتيممُ بالجبل الكاظم غيظ الماء \الى قاع الصبر \وناب الجرافة يفتح جمجمة التاريخ بكابوس قاس كخرافة رعب \ لا أخشى البركان هشاشة\ نيران يطفئها الوقت رمادا بارد ) ، فالجبل الكاظم غيض الماء ، تجلّ للتجربة الذاتية و الفهم الذاتي و دعوة للقارئ الى تلك الرؤية ، إنّه ليس جبلاً بمعناه الواسع المطلق ، إنّما هو الجبل الكاظم غيض الماء ، و في نهايته ( رماد بارد ) إنّه توجيه لخطّ الدلالة لكي يسير وفق رؤية ذاتية و الشعور العميق ـ فهو ليس أيّ رماد ،إنّه الرماد البارد . انّ هكذا لغة موجّهة لا تُكتب إلا من العمق و من مواطن الصدق ، و لا تريد الا البوح العميق و المستقل ، إنّ المجاز التعبيري يقدّم لنا مشاعر نقيّة و واضحة لا لبس فيها و يعلّمنا صوراً للأشياء ، الشاعر سيّدها و مبدعها ، المجاز التعبيري واحة خلق و إبداع من جهة الشاعر ، و فرصة فهم أوسع و إبحار أعمق من جهتنا تجاهه و تجاه الأشياء .

ما تقدّم من أمثلة كان من المجاز التعبيري بتركيب النعت المباشر البسيط ، و في النص ّ المجاز الإسنادي الإسمي و الفعلي و جميع مقاطع القصيدة مثال حيّ لذلك و يمكن ملاحظته بأدنى تأمّل . تاركاً لكم متعة تلمّس ذلك البناء الفذّ الجميل في نص ّ ( بين بكائين أو أكثر )

بين بكائين وأكثر
بكر زواهره
---
أنقشُ في وجهِ الريح
دموعي فيهلُ الغيث الساخن
في عشبي المثقوبِ رمالا
والريحُ تمشطُ غابات
الأحزان
بصهيل حصانٍ
مضمر
وطني مزروعٌ في صدري
وأنا مزروعٌ في الاشياء العليا
مخلوقٌ من لحم الزيتون
ومرسومٌ من ملك الأوطان
عيوني من حدق النخل
المصلوب عبادة
فوقوف النخل سجود للاعلى
مأخوذ بالعشق الصوفي
كل الأشياء تغني
حتى الحزن يغني
كي يفقد أوصاف النزف
كأسراب من طيرِ نداء
تغسل شمس الأرض
بقرص مسيرتها المتعب
أتيممُ بالجبل الكاظم غيظ الماء
الى قاع الصبر
وناب الجرافة يفتح جمجمة التاريخ
بكابوس قاس كخرافة رعب
لا أخشى البركان هشاشة
نيران يطفئها الوقت رمادا باردا
جلدي كفنٌ يحمل أشلاء الأعصاب
ونجمٌ يهوي من سقف البيت
قدست الأحجار ولم أكفرْ
وطني أيقونة عشق لا يعرفها
الا الضالع في دين العشاق
----



اللغة العميقة عند إيمان مصاروة



اللغة العميقة عند إيمان مصاروة

د أنور غني الموسوي

الاستجابة الجمالية عمليّة عقليّة ، و كل ّ ما يخالف ذلك من قول يفتقر الى الواقعية ، و في تلك العملية تحصل حالات تنقّل للفكر بين مواطن الإدراك ، و توهّج لعلاقات بينها ، ذلك التوهّج هو مصدر الإبهار و الدّهشة تجاه العمل الفنّي . إنّ في عمق التجربة الإنسانية عالم للمفاهيم و الرؤى ، بقدر الإضاءة التي تحصل فيه تكون الإثارة و الإذعان . و في ذلك الفضاء حقول شعورية و فكرية ، و بإعماق مختلفة بقدر ما يخترق الخطاب العمق ، يكون الإبهار.

