فقه الحكم السادس
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب
العالمين. اللهم صل على محمد واله الطاهرين. ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين.
هذه رسالة في الحكم الاعم من الالزامي
وغير الالزامي وفي المعرفة الاعم من الاعتقادات والشرائع. فهذا الكتاب يبحث
مسألتين:
الأولى: اثبات الحكم السادس (الاعم من
الالزام وعدم الالزام).
الثانية: الوظيفة تجاه الحكم السادس (الاعم
من الالزام وعدم الالزام).
وخاتمة في البحث الشامل لكل موضوع
ديني ببحث اعم من الاعتقادات العلمية والشرائع العملية.
تمهيد
من المعلوم والمشهور ان الأوامر والنواهي
في الشريعة تنقسم الى الأقسام الخمسة من وجوب وحرمة وكراهة واستحباب واباحة، وبشكل
اعم تنقسم الى الالزام وعدم الالزام. كما ان المعارف الشريعة تقسم بشكل عام الى
علم واعتقاد والى عمل وشريعة. لكن من خلال بحثي في العبارات القرانية والأحاديث فإنني
لم أجد هذا التمييز واضحا، وان هذه التصنيفات هي تصنيفات فقهائية أكثر من كونها
نصية. والذي يظهر واضحا لكل متتبع ان الاحكام القرانية والسنية هي احكام مطلقة من
حيث الالزام وعدمه ومن حيث الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والاباحة الا ما
جاء بنص كلمة التحريم والوجوب وهو عبارة (كتب). وكذلك ليس واضحا تصنيف المعارف
الدينية الى اعتقادات وشرائع والى علم وعمل ولقد واجهت صعوبة كبيرة في تبويب كثير
من الآيات والأحاديث على انه اعتقادات فقط او شرائع فقط، بل الحقيقة ان معظم
العبارات القرانية والسنية هي اعتقادات وشرائع وعلم وعمل في وقت واحد.
فهذا الكتاب يبحث مسألتين اصوليتين
لكن هنا يتعامل معهما بانهما مسالتان فقهيتان وهما:
الأولى: اثبات الحكم السادس (الاعم من
الالزام وعدم الالزام).
الثانية: الوظيفة تجاه الحكم السادس
(الاعم من الالزام وعدم الالزام).
واما تقسيم المعارف الدينية الى اعتقادات
علمية وشرائع عملية فان عدم تمييز العبارات القرانية والسنية والحديثية بينهما أوضح
من مسالة التمييز بين الالزامي وغير الالزامي من الامر والنهي كما ان الامر سهل
فيهما اذ يمكن استفادة الافادتين منهما بلا تعارض، لكن هنا في هذا الكتاب نبين انه
لا حاجة للتمييز وانه يمكن طرح واستفادة معرفة واحدة من تلك العبارة وهي المعارف الدينية الاعم من العلم والعمل
والاعتقادات والشرائع، بل الذي يظهر للمتتبع انه التمييز واقعا ليس له واقع، بل كل
معرفة دينية هي اعتقاد وشريعة في الوقت نفسه وهي علم وعمل في وقت واحد، وهذا يدعو
الى إعادة النظر في التبويب والتصنيف للأبواب العلمية والأبحاث الدينية ويكون
التبويب حسب الموضوعات بتناول كل موضوع من جهة العلم والاعتقادات ومن جهة العمل
والشرائع. فمثلا كتاب التوحيد لا يكون خالصا للاعتقادات بل يكون عنوانه هكذا (اعتقادات
التوحيد وشرائعه او علم التوحيد واعماله) وهكذا في كتاب الصلاة، فلا تكون الصلاة
خالصة للشرائع والعمل بل يكون عنوانها هكذا (اعتقادات الصلاة وشرائعا او علم
الصلاة واعمالها).
انا أقول بصراحة ان هذا الكلام الصريح والواضح والشامل في هذا الموضوع وهو فقهية الحكم السادس الاعم من الالزام وعدم الالزام والتبويب الديني للموضوعات بما يشمل بحث الاعتقادات والشرائع والعلم والعمل لكل موضوع ديني انما هو جديد بهذا البيان والتفصيل والا فان كثيرا من كلمات الأصوليين والمفسرين بل والفقهاء فيها نوع إشارة الى هذا الامر لكن انا هنا بينته بشكل صريح وواضح وبتفصيل. والله المسدد.