خلاصة البحث
انّ القصيدة و بواسطة وحداتها الكتابية التركيبية من اسنادات و جمل و فقرات لها تأثير في توجيه مجال المعنى وصناعة طبيعة المزاج العام للنص و رسالته . و لقد أجريت هذه الدراسة على قصيدة ( أميرة من ضوء ) للشاعرالعراقي شلال عنوز ، لأجل بيان مدى قدرة القاموس النصي في تحقيق تلك الغايات . قد بينت الدراسة ان للقاموس النصي تاثيرا كبيرا في تجلي و تحقق انظمة تعبيرية مهمة في النص الشعري و اهمها المزاج العام و الفضاء العام . و انّ القاموس النصي يلعب دورا مهما في مجال المعنى الذي يتجلى في النص . له دور في تحقيق و بيان الرسالة في النص من خلال الصيغ الفعلية و من خلال مجال الرسالة المعنوي . ان هذه الدراسة ببيانها انّ القاموس النصي معادل تعبيري مؤثر فان اهميتها تكمن في انها تكشف عن اداة تعبيرية غير تركيبية لا تعتمد الافادة الجملية . و هذا فهم و تطور في التعبير الادبي و في القراءة.
المقدمة
النص دوما يشتمل على رسالة و يتحدث عن قضية و مهما كان النص موغلا في التجريد او حاول المؤلف الابتعاد عن الافصاح فان النص و بفعل غاية التجلي فانه سيحتوي على عناصر تدلّ على تلك الرسالة و على تلك القضية ،و من تلك العناصر الكاشفة عن رسالة النص و قضيته هو القاموس النصي اي قاموس المفردات في النص .
ان لكل نص مزاجا و فضاء و مجالا معنويا و تلك الجهات و خصوصا المجال المعنوي تتجلي في احدى صورها بقاموس المفردات في النص . القاموس النصي كمعادل تعبيري و المجال المعنوي كمعامل تعبير هما وجهان لنظام واحد متكفل بخلق الجو العام و المزاج العام للنص و الفضاء الذي يبحر فيه القارئ و يعيش اثناء عملية القراءة .
اهداف البحث
هذه الدراسة اعدت لأجل بيان قدرة و كفاءة القاموس النصي كاداة تعبيرية و معادل تعبيري تتجلى بواسطته و من خلاله ثلاثة انظمة تعبيرية الاول مجال المعنى ( و هو وحدة تعبيرية قبلية عميقة من نظام اللغة و احدى صور تجليها في النص وهي عامل تعبيري)
الثاني رسالة النص ( وهو وحدة تعبيرية تأليفية من نظام التأليف و احدى صور تجلي المؤلف في النص وهي عامل تعبيري)
الثالث فضاء النص و مزاجه العام( وهو وحدة تعبيرية نصية و احدى صور تجلي النص و هي معادل تعبيري )
فريضة الدراسة تفترض ان لقاموس المفردات تأثيرا في خلق كل تلك الانظمة التعبيرية و انّ الامر ليس مقتصرا على التركيب . فاختيار الالفاظ بالقدر الذي يكون من جهة المؤلف فانّه ايضا يكون بفعل النص من خلال رسالته و تناسق فضاءه و مزاجه و بفعل اللغة من خلال انثيالاتها و عناصر مجالها .
