متشابه الحديث
دأنور غني الموسوي
1437 الحلة
بسم الله الرحمن الرحيم
و الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السلام على خير خلقه محمد و اله الطيبين
الطاهرين .
قال تعالى (فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) و قال تعالى ( وَهَذَا
كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا ) و قال تعالى (
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ) و على الردّ الى القران و الرجوع
اليه السنة الثابتة ففي مصدقة ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام
قال: قرأت في كتاب لعلي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: إنه
سيكذب علي كما كذب على من كان قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب الله فهو
حديثي، وأما ما خالف كتاب الله فليس من حديثي. و في مصدقة علي بن أيوب، عن أبي عبد
الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا حدثتم عني بالحديث
فانحلوني أهنأه وأسهله وأرشده، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن لم يوافق كتاب
الله فلم أقله. و في مصدقة هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه واله – في خطبة بمنى أو مكة -: يا أيها الناس ما جاءكم
عني يوافق القرآن فأنا قلته، وما جاءكم عني لا يوافق القرآن فلم أقله. و في مصدقة
الهشامين جميعا وغيرهما قال: خطب النبي صلى الله عليه واله بمنى فقال: أيها الناس
ما جاءكم عني فوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله. و في
مصدقة أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلى
كتاب الله والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف. و غير ذلك كثير . فيكون
الواجب عند تبيّن الاخبار عرضها على القران و السنّة ، و هذا هو منهج
العرض وهو المنهج الحق ، و اما المنهج السندي بالتشبث بالسند و ردّ الاخبار
المصدقة بحجة ضعف السند و قبول الاخبار غير الصدقة بحجة صحة السند فلا
دليل عليه .
و عن
الرضا عليه السلام أنه قال: إن في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، و محكما كمحكم القرآن، فردوا متشابهها دون
محكمها. و عنه عليه السلام عن
الرضا عليه السلام قال: من رد متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم، ثم
قال عليه السلام: إن في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، ومحكما كمحكم القرآن،
فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا. هذا كتاب متخصص ببيان الاخبار المخالفة للقران و
السنة الثابتة ، وهي الاخبار المتشابهة فانّه كما في الايات محكم و متشابه فانّ في
الاحاديث محكم و متشابه و اذا وصلت المخالفة حدّ القطعية غير القابلة للتأويل فانّ
المتعيّن طرح الخبر وعدم نسبته للنبي صلى الله عليه و اله و اهل بيته
الطيبين .
المقدمة
(1) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ )
قال
تعالى (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا
) و قال تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) و قال تعالى (قُلْ
أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ) وقال تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فاطاعة رسول الله صلى الله عليه و اله واجبة و عليها
الضرورة الدينية و السيرة. و في مصدقة أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
واله: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يقبل قول وعمل إلا بنية، ولا يقبل قول وعمل ونية
إلا بإصابة السنة. و في مصدقة المجاشعي، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير
المؤمنين عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: عليكم بسنة،
فعمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة. و في مصدقة أبي عثمان العبدي عن جعفر،
عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لا قول إلا
بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا نية إلا بإصابة السنة و في مصدقة هشام، عن الصادق
عليه السلام قال: امر إبليس بالسجود لآدم فقال: يا رب وعزتك إن أعفيتني من السجود
لآدم لأعبدنك عبادة ما عبدك أحد قط مثلها. قال الله جل جلاله: إني احب أن أطاع من
حيث اريد. و في مصدقة سيف، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه من تمسك بسنتي في اختلاف امتي كان له أجر مائة شهيد. و في مصدقة ابن
مسكان عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال: مر موسى بن
عمران - على نبينا وآله وعليه السلام - برجل وهو رافع يده إلى السماء يدعو الله،
فانطلق موسى في حاجته فغاب سبعة أيام ثم رجع إليه وهو رافع يده إلى السماء. فقال:
يا رب هذا عبدك رافع يديه إليك يسألك حاجته ويسألك المغفرة منذ سبعة أيام لا
تستجيب له. قال: فأوحى الله إليه يا موسى لو دعاني حتى تسقط يداه أو تنقطع يداه أو
ينقطع لسانه ما استجبت له حتى يأتيني من الباب الذي أمرته. و في مصدقة ابن حميد
رفعه قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني عن السنة والبدعة،
وعن الجماعة وعن الفرقة، فقال أمير المؤمنين صلى الله عليه: السنة ما سن رسول الله
صلى الله عليه واله والبدعة ما احدث من بعده، والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلا
والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيرا .
و
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ ) وقال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) وقال تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) و قال
تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ
الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) فيجب اطاعة ولي الامر وهو الامام المعصوم
عليه السلام لقوله تعالى (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ
ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) و في مصدقة الكنانى قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا الصباح نحن قوم فرض الله طاعتنا، و في مصدقة
ضريس قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول واناس من أصحابه حوله: وأعجب من قوم
يتولوننا ويجعلوننا أئمة، ويصفون بأن طاعتنا عليهم مفترضة كطاعة الله ثم يكسرون
حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم، فينقصون حقنا ويعيبون بذلك علينا من أعطاه الله
برهان حق معرفتنا، والتسليم لأمرنا، أترون أن الله تبارك وتعالى افترض طاعة
أوليائه على عباده، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض، ويقطع عنهم مواد العلم
فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم ؟و في صحيحة محمد بن شريح قال قال أبو عبد الله
عليه السلام لولا ان الله فرض طاعتنا وولايتنا وامر مودتنا ما اوقفناكم على
ابوابنا ولا ادخلناكم بيوتنا انا والله ما نقول باهوائنا ولا نقول براينا ولا نقول
الا ما قال ربنا واصول عندنا نكنزها كما يكنز هولاء ذهبهم و فضتهم . و في صحيحة
أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: " أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن
والحسين عليهم السلام: فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته
عليهم السلام في كتاب الله عز و جل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله صلى الله
عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله
صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل
أربعين درهما درهم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم،
ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا اسبوعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو
الذي فسر ذلك لهم، ونزلت " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم
" - ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: في
علي: من كنت مولاه، فعلي مولاه، وقال صلى الله عليه وآله اوصيكم بكتاب الله وأهل
بيتي، فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض ، فأعطاني
ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن
يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبين من أهل
بيته، لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله عز وجل أنزله في كتابة تصديقا لنبيه صلى
الله عليه وآله " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
" فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، فأدخلهم رسول الله صلى الله
عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة، ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء
أهل بيتي وثقلي، فقالت ام سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي
وثقلي، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما
بلغ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم
يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحدا من
ولده إذا لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر
بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وأذهب
عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي عليه السلام كان الحسن عليه السلام أولى
بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عز وجل يقول:
" واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " فيجعلها في ولده إذا
لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك وبلغ في رسول الله صلى
الله عليه وآله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك،
فلما صارت إلى الحسين عليه السلام لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما
كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الامر عنه ولم يكونا ليفعلا ثم
صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السلام فجرى تأويل هذه الآية " واولوا الارحام
بعضهم اولى ببعض في كتاب الله " ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ، ثم
صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي عليه السلام. وقال: الرجس هو الشك،
والله لا نشك في ربنا أبدا.
