ولاية الفقيه؛ الاصول القرآنية

  

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله برب العالمين. اللهم صل على محمد واله الطاهرين.

هذه رسالة مختصرة في بيان وجوب ولاية الفقيه الجامع في شؤون الامة في زمن غيبة الوصي عليه السلام. والجامع هنا أي الجامع للامة بتقديم الفقهاء له. ومع ان الامر واضح جدا وفق الفقه التصديقي العارضي المعرفي الا انه يحتاج الى بيان بالنسبة الى الفقه اللفظي التقليدي. وان أكبر مشكلة وقع فيها الفقه هو تحويله الى علم لفظي بأصول فقه لغوية بدل ان يكون علما معرفيا باصول فقه معرفية اي فهم مقاصد النصوص والمرادات الحقيقية منها وفق المعارف الشرعية العامة الثابتة بعرض المعارف على الثابت المعلوم من القران والسنة والاعتبار بتناسقها واتساقها. ان هذا الفهم المعرفي للشريعة ليس فقط يزيل الخلافات بل يقرب كثيرا من المعارف التي يطول النقاش فيها والظن والاحتمال. كما ان أصول الفقه العارضي المعرفية لا تقبل بالظن والاحتمال وانما تعتمد العلم والاطمئنان الذي لا يدخله ظن او شك.   

وهنا اذكر اصولا شرعية قرانيه وسنية تدل على ولاية الفقيه بعضها بالدلالة المباشرة وبعضها بالدلالة الضمنية وفق الفقه اللفظي السائد.

وستعرف ان وجوب ولاية الفقيه العامة لها اربع مقدمات:

الأولى: ان وجوب الحكم بما انزل الله مستمر الى يوم القيامة.

الثانية: ان الحكم في الأصل للنبي او الوصي صلوات الله عليهما.

الثالث: إذا غاب الوصي لم يسقط الوجوب فيقوم به مقامه أحد من الناس.

الرابع: ان من يقوم مقام الوصي في الحكم هو الفقيه العادل المقدم من قبل الفقهاء. وهو الفقيه الجامع.

ورغم ان الامر بحسب الفقه التصديقي المعرفي العارضي واضح جدا، فهو أيضا يكون واضحا ايضا وفق الفقه اللفظي التقليدي ببيان دلالي محصل. وسوف اذكر الايات والروايات التي تدل بوجه او اخر على وجوب ولاية الفقيه بحسب الفقه اللفظي الدلالي الا انني هنا اشير الى اربع ايات هي كالنص في وجوب ولاية الفقيه في غيبة الامام عليه السلام.

قال الله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران/104]

قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ [النساء/135]

قال الله تعالى: وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ.  [الأعراف/181]

قال الله تعالى: أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى؟ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [يونس/35]

من الواضح استيفاء الاية الأولى والثانية للنقاط الثلاث الأولى وبالدلالة التوجيهية تدلان على الرابعة. بينما الايتان الثالثة والرابعة تدلان على النقاط الأربع كلها. فمن الواضح ان عموم هذه الاية واطلاقها اللغوي يخصص معرفيا بالنبي او الوصي صلوات الله عليهما وهو بالتعيين الشخصي النصي، وفي حال غياب الوصي فان تلك الاوامر لا تسقط قطعا ويجب ان تكون ظاهرية أي بمن يقوم بها على الظاهر وليس بشكل غيبي، فلا يكون الا لمن يقوم مقام الوصي وهو صاحب الصفات التي جعلها القران لمن يقدم عنده من العلم والهدى والتقوى. فيكون الاحق بها هو أقرب الناس منه علما وعملا والذي يجتمع عليه الناس وهو الفقيه العالم العادل المقدم من جميع الفقهاء فيقوم مقام الوصي تعيّنيا وينوب عنه في ذلك فيما تدعو اليه الضرورة نفيا للعسر والحرج وتحقيقا لأصول الجماعة ورفع الاختلاف والنزاع واصول اتباع العالم واصول تقديم الاتقى وامتثالا للأمر القرآني في الحكم بما انزل الله. وبهذا يظهر ان وجوب ولاية الفقيه ليس فرضية يستدل عليها او يشرعن لها وانما هي دلالة النصوص القرانية ومضمونها الذي يتضح لكل مطلع بعد شيء من التأمل.