اللغة العميقة تحقق إبهارا و دهشة جمالية بنفوذها الى اعماق النفس ، مضيئة مواطن للشعور و الفكر ، و لسنا نريد باللغة العميقة البنية العميقة التوليدية فإنّها من الإبحاث اللغوية التي لا تقدّم حلّا لفكرة الجمال ، و تبقى في إطار الوصفية ، و إنّما نريد بها ما يلامس العمق و ما يثير الأعماق ، تلك البساطة العميقة فينا ، هنا نحاول فهم وجداننا البسيط و عالمنا العميق المتناهي في البساطة المعقدة . ان الإبهار العالي الذي تحققه اللغة العميقة يجعلها أحد اهم ـشكال اللغة القويّة ، التي يتكامل فيها البوح مع الفنية ، فاللغة العميقة تعتمد في قوتها على ما تحدثه من إبهار عميق ، تقدّم لنا أعماقنا جوهرة نقية بكل بساطة و سلالة .

ليست اللغة العميقة لغة قويّة بما تحدثه اللغة من إضاءة للأعماق فحسب تتحقّق لها مساحة تستقي حدودها من حجم الدلالة و حقولها ، وهذا شكل من اشكالها ، و يمكن ان نسميه العمق الدلالي ، و انما ايضا تتجلى قوّة اللغة العميقة بأسلوب يعتمد على الإدهاش بالإنعطاف في منطقية القراءة ، اذ ان لكل كتابة منطقية حين قراءتها ، تميل الى الهدوء ، لكن بالإنعطافات الشديدة تحدث هزّة قراءاتية تنفذ الى العمق ، طارقة إعماق النفس ، محقّقة ذروة صورية و شعورية بارزة ، فتنتهي بشكل يختلف عن الشكل الذي تنتهي به غيرها ، وهذا ما نسميه عمق الصدمة .

شعر الشاعرة الفلسطينية المبدعة إيمان مصارة يشتمل على نموذجين من اللغة العميقة وهو علامة ثراء ، يختلفان في الإسلوب التعبيري و تقنية الاداء ، ما بين القاموس المفرداتي و الايحاء الدلالي المرتكز على المعاني العميقة و تبني القضية و الإنتماء ، فيتلمّس عمق لغتها القوية بإدراك و تتبع ما يضاء بهما من عوالم ، و بين الإسلوبية بإعتماد الإنعطاف الكلامي ، فتتابع قوتها و عمقها بآثار الصدمة و الإدهاش .

في (قدري أنا أيقونةٌ ونداء ) البوح العميق (قدري سبيلٌ هزني \ وهوى على جسدي \
فأدماني السرابْ ) هنا عمق دلالي قاموسي ، فانه القدر الضارب في العمق ، المتحكم بالذات و تشكّلها ، و الذي لا مهرب منه ، فينكشف على يديه السراب ، المؤلم . و وسط جريان هادئ تأتي الإنعطافة أو الذروة ، فنلاحظ ( قدري سبيل هزني وهوى على جسدي) الى هنا الفكر يلاحق الصورة و يتأملها بتناغم و جريان يمسك بحدوده و زمامه ) لكن حينما يأتي المقطع ( فأدماني السراب ) تحدث مثل الهزّة و الصحوة القراءاتية ، انها خاتمة مبكرة لصورة معلنة عاشها القارئ . من أهمّ مميّزات اللغة العميقة الصادمة أنّها لغة تعتمد الضربة و النقرة ، بعبارة ثانية ان المقطع في اللغة العميقة الصادمة يمثل ادبا منفردا مكتفيا بذاته .