الامام
الذي يجب سؤاله و طاعته هو العالم بالكتاب و السنة قال تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ ) و في مصدقة البزنطي فيما كتب إليه الرضا عليه السلام قال الله تبارك
وتعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وقال: " وما كان
المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين
ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " فقد فرضت عليكم المسألة والرد
إلينا، ولم يفرض علينا الجواب .و في مصدقة أبي بكر الحضرمي قال: كنت عند أبي جعفر
عليه السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال: جعلني الله فداك اخترت لك سبعين
مسألة، ما يحضرني مسألة واحدة منها قال: ولا واحدة يا ورد ؟ قال: بلى قد حضرني
واحدة، قال: وما هي ؟ قال: قول الله تبارك وتعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن
كنتم لا تعلمون " قال: يا ورد أمركم الله تبارك وتعالى أن تسألونا، ولنا إن
شئنا أجبناكم، وإن شئنا لم نجبكم . و في مصدقة هشام بن سالم قال: سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
" من هم ؟ قال: نحن، قال: قلت: علينا أن نسألكم ؟ قال: نعم، قلت: عليكم أن
تجيبونا ؟ قال: ذلك إلينا . و في مصدقة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله
تعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " من هم ؟ قال: نحن، قلت:
فمن المأمورون بالمسألة ؟ قال: أنتم، قال: قلت: فإنا نسألك كما امرنا وقد طننت أنه
لا يمنع مني إذا أتيته من هذا الوجه، قال: فقال: إنما امرتم أن تسألونا، وليس لكم
علينا الجواب، إنما ذلك إلينا. و في مصدقة
زرارة قال: قلت له: يكون الامام يسأل عن الحلال والحرام ولا يكون عنده فيه
شئ ؟ قال: لا، فقال: قال الله تعالى: " فاسألوا أهل الذكر " هم الائمة
الائمة " إن كنتم لا تعلمون " قلت: من هم ؟ قال: نحن، قلت: فمن المأمور
بالمسألة ؟ قال: أنتم و في مصدقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قول
الله: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال: نحن أهل الذكر ونحن
المسؤولون .و في مصدقة سليمان بن جعفر الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام
يقول في قول الله تعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال:
نحن و في مصدقة بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت قول الله عزوجل:
" فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " قال: الذكر القرآن، ونحن
المسؤولون و في مصدقة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إن من
عندنا يزعمون أن قول الله: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
أنهم اليهود والنصارى، قال: إذا يدعونهم إلى دينهم، ثم أشار بيده إلى صدره فقال:
نحن أهل الذكر، ونحن المسؤولون.و في مصدقة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام
في قول الله تبارك وتعالى: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون "
قال: الذكر القرآن، وآل رسول الله صلى الله عليه وآله أهل الذكر وهم المسؤولون . و
في مصدقة ابن اذينة عن بريد عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: قول الله:
" بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم " قال: إيانا عنى .و في
مصدقة أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: تلا هذه الآية: " بل هو آيات
بينات في صدور الذين أوتوا العلم " قلت: أنتم هم ؟ قال أبو جعفر عليه السلام:
من عسى أن يكونوا ؟
(2) (إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ
الْحَقِّ شَيْئًا )
قال
تعالى (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ
الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) و قال تعالى (وَمَا يَتَّبِعُ
أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ) و
قال تعالى (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) و
قال تعالى (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) فلا يصح اعتماد الظن .
(3) (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ
فَتُخْرِجُوهُ لَنَا )
قال
تعالى (اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) وقال تعالى (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ
فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا
تَخْرُصُونَ ) و قال تعالى (وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ
مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (*) أَمْ
آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ) وقال تعالى
(فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا
إليهم لعلهم يحذرون )
(4) (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
قال
تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ
وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ ) و قال تعالى (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ
تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا
يَعْقِلُونَ ) و قال تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) و
قال تعالى (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ
يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى
الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) و قال تعالى
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) وقال تعالى (وَلَقَدْ تَرَكْنَا
مِنْهَا آَيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) و قال وقال رسول الله (صلى الله
عليه وآله): استرشدوا العقل ترشدوا، ولا تعصوه فتندموا. و قال (صلى الله عليه وآله): لكل شيئ آلة وعدة وآلة
المؤمن و عدته العقل، ولكل شيئ مطية ومطية المرء العقل ، و قال النبي (صلى الله
عليه وآله). قوام المرءعقله، ولا دين لمن لا عقل له ) و قال قال ابن السكيت لابي الحسن ( عليه السلام ) : ما الحجة على الخلق اليوم؟ قال: فقال عليه
السلام: العقل، يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه، قال:
فقال ابن السكيت: هذا والله هو الجواب.).
و قول ابي الحسن عليه السلام لهشام بن الحكم (يا هشام إن لله على الناس حجتين: حجة
ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة (عليهم السلام)، وأما
الباطنة فالعقول. فحجية العقل واضحة ، الا انها ليست بالاستقلال و انما بشكل ثانوي غير مستقل من خلال رد المعارف والمعطيات بعضها
الى بعض ، و هذه الادلة القطعية دالة على عقلائية طريقة تحصيل المعارف الشرعية و
انّ الخروج عن هذا الاصل محتاج الى دليل .
و
بعبارة أخير انّ الدليل القطعي قائم على حجية العقل و عقلائية طريقة تحصيل المعارف
الا انّ المستفاد و المتيقن هو انه لا على جهة الاستقل بل بشكل ثانوي غير مستقل
عن النقل الثابت ، بل انّ الردع عن القول بالرأي و ادعاء استقلال العقل في
تحصيل المعارف الدينية جاء الدليل بمنعه قال تعالى (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ
اللَّهَ بِدِينِكُمْ ) و
قال قال علي بن الحسين عليهما السلام: إن دينالله لا يصاب
بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقائيس الفاسدة، ولا يصاب إلابالتسليم، فمن
سلم لنا سلم ومن اهتدى بنا هدي .
(5) ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ
فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )
(
قال تعالى وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله ) و قال تعالى ( فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) و في المصدق عن
يونس بن عبد الرحمن انه قال: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام
يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من
أحاديثنا المتقدمة.... قال يونس قال على أبي الحسن الرضا عليه السلام ... لا
تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا
عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إن كلام آخرنا
مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك
فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به، فإن مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما
لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان.و في مصدقة أيوب بن الحر قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلى كتاب الله والسنة، وكل حديث لا
يوافق كتاب الله فهو زخرف. و في مصدقة صفوان بن يحيى عن ابي الحسن الرضا انه قال
(( كيف يجئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله، وأنه يدعوهم إلى
الله بأمر الله ويقول: إنه لا تدركه الابصار، ولا يحيطون به علما، وليس كمثله شئ،
ثم يقول: أنا رأيته بعيني، وأحطت به علما، وهو على صورة البشر ؟ أما تستحيون ؟ ما
قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون أتى عن الله بأمر ثم يأتي بخلافه من وجه آخر
! . ..... فقال أبو قرة فتكذب بالرواية ؟ فقال أبو الحسن (عليه السلام): إذا كانت
الرواية مخالفة للقرآن كذبتها ) ، و في مصدقة أيوب، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه
وأسهله وأرشده، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن لم يوافق كتاب الله فلم أقله. و
في مصدقة ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
اختلاف يرويه من يثق به ، فقال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله
أو من قول رسول الله صلى الله عليه واله، وإلا فالذي جاءكم به أولى. و في مصدقة
محمد بن عيسى قال: أقرأني داود بن فرقد الفارسي كتابه إلى أبي الحسن الثالث عليه
السلام وجوابه بخطه، فقال: نسألك عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك قد
اختلفوا علينا فيه كيف العمل به على اختلافه ؟ إذا نرد إليك فقد اختلف فيه. فكتب -
وقرأته -: ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه إلينا. فيجب عرض الامور
و الاخبار المختلفة على القران و السنة . و يعتبر في الخبر و كل معرفة دينية ان
تكون مصدقة بالقران و السنة الثابتة . و في المصدق عن الشريف الرضي في النهج قال
أمير المؤمنين عليه السلام : قد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم: يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى
الله والرسول. فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه والرد إلى الرسول الأخذ بسنته
الجامعة غير المفرقة. و في مصدقة يونس بن عبد الرحمن قال: حدثني هشام بن الحكم أنه
سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن
والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، ::: و على أبي الحسن الرضا عليه
السلام ::: فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن
وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض
كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم
من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به، فإن مع كل قول منا
حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان. و في مصدقة
محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا محمد ما جاءك في رواية من بر
أو فاجر يوافق القرآن فخذ به، وما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن فلا
تأخذ به. اقول وهذه الرواية المصدقة باطلاقات الايات و الروايات المستفيضة الثابتة
ترد المنهج السندي . و في مصدقة الحسن بن الجهم، عن العبد الصالح عليه السلام قال:
إذا كان جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا فإن أشبههما
فهو حق وإن لم يشبههما فهو باطل.و في مصدقة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام – في
حديث له - قال: كل من تعدى السنة رد إلى السنة. .و في مصدقة ابن أبي يعفور قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف يرويه من يثق به فقال: إذا ورد عليكم
حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه واله، وإلا
فالذي جاءكم به أولى . و في مصدقة السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي
عليهم السلام قال: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوا
به وما خالف كتاب الله فدعوه. و في مصدقة داود، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
من لم يعرف الحق من القرآن لم يتنكب الفتن. و في مصدقة الطبرسي عن أبي جعفر الثاني
عليه السلام:: قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله :: فإذا أتاكم الحديث
فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به وما خالف كتاب
الله وسنتي فلا تأخذوا به. و عنه في المصدق ومما أجاب به أبو الحسن علي بن محمد
العسكري عليهما : : إذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الامة
وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة صارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفارا ضلالا،
وأصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلى الله
عليه واله ::: فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله: إنما وليكم
الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون. ثم اتفقت
روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين عليه السلام أنه تصدق بخاتمه وهو راكع فشكر
الله ذلك له، وأنزل الآية فيه، ثم وجدنا رسول الله صلى الله عليه واله قد أبانه من
أصحابه بهذه اللفظة: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
وقوله صلى الله عليه واله: علي يقضي ديني وينجز موعدي وهو خليفتي عليكم بعدي.