ولا يقال ان هذه الآيات اما اعم متعلقا من الحكم وهو لا يكون للفقيه او اخص خطابا من الفقيه فلا يعمم عليه فيختص بالولي الامام، او أخص متعلقا من الحكم فيشمل أمور محدودة ضيقة كالفتوى او انه أعم خطابا من الفقيه فيقوم بها غيره.  وفيه ان بعضها ظاهر في خلاف ذلك بل هو ظاهر ان المتعلق هو الحكم وان الخطاب هو الشامل للولي من نبي او وصي ومن يقوم مقامه بالصفة. واما  ما كان اعم متعلقا من الحكم فانه لا يعني المساواة بين الولي من نبي او وصي وبين الفقيه فيقتصر فيه على ما يحق للفقيه فقط ومنها الحكم دون غيره من الامور مما ليس من شأن الفقيه تخصصا ويبقى الباقي. واما ما يكون أخص خطابا من الفقيه فانا نحرز كونه من المثال للقيادة والإدارة فيشمل الفقيه وانه من بيان الأصل وهو النبي او ولي الامر الوصي فيشمل الفقيه في حال غيبة الاصل. واما ما كان أخص متعلقا من الحكم فانا نقول انه من المثال لما يتبع التابع فيه المتبوع فيعمم على الحكم والقيادة، واما الاعم خطابا من الفقيه فانا نقول انه من اطلاق الكل وإرادة البعض لإنه معرفيا مختص بالنبي والوصي فلا يصار الى غيرهما الا بدليل وهو مفقود في غير الفقيه النائب للوصي.  وهذا يجري في غير هذه الآيات بل وفي الأصول السنية من الاحاديث.  وفيما يلي مزيد بيان لذلك والله الموفق.

 أصول قرآنية

أصل

قال الله تعالى ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّه [المائدة/48] تعليق: والحكم للنبي هنا بما هو امام وقاض فيعمم لكل امام فيشمل الوصي.

فائدة: الحكم للنبي او ولي الامر الوصي وليس لغيره. ان تعذر حكم الوصي الظاهري لغيبة او نحوه لم يسقط وجوب حكم من يحكم بما انزل الله، اذ لا بد من وجود من يحكم بما انزل الله ظاهر وهو اما النبي او الوصي او – في حال غيبته- ما يقوم مقامه نفيا للتعطيل والعسر، والمتيقن انه الفقيه المقدم من قبل الفقهاء لأصول الشورى ونفي الاختلاف والتنازع فيتعين.

 

محصلة: وجوب حاكم ظاهري بما انزل الله يعني في حال غيبة الحاكم الاصل من نبي او وصي تكون ولاية الحكم الى المتيقن وهو الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه بالحكم بما انزل الله مشروطة بموافقته الكتاب والسنة لانها فرع.

 

أصل

قال الله تعالى ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ  [المائدة/45] تعليق: والعلم بما انزل الله مقدمة الحكم به. وهذا اصل في وجوب الحكم بما انزل الله  من قبل العالم به. 

فائدة: الحكم بما انزل الله العلم به هو للنبي او الوصي وليس لغيره. لكن ان تعذر حكم الوصي الظاهري لغيبة لم يسقط وجوب الحكم بما انزل الله اذ لا بد من وجود من يحكم بما انزل الله ظاهر وهو اما النبي او الوصي او- في حال غيبته-  من يقوم مقامه والمتيقن انه الفقيه المقدم من قبل الفقهاء لأصول الشورى ونفي الاختلاف والتنازع فيتعين.

 محصلة: وجوب عالم ظاهري بحكم الله يعني في حال غيبة العالم الاصل من نبي او وصي تكون ولاية الالعلم والحكم الى المتيقن وهو الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه الحكم بعلم الحكم مشروطة بموافقته الكتاب والسنة لانها فرع.

 

أصل

قال الله تعالى ( وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ  [النساء/58] تعليق: وهذا اصل في اشتراط العدل في الحكم والحاكم.

فائدة: الأصل في الحكم بالعدل هو للنبي او الوصي وليس لغيره. لكن ان تعذر حكم الوصي لغيبة لم يسقط وجوب الحكم بالعدل،  اذ لا بد من وجود من يحكم بالعدل ظاهر وهو اما النبي او الوصي او – في حال غيبته- من يقوم مقامه والمتيقن انه الفقيه المقدم من قبل الفقهاء لأصول الشورى ونفي الاختلاف والتنازع فيتعين.  