و في ذات النص حيث تتلاشى الأماني (كم كنت أحلمُ بالحياة ِ\ كطفلةٍ كتبتْ على الشطآنِ \أمنيةً ولم تدركْ بأن الموجَ \يرقبها ليغتالَ المنى ) انّه و بلا ريب إستحضار و إختصار لتجربتنا العميقة بقاموسية الكتابة و ما وراءها من دلالات ، و لليد الخاطفة للاماني و الاحلام ، انّه العجز المترسّخ في نفوسنا . و كما نرى بوضوح التراكيب و العلاقات تجري و الافكار تنسج و الصورة تتشكل بهدوء و بشكل هامس ، حتى نصل الى الصدمة ( ولم تدرك بأن الموج يرقبها ) الى هنا في الواقع ذروة صورية و تحقيق إدهاش و صدمة بحيث يمكن الاقفال ، الا ان الميل البوحي و الشعور عند الكاتبة بطرق ذروة اخرى بالتعليل ( ليغتال المنى ) هذه ذروة صورية اخرى تضرب عميقا في النفس ، و من الملاحظ محافظة كتابة الشاعرة في الإنعطافات الصادمة على الوحدة المعهودة فلا تصل مرحلة التشظي ، و ربما يرتبط ذلك الى كتابتها الشعر الموزون ، و يبدو ذلك أيضا في التقابلات بين عباراتها و كانّها تنسج أبياتا للقصيدة ، ففي مقطوعة تقترب من الهايكو (تسكبُ السماءُ نـــارَها \على أنفاسِ الفرحِ \\\\\ الكثيرُ من الشهداءِ \ يَصعدونَ إلى اللهِ \\\\\\النّارْ تأكلُ ماتبقّى من \ أشلاءِ الخيمةِ والأجساد ) تقابل واضح بين ثلاثة مقاطع بلغة وامضة مكثفة بدلالات تخترق العمق السماء بنارها و أنفاس الفرح و الشهداء الصاعدون الى السماء ، و النار التي لا تأكل الا الخيمة و الأجساد ، و الذي به تنعطف اللغة محققة صدمة و نفاذا أخر نحو العمق .

و في جوارح لا تغفو (هَمسَ الغيـــابُ بأُذْنهِ مـــازلتَ حيــــاً يافتى \إذ ودعــــوكْ \وتسيرُ فوقَ أكفهمْ \ تسمو كراياتِ إنتصـــارٍ ) مقطع بلغة مكثفة كل مفردة تتعمق في ساحات الدلالة العميقة فالغياب الذي خطف الشهيد ، همس بإذنه ، إنه الهمس العميق للغياب ، بالحياة الحقيقة ، التي تعلو على هذه الحياة ، إنها قدسية الشهادة المتجذّرة في نفوس الثائرين حينما يسير على أكفّ الحاملين ، هو ليس غائبا بل هو راية إنتصار و نبراس للإجيال . هنا إيضا تتجلى القدرة العالية للكاتبة على صناعة الذورة الصورية و طرق اعماق الشعور ، اذ بعد المجازات الشفيفة و الرقيقة و الحنونة ، و جريان التعبير وفق هدوء و اضح ، تعلو اللغة و تنعطف كصوت عال في عبارة (و تسمو كرايات إنتصار ) فتحدث هزّة قراءاتية و ذروة تعبيرية تضرب بالعمق .

و في الحرب و الحب (الحبُ والحربُ \ والبحرُ والأشلاءُ \والحرفُ \الأخيرُ ووجهها \وقنابلُ الضوء الزنيمِ \جحافلُ الغربانِ \ أناتُ الثكلى في خزاعةْ\لستُ غيري \حينَ أكتبُ ما أرى غيرَ الوضاعة )مقطوعة تلخص تأريخا رهيبا من الخسارات ينفذ الى إعماق الشعور ، بحقول دلالاته الحزينة ، و بإنعطافة ملحوظة تتميزّ بها الشاعرة تظهر عبارة ( لست غيري حين أكتب ) ثم ياتي التعليل إذ لا شيء سوى ( الوضاعة ) .

لطالما كان النص مصدر إشعاعا للنظريّة الأدبية و المرتكز الأسمى لبناء تلك النظريّة و تكاملها ، و هنا تقدّم لنا لغة إيمان مصاروة نموذجا للكتابة العميقة بشكلين مختلفين و بثراء بيّن .



