التجلي المتناهي و التجلي اللامتناهي

بسم الله الرحمن الرحيم
رغم ان جوهر عملية التجلي هو ظهور الذات و حضورها و ظهور تجربتها خارجا ، و ان تلقي ذلك يكون بادراك وجود متجاوز للزمان و المكان و المادة و الهيئة ، الا ان هناك جوانب تمكن من تصنيف صور التجلي و اشكاله . 

من الواضح الفرق اللامتناهي بين التجربة اللامتنهاية الالهية للخالق سبحانه و تعالى و التجربة المتناهية لمخلوقاته ، فلدينا تجربة خالقية سرمدية قديمة الهية لا متناهية  ، و لدينا تجربة مخلوقية حدوثية متناهية . ان تجلي الذات الالهية بتجربتها اللامتناهية يحقق التجلي اللامتناهي ، بينما تجلي ذوات المخلوقات بتجاربها المتناهية يحقق التجلي المتناهي . اذن لدينا نوعان متميزان من التجلي :

الاول :  التجلي اللامتناهي المحصور بالتجلي الالهي .

الثاني : التجلي المتناهي  الحاصل بتجليات المخلوقات .
من الخطأ  المقارنة بينهما او البحث عن شبه بينما لذلك نهى الشرع عن التشبيه كما يمنع العقل من ذلك .
طبعا التجلي الالهي يتاثر بعاملين الاول استعداد المتلقي و الثاني المشيئة الالهية ، و قد يصل نظام الاستعداد و المشيئة الى درجة عالية  بالحب الالهي و كمال الاستعداد ، بحيث تحصل حالة من التجلي اعجازية  استثنائية ، كما في حالة التجليات التي حصلت لرسول الله صلى الله عليه و اله في معراجه .
اما التجلي المتناهي المخلوقاتي فله ثلاثة اشكال حسب خصائص مميزة :
الاول : التجلي الفطري : وهو تجلي اولي و اساسي موجود في كل مخلوق ، يكبر الادراك به كلما تقدم العلم ، كالتجلي في تشكلية الفلك و نجومه و كواكبه ، و كالتجلي في وظائف اعضاء الانسان و خلاياه ، و كالتجلي في المعادلات الرياضية العالية ، و غيرها من الوجودات التجلياتية المتاصلة في الاشياء ، فهذا التجلي ناتج عن خصائص مخلوقية موجودة في المخلوقات ملازمة لها.
الثاني : التجلي المكتسب : وهو الذي تتحصل على عوامله الذات المتجلية بالاكتساب و التطوير ، و يكون بشكلين متميزين :
الشكل الاول : التجلي العرضي : وهو ان تبلغ الذات درجة عالية من الحضور بقصد تحقيق غايات اخرى غير التجلي كالقرب من الله تعالى و طلب رضاه ، فتتجلي الذات المخلصة العارفة  عرضيا دون ان يكون هناك قصد  محوري لذلك التجلي  وهذا ما حصل لتجليات الانبياء عليهم السلام في حياتهم وحالات الاخلاص الكامل في الانسان .
الشكل الثاني : التجلي المقصود : وهو التجلي الفني : بان تعمد الذات الى التجلي و اظهار تجربتها الى الخارج بقصد التجلي و بقصد ظهور التجربة .
فالخلاصة لدينا ثلاث جهات لتقسيم التجلي
االاولى : التتناهي و اللاتناهي
الثانية : الفطرية و الاكتسابية
الثالث : القصدية اي الفنية و العرضية اي اللافنية .



انور غني