بعد ما احدثته العولمة
من تحطيم جوهري لعنصري الزمان و المكان ، و بعد تعاظم العنصر اللاخارجي في التعامل
البشري الحياتي، و بعد بلوغ العقل البشري العام درجات عالية من التخيلية
العلمية و الاجتماعية ، كان واجبا على التناولات التحليلية للمعرفة عموما و الفنون
خصوصا اعلان عصر جديد هو عصر ما بعد العولمة ، عصر تجلي الذات ، عصر يتحرر
فيه الفعل الانساني التاملي من عنصري الزمان و المكان و ثنائية المادة و الهيئة .
انه عصر حضور شيئية الاشياء بذاتها و تجلي التجربة بنفسها دون وسائط تعبيرية . انه
عصر التعبير عن الاشياء بالاشياء و عن التجربة بالتجربة ، انه عصر تراجع المادة و
الهيئة و الزمان و المكان امام التجلي الحضوري للذاتيات ، انه عصر العمل الانسان
المتجاوز للمادة و العابر للفنون فلا تمايز و لا انتماء ، فالعمل لا ينتمي لغير
شيئيته و لغير ذاته و لغير وجوده . انه عصر تلاشي الاختلافات و تعاظم التوحد و
الحضور الذاتي للمعرفة
.
انه عصر عدم الحاجة
للزمان و المكان و لا للمادة و لا للهيئة ، انه عصر حضور الذات ، عصر تجلي الشيئية
. فلم تعد الذات متوارية خلف المادة و الهيئة و خلف و سائل التعبير و التوصيل ،
انها حاضرة انها تتجلي ، اننا نراها بعقولنا و قلوبنا ، نحس بوجودها نرى صورتها
الحاضرة اما العقل و القلب انها تتجلى تقهر المادة و الاججناس ، انه عصر
التجلي ، انه عصر اعمال التجلي اللامادتية الاهيأوية الا زمكانية . انه عصر
الشيئية و التجلياتية . انه عصر الحضور عصر الذات القاهرة .