مادة البحث
البحث أجري على قصيدة للشاعر العراقي شلال عنوز عنوانها ( أميرة من ضوء )
القصيدة
*
أميرة من ضوء
شلال عنوز
أيّتها الممهورة بسناء النّدى
الرّاقصة كما فراشات الزيزفون
دعينا نحلّق في فضاءات الحلم
نكردس كلّ أمانينا
في موانئ الغناء
فمازالت الأرصفة
تلمّ رقص الخطى
تعانق حنوّ هسيس الخزامى
وعبق شفيف الهمس
على أوتار عزف القلوب
دعينا نتوسّد
شطآن اجتياحات الرّبيع
نلثم دفق النّسيم
عند بوّابات احتدام الشّروق
نمسّد انثيالات أحلامنا
على ضفائر موج البحر
نبعث للعاشقين
كركرات الماء
في صباحات الانبهار
دعينا نغنّي
فما زال لحن التراتيل
يبشّر بيوم ماطر بالقُبل
خذيني خبزا …ساقية …هديل يمام
لألمّك نغماً يتهجّد
في ناي قصائدي
فقد مللت الحبوَ
في الدروب الأفعوانات
أشعلي قنديلك المعلّق
في ركن الرّوح
لتنهمر على شُرفات بوّاباتنا
زخّات عسل الدفء
وتعلن مدائن العشق
انطلاق العناق
دعيني أكتبك لحناً …قصيدة
لتلتحفيني حناناً
يورق بالتوق
لا تقولي صبّاً أنت ؟
أنا كلّ يوم يوغل بي
اضطهاد الحنين
فأفتح لك قلاع مدائني
لتتسلطنين في أفيائها
أميرة من ضوء
*
طريقة البحث
البحث اجري وفق الية الاستقراء ، و التجريب
الاستقراء كان من خلال تتبع مدى تأثير المفردات التي تفترض النظرية تحقيقها للغايات الثلاث المذكورة ( مجال المعنى و رسالة النص و فضاء النص و مزاجه )) ككتل لفظية معنوية خارجية و و النتائج حققت بالتجريب العملي من خلال تبين ثقل تلك الالفاظ في النص أي موضعها الكتابي . .
و القاموس النصي هنا هو مجموعة الالفاظ المركزية التي كوّنت الوحدات الكتابية . و مجال المعنى كمعادل تعبيري هو المجال المعنوي الذي ينقل النص القارئ اليه اثناء القراءة . اما رسالة النص و مزاجه العام فامور فامور عرفية واضحة .
المقارنة ستكون بين ما يتحقق من تلك المظاهر التعبيرية الثلاث ( مجال المعنى و رسالة النص و مزاجه العام ) بواسطة النص كوحدة كتابية و بين تحققها بواسطة القاموس النصي .
من الواضح ان مجال النص ينتمي الى معاني الذات و الحب و المثال و تماهي الذات فيه ، و من الواضح انّ رسالة النضّ رسالة نداء و تقرّب و قصد للمثال و ان المزاج العام يتسم بالبوح و الاحتفاء و البهجة و السؤال و الانبهار و التعلّق بالمثال و الذوبان في المحبوب.
القاموس النصي للقصيدة
( الممهورة \ بسناء \ النّدى \ الرّاقصة \ فراشات \ الزيزفون \ دعينا \ نحلّق \ فضاءات \ الحلم \ نكردس \ أمانينا \ الغناء \ رقص \ الخطى \ تعانق \ هسيس \ الخزامى \ عبق \ شفيف \ الهمس \ أوتار \ عزف \ القلوب \ دعينا \ نتوسّد \ شطآن \ اجتياحات \ الرّبيع \ نلثم \ دفق \ النّسيم \ بوّابات \ احتدام \ الشّروق \ نمسّد \ انثيالات \ أحلامنا\ ضفائر \ موج \ البحر\ نبعث \ للعاشقين \ كركرات \ الماء \ صباحات \ الانبهار \ نغنّي \ لحن \ التراتيل\ يبشّر \ ماطر \ بالقُبل \ خذيني \ خبزا \ ساقية \ هديل \ يمام \ نغماً \ يتهجّد \ ناي \قصائدي \ قد مللت \ في الدروب \ الأفعوانات \ أشعلي \ قنديلك \المعلّق \ الرّوح \ لتنهمر \ شُرفات \ بوّاباتنا \ زخّات \ عسل \ الدفء \ مدائن \ العشق \ انطلاق \ العناق \ أكتبك \ لحناً \قصيدة \ لتلتحفيني \ حناناً \ يورق \بالتوق \ يوغل بي \ اضطهاد \ الحنين \ فأفتح لك \ قلاع \ مدائني \ لتتسلطنين\ أفيائها \ أميرة \ ضوء .)
من الواضح ان تلك النهايات و الغايات التعبيرية التي استفدنها من النص بوحدته التركيبية و انشاءاته القصيدة تتجلى بوضوح في طبيعة مفردات النص و كمها . فنجد ان تكل المظاهر من مجال المعنى و رسالة النص و مزاجه و فصاءه العام يتجلى بمفردات النص مستقلة من دون الحاجة الى التركيب و البناء الكتابي .