محصلة: وجوب عادل ظاهري بما انزل الله يعني في حال غيبة العادل الاصل من نبي او وصي تكون ولاية الحكم بالعدل الى المتيقن وهو الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه الحكم بالعدل مشروطة بموافقته الكتاب والسنة لانها فرع.

 

 

أصل

قال الله تعالى ( وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ [النور/48] تعليق: وهذا نص ان الحكم لله ورسوله وهو من المثال للامام الحكام فيعمم على كل امام ومنه الوصي.

فائدة: الاية نص ان الحكم للنبي،  او بالمثال لولي الامر الوصي وليس لغيره. لكن لو تعذر حكم الوصي لغيبة او نحوه لم يسقط وجوب الحكم بامر الله  الظاهري لاصل نفي التعطيل،اذ لا بد من وجود من يحكم  بامر الله  ظاهر وهو اما النبي او الوصي او – في حال غيبته- من يقوم مقامه والمتيقن انه الفقيه العالم العدل المقدم من قبل الفقهاء لأصول الشورى ونفي الاختلاف والتنازع فيتعين.

محصلة: وجوب الحكم الظاهري بامر الله يعني في حال غيبة الحاكم بالاصل بامر الله من نبي او وصي تكون ولاية الحكم بامر الله اي الفقيه الجامع لاصل نفي العسر. لكن ولاية الفقيه بالحكم بامر الله مشروطة بموافقة الكتاب والسنة لانها فرع.

 

اشارة: هذه الاية نص ان الحكم لله ولا يكون الا بامر الله تعالى فلا بد من احرازه وهو مفقود في غير النبي او الوصي وفي حال غيبته يكون المتيقن انه لمن قاربه في الصفة. ولا يعترض ان الملك والحكم اعطاه الله تعالى لغيرهم فان ذلك اتيان بالمشيئة وهنا نتكلم اتيان الملك بالرضا.

 

أصل

قال الله تعالى ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء/83] تعليق: وهذا الرد رد الجماعة الى الامام، فهو رد امامة وهداية.

فائدة: لا يجوز رد الحوادث لغير النبي او ولي الامر الخليفة الوصي.  فان تعذر او تعسر ذلك لم يسقط وجوب الرد، اذ لا بد من وجود من ترد الامة اليه الامور ظاهر وهو اما النبي او الوصي او- في حال غيبته- من يقوم مقامه والمتيقن انه الفقيه المقدم من قبل الفقهاء لأصول الشورى ونفي الاختلاف والتنازع فيتعين.

محصلة: وجوب الرد الظاهري الى الولي يعني في حال غيبة الولي الاصل من نبي او وصي تكون ولاية الرد الى الفقيه العالم العدل لاصل نفي العسر. لكن ولاية الفقيه على الرد اليه مشروطة بموافقة الكتاب والسنة لانها فرع.

 

 

أصل

قال الله تعالى ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ  [السجدة/24]

 

فائدة: الاية نص ان الهداية بامر الله وانها للائمة من الله وهم الانبياء وهو مثال فيشمل الاوصياء. لكن لو تعذر حكم الوصي لغيبة او نحوه لم يسقط وجوب الهداية بامر الله  الظاهري لاصل نفي التعطيل،اذ لا بد من وجود من يهدي  بامر الله  ظاهر وهو اما النبي او الوصي او – في حال غيبته- من يقوم مقامه والمتيقن انه الفقيه العالم العدل المقدم من قبل الفقهاء لأصول الشورى ونفي الاختلاف والتنازع فيتعين.

محصلة: وجوب الهداية الظاهرية بامر الله يعني في حال غيبة الهادي الاصل بامر الله من نبي او وصي تكون ولاية الهداية للفرع بامر الله تعالى اي الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه وهدايته مشروطة بموافقة الكتاب والسنة لانها فرع.

 

 

أصل

قال الله تعالى (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ؟ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ. أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمْ مَنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى؟ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [يونس/35]

فائدة: الاصل في الهادي انه نبي او وصي نبي فان تعذر او تعسر لم يسقط الاهتداء بهاد فيجري هنا أصول عدم العسر واتباع العالم واصل الجماعة. بل يمكن القول ان هذه الاية اصل صريح في المصير الى العالم عند فقدان النبي والوصي،  اذ لا بد من وجود من تهتدي الامة به ظاهر وهو اما النبي او الوصي او ما يقوم مقامه والمتيقن انه الفقيه المقدم من قبل الفقهاء لأصول الشورى ونفي الاختلاف والتنازع فيتعين.