وقوله صلى الله عليه واله - حيث استخلفه على المدينة - فقال: يا رسول الله أتخلفني
على النساء والصبيان ؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبي بعدي. فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه
الأخبار
وتحقيق هذه الشواهد فيلزم الامة الإقرار بها إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن،
ووافق القرآن هذه الأخبار، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ووجدنا كتاب الله
موافقا لهذه الأخبار وعليها دليلا كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا لا يتعداه إلا
أهل العناد والفساد. ثم قال عليه السلام: ومرادنا وقصدنا الكلام في الجبر والتفويض
وشرحهما وبيانهما وإنما قدمنا ما قدمنا لكون اتفاق الكتاب والخبر إذا اتفقا دليلا
لما أردناه، وقوة لما نحن مبينوه من ذلك إن شاء الله. الخبر طويل و في مصدقة
السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال علي عليه
السلام: إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه وما
خالف كتاب الله فدعوه . و في مصدقة الميثمي عن الرضا عليه السلام ::: فما ورد
عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا
حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن
رسول الله صلى الله عليه واله، فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام، أو
مأمورا به عن رسول الله صلى الله عليه واله أمر إلزام فاتبعوا مما وافق نهي رسول
الله صلى الله عليه واله وأمره، وما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر
الآخر خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله صلى الله عليه واله وكرهه ولم يحرمه،
فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا، أو بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم
والاتباع والرد إلى رسول الله صلى الله عليه واله، وما لم تجدوه في شئ من هذه
الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكف
والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا. و في مصدقة عبد
الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ورد عليكم حديثان
مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله
فذروه، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم
فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه و في المصدق عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمد
بن علي عليهما السلام ::: وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا
فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، وردوه
إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، ::: و في المصدق انه كان لأبي يوسف كلام مع
موسى بن جعفر عليهما السلام : بسم الله الرحمن الرحيم جميع امور الأديان أربعة:
أمر لا اختلاف فيه وهو إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها الأخبار المجمع
عليها، وهي الغاية المعروض عليها كل شبهة والمستنبط منها كل حادثة، وأمر يحتمل
الشك والإنكار فسبيله استنصاح أهله لمنتحليه بحجة من كتاب الله مجمع على تأويلها،
وسنة مجمع عليها لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله ولا يسع خاصة الامة
وعامتها الشك فيه والإنكار له، وهذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه، وأرش الخدش
فما فوقه، فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، وما
غمض عليك صوابه نفيته، فمن أورد واحدة من هذه . الثلاث فهي الحجة البالغة التي
بينها الله في قوله لنبيه: قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم أجمعين. يبلغ
الحجة البالغة الجاهل فيعلمها بجهله، كما يعلمه العالم
بعلمه
لأن الله عدل لا يجور، يحتج على خلقه بما يعلمون، يدعوهم إلى ما يعرفون لا
إلى
ما يجهلون وينكرون. فأجازه الرشيد ورده. والخبر طويل. و في مصدقة محمد بن الزبرقان
الدامغاني، عن أبي الحسن موسى عليه السلام ::: امور الاديان أمران: أمر لا إختلاف
فيه وهو إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها، والأخبار
المجتمع
عليها المعروض عليها كل شبهة والمستنبط منها كل حادثة، وأمر يحتمل الشك والإنكار
وسبيل استيضاح أهله الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة
عن النبي صلى الله عليه واله لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول
عدله
ضاق على من استوضح تلك الحجة ردها ووجب عليه قبولها والإقرار والديانة بها وما لم
يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي صلى الله عليه
واله لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة وعامها الشك فيه
والإنكار له كذلك هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه إلى أرش الخدش فما دونه،
فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، وما غمض عنك
ضوؤه نفيته. ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
و
من الاخبار المصدقة للعرض على السنة الثابتة و المصدق من الاخبار ما امرت بالتزام
ما هو المعروف ففي مصدقة محمد بن عيسى قال: أقرأني داود بن فرقد الفارسي كتابه إلى
أبي الحسن الثالث عليه السلام وجوابه بخطه، فقال: نسألك عن العلم المنقول إلينا عن
آبائك وأجدادك قد اختلفوا علينا فيه كيف العمل به على اختلافه ؟ إذا نرد إليك فقد
اختلف فيه. فكتب - وقرأته -: ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه
إلينا. و في مصدقة محمد بن أحمد بن محمد بن زياد، وموسى بن محمد بن علي بن موسى
قال:
كتبت
إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك صلوات
الله عليهم قد اختلف علينا فيه فكيف العمل به على اختلافه والرد إليك فيما اختلف
فيه ؟ فكتب عليه السلام: ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموه فردوه
إلينا.
و مما يدل و يؤكد المصدقية هو وصف الكتاب و
الشريعة الاسلامية بانها مصدقة لما قبلها قال تعالى (وَالَّذِي أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) و قال
تعالى ( قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ
مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ
مُسْتَقِيمٍ ) و قال تعالى (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي
إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ
مِنَ التَّوْرَاةِ ) و قال تعالى (وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا
مَعَكُمْ ) وقال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ
قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ
الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ) و قال تعالى (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا
لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا
لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) و قال تعالى (نَزَّلَ
عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) و قال تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا
لِمَا مَعَكُمْ ) و قال تعالى (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ
وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً )
و قال تعالى (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ
يَدَيْهِ) وقال تعالى قال تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ
كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )
مسألة
: لقد صنف الرواة المسلمين الى ثقة و ضابط و متروك و ضعيف و غير ذلك و لا دليل
عليه ، و الله تعالى يقول (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) أي
يصدقهم وهذا اصل لقبول خبرهم و يشهد له قوله تعالى (أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ) و الفاسق هو فاسد العقيدة فالاية
مشعرة بعدم وجوب التبين ان كان الخبر من سالم العقيدة و ايضا يدل عليه انه لا يرد
خبر المسلم ولا شهادته الا مع القرينة على الارتياب . وبهذا يتبين ان الاصل في خبر
المسلم القبول.