ملحمة جلجامش اللوح الثاني

ملحمة جلجامش   
سين ليقي اونيني







ترجمها الى الانجليزية أندرو آر جورج 1999
ترجمها عن الانجليزية الى العربية  د أنور غني الموسوي  2015
النسخة النموذجية لملحمة جلجامش البابلية ( هو الذي رأى العمق)


اللوح الثاني  : ترويض إنكيدو
فتحت شمخات فمها
قائلة لإنكيدو
كلّما أنظر إليك إنكيدو ، أنت مثل إله
لماذا مع البهائم أنت تجوب البريّة ؟
تعال ، سأرشدك على أوروك المدينة المربّعة .
الى المعبد المقدس ، بيت آنو
إنكيدو إنهض دعني آخذك
حيث الرجال المهرة البارعين
و أنت  ، كرجل ، ستجد مكاناً لك بينهم
إستمَعَ لكلماتها ، و وجد كلامها قبولا عنده
نصيحة المرأة طرقت أبواب قلبه
شقّت جزء من ثوبها و ألبسته إيّاه
و لبست هي الجزء الآخر
بيدها أخذته ، و كإله قادته
الى مخيّم الرعاة ، حيث حظائر الغنم
تجمّع الرعاة حوله
و تكلّموا عنه فيما بينهم
هذا الرفيق كم  يشبه جلجامش في بنيته ؟
إنّه طويل القامة ، شامخ كشرفة حصن
بالتأكيد ، فهو إنكيدو ، المولود في البراري
هو في قوّته العظيمة كصخرة من السماء .
قدّموا له خبزا
و قدّموا له شرابا
إنكيدو لم يأكل الخبز ، بل نظر إليه بإستغرب
كيف يؤكل الخبز؟ ، إنكيدو لا يعرف
كيف يُشرب الشراب ؟ ، هو لم ير ذلك من قبل
شمخات فتحت فهما
قائلة لإنكيدو
كل الخبز إنكيدو ، إنّه ضروري للحياة
 و أشرب الشراب إنّها عادة البلاد
إنكيدو أكل الخبز حتى شبع
و شرب الشراب ، سبعة أقداح كاملة
مزاجه تغيّر ، و أخذ يغنّي
إنشرح صدره و تنوّر وجهه
الحلّاق هندم جسده المليء بالشعر
مسحه بالزيت ، فأضحى إنساناً
إرتدى الكساء و صار كالمحارب
أخذ سلاحه ليقاتل الأُسود
في ليلة حينما كان الرعاة نياماً
صرع إنكيدو ذئاباّ و طارد أُسوداً
فهجع الرعاة نائمين مطمئنّين
فراعيهم الفتى البريّ إنكيدو مستيقظ  يحرسهم
أحد الرفاق دُعيَ الى زفاف
انّه ذاهب الى أوروك المسوّرة لإجل  وليمة
إنكيدو كان مبتهجاّ مع شمخات
رفع نظره و أبصر الرجل
فتكلّم اليها
شمخات نادي على الرجل
لماذا أتى الى هنا ؟  دعيني أعرف السبب
شمخات نادت على الرجل
فذهب اليه وكلّمه
علام انت مسرع يا صابحي ؟
وعلام سفرك الشاقّ ؟
الرفيق فتح فاه
قائلا لإنكيدو
لقد دعيت الى وليمة زفاف
إنّ كثيرا من الناس أحجموا عن الزواج
عليّ أن ازوّد قائمة الإحتفال
بأشهى الطعام لأجل مأدبة  الزفاف
لملك أوروك المدينة المربّعة
الحجاب سوف يسدل أوّلاً
سوف يعاشر العروس
هو أوّلاً ثم بعده العريس
بموافقة الآلهة هكذا رسمت الأقدار
منذ قطع حبله السريّ هي كانت مخصّصة له
لما سمع كلماته طاش به الغضب
غادر إنكيدو و شمخات تتبعه
دخل المدينة  ، أوروك ،  المدينة المربّعة
و تجمهر الناس حوله
توقّفَ في الشارع الرئيسي لأوروك ساحة المدينة
الجميع تجمّع حوله ، و أخذوا يتحدّثون بشأنه
في بنيته إنه صورة لجلجامش
لكنّه أقصر قامة و أضخم عظماً
بالتاكيد فإنّه الذي ولد في البراري
حليب الحيوانات  كان غذاؤه
 في أرورك مراسيم خاصّة للأُضحية
الشبّان إبتهجوا ، بظهور بطل
لأجل رفيقهم الذي يستحقّ ذلك بجدارة