محصلة: وجوب الاهتداء الظاهري بهاد يعني في حال غيبة الهادي الاصل من نبي او وصي تكون ولاية الهداية الى الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه وهدايته مشروطة بموافقة الكتاب والسنة لانها فرع.

 

إشارة: هذه الآية كالنص في ولاية الفقيه فان اتباع الهادي ولاية.

 

أصل

قال الله تعالى ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [الأحزاب/6] تعليق : قد يعتقد ان الاية من مختصات النبي لكنها في الواقع بما هو امام الهي فتشمل الوصي.  واليه ترشد نصوص الرد والطاعة لولي الامر.

فائدة: لا ولاية لاحد على الجماعة المؤمنة غير النبي والوصي وهي ولاية امامة بالطاعة والاهتداء والتقديم والاولوية، وهي من ولاية الله. والاية نص في ان الولي لا يكون الا من الله تعالى. لكن في حال غيبته لا تسقط الولاية  اذ لا بد من ولي للجماعة فان فقد النبي او الوصي لم تسقط ولاية الجماعة فيقوم مقامه – اضطرارا- أقربهم في الخصال والذي يجتمع عليه وهو الفقيه المقدم من قبل الفقهاء. لكن ولاية الفقيه مشروطة بموافقة الكتاب والسنة لانها فرع ، كما انها اضطرارية نفيا للعسر والحرج، ورفعا للاختلاف والتنازع ومصلحة العامة. فاذا اقتضت مصلحة العامة تدخل الفقيه الجامع وجب تدخله.

وان تبين ان من ولاية النبي في الآية ولايته على الامة كولي ظاهر يكون واضحا وصريحا ولاية الفقيه المقدم وقيادته للامة.  لكن ولاية الفقيه مشروطة بموافقة الكتاب والسنة لانها فرع.

محصلة: وجوب ولي ظاهر يعني في حال غيبة الولي الاصل من نبي او وصي تكون الولاية الى المتيقن وهو الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه مشروطة بموافقة الكتاب والسنة لانها فرع.

أصل

قال الله تعالى ( وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ.  [الأعراف/181] ت وهذا خبر بمعنى الامر والأصل فيها النبي والوصي.

 اشارة: الكلام هنا كالكلام في الايتين المتقدمتين من وجوب الهداية والعدل. في قوله تعالى (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ  [السجدة/24]  وقوله تعالى (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ  [النساء/58].

اشارة: فالاطلاق الظاهر هنا هو مقيد في الواقع المحكم بانه بامر الله تعالى فلا يكون الا للنبي او الوصي او المتيقن في غيبته وهو الفقيه.

 

أصل

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا [البقرة/104] تعليق: أي سمع طاعة. والاية في النبي صلى الله عليه واله الا انها ظاهرة في انها فيه كامام فتعمم في كل امام فتشمل الوصي ولي الامر.

فائدة: لا سمع ولا طاعة لاحد من الخلق غير النبي او ولي الامر الوصي صلوات الله عليهما. لكن هذا السمع والطاعة ظاهري فلا يسقط بغياب الوصي فلا بد من قائم يقوم مقام الوصي ينوب عنه في السمع المقيد وليس المطلق.  فيكون على الناس السمع والطاعة لنائب الامام مشروطا بانه يحكم بالقران والسنة كما ان السمع له ليس لشخصه بل لانه يطبق القران والسنة فالسمع حقيقة للنبي والوصي. وليس لغيره ذلك لانه المتيقن من جهة مقاربة علمه وعدالته لعلم الامامة وعدالته ولأنه مجتمع عليه بتقديمه. فمقاربة الفقيه النائب للامامة في خلقه واجتماع الامة عليه تعطيه خاصية لا تعطى لغيره من الفقهاء ولا غيرهم من الناس مهما كانوا.

 فائدة: لا بد من وجود من تسمع الامة له ظاهر وهو اما النبي او الوصي او –في حال غيبته – من  يقوم مقامه والمتيقن انه الفقيه المقدم من قبل الفقهاء  لأصول الشورى ونفي الاختلاف والتنازع فيتعين.

محصلة: وجوب وجود من يسمع له يعني في حال غيبة الولي الاصل من نبي او وصي تكون الولاية الى المتيقن وهو الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه على السمع له مشروط بموافقته الكتاب والسنة لانها فرع.

