الفصل الثالث من الموت
زنبقة
البحر حينما تبزغ أراها ،
رغم أنني أنام
على وسادة عمياء .
كم قد حدّثني
القادمون عن الفضاءات البعيدة ،
لكني دونما
وجع نسيت حكاياتي و جلست في الزاوية كعارف كبير .
*
السنين
ترتجف قد أكل قشرتها الأطفال .
لم يبق
للإنسان فسحة تسع ابتسامته ،
هؤلاء
الجاثمون قد جعلوا من الليل فاكهة غارقة في النسيم ،
لكنها لا
تزال معتمة .
*
عندما
يتخلى التلّ عن أمجاده العظيمة ،
و عندما أنسى
أسئلة لطفولتي ،
حينها
يمكنك أن تتصور كم هي ضيّقة فضاءات رغبتي .
*
القمح و
الزهور رائدان عظيمان ،
يصنعان من
طرق الموت غابات تسحر العيون .
كيف السبيل
؟
و ما هنالك
سوى طيور قد تجمّدت منذ شتاء بعيد .
*
هذا هو
العالم الجديد ،
يطلّ
من النافذة دون مقدّمات جيدة .
تتبعثر
حكاياته السمراء بين أغصان الكرم ،
كأجنحة بلا
وطن أو حنين .
عند
الساقية هناك تنتظرني ابتسامة ريفية
قلبها الداكن لا يعرف العشق .
أجل لقد
تغيّرت الزهور ،
و ماء
النهر أصبح هزيلاّ لا يتسع لإنتظارات الكادحين .
*
لمن تقطف
الأزهار ؟ و لمن تشعل الشموع ؟
الموج حطّم
كل فراشة تذوب في حنينها الى نسمات الغروب الساحرة .
الطرق
واهية تدور دونما رجوع .
أصابعي و
نداءاتي لا تكفي لأجد نقاط بدايتي .
*
الصمت
يتوسع في نسمات بشرتي .
يهذي كنوارس
بحيرة قصّ المساء اجنحتها .
فلا سماء
عالية و لا ساحل حبيب .
سأتخلّى عن
فكرة الخلود و الحياة السعيدة .
فهذا
العالم لا يبق للبهجة ظلاّ حينما يتحدث عن رغباته الحبيبة .
*
بداياتي
شاحبة .
قد استنزف
ثيابها الشتاء .
أصابعي تبخّرت
،
أطاح بها
الحطّابون كأغصان تختبئ بين وريقاتها كلّ حضارة ،
لا أحدّث
بأسرارها العظيمة .
*
إنّ
الطبيعة بارعة في إطلاق كلّ حكاية ممكنة
وكلّ حمامة
تهمس في أُذني ،
تخبرني عن
ذلك الطوفان الذي سرق أعشاش الطيور ،
فلم يبق
سوى بشرتي الداكنة ،
و عربة
سحريّة نحو الضياع .
*
رغم أنّ
الضفادع نقيّة ،
ألا أنّها
تعشق المياه الآسنة .
و رغم أنّ
هتافاتها تلوّن وجنتي المساء ،
الا أنني
لا أجد مسامعي توّاقة لغنائها العظيم
*
سأسقط في
البئر ،
فلوحاتها
تخلو من الأسماك و اللؤلؤ ،
أجل
اللآلئ رسالة كلّ موت ،
و إغتصاب للخليج .
فينام
جائعاً على رصيفه الذهبي .
*
تلك
المستنقعات المتمدّدة كعذارى و سط الظهيرة فوق ظهري ،
تلك الأيدي
ذات الأصابع الطويلة جداً ـ
تقطفني
كأوراق الخريف بكل ودّ .
مرحى أيّها
الخليج السعيد ،
فالغروب
ممتلئ بكلّ رقصة ساحرة .
*
القدس
تتثاءب ،
تبرز من
بين أضلاعها جماجم الطفولة المسروفة ،
مرحى إبتسمي أيتها العواصم الجليدية،
إيتها
العصور .
الليل يسير
على ذراعين من إسفلت ،
و أنا تلك
الحجارة القديمة في رحم الارض ،
أُتخم
شجيراتها بكل سعال مرير .
أسناني
لوحة للجمال ،
و شفتي
المتساقطة في واحة الشوق حكاية شيخٍ مرّ يوماً بقريتي .
*
إقتربي
، إقتربي أيّتها الأهازيج ،
أيّتها الأشلاء
التي أعرفها ،
ها أنا أتوقّف
كالموت .
عواصمي
يلتهمها الجراد ،
و فمي يذيب
كل قارب غريب .
مرحى مرحى إبتسمي أيتها الحرية .
*
لقد أنهت
الظهيرة كلّ شجيرة ساكنة ،
فوق أغصانها
تغنّي الضفادع الهزيلة ,
هكذا أخرج
خريفيا كالشقوق الخشنة فوق أيدي الفلاحين
.
*