  لجلجامش نُصِب ندٌّ
لأجل إله الأعراس أُعدّ الفراش
عند المساء  قدِم جلجامش ليلتقي العذراء
تقدّم إنكيدو ، و وقف  
معترضا طريق جلجامش
إنكيدو بقدمه أغلق باب بيت العرس
مانعا جلجامش من الدخول
أمسك أحدهما بالآخر  عند باب البيت
و في الشارع دخلا في عراك وسط حلقة من الناس
كانت الباب تهتزّ ، و الجدار يتزلزل
جلجامش ثنى ركبته ، و إحدى قدميه ثابتة على الأرض
ذهب عنه الغضب ، و توقّف عن القتال
بعد أن توقّف عن القتال
قال إنكيدو له ، لجلجامش
كرجل أوحد قد ولدتك أمّك
البقرة الوحشية ، الإلهة ننسن
عاليا فوق المحاربين أنت ممجّد
بأن تكون ملكا على الناس ، إنليل جعل ذلك قدراً لك
لماذا انت ترغب بإن تفعل ذلك ؟
دعني ....( هكذا)
البطولة التي لم تصنع ابداً  على وجه الأرض
 عندها قبّل أحدهما الآخر و صار صديقين
* * * * * *
(  جلجامش يقدم انكيدو للامّه ننسن)
هذا الأقوى على الأرض ، ذو بأس شديد
كأنّه في قوته صخرة من السماء
إنّه طويل القامة ،شامخ كأنّه شرفة حصن
والدة جلجامش فتحت فاهها لتتكلم
قائلة لولدها
البقرة البرّية ننسن فتحت فاهها للتتكلم
قائلة لجلجامش
 ((  بني في دربه  ....( هكذا)
بألم أنت .....( هكذا)
أنت تمسك ....(هكذا)
.... في دربه ..... (هكذا)
بألم هو ....( هكذا) ))(1)
إنكيدو ليس له قريب
شعره الكثّ يتدلّى سائبا ........ 
إنّه ولد في البريّة و ليس له أخ
كان إنكيدوا واقفا هناك و سمع ما قالت
فكّر بكلامها ، فجلس يبكي
عيناه فاضتا بالدموع
  ساعداها ضعفتا  و  خارت قواه
فإمسك أحدهما بالآخر  و ....( هكذا)
و تشابكا بالأيدي  ك ....(هكذا)
جلجامش .....( هكذا)
لإنكيدو ، فتكلم بكلمات قائلا
لماذا يا صديقي فاضت عيناك بالدموع ؟
و ساعداك ضعفتا و خارت قواك ؟
قال إنكيدو له  ، لجلجامش
صديقي ، قلبي حزين
أثناء النشيج ساقاي أخدت بالإرتعاش
الذعر دخل فؤادي
*  *   *   *
 فتح جلجامش فاه
قائلا لإنكيدو
المفترس خمبابا
دعنا نقتله ، فلا يبقى له أثر
في غابة الأرز
حيث خمبابا يقطن
دعنا نرهبه في عرينه
إنكيدو فتح فاه
قائلا لجلجامش
أنا أعرفه يا صديقي ، في البراري
حينما كنت اتجوّل هنا و هناك مع القطيع
ستين فرسخا حجم الغابة
من الذي يجرؤ على دخولها ؟
خمبابا ، صوته الطوفان
كلامه اللّهب ، و نفَسه الموت .
لماذا أنت ترغب في فعل ذلك ؟
معركة خاسرة مهاجمة خمبابا
جلجامش فتح فاه
قائلا لإنكيدو
سأتسلق يا صديقي منحدرات الغابة
إنكيدو فتح فاه مخاطبا جلجامش
كيف يمكننا الذهاب الى بيت خمبابا ؟
ليحفاظ على  الأرز
إنليل صنعه ، قدره أن يرهب الرجال
إنّها الرحلة التي   يجب ألّا تفعل
و الشخص الذي يجب عدم النظر اليه
إنّه حامي غابة الأرز ، و إدراكه واسع
خمبابا صوته الطوفان .
كلامه اللهب، و نفَسه الموت
إنّه يسمع حفيف الغابة على بعد ستين فرسخا
من الذي يجرؤ على الدخول الى غابته ؟
أداد يأتي أولا في الرتبة ،  ثم  خمبابا ثانيا
من الذي سيتصدّى له وسط الإيجيجي ؟
ليحفظ غابة الأرز
إنليل قد صنعه ، قدره أن يرهب الرجال
إن أنت اقتحمت غابته فسيتملّكك الذعر
جلجامش فتح فاه قائلا لإنكيدو