 

أصل

قال الله تعالى (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ [النساء/59] ت: أي  فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ (واولي الامر ولم يذكر للاهتمام والارتكاز والتفرع منهما). قال تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ. وذكر الله هنا لبيان الأصل وتعظيم، فالمراد الرد الى الرسول نفسه. والكلام هنا كالكلام في الاية الثانية من الرد.

أصل

قال الله تعالى ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ [الرعد/7] ت الهادي هو الله ومنه يكون هداة للناس بامره.

فائدة: الهداية بامر الله للنبي او ولي الامر الوصي وليس لغيره. ان تعذر الهداية بالوصي لغيبة او نحوه لم يسقط وجوب االهداية بامر الله  ظاهريا، فتجري أصول نفي الحرج واتباع العلم والجماعة فيتعين الهداية لنائب الامامة الفقيه الجامع المقدم من قبل الفقهاء.

 محصلة: وجوب هاد ظاهري يعني في حال غيبة الهادي الاصل من نبي او وصي تكون الولاية الى المتيقن وهو الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه وهدايته مشروط بموافقته الكتاب والسنة لانها فرع.

 

أصل

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ  [النساء/135] تعليق: القيام بالقسط ولاية توجب الطاعة فيكون الاطلاق الظاهري في محكمه مقيد بانه بامر الله تعالى.

فائدة:  الأصل في القيام بالقسط في الناس والأمة  للنبي او الوصي فان غاب قام به اقرب الناس منه علما وعملا وهو الفقيه المقدم.

محصلة: وجوب قائم ظاهري يعني في حال غيبة القائم الاصل من نبي او وصي تكون ولاية القيام الى المتيقن وهو الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه بالقيام مشروطة بموافقته الكتاب والسنة لانها فرع.

إشارة: هذه الآية كالنص في ولاية الفقيه على القيام.

 

أصل

قال الله تعالى ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران/104]  تعليق: الدعوة الى الخير اي دين الله ولاية توجب الطاعة فيكون الاطلاق الظاهري في محكمه مقيد بانه بامر الله تعالى.

فائدة:  الأصل في الدعوة الى الخير اي دين الله هو للنبي او الوصي فان غاب قام به اقرب الناس منه علما وعملا وهو الفقيه المقدم.

محصلة: وجوب داع ظاهري لدين الله يعني في حال غيبة الداعي الاصل من نبي او وصي تكون ولاية الدعوة الى المتيقن وهو الفقيه الجامع لاصل نفي العسر ونفي التعطيل. لكن ولاية الفقيه بالدعوة مشروطة بموافقته الكتاب والسنة لانها فرع.

إشارة: هذه الآية كالنص في ولاية الفقيه فان الاتباع ولاية.

اشارة

بعد وضوح وجوب ولاية الفقيه بالفقه التصديقي العارضي الذي اتبناه وانها مما يقتضيه أصول الشريعة الإسلامية وآيات القران، وكذلك ظهورها  بالفقه اللفظي الدلالي التقليدي، فانني صرت لا اقطع بان المنكرين للولاية العامة للفقيه وحقه بالحكم في زمن الغيبة قالوا بذلك لقصور الأدلة في نظرهم، بل ربما لاسباب أخرى تمنع من القول بالوجوب لظروف داخلية وخارجية في البلدان الإسلامية، كما انها لا تلزم فقط على من يقول بالوصي عليه السلام بل هي اوجب على من لا يقول به.

ومن هنا فانا لا أرى وجها لمن يرى ان ولاية الفقيه لا تجب كحكم أصلي اولي في الشريعة، نعم ان اعتقد بوجود عنوان ثانوي يمنع له ان يقول بالمنع، لكن لا يقال ان ذلك المنع لقصور الأدلة بل ينبغي ان يقال ان الحكم هو الوجوب لكن بعنوان ثانوي لا نقول بالوجوب. وان يقيني بولاية الفقيه العامة كيقيني بيدي هذه وعلى الناس ان ابتغوا مرضاة الله تعالى ان يمكنوا الفقهاء من الحكم. ولله صرت اخشى ان الله تعالى يرمينا بحجارة من السماء بسبب رجال الدين الذين يعترضون على ولاية الفقهاء اقامة الحكومة الدينية برئاسة الفقهاء، ولا حول ولا قوة الا بالله.