و
صنفوا الخبر الى صحيح و حسن و ضعيف ، بحسب السند و لا دليل عليه ، و بعد ما عرفت
من اصالة القبول وان الله تعالى يقول ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ
كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا )
فالدليل على صحة الخير هو موافقته للقران و بذلك جاءت الروايات المستفيضة عن اهل
البيت عليهم السلام بعرض الخبر على القران و السنة فما وافقهما يعمل به و الا رد .
و صارت الاخبار النقية و الموافقة للقران ترد بحجة ضعف السند ولا دليل على ذلك و
الله تعالى يقول (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ
فَانْتَهُوا ) وهذا امر قطعي و لا يخرج عنه الا بدليل واضح يحقق على الاقل العلم
العادي بالاطمئنان المتاخم للعلم و لا دليل لهم اصلا برد الاخبار لعدم توثيق الراوي
.
من
اهم اثار مصطلح الحديث المبتدع و الباطل انه قرب البعيد و بعد القريب ، و جعل
الباطل حقا و الحق باطلا لانه ازاح الحجة الحق وهو التقييم المتني و عرض الاخبار
على القران و السنة واستبدله بشيء مخترع هو مصطلح الحديث . ان اهل مصطلح الحديث
ازاحوا الدليل الحق وهو العرض على القران و السنة و وضعوا اخر مكانه مصطلح الحديث
وهو ليس حجة . وكم من عقيدة صحيحة و حكم واضح قد رد بسبب مصطلح الحديث و كم من
عقيدة فاسدة و حكم باطل فد اعتمد بسبب ذلك المصطلح .و حسبنا الله و نعم الوكيل . و
اضافة الى ما تقدم من اشارات فان هناك قواعد حديثية كثيرة تستفاد من القران و
السنة حري بكل مختص بعلم الحديث ان يستخرجها و يصحح بها المسار الخاطئ . و الله
المسدد .
(6) ( ما جاءكم عني فوافق كتاب الله
فأنا قلته، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله )
ففي
مصدقة ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قرأت في كتاب لعلي عليه
السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: إنه سيكذب علي كما كذب على من كان
قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب الله فهو حديثي، وأما ما خالف كتاب الله
فليس من حديثي. و في مصدقة علي بن أيوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه واله: إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه وأسهله
وأرشده، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن لم يوافق كتاب الله فلم أقله. و في
مصدقة هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله
عليه واله - في خطبة بمنى أو مكة -: يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق القرآن فأنا
قلته، وما جاءكم عني لا يوافق القرآن فلم أقله. و في مصدقة الهشامين جميعا وغيرهما
قال: خطب النبي صلى الله عليه واله بمنى فقال: أيها الناس ما جاءكم عني فوافق كتاب
الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله. و في مصدقة أيوب بن الحر قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلى كتاب الله والسنة، وكل حديث
لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.وفي مصدقة كليب بن معاوية، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل. و و في مصدقة يونس
بن عبد الرحمن عن على أبي الحسن الرضا عليه السلام لا تقبلوا علينا خلاف القرآن
فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله
نحدث::: فإن مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك
قول الشيطان. و في مصدقة سدير قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: لا
تصدق علينا إلا بما يوافق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه واله.
فهذا
الاحاديث نزلت ما وافق القران منزلة السنة تعبدا و اخرجت ما خالفه منها . و ان هذه
القاعدة مصدقة باوامر التسليم .
مسألة
: استحباب التسليم لهم عليهم السلام في الامور كلها و قصد قولهم في كل اعتقاد او
عمل و ان يقول ( القول قولهم عليهم السلام ) في كل امر يرد على المسلم . ففي
المصدق عن يحيى بن زكريا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من سره أن
يستكمل الايمان فليقل: القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما
أسروا وفيما أعلنوا وفيما بلغني وفيما لم يبلغني. و في مصدقة عمر بن يزيد، قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يختلف أصحابنا فأقول: قولي هذا قول جعفر بن محمد.
قال: بهذا نزل جبرئيل.
و
في مصدقة اسماعيل بن مهران عمن حدثه من اصحابنا عن ابى عبد الله (عليه السلام )
قال ما على احدكم إذا بلغه عنا حديث لم يعط معرفته ان يقول القول قولهم فيكون قد
آمن بسرنا وعلانيتنا. ففي مصدقة منصور الصيقل قال قال بعض اصحابنا لابي عبد الله (
عليه السلام ) وانا قاعد عنده ما ندري ما يقبل من هذا حديثنا مما يرد فقال وما ذاك
قال ليس بشئ يسمعه منا الا قال القول قولهم فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) هذا
من المسلمين ان المسلمين هم النجباء انما عليه إذا جاءه شئ لا يدري ما هو يرده
الينا . و في مصدقة الحجاج الخيبري قال قلت لابي عبد الله " عليه السلام
" انا نكون في الموضع فيروي عنكم الحديث العظيم فيقول بعضنا لبعض القول قولهم
فيشق ذلك على بعضنا فقال " عليهم السلام " كأنك تريد ان تكون اماما
يقتدى بك أو به من رد الينا فقد سلم .
(7) (لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما
وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة )
قال
تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ ) وقال تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ
الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي
الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) و لان
الاخبار المصدقة هي الحاكية عن امرهم عليهم السلام ولو ظاهرا و تعبدا ففي مصدقة
ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قرأت في كتاب لعلي عليه السلام أن
رسول الله صلى الله عليه واله قال: إنه سيكذب علي كما كذب على من كان قبلي فما
جاءكم عني من حديث وافق كتاب الله فهو حديثي، وأما ما خالف كتاب الله فليس من
حديثي. و في مصدقة علي بن أيوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله
صلى الله عليه واله: إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه وأسهله وأرشده، فإن
وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن لم يوافق كتاب الله فلم أقله. و في مصدقة هشام بن
الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله - في
خطبة بمنى أو مكة -: يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق القرآن فأنا قلته، وما
جاءكم عني لا يوافق القرآن فلم أقله. و في مصدقة الهشامين جميعا وغيرهما قال: خطب
النبي صلى الله عليه واله بمنى فقال: أيها الناس ما جاءكم عني فوافق كتاب الله
فأنا قلته، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله. و عليه الاخبار الخاصة المصرحة
بمصدقية الاخبار المصدقة ففي المصدق عن يونس بن عبد الرحمن انه قال: حدثني هشام بن
الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق
القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة.... قال يونس قال على أبي
الحسن الرضا عليه السلام ... لا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا حدثنا
بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان
وفلان فيتناقض كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام
آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به،
فإن مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول
الشيطان. و في مصدقة الحسن بن الجهم، عن العبد الصالح عليه السلام قال: إذا كان
جاءك الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا فإن أشبههما فهو حق
وإن لم يشبههما فهو باطل.و في مصدقة محمد بن عيسى قال: أقرأني داود بن فرقد
الفارسي كتابه إلى
أبي
الحسن الثالث عليه السلام وجوابه بخطه، فقال: نسألك عن العلم المنقول إلينا عن
آبائك وأجدادك قد اختلفوا علينا فيه كيف العمل به على اختلافه ؟ إذا نرد إليك فقد
اختلف فيه. فكتب - وقرأته -: ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه
إلينا. و في مصدقة محمد بن أحمد بن محمد بن زياد، وموسى بن محمد بن علي بن موسى
قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك
وأجدادك صلوات الله عليهم قد اختلف علينا فيه فكيف العمل به على اختلافه والرد
إليك فيما اختلف فيه ؟ فكتب عليه السلام: ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم
تعلموه فردوه إلينا.
(8) (علينا أن نلقي إليكم الاصول
وعليكم أن تفرعوا. )
قال
تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ ) وقال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ
وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) و قال تعالى
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ
رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ
الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) و اطلاقه كما يدل على انه لا تقليد و لا
اتباع الا لهم عليهم السلام كما عليه المصدق ففي ففي مصدقة زيد، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: أتدري بما امروا ؟ امروا بمعرفتنا، والرد إلينا، والتسليم لنا و
في مصدقة عن أبي مريم قال قال: أبو جعفر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن
عتيبة: شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت. و في
مصدقة أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: إن الحكم بن عتيبة ممن
قال الله: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين. فليشرق
الحكم وليغرب، أما والله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل. و في
مصدقة أبي إسحاق النحوي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسمعته يقول: ...
