الى سيّد الصبر الامام الظاهر الذي لا تراه القلوب الشاحبة .
شعبان شهر المطر ، من كفيّه يفيض الضوء فيغسل وجه الزمن المرّ ، أنّ ها هنا خلاص بطعم الخلود . و ها هنا شعبان بلون الأنهار النقيّة ، نبحر إليك فيه ، و الريح مركبنا الرفيع ، و هذه أحزاننا المتساقطة من جبال الثلج ، نعلم أنّها أمام ناظريك . إنّنا نشعر بقلبك الحزين ، و رغم الجراح و رغم الغدر و رغم القتل ، فإننا نلتقي هنا في باحتك الحنونة ، هنا في شعبان نلتقي بلا دموع .
يا سيّد النور ، عجبت لقلبك كيف يتحمّل السنين ، و الوجوه الجاحدة . عجبت لصبرك كيف يوغل في قلب الألم و يستخرج شرابا طيّبا للعاشقين .
ألا يكفينا أنّك تنظر إلينا بعينك الحنونة و قلبك المعتصر ألما ، ألا يكفينا أنّنا نشعر بأنفاسك بيننا ، تداري الطفل و الشيخ و الغريب . هذه الأسفار و الطرقات و البعيدون عن أهلهم ، كلها تحدثّنا عنك ، و نحن نعلم أنك رفيق ودود .
إنّني حينما أتحدث عنك أشعر بالزهو ، فالأمل الذي يفيض به ذكرك شيء مختلف ، و الحلم الذي يحمله أسمك شيء مختلف ، و العلم الذي ندركه فيك شيء مختلف ، و الصبر الذي رأيناه فيك شيء مختلف .
عجبا لكل هذا الظهور ، و القلوب الشاحبة لا تراك ، و عجبا لكل هذا الحضور و الاماكن الباردة تفتقدك ، لقد امتلأنا بوجودك حدّ الذهول ، و صار الشوق يبكينا لشدّة قربك ، إنّك المتفرّد أيّها الظاهر النقي . الحاضر الذي نذوب شوقا اليه .
سأقف هناك ، فوق التلّ أردّد أناشيد الصبر ، و الشوق ، و أنادي على الايام ، الا تعالي تعلّمي من رجل الصبر ، ممن يحجزه الرفق من البوح و يمنعه الحبّ من القرب ، تعالي تعلّمي أيتها البشرية الضائعة كيف يكون الصبر و الاشتياق .
سأقف هناك كشجرة تحاكي الريح ، و تناغم الشمس ، و تعلم الغيوم كيف يكون لون الحقيقة ، و تعلّم هذا العالم الأعمى و القلوب المغبرة ، كيف يكون صوت الطمأنينة الباسمة .
سأقف هنا في شعبان و سط القلوب الملهوف أردّد نشيد الشمس : شعبان شهر المطر ، ذات يوم سنلتقي فيه بلا دموع .
.