لماذا يا صديقي تتكلّم كالضعيف ؟
بكلماتك الضعيفة جعلتني كئيبا
الأنسان ،أيّامه معدودة
 مهما فعل ،فإنّ أفعاله هباء
..... لم يوجد لي ....  ( هكذا)
أنت ولدت و تربّيت في البريّة
حتى الأسود تهابك ، لقد خبرتها
الرجال الشجعان يهربون منك
قلبك محِّص في القتال
هلمّ صديقي نسرع الى  سوق الحدّادين
دعهم يصنعوا لنا فؤوسا
أخذ كل منهما بيد صاحبه و أسرعا الى سوق الحدادة
حيث كان الحدّادون جالسين للتشاور
فسبكوا فؤوساً عظيمة
وزن الواحدة  منها ثلاث وزنات
و سبكوا سيوفاً عظيمة
وزن نصل كلّ منها وزنتان
و نصف وزنة قبضته
و نصف وزنة ذهباً وزن غمده
حمل كلّ من جلجامش و إنكيدو عشر وزنات
أوصد جلجامش بوّابات أوروك ذات المزاليج السبعة 
عقد إجتماعاّ  ، فتجمّع الناس .
في شارع أوروك ، ساحة المدينة .
جلجامش جلس على عرشه
في شارع أوروك ، ساحة المدينة
  كان الناس محتشدين أمام جلجامش
حينها تكلّم جلجامش
أصغوا إليّ يا شيوخ أوروك
سأسلك الدرب الى خمبابا المفترس
أريد أن أرى من يتحدّث عنه الرجال
الإسم الذي تردده البلاد
سأقهره في غابة الأرز
لتعلم الأرض أنّ سليل أوروك هو الأقوى
دعوني أبدأ ذلك ، سأقطع الأرز
و بذلك أصنع الى الابد إسما مخلّداً
بعدها جلجامش تحدّث الى شباب أوروك المسوّرة
إسمعوني يا شباب أوروك المسوّرة
يا شباب أوروك ، يا من تعرفون معنى القتال
مقداما سأقطع المسافات البعيدة نحو بيت خمبابا
سأخوض معركة أجهلها
سأسلك طريقا لا أعرفها
إمنحوني بركاتكم في رحلتي هذه
لعلّي أرى وجوهكم ثانية بأمن
و أعيد فرحة القلب الى دروب أورورك
عند عودتي سنحتفل بالسنة الجديدة مرّتين
سأجعل الإحتفال مرتين في السنة
دعونا نحتفل ، فليبدأ المهرجان
ليكن للطبول دويّ أمام البقرة البريّة ننسن
إنكيدو قدّم نصيحة للشيوخ
و لشبّان أوروك الذين يعرفون معنى النزال :
أُطلبوا منه عدم الذهاب الى غابة الأرز
هذه الرّحلة يجب ألا تكون
إنّه الشخص الذي يجب عدم النظر اليه
إنّه حامي غابة الأرز ، و إدراكه واسع
إنّه خمبابا صوته الطوفان
كلامه اللهب ، و نفَسه الموت
إنّه يسمع حفيف الغابة على بعد ستين فرسخا
من الذي يجرؤ على الدخول الى غابته
أداد يأتي أولا في الرتبة ،  ثم  خمبابا ثانيا
من الذي سيتصدّى له وسط الإجيجي ؟
ليحفظ غابة الأرز
إنليل قد صنعه ، قدره أن يرهب الرجال
إن أنت اقتحمت غابته فسيتملّكك الذعر
قام كبار المستشارين
و قدّموا نصيحة جليلة لجلجامش
أنت شابّ يا جلجامش ، تربّيت وسط الدلال
جميع ما تفوّهت به لا تفقهه
إنّه خمبابا صوته الطوفان .
كلامه اللّهب ، و نفَسه الموت
إنّه يسمع حفيف الغابة على بعد ستين فرسخا
من الذي يجرؤ على الدخول الى غابته ؟
أداد يأتي أولا في الرتبة ،  ثم  خمبابا ثانيا
من الذي سيتصدّى له وسط الإيجيجي ؟
ليحفظ غابة الأرز
إنليل قد صنعه ، قدره أن يرهب الرجال
لمّا سمع جلجامش كلمات كبار المستشارين
  نظر الى إنكيدو ضاحكاً
الآن يا صديقي كم أنا مرعوب !!!
أيجب عليّ بسبب خوفهم  أن أغيّر فكرتي ؟
(   تكملة جواب جلجامش للحكماء ما يقارب عشرين سطرا مفقودة )

