الفصل الثاني من الموت





 الفصل الثاني  
عيناي يملؤهما التراب .
 أذناي تخترقها الحضارة الناعسة .
 أكاد لا أعرف كيف يتاح هذا الهواء لرئتي .
*
السيول ما عادت تكفي لتضع حدا لهذا العالم السقيم
 جسده شاحب كعصا لا حراك فيها ،
 ليس هناك سوى زحف جنوني نحو الظلام الرهيب
*
أجل ، لا بدّ من الموت الجديد .
 هكذا أخرج من خاتمي شبحاً للسلام .
 أجلد ظهر المجرّة بالصوت العتيد .
*
الوديان تختنق بالنمل ،
 تنطوي كمائدة للجياع ،
 تتكدّس أجسادهم رملاً رخيصاً ،
يردم شقوق الشيخوخة في وجه الحضارة الغاربة .
*
أجل ، الفشل إرث هذه المجرّة ،
لكي لا يقال أنّ الإنسان لا يعرف شيئاً عن الخلود ،
و لكي لا أدّعي أنّ الحياة قد تقاعدت في موسم البذار ،
 سأخرج بقرة هزيلة تملا الأرض بالنداء ، 
و لا تدع للمكان فرصة للرحيل ،
هكذا تنشطر الكلمة ،
 كنجمة تسبح في النهر .
*
العالم يصغر ،
 عظامه تلتهمها الروائح الكريهة .
كلا الروح إبتسامة للجمال ،
إمّا هذه الحضارة فما هي ألا مدينة للموت .
*
العمر جداول قاسية ،
 تملؤها العصافير بالأغنية ،
تعلم الإنسان الحبّ و الحياة ،
 أنا لا أنكر بهجة المدينة ،
و لا أنسى الوانها الزاهية على زجاج عدستي ،
 لكنّ ما تراه من الدموع ،
يكفي لأن يصمت الإنسان قليلاً .


***********


ومضات ( الموت و الحياة) ، الجزء الاول : الموت : الفصل الثاني 
د انور غني الموسوي
اللوحة من تصميم الفنان والأديب الفلسطيني المبدع يعقوب أحمد يعقوب

*******************