وإن نبي الله فوض إلى علي عليه السلام: وأتمنه فسلمتم وجحد الناس، فوالله لنحبكم
أن تقولوا إذا قلنا، وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عزوجل، ما جعل
الله لاحد خيرا في خلاف أمرنا . فان ذلك الاطلاق ايضا يجعل وصول امراهم عليهم
السلام متحقق بالطرق العرفية العقلائية ، فكل ما اطمئن انه مخبر عنهم فهو متبع و
معتبر و على ذلك قاعدة تنزيل الخبر عنهم منزلة قولهم و قاعدة الامر بالعمل بنا
وافق الكتاب مما ينقل عنهم و قاعدة من عمل بخبر عنهم رجاء الثواب فهو له و كلها
تدلل ان المسلم اذا وصله امرهم باي طريقة عرفية كان ذلك معتبرا و جاز له اعتماده .
و مما تقدم و غيره لا يمكن ان يكون لفتوى الفقيه و لا لغيرها اية حجية نفسية في
افادة الحكم الشرعي و انما كل الحجج المعتبرة في ذلك انما هي طرق للوصول الى
القران و السنة ، و بذلك تبين و بما لا يقبل الشك ان كل ما يبحث و يتبع و يحتج به
في مقدمات الاستنباط وفي عملية الاستنباط انما هو في الطريق الموصل الى القران و
السنة لا غير . و من هنا و مما هو ظاهر من عملية الاستنباط انها توصل الى السنة
بالتفريع ، ورد الفرع الى اصله في السنة كما قال عليه السلام ففي مصدقة البزنطي،
عن الرضا عليه السلام قال: علينا إلقاء الاصول إليكم وعليكم التفرع. و في مصدقة
هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إنما علينا أن نلقي إليكم الاصول
وعليكم أن تفرعوا. فالاستنباط هو في نهايته و حقيقته اخبار استدلالي عن السنة ، في
قبال كشف الخبر روائيا عنها ، اذ ان جواز تقليد الفقيه و الرجوع اليه انما هو لاجل
ذلك الاخبار و التفريع الراجع الى الاصل أي السنة و عليه مصدقة الطبرسي عن أبي
محمد العسكري عليه السلام في قوله تعالى: ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني.
....قال رجل للصادق عليه السلام: فإذا كان هؤلاء القوم
من
اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف
ذمهم بتقليد هم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم
؟ فإن لم يجز لاولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم، فقال
عليه
السلام:
بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة أما من حيث استووا فإن الله قد ذم عوامنا
بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم، وأما من
حيث افترقوا فلا. قال: بين لي يا ابن رسول الله قال عليه السلام: إن عوام
اليهود
كانوا
قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح، وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات،
وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به
أديانهم وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه، وأعطوا ما لا يستحقه
من
تعصبوا
له من أموال غيرهم، وظلموهم من أجلهم، وعرفوهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق
لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط
بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره، ولا تصديقه في حكاياته، ولا
العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه،
ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه واله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر
لهم، وكذلك عوام امتنا إذا عرفوا من
فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة، والتكالب على حطام الدنيا وحرامها،
وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح
أمره مستحقا، والترفرف بالبر والإحسان على من
تعصبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقا. فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء
الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله
تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم. فأما من كان من
الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه،
فللعوام أن يقلدوه. وذلك لا يكون إلا بعض
فقهاء الشيعة لا جميعهم، فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة
فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة، وإنما كثر
التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك، لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه
بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجوهها لقلة معرفتهم، وآخرين يتعمدون الكذب
علينا ليجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم، ومنهم قوم نصاب لا يقدرون
على القدح فينا فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا، وينتقصون بنا
عند نصابنا ثم يضيفون إليه أضعافه وأضعاف
أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن برآء منها...)
فان الرواية صريحة ان الفقهاء هم من يوصلون الناس الى المعرفة الشرعية
المتمثلة بالقران و السنة ، و لحقيقة ان عملية الاستنباط هي رد الفرع الى الاصل و
ان مجالها ما لا نص فيه و ما لم يكن ضروريا ، فان الفتوى في واقع امرها نحو اخبار
عن السنة ، فهي من هذه الجهة كالخبر الا انها متأخرة عنه و محتاجة الى العلم أي
قوة الاجتهاد لبلوغ ذلك . و بهذا يتبين ان الفتوى و الخبر يجمعهما جامع الاخبار عن
السنة و ان المشترك الاتصافي بينهما في هذا الشأن المنكشف باحدهما جار في الاخر
لانه علته واحدة ولانه صات للعام الجامع و ليس لايمنمهما ، و لا يظهر لا شرعا و لا
عرفا ان الموارد التي اعتمد فيها الخبر و الشروط التي يجب توفرها للعمل به مختصة
به بما هو بل لاجل انه اخبار عن السنة وهذا من الواضحات و من هنا يجوز اعتماد
الفتوى بما هي اخبار عن السنة في كل ما يعتمد فيه الخبر و يشترط فيها كل ما يشترط
في الخبر للعمل به و اضافة الى ذلك ان تكون صادرة من عالم أي فقيه مجتهد ، كما ان
حدودها كحدود الخبر و موارد عملها كموادر عمله .
(9) (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ
لِلْمُؤْمِنِينَ )
قال
تعالى (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ ) و يؤمن للمؤمنين أي يصدق
و قال تعالى (أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ
فَتَبَيَّنُوا ) و التبين دال على عدم التسليم والقبول . و يصدقه اخوة الايمان و
ولاية الايمان و عليه نصوص خاصة ففي مصدقة الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له: ضع أمر أخيك على
أحسنه حتى يأتيك ما يغلبك منه، و مصدقة داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال قال رسول الله )صلى الله عليه و آله( إن الله (عز و جل ) خلق المؤمن
من عظمة جلاله و قدرته، فمن طعن عليه، أو رد عليه قوله، فقد رد على الله )عز و جل
.و مصدقة الصدوق ـ عن امير المؤمنين (عليه السلام ) انه قال : اطرحوا سوء الظن
بينكم , فان اللّه عزوجل نهى عن ذلك . و المصدق عن قال الصادق عليه السلام: حسن
الظن أصله من حسن إيمان المرء وسلامة صدره، وعلامته أن يرى كل ما نظر إليه بعين
الطهارة والفضل، من حيث ما ركب فيه وقذف من الحياء والامانة والصيانة والصدق، قال
النبي صلى الله عليه واله: أحسنوا ظنونكم باخوانكم تغتنموا بها صفاء القلب، ونقاء
الطبع،
و
مصدقة إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا اتهم المؤمن
أخاه انماث الايمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء . و مصدقة الرضي عن
اميرالمؤمنين (عليه السلام ) قال : اتقوا ظنون المؤمنين , فان اللّه جعل الحق على
السنتهم . و مصدقة محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت: جعلت
فداك ! الرجل من إخواني يبلغني عنه الشئ الذي أكره له، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد
أخبرني عنه قوم ثقات، فقال لي: يا محمد ! كذب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك
خمسون قسامة وقال لك قولا فصدقه وكذبهم، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به، وتهدم به
مروته .
من
هنا فالاصل في خبر المسلم القبول الا ان يعرض له ما يخرجه من ذلك بان يكون مخالفا
للقران و السنة بالمباينة كما تبين فهذا زخرف مطروح او انه يخالف المصدق فهذا
متشابه مشكل لا يعمل به لكن لا ينكر كما هو مبين في محله و اما غيرهما و المصدق
بالقران و السنة فهو مقبول .
مسألة
: الاصل في اسناد الراوي عن راو اخر لقاؤه واخذه عنه به مع امكانه .
