بينما يرى الفكر
اللاديني انّ عادات و تقاليد شعوب بدائية غارقة
في الخرافة و الكذب هي حقائق و مصادر للعلم و المعرفة ، فانّه يرى ان كلّ ما عليه شعوب الاديان السماوية مصدره
الاسطورة و الكذب ، فاليهودية التي تتجاوز من الثلاثة الاف سنة و المسيحية التي
تتجاوز الالفي سنة و الاسلام الذي يقترب من الالف و الخمسمئة سنة ، هذه كلها و ما كان عنها بنظر الفكر اللاديني هي نتاج
اساطير لا تتوفر فيها الصفات اللازمة لتكون حقائق و معارف .
انّ الاثار التي في الكهوف
و بيوت القصب و البيوت التي فوق الاشجار للامم البدائية كلها تعتبر حقائق معارف عند الفكر اللاديني ، و اما المدن
الشاهقة و العملاقة مثل القدس و روما و مكة و بغداد و دمشق و الاندلس و خراسان ، كلها لا تنفع ان تكون
مادة للحقيقة و المعرفة . و يرى الفكر اللاديني ان كل ذلك نتج عن الاساطير التي في الكتب السماوية .
انّ الفكر اللاديني
يرى حياة الغاب و الحيوانية و الشهوانية البدائية مصادر للمعرفة و لبناء
الاعتقادات و الافكار ، و اما الحكمة و العدل و المساواة و الاحسان و التراحم التي
تملأ الكتب السماوية كلها نتجت عن
الاساطير و الاكاذيب .
الآثار التي على جدران
الكهوف و على جذوع الاشجار او على الواح الطين و اثار مدن و رسوم كلها تصلح ان
تكون اثباتات على وجود من بناها و عمرها و انتاج افكار و اعتقادات عن الصورة و
الهيئة التي كانت عليها ، و اما النجوم و الكواكب و الكون الشاسع و الارض و الجبال
و البحار و الانسان و عقله و روحه و جسده و خلاياه و ما في ذلك من علوم محيرة كلها
لا تصلح ان تثبت الصانع لهذا الكون .
انّ جميع صور التضييق على الانسان و مراقبته و
التنصت عليه و غير ذلك من اشكال المتابعة في الدول المتقدمة بحجة الامن القومي و ضبط الامن و سلامة المجتمع التي جعلتها تصبح كسجن كبير ،كل ذلك ليس تقييدا للحريات و لا انتقاص من فكر
الانسان و فعله ، و انّ ترشيد و نهذيب طريق العيش و العلم و المعرفة في الشرائع السماوية و ارشاد الناس نحو الاصلح باحكام لا
يمكن ان تحقق حرجا و عسرا بل هي ضمن الاستطاع و الارادة ، هذه الامور يعتبرها
الفكر اللاديني تقييدا للحريات و قتلا للفكر و أسرا للانسان .
يرى الفكر اللاديني ان
الطوطمية و السحر و الشعوذة و الفلسفات المتناقضة و المتهافتة و كل ما قاله الانسان يرأيه ، يرى الفكر
اللاديني ان تلك مصادر للمعرفة و تأريخ يستحق الدراسة و الاحترام ، و اما
الاعتقادات الدينية من التوحيد و النبوة و الامامة المكرسة لخير الانسان في دنياه
و آخرته التي تخبره عنها ، يرى الفكر اللاديني انّ ذلك من الاساطير و الاكاذيب .
انّ التعاليم و
المعتقادات التي اخبر بها الصادقون عن السماء ، الذين
لا يشك انسان في وجودهم و صدقم و نبلهم و
تواضعهم و زهدهم و هم الانبياء عليهم السلام ، يرى الفكر اللاديني ان كل ذلك مختلق
و ملفق و انما كان عنهم اوهام و اساطير ،
بينما كلمات المنجمين و المشعوذين و
المستبدين و المتسلطين المنغمسين في الدنيا و ملذاتها ، يرى الفكر
اللاديني ان ما يكون عن هؤلاء هي مصادر للحقيقة و المعرفة .
انّ هذه المقاييس و
النظرات غير السلمية و غير المستقيمة لم تنتج عن اعوجاج متأصل في عقل الانسان غلب
على من اراد القول برأيه في امور الحياة و الكون و ادعى العلمية وهو فاقدها ، و انما نتج عن سريرة و
ادارة مسبّقة في محاربة كل ما يمت للسماء بصلة ، و نصب العداء لها
، و اما تمويه الالفاظ و العبارات و الطرح بصيغ مختلفة ، الاوجه لحقيقة خلفه هي
السعي نحو نسف كل ما هو سماوي و يتصل بالله تعالى ، و ان كان بدعاوى احيانا تنتقد
الكتب و ما ورث عن الانبياء و اخرى تنتقد الفقهاء و علماء الدين و اخرى تنتقد
المتدينين و المؤمنين ، او ادعاء العلمية فان كل ذلك ليس بريئا
و انما هو غطاء لاجل الطعن في الدين و السماء .