علم الروح و الاسلوبية العامة .








للاشياء في ادراكاتنا مستويان المستوى التكويني الخارجي و المستوى الذهني . من المستوى الخارجي التكويني الوجود الجسماني   و من المستوى الذهني الوجود  الاعتباري ( المعنوي اللغوي) للاشياء ، وهناك وجود اخر تكويني خارجي  هو الوجود الروحي  ( الشعوري)  . 
ان لاشياء اسلوب في ترتبها و التكوينية لا تعارض تلك الاسلوبية  بل الكيانا الواعية يمكنها امتلاك الاختيار في التكوينيات . الاشياء حولنا تترتب في الخارج  باجسامها  وهذا هو الترتيب الخارجي  الجسماني و تترتب في ذهننا   بمعانيها وهذا هو الترتيب اللغوي الاعتباري  ، وهناك ترتيب اخر لها هو الترتيب الروحي العاطفي و حسب انفعالنا بها وهذا هو الترتيب الروحي  الجمالي .
من جهة المعرفة باسلوب انتظام و لا انتظام الاشياء فان العلاقات المنطقية بين الاشياء في جميع مستوياتها هي ايقاع و تناسق  ، و اما العلاقة الانزياحية اللامنطقية  فلها تسميات . فاذا حصلت العلاقة الانزياحية اللامنطقية  في التكوينيات  فانه يسمى معجزة ان كان حقيقيا  او سحرا ان كان وهما ، وعلى مستوى الذهن ان كان على مستوى الكلام و الكتابة سمي مجازا و ان كان على مستوى التصور و التفكير سمي خيالا ان كان متعمدا و الا فهو ضلال .
 و بخصوص اسلوب انتظام  و سلوك الكيانات و المدركات الروحية و الجمالية  ف هناك حقيقتان بخصوص اسلوب انتظام المدركات الروحية و منها الجمالية الاولى انا قد اشرنا  ان الكيانات الروحية  و الانفعال بها خارجي  تكويني كما هو الجسماني  الا انه ليس زمكانيا و لا جسمانيا فهو تكويني واقعي خارجي لا جسماني  ، و لذلك فالانزياح فيها ليس اعتباريا كما في اللغة بل تكوينيا بمعنى انه يسلك سلوك  الجسمانية ، و كما ان هناك معجزة جسمانية فهناك معجزة روحية  بان يتحول الشعور بالمؤلم الى لذة من دون تغير المؤثر ،  و كما ان هناك وهما جسمانيا  فهناك وهما روحيا هو الشعور بلذة في المؤلم وهمية هو السحر في الشعور . و الحقيقة الثانية محدودية كيانات الانفعال بالجمال كما و نوعا  فان الادراك الروحي بالاشياء الروحانية و منها الجمالية  محدود من جهة الكيف بمحدودية الكيانات العاطفية و الشعوري  رغم لامحدودية الكيانات الروحانية و الجمالية المؤثرة في الروح .  كما ان الادراك الروحي   محدود من حيث الكم ، فان هناك مستويات من  المدركات الروحانيات  عالية يعجز الانسان عادة ان يدركها و  تحتاج الى استعدادات عالية لادراكها ، فعالمنا هذا مليء بالمعطيات الروحانية  التي نعجز عن ادراكها الا بعد ان نمتلك استعدادا لذلك .  اضافة الى   ان الاستجابة الروحية و ان كانت تصنف الى تصنيفات شعورية و عاطفية واسعة و محدودة الا ان لها درجات كمية و كيفية يمكن من تمييزها الا انه ليس شيئا  متيسرا لكل احد ، فهذا التمييز الدقيق  مفقود عند اغلب الناس ، بل ما يحصل من تمييزات  انما هو عند وجود الفارق  الشعوري و المؤثر اروحي الكبير ، و هذا بخلاف التمييز الجسماني او التمييز المعنوي اللغوي الذي تتميز الاشياء في ذلك  عند اغلب الناس بابسط زيادة او نقص .
بمعنى اخرى ان تربيتنا الروحية بدائية   بخلاف تربيتنا الجسمانية و اللغوية  فانها متطورة  ، و لذلك نجد الادراك بالخارج حتى بخصوص الروحانيات من غيبيات و جماليات يعتمد على الادارك الجسماني و اللغوي  اكثر منه من الادراك الروحي ، ليس لان الاشياء لا تتمايز روحيا بل لان خبرتنا الروحية ضعيفة  . لذلك لا بد ان يكون هناك بحث واضح و جدي في علم الروح  و الجمال يبحث الكم و الكيف الروحي و الجمالي و بدقة عالية و تربية الناس عليها من خلال التجربة لكي تتطور الخبرة الروحية و العاطفية و الجمالية ، و نخرج من خانة الانطباعية الى خانة المعرفة الروحية ، و كما يكون لدينا علم بمادية الاشياء و تأثيرها علينا كاجسام  و كما ان لدينا علما باللغة و المعاني و المدركات الاعتبارية الذهنية  يكون لدينا علم بالكيانات الروحية و الجمالية .  و لا بد ان يكون لدينا معرفة واضحة و دقيقة و تفصيلية بالروحانيات و العاطفيات و الجماليات كما هي خبرتنا و معرفتنا بالاجسام و الخارجيات  و الذهنيات الاعتبارية . وهناك اشارات بل حقائق تشير الى ان التكامل الروحي و الجمالي  للانسان سيحصل في الاخرة حيث اللذة الكبرى لاهل الجنة و الالم الاكبر لاهل النار ، و انه يمكن ان تحصل تجارب متفاوتة بهذا المستوى في الدنيا ، وهذا يمكن تفسيره بتكامل الخبرة الروحية لدى اهل الاخرى .
ان هذا الكلام يعني و بالضبط التوسع في الاسلوبية ليس فقط للتجاوز اللغة  فتشمل الخارجيات و اسلوب انتظامها و انزياحيها و كيفية تحقيق عملية الاختيار فيها ، فانه يتجاوز ذلك الى الاسلوبيات الروحية بادراك نظام انتظامها و منطقياتها و نظم الاختيار فيها و نظم الانزياح فيها . و اذا ما تحقق العلم العام بتلك الاسلوبيات فانه سيكون ممكنا التوصل الى الطرق التي يكون للانسان سلطان على التكوينيات الروحية كما هو الان لديه سلطان على التكوينات الجسمانية بالعلم المادي و لديه سلطان على الاعتباريات الذهنية بالعلوم العقلية و . و ان العلم الروحي هو ارقى و اعقد و اصعب من العلم المادي حيث يقول تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ) فالله تعالى يقرر ان للروح علم ، و هل العلم الا المعرفة باسلوب الوجود و الانتظام و عدم الانتظام .