يمكن
الحكم باتصال الرواية أي رواية اراوي عمن يروي عنه باثبات ذلك من قبل اهل الرجال و
كذلك بثرينة روائية كأن يقول حدثني و اخبرني فان الاصل الصدق في الراوي وهذا قد
اثبتنا في محله ، وكذا لو عنعن فقبول قوله و تصديقه ليس فقط في المتن الذي ينقله و
انما في اسناده فعندما يعنعن و لا تكون هناك قرينة توجب عدم الاخذ ممن عنعن عنه ،و
كانت امكانية روايته عنه واخذه منه يحكم بالاتصال ، لان هذا هو ظاهره ، و يحتاج
القول بعدم الاخذ و عدم اللقاء الى قرينة ، وهذه هي اصالة اللقاء في المعاصر الذي
يعنعن .
و
هذا الاصل يجري ليس فقط فيمن قال اهل الرجال باعتماده و قبول روايته و انما تثبت
ايضا بالقبول الثابت باصالة الصحة ، فلو ثبتت مقبولية راو يعنعن عن غيره و كانت
الرواية ممكنة و لم تكن قرينة تمنع من الرواية و الاخذ عنه فانها تثبت روايته عنه
و ان لم يكن طعن في الين ثبتت مقبوليية الثانية و يصير مقبولا و هكذا ان كانت
الحالة نفسها مع من يروي عنه الثاني . لكن هذا لا يتم في حالة الاضمار فضلا عن
الانقطاع فلو قال عن رجل عن فلان ، فانه لا تجري اصالة اللقاء لان من شروطها احراز
امكان الرواية وهو غير محرز ، الا انت تكون هناك قرينة على اللقاء كأن يقول (
حدثني او اخبرني رجل انه فلانا اخبره )
فانه لا بد من احراز امكانية اللقاء من الطرفين . واصالة اللقاء بشروطها
المذكورة هي فرع اصالة قبول قول الراوي و تصديقه و الحمد لله .
(10) قال تعالى (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا
مِنْهُمْ تُقَاةً )
و
قال تعالى ( مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ ) و قال تعالى ( وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ
مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ ) (ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه
التقية، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه ) و في مصدقة عبيد بن زرارة،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية، وما
سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه. و في مصدقة عبد الرحمن بن أبي عبد الله،
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على
كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه، فإن لم تجدوهما في
كتاب الله اعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم
فخذوه . و في مصدقة الحسن بن السري، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا ورد
عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم. . و في مصدقة عن الحسن بن جهم قال:
قلت للعبد الصالح عليه السلام: هل يسعنا فيما يرد علينا منكم إلا التسليم لكم ؟
فقال عليه السلام: لا والله لا يسعكم إلا التسليم لنا. قلت: فيروى عن أبي عبد الله
عليه السلام شئ ويروى عنه خلافه فبأيهما نأخذ ؟ قال: خذ بما خالف القوم، وما وافق
القوم فاجتنبه. و في مصدقة محمد بن عبد الله قال: قلت للرضا عليه السلام: كيف نصنع
بالخبرين المختلفين ؟ فقال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فانظروا ما يخالف منهما
العامة فخذوه، وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه. و في مصدقة زرارة بن أعين قال:
سألت الباقر عليه السلام فقلت:::: فقلت: إنهما معا عدلان مرضيان موثقان، فقال:
انظر ما وافق منهما مذهب العامة فاتركه وخذ بما خالفهم. قلت: ربما كانا
موافقين....) و في مصدقة عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام : فقلت:
... قلت: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقاة عنكم ؟ قال: ينظر ما
وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم
الكتاب والسنة و وافق العامة. ...) اقول ان القواعد المتعددة من العرض على القران
و السنة الثابتة و التسليم و التخيير الثابتة تجعل هذه الاخبار متشابهة في ظاهرها
و يتعين حملها على الجواز و فرع ذلك التسليم و التخيير و مرجوحة بهما و تفصيل ذلك
في بحث قاعدة قبول قول المسلم و تصديقه ، و اشد تشابه ما يعين ذلك حتى مع عدم
التعارض كما في متشابهة أبي إسحاق الأرجائي رفعه قال: قال لي أبو عبد الله عليه
السلام: أتدري لم امرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة ؟ فقلت: لا ندري. فقال: إن
عليا عليه السلام لم يكن يدين الله بدين إلا خالف عليه الامة إلى غيره إرادة
لإبطال أمره وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السلام عن الشئ لا يعلمونه فإذا
أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس. و متشابهة علي بن أسباط، قال:
قلت للرضا عليه السلام: يحدث الأمر لا أجد بدا من معرفته، وليس في البلد الذي أنا
فيه أحد أستفتيه من مواليك، قال: فقال عليه السلام: إيت فقيه البلد فاستفته في
أمرك فإذا أفتاك بشئ فخذ بخلافه فإن الحق فيه . ) فهذه الاخبار تفيد ان من اسباب
اختلاف الاخبار التقية لكن الترجيح بذلك فغير مصدق نؤمن به و لانرده لكن لا نعمل
به ، و انما الجائز هو انها على الجواز بعد التسليم و التخيير .
مسألة
: هناك شكل اخر من التقية و مرجعه الى التسليم و ضمن حكمة اهل البيت عليهم السلام
في مصدقة نصر الخثعمي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من علم أنا لا
نقول إلا حقا فليكتف منا بما نقول فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع
منا عنه. و في مصدقة سالم أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل إنسان
وأنا حاضر فقال: ربما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلي العصر، وبعضهم يصلي الظهر،
فقال: أنا أمرتهم بهذا لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فاخذ برقابهم. و في مصدقة عن
محمد بن بشير وحريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إنه ليس شيء أشد
علي من اختلاف أصحابنا، قال: ذلك من قبلي. و في مصدقة الخزاز عمن حدثه، عن أبي
الحسن عليه السلام قال: اختلاف أصحابي لكم رحمة، وقال: إذا كان ذلك جمعتكم على أمر
واحد. وسئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليه السلام: أنا فعلت ذلك بكم لو اجتمعتم على
أمر واحد لاخذ برقابكم. و في مصدقة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن
مسألة فأجابني، قال: ثم جاء رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء رجل
آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله
رجلان من أهل العراق من شيعتك قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به
الآخر، قال: فقال: يا زرارة إن هذا خير لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لقصدكم
الناس ولكان أقل لبقائنا وبقائكم. قال: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: شيعتكم لو
حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فسكت
فأعدت عليه ثلاث مرات فأجابني بمثل جواب أبيه. و في مصدقة أبي عبيدة، عن أبي جعفر
عليه السلام قال: قال لي: يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشئ من
التقية ؟ قال: قلت له: أنت أعلم جعلت فداك. قال: إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجرا
. وفي رواية اخرى: إن أخذ به اوجر، وإن تركه والله أثم.
(11) (إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن
)
في
مصدقة محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما بال
أقوام
يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلى الله عليه واله لا يتهمون بالكذب فيجيئ
منكم
خلافه ؟ قال: إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن. و في مصدقة جابر قال: قلت لأبي جعفر
عليه السلام: كيف اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه واله في المسح على الخفين ؟
فقال: كان الرجل منهم يسمع من النبي صلى الله عليه واله الحديث فيغيب عن الناسخ
ولا يعرفه فإذا أنكر ما خالف ما في يديه كبر عليه تركه، وقد كان الشئ ينزل على
رسول الله صلى الله عليه واله فعمل به زمانا ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه وامته
حتى قال اناس: يا رسول الله إنك تأمرنا بالشئ حتى إذا اعتدناه وجرينا عليه أمرتنا
بغيره، فسكت النبي صلى الله عليه واله عنهم فأنزل عليه: قل ما كنت بدعا من الرسل
إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين. و في مصدقة ابن حازم، قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم
يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر ؟ فقال: إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان.