ان طبيعة الافعال ( دعينا \ تتسلطين \ يتهجد\ خذيني \ لتلتحفيني \ تعانق \يوغل بي\ يورق\ اشعلي ) كلها تؤسس لمجال الذات و المصال و تماهي الذات في المثال و رسالة النداء و القصد و الاحتياج .
و فضاء الابتهاج و السرور و الاحتفاء يتجلى في مجموعة كبيرة من مفردات النص (( الرّاقصة \ الغناء \ رقص \ الخطى \ تعانق \ هسيس \ أوتار \ عزف \ دفق \ موج \ \ نغنّي \ لحن \ التراتيل \ هديل \ يمام \ نغماً \ يتهجّد \ ناي \قصائدي \ لحناً \قصيدة )
و مجال مثالية المثال و المحبوبة و تعالي مكانها في النص يتجلى بالفاظ قوية في القصيدة (( الممهورة \ بسناء \ النّدى \ الزيزفون \ نحلّق \ فضاءات \ الشّروق \ انثيالات \ البحر\ صباحات \ الانبهار \ التراتيل\ يتهجّد \ قنديلك \المعلّق \ الرّوح \ لتنهمر \ شُرفات \ أميرة \ ضوء .)
و رسالة القصد و السؤال و تماهي الذات في المثال و الاحتياج يتجلى في الفاظ مركزية في النص ( دعينا \ نحلّق \ الحلم \ نكردس \ أمانينا \ الهمس \ القلوب \ دعينا \ نتوسّد \ اجتياحات \ انثيالات \ أحلامنا\ للعاشقين \ يتهجّد \ لتلتحفيني \ حناناً \ يوغل بي \ اضطهاد \ الحنين \ لتتسلطنين\ أفيائها \ أميرة \ )
النتائج
اظهر البحث انّ قاموس المفردات في القصيدة (القاموس النصي ) يشكل تجليا لمجال المعنى وبقوة حيث استطاعت المفردات المتقاربة معنويا و الواقع في مجالات معنوية معينة ان تبرز و تظهر و تكشف عن المجال المعنوي و ان توجه النص الى ذلك المجال بفاعلية .
كما انه قد اظهر البحث ان رسالة النص تتجلى بقوة بواسطة القاموس النصي ،حيث انه اضافة الى الوحدات التركيبة اي الاسنادات و الجمل و الفقرات و النص ،فان لقاموس المفردات كشف عن مجال الرسالة النصية . كما انه قد اظهر البحث ان المزاج العام للنص و فضاءه الكلي الاجمالي يتحدد و بشكل كبير بواسطة القاموس النصي .
الاستنتاجات
لقد بينت الدراسة ان للقاموس النصي تاثيرا كبيرا في تجلي و تحقق انظمة تعبيرية مهمة في النص الشعري و اهمها المزاج العام و الفضاء العام الذي يعيش فيه القارئ اثناء القراءة . كما ان القاموس النصي يلعب دورا مهما في مجال المعنى الذي يتجلى في النص و الي ينقل النص القارئ اليه اثناء القراءة . و اما بخصوص رسالة النص فان القاموس النصي ايضا له دور في تحقيق و بيان الرسالة في النص من خلال الصيغ الفعلية و من خلال مجال الرسالة المعنوي بان رسالة النص تقع في المجال المعنوي المعين وايضا من خلال المزاج العام و الفضاء العام الذي يخلقه القاموس النصي. و بهذا يتبين ان القاموس النصي معادل تعبير قوي و مهم و مؤثر في النص و طاقاته و غاياته التعبيرية .
ان هذه الدراسة تكمن اهميتها فيىانها تكشف عن اداة تعبيرية غير تركيبية اي انها لا تعتمد الافادة الجملية ،و هذا فهم و تطور في التعبير الادبي و في القراءة . و الذي قد يساعد في فهم الكتابة التجريدية وهذا ما يجب بحثه مستقبلا لأجل هذا الشأن .