( الظلام)
( قصّة
الحضارة ) بقلم ويل ديورانت
( قصّة الخراب
) بقلم أنور غني
متى تحيا ، و
تخرج من معرفتك العظيمة ؟
عسى أن تتنفّس
شيئا من الضوء
لتشاركني
البكاء على الحياة
أما زلت في صقيعك
المقيم ؟
مدجّجا بحكاياتك
الأولى
الا ترغب يوما
في البكاء معي على العراق ؟
خمسون عاما و النخلة
تستباح
و عيون الدعاة
صمّاء متلذذة .
ليتك تخطئ يوما ، و
تتخلَّى عن معارفك الخالدة و تتلمّس عبق النور
لعلّك ترى شيئا
مما أضاعه الزمن الأعمى
*
كنتُ طفلاً
حينما سرق
الظلام بهجة المساء
في الصبح نحر
الشمس
وعند الظهيرة
هدّم روح الكون
و في الغروب
جلس فوق التلّ يستريح بعد أن أنهى مهمّته الباسلة
كان جدّي يعلمنا
الضوء
يبحث عن فتات
النور في الزوايا و المخابئ
كم قد رأيت أرواح القمح تسحقها الأيدي العابثة
كلّ شيء كان جرماً حتى الحلم .
خوف مقدام سلب
بغداد روحها
و أنت لا زلت -
الى الآن - ذلك العارف الخطير ، تسطّر الأمجاد
.
*
ثم بأيديهم الكبيرة أسقطوا نخلتي ، لقد هشّموا
صدرها ، و أداروا ساعة الزمن ألف عام
أرامل و أيتام و عويل طويل
سنين من الحرب
و النزيف
و خلف الأسوار،
هناك ، صوت لا قلب له
كأنّنا قتلنا آلهته
الحبيبة
لطالما بحثنا
عن فمٍ ، عن كلمة
( الرحمة بهذا
الشعب ،
كفى هذا
الصقيع الأحمر )
لا أحد أبدا
، الكلّ يتلذذ .
*
ثم كانت الحماقات العظيمة
تشريد مدن
البحر
لا تجد أحدا
يدفع الثمن سوى أرواحنا المتعبة .
سنين من القحط
أجساد خاوية
تمشي في الشوارع
كل شيء تلاشى
، لا خبز لا أغنية
حصار ينهش
عظمنا
و العالم الأعمى
يلبس نظاراته البرّاقة و يتبجّح بالعدالة و الحكمة
*
ثم حلّت أيدي
الغرباء
بإسم الحريّة
و الربيع الباسم
تحصد ما تبقى
من سنابل القمح
و كانت قصّة
أمل و نداء
( يرحلون و
نبقى ).
*
قدرنا أنّنا
نخلة
وأنّنا عراق
ذلك الجريح المقدّس
ليس لشيء ، سوى
أنّه سيّد و رسّام قدير
*
بعدها ، أقحموا
الدمى تعبث في المكان
أصوت تتعالى ،
أقاليم مشرقة و إنفصالات زاهرة ، و
تقسيمات لجسد الكعكة الحبيبة
وسط أنين مقيم
و ركام من الجرحات و العمى
*
ثم كانت آلة
الموت
مفخّخات أطربت مخيّلة الجالسين في الظلّ ،تغتال الطفل و الزهرة اليافعة
و بدأ الفصل
الكبير
بإسم السماء ،
و الخروج عن الشريعة
نُذبَح
كالخراف ، و العيون تتلذّذ ،و تصفّق
كنتَ تظنّ أنّك
بعيد
لكنّهم اليوم
في دارك ، و كما ترى يحطّمون الأمل و الأغنية
و يسرقون
وجودك كلّه
أخبرني
متى تحيا ، و تخرج من معرفتك العظيمة ؟
عسى أن تتنفّس
شيئا من الضوء
لتشاركني
البكاء على الحياة .
ليتكَ تخطئُ
يوماً و تشاركني البكاءَ على الحياة .
***************
أنور غني الموسوي
6 \ 3 \ 2015