قال: قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله صدقوا على محمد صلى الله
عليه واله أم كذبوا ؟ قال: بل صدقوا. قلت: فما بالهم اختلفوا. فقال: أما تعلم أن
الرجل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه واله فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها
بالجواب، ثم يجيبه بعد ذلك بما ينسخ ذلك الجواب فنسخت الأحاديث بعضها بعضا.و في
مصدقة سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السلام: إن في أيدي الناس حقا وباطلا،
وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب
على رسول الله صلى الله عليه واله على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد
كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده
. اقول و الكلام في نسخ الاحاديث سنفرد له رسالة خاصة .
مسألة
: قد لا يرادما هو الظاهر من االخبر حين صدوره فيجيء ما ظاهره المخالفة ففي مصدقة الميثمي أنه سأل الرضا عليه السلام
يوما - وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد
كانوا تنازعوا في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلى الله عليه واله
في
الشئ الواحد - فقال عليه السلام: إن الله عز وجل حرم حراما، و أحل حلالا، وفرض
فرائض، فما جاء في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، أو دفع فريضة في كتاب
الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك فذلك ما لا يسع الأخذ به لأن رسول الله صلى
الله
عليه واله لم يكن ليحرم ما أحل الله، ولا ليحلل ما حرم الله عز وجل، ولا ليغير
فرائض الله وأحكامه كان في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله عز وجل، وذلك قول
الله عز وجل: إن أتبع إلا ما يوحى إلي. فكان صلى الله عليه واله متبعا لله مؤديا
عن
الله
ما أمره به من تبليغ الرسالة. قلت: فإنه يرد عنكم الحديث في الشئ عن رسول
الله صلى الله عليه واله مما ليس في
الكتاب وهو في السنة ثم يرد خلافه، فقال: وكذلك قد نهى رسول الله صلى الله عليه واله عن أشياء نهي
حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله
تعالى،
وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله تعالى، ووافق في ذلك أمره أمر الله عز وجل، فما جاء في النهي عن
رسول الله صلى الله عليه واله نهي حرام ثم
جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك، وكذلك فيما أمر به، لأنا لا نرخص فيما لم
يرخص
فيه رسول الله صلى الله عليه واله، ولا نأمر بخلاف ما أمر رسول الله صلى الله عليه
واله إلا لعلة خوف ضرورة، فأما أن نستحل ما حرم رسول الله صلى الله عليه واله أو
نحرم ما استحله رسول الله صلى الله عليه واله فلا يكون ذلك أبدا لأنا تابعون لرسول
الله صلى الله عليه واله مسلمون له، كما كان رسول الله صلى الله عليه واله تابعا
لأمر ربه عز وجل مسلما له، وقال الله عز وجل: ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه
فانتهوا. وأن رسول الله صلى الله عليه واله نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة
وكراهة، وأمر بأشياء ليس بأمر فرض ولا واجب، بل أمر فضل ورجحان في الدين، ثم رخص
في ذلك للمعلول وغير المعلول، فما كان عن رسول الله صلى الله عليه واله نهي إعافة
أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعمال الرخص فيه إذا ورد عليكم عنا فيه
الخبر
باتفاق يرويه من يرويه في النهي ولا ينكره، وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق
الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما، أو بهما جميعا، أو بأيهما شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلى الله
عليه واله، والرد إليه وإلينا، وكان
تارك
ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول الله صلى الله عليه واله مشركا
بالله العظيم . اقول الخبر اضافة الى بيان ان سبب الاختلاف قد يكون ان حديث
المتقدم الذي ظاهره الالزام ليس هو كذلك فيأتي الحديث من المتأخؤر منهم عليهم
السلام بترخيص . فانه ايضا يدل على امرين الاول ان السنة لا يمكن ان تعارض القران
و ان اخبار الائمة عليهم السلام لا يمكن ان تعارض القران و السنة الثابتة .
(12) (فموسع عليك بأيهما أخذت )
في
المصدق عن يحيى بن زكريا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من سره أن
يستكمل الايمان فليقل: القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما
أسروا وفيما أعلنوا وفيما بلغني وفيما لم يبلغني. و في مصدقة عمر بن يزيد، قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يختلف أصحابنا فأقول: قولي هذا قول جعفر بن محمد.
قال: بهذا نزل جبرئيل. و في مصدقة اسماعيل بن مهران عمن حدثه من اصحابنا عن ابى
عبد الله (عليه السلام ) قال ما على احدكم إذا بلغه عنا حديث لم يعط معرفته ان
يقول القول قولهم فيكون قد آمن بسرنا وعلانيتنا. و في مصدقة منصور الصيقل قال قال
بعض اصحابنا لابي عبد الله ( عليه السلام ) وانا قاعد عنده ما ندري ما يقبل من هذا
حديثنا مما يرد فقال وما ذاك قال ليس بشئ يسمعه منا الا قال القول قولهم فقال أبو
عبد الله ( عليه السلام ) هذا من المسلمين ان المسلمين هم النجباء انما عليه إذا
جاءه شئ لا يدري ما هو يرده الينا . و في مصدقة الحجاج الخيبري قال قلت لابي عبد
الله " عليه السلام " انا نكون في الموضع فيروي عنكم الحديث العظيم
فيقول بعضنا لبعض القول قولهم فيشق ذلك على بعضنا فقال " عليهم السلام "
كأنك تريد ان تكون اماما يقتدى بك أو به من رد الينا فقد سلم . و يتأكد التسليم في
حالة ورود اخبار متعارضة . فمع عدم التعارض يقتضي التسليم ان يأتي المؤمن بالعمل
او يعتقد الاعتقاد الذي لا خلاف فيه في الاخبار و بسره انه قاصد قولهم عليهم
السلام ، و اماعند التعارض فانه ايضا يقصد قلبيا قولهم عليهم السلام و يستحب ان
يقول ( قولي هنا قولهم عليهم السلام ) و اما عمليا فانه يقتضي التخيير تسليما لما
كان عنهم و على ذلك الاخبار الخاصة بالتعارض المصدقة بما تقدم من اصول اولها
التسليم لهم بان ما وافق القران فهو قولهم و التسليم لما جاء منهم وعدم رده و عموم
العمل بما وافق الاخبار و من هنا فاخبار التخيير عند التعارض ليس فقط مصدقة بل من
الحق الذي عليه حق و نور . ففي مصدقة علي بن مهزيار، قال: قرأت في كتاب لعبد الله
بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام: اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله
عليه السلام في ركعتي الفجر في السفر، فروى بعضهم: أن صلهما ما في المحمل، وروى
بعضهم: لا تصلهما إلا على الأرض، فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي به في ذلك ؟ فوقع
عليه السلام: موسع عليك بأية عملت. و مصدقة الحسن بن جهم عن الرضا عليه السلام أنه
قال: قلت للرضا عليه السلام: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة قال: ما جاءك عنا فقسه
على كتاب الله عز وجل و أحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منا وإن لم يشبههما فليس
منا، قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق، فقال:
إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت. و مصدقة الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم
- عجل الله تعالى فرجه - فترده إليه و في مصدقة سماعة، عن أبي عبد الله عليه
السلام قال سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه ،
احدهما يأمر بأخذه، والآخر ينهاه عنه كيف يصنع ؟ قال: يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو
في سعة حتى يلقاه. وفي رواية اخرى: بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك. المصدق هو
مضمون التخيير لا التوقف .
و
يصدق قاعدة التخيير ايضا قاعدة (من بلغه : شيء من ال ثواب عن رسول الله صلى الله
عليه و اله فأتى به كان له اجره وان لم يكن كذلك ) فانها تؤكد التسليم و التخيير و
السعة فيه ففي مصدقة صفوان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من بلغه شئ من
الثواب على شئ من الخير فعمله كان له أجر ذلك وإن كان رسول الله صلى الله عليه
واله لم يقله. و في مصدقة محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من
بلغه عن النبي صلى الله عليه واله شئ من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي صلى الله
عليه واله كان له ذلك الثواب وإن كان النبي لم يقله. و في مصدقة هشام بن سالم، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: من بلغه عن النبي صلى الله عليه واله شئ من الثواب
فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله صلى الله عليه واله لم يقله . و في مصدقة
محمد بن مروان، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من بلغه ثواب من الله على
عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب اوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه. ) و تمام
الكلام عن هذه القاعدة في محله .