إنتهى اللوح الثاني
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&

1     1-      فيها نقص و الظاهر أنّها تنبؤات ننسن

النص الاصلي  
 Epic of Gilgamesh      by Andrew R George          



سير سيرة إبراهيم الخليل عليه السلام



سيرة إبراهيم الخليل عليه السلام




حينما نظر الى الشمس رأى ، و حينما قابل القمر في ساحات الفكر أيضا إستطاع أن يرى ، و حينما وطئت قدماه التراب و الرماد و عظام الراحلين إيضا رأى ، دخل في لهب الجاهلين مطمئنّاً ومتّكلاً ، لقد أثار إّستغراب الملائكة فاستحق أن يكون خليلاً للعليّ القدير .

حينها صنع نورا، و بيديه بنى البيت العتيق ، هناك حيث هاجر تصنع تأريخ الانسان. و إسماعيل يحفر زمزم للقادمين.لقد حطّم حلم الشيطان ،جعله جذاذاً ، من هناك من تلك اللحظة إبليس تعرّى لم يعد قادرا على خداع الانسان .

الكلّ اليوم يعيش في بحبوحة عطائه ، إنّه العظيم الذي أنار للبشرية طريق الحقيقة ، و أحيى شرائع أدم و نوح ، فكان الإمام بحق . انه حافظ الشريعة و حاميها لسانه ما نطق بكذب و عينه لم تتوهّم سرابا ، على الاستقامة عاش و مضى و سيّداً في جنّة الفردوس يكون ، و على نهجه الى يوم القيامة سادة النور و ورثة الكتاب .


مبارك هو في الدنيا و الآخرة ، كثّرَ القدير نسله ، ومن كان الأنبياء و الأوصياء ، و في الآخرة يحشر أمّةً وحده إتّه العظيم ، إبراهيم الخليل .