و
يصدق التسليم و التخيير عند تعارض الاخبار قاعدة عرض الاخبار على القران و السنة و
العمل بما وافقهما و قاعدة تصديق المسلم و قبول قوله و من هنا يظهر ان اخبار
الترجيح بالاوثقية او الشهر او مخالفة العامة انما هي فرع التخيير و التسليم و هي
على الجواز المرجوح بالتسليم و التخيير.
مسألة
: لقد جاءت اخبار مصدقة تدل على جواز العلم بل و استحبابه بالاخبار المصدقة من دون
النظر الى حال الراوي ففي مصدقة زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال المسيح
عليه السلام: معشر الحواريين ! لم يضركم من نتن القطران إذا أصابتكم سراجه، خذوا
العلم ممن عنده ولا تنظروا إلى عمله و في مصدقة سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد
الله عليه السلام: جعلت فداك إن رجلا يأتينا من قبلكم يعرف بالكذب فيحدث بالحديث
فنستبشعه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يقول لك: إني قلت لليل: إنه نهار، أو
للنهار: إنه ليل ؟ قال: لا. قال: فإن قال لك هذا إني قلته فلا تكذب به، فإنك إنما
تكذبني. و في مصدقة أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: سمعته يقول: لا تكذب
بحديث أتاكم به مرجئي ولا قدري ولا خارجي نسبه إلينا. فإنكم لا تدرون لعله شئ من
الحق فتكذبون الله عز وجل فوق عرشه. و في مصدقة عبدالله بن أبي يعفور قال : سألت
أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن اختلاف الحديث ، يرويه من نثق به ، ومنهم من لا
نثق به ، قال : إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وإلا فالذي جاءكم به أولى به ) اقول عدم التفصيل
دال على عدم اعتباره .
و
من هنا فالاخبار التي ظاهرها الترجيح بالشهرة او باوثقية الراوي او اعدليته او
موافقة العامة من المتشابهات لا توجب علما و لا عملا الا ان تكون فرع التسليم و
التخيير و تحمل على الجواز و ليس كمرجح فالعمل بها كمرجح مرجوح بحسن التسليم و
التخيير و منها متشابهة زرارة بن أعين قال: سألت الباقر عليه السلام فقلت: جعلت
فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ ؟ فقال عليه السلام:
يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر. فقلت: يا سيدي، إنهما معا
مشهوران مرويان مأثوران عنكم، فقال عليه السلام: خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في
نفسك. فقلت إنهما معا عدلان مرضيان موثقان فقال انظر إلى ما وافق منهما مذهب
العامة فاتركه و خذ بما خالفهم فإن الحق فيما خالفهم فقلت ربما كانا معا موافقين
لهم أو مخالفين فكيف أصنع فقال إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك و اترك ما خالف
الاحتياط فقلت إنهما معا موافقين للاحتياط أو مخالفين له فكيف أصنع فقال عليه
السلام إذن فتخير أحدهما فتأخذ به و تدع الآخر و في رواية أنه عليه السلام قال إذن
فأرجه حتى تلقى إمامك فتسأله ) و الرواية مخالفة للمصدق و الثابت بتأخير التخيير
وهو خلاف التسليم . و متشابهة عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ... فقلت : قلت: فان كان كل واحد
منهما اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، فاختلفا فيما حكما
فان الحكمين اختلفا في حديثكم ؟ قال: إن الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما
وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الاخر، قلت: فانهما عدلان
مرضيان عرفا بذلك لا يفضل أحدهما صاحبه قال: ينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في
ذلك الذي حكما المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما، ويترك الشاذ الذي ليس
بمشهور عند أصحابك ، فان المجمع عليه لا ريب فيه، فانما الامور ثلاثة: أمر بين
رشده فيتبع، وأمر بين غية فيجتنب، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عزوجل وإلى رسوله
صلى الله عليه وآله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلال بين، وحرام بين،
وشبهات تترد بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب
المحرمات وهلك من حيث لا يعلم، قلت: فان كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما
الثقات عنكم قال: ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب و السنة وخالف العامة فيؤخذ به،
ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة و وافق العامة، قلت: جعلت فداك أرأيت إن كان
الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ثم وجدنا أحد الخبرين يوافق العامة والاخر
يخالف بأيهما نأخذ من الخبرين ؟ قال: ينظر إلى ماهم إليه يميلون فان ما خالف
العامة ففيه الرشاد، قلت: جعلت فداك فان وافقهم الخبران جميعا قال: انظروا إلى ما
يميل إليه حكامهم و قضاتهم فاتركوه جانبا وخذوا بغيره، قلت: فان وافق حكامهم
الخبرين جميعا ؟ قال: إذا كان كذلك فارجه وقف عنده حتى تلقي إمامك فان الوقوف عند
الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات، والله المرشد . ) كما ان هذه الرواية معارضة
للمصدق بتأخير العرض على القران .
(13) (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي
الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )
و
قال تعالى (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ) و في مصدقة
علي بن أيوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله:
إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه وأسهله وأرشده، فإن وافق كتاب الله فأنا
قلته، وإن لم يوافق كتاب الله فلم أقله. كما انه يوافق التسليم و التخيير ،
فالسهولة و عدم الحرج من خصائص المعرفة الشرعية وهذا ثابت وهو مرجح عند تعارض
الاخبار المصدقة .
(14) (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ)
و
في مصدقة جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ::: وانظروا
أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا
فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح
لنا...) و في مصدقة جميل بن صالح، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول
الله صلى الله عليه واله وآله: الأمور ثلاثة: أمر تبين لك رشده فاتبعه، وأمر تبين
لك غيه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فرده إلى الله عز وجل. الخبر. و في مصدقة أبي شعيب
يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة. و في
المصدق عن داود بن القاسم الجعفري، عن الرضا عليه السلام: أن أمير المؤمنين عليه
السلام قال لكميل بن زياد فيما قال: يا كميل أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت. و في
المصدق عن أبي سعيد الزهري، عن أبي جعفر، أو عن أبي عبد الله عليهما السلام قال:
الوقوف عند الشبهة .
(15)
(وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ )
قال تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي
الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ
مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ
دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ
وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )
و قال تعالى (هُوَ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ
طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ
مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ ) و قال تعالى ( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ ) و قال تعالى ( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) و قال
تعالى (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى
وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) و قال تعالى (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ
مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (*) كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) و ققال تعالى (قُلْ
تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ
نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ
مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا
بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) و قوله تعالى (
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) و قال تعالى (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ
فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ) و قوله تعالى (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ
عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (*) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ )و قوله تعالى
(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ
تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ). فيجب استعمال العقل لأجل الاهتداء و
تبين الحقائق ، و الايمان و الاعتقاد السليم و الهداية و الطاعة لله و امتثال
اوامره من العقل . و قال تعالى (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ
وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ
إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) و قال تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ
مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) و قال
تعالى (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) فحصر الله تعالى التذكر اي الاهتداء
بالتفكر و التدبر والانتفاع بالموعظة باهل العقول و التدبر . و قال تعالى (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ
اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ ) و
قال تعالى (وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) و قال تعالى (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ
اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ) و قال تعالى (وَمِنْهُمْ
مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا
يَعْقِلُونَ ) وقال تعالى (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ) وقال تعالى
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ
الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) فترك
استعمال العقل أي قوة التمييز بين الحق و الباطل في الامور قبيح و ان علة عدم
ايمان المنكر للحق هو عدم استعماله العقل في ذلك و ان اقبح اشكال عدم استعمال
العقل في الامور هو الكفر .