معاني أدب القضبّة في الشعر الفلسطيني المعاصر










معاني أدب القضية في الشعر الفلسطيني المعاصر

د انور غني الموسوي


( في ظلال غربتي \أشدّ السماء \ كمعطف ممزق \ يفيض...بالأوجاع \ وبعتمة الطريق.... )

يعقوب أحمد يعقوب




   
تمهيد
 الرساليّة من أركان الابداع ، فبجنب فنيّة و جمالية العمل الفني يكون للرسالية مكانتها في العملية الابداعية ، و حينما تكون الوطأة شديدة على الأمة تكون الذاتية عبثا مخلّاَ بعطاء  المبدعين . لذلك يتجلّى صوت الانتماء  وروح الشعب في أدب الأمة التي تعاني   الظلم و المواقف المخيبة للانسان .فتصبح القضية مظهرا من مظاهر الابداع الصارخة التي تخط ألوانها القاهرة على وجه الزمن.
و لأجل ما يعانيه الانسان الفلسطيني و تأريخه المتراكم من الخيبات بالانسان  و العالم كانت الرسالية طاغية في أدب الفلسطينيين  ، ظاهرة الملامح ،  حتى أنّك لا ترى في الأديب الفلسطيني سوى رسالة تتنقل في المكان و الزمان ، مما يقدم نموذجا انسانيا لصدق البوح و تجلّي  الانتماء  و الادب الرفيع المتمثّل للقضية بكل عمق .
صوت الانتماء ونداء المطالبة بالحقوق و الاعتراض على الواقع المؤسف و تمثل الامّة و قضيته يرجع الى عنصر التجربة في العمل الابداعي ،  فيتلون الابداع بمحتوى التجربة ، وكيفية تجليها  ، و لأدب القضية في الشعر الفلسطيني تجليات تنفذ الى أعماق الشعور و عوالم المعنى متشكّلة بمظاهر معنوية و لغوية بارزة . فنجد انّ اللغة التي كتب بها الشاعر الفلسطيني ألمه و احزانه تنوعت بتنوع التجربة الشعرية ، الا انه يمكن ردّها الى الشكلين الرئيسيين  للكتابة الشعرية  ، وهما التعبيرية و الوصفية  ، فمنها ما كُتِب بلغة تعبيرية كما نجده في لغة عالية  ليعقوب أحمد يعقوب في لوحة تعبيرية عن الأمل المتعب حيث يقول  (  أرتبُ الكلمات سُلماً  \  أصعد عليه  \ لشرفةِ الفرح البعيدةِ \ وأخافُ أن ينكسرَ الخشب المُتعب \ ويداهمني الجرح ) ، و لوحة تعبيرية فذّة  لعيسى أبو راغب  يقول فيه (تعال أيها الغراب الحكيم يا سيد هذه الأرض الخراب لنعود للبداية ) ، و منها ما كتب بلغة  وصفيّة  كمشهد بوحيّ شفيف لإيمان مصاروة تقول فيه (إذا ما رفعتُ الى القدسِ قلبي  \ تَهَاوَىَ الشّهَابُ  \ وعَزَّ النّظَرْ  ) . و كما تعدّدت لغة الشاعر الفلسطيني تعددّت معانيه و أعماق كلماته التي باح بها و نداءاته العظيمة التي تجلت على بحور أقلامه و هنا نورد نزرا يسيرا لمجموعة هي مرآة لنظام جميل و معلّى من الابداعيين الفلسطينيين وكتاباتهم الفذّة العميقة .





قصّة الألم و الجراح
حينما يعظم الألم يصبح فيضانا من الاوجاع و العتمة ، ففي لوحة تعبيرية  عالية المستوى يقول  يعقوب احمد يعقوب (في ظلال غربتي \أشد السماء \ كمعطف ممزق \ يفيض...بالأوجاع \ وبعتمة الطريق.... ) و حيث صخور الهمّ النازلة من جبال الغم ، حينما تصبح الدموع دما ، يقول  يعقوب احمد يعقوب (  هي بعض العيون \  بجوف الظلام \ تقطر بالدم \ و عند الصباح تنتزع ابتسامة من صخور الهم من جبال الغم \ لا لشيء لكن لكي يستدير ال ف م )  
و يخيّم الحزن حتى انه يكسر الامل و الطريق ،  انه الامل المحطَّم الهشَّم الذي ظلّ طريقه ،   حيث يقول يعقوب احمد ( انا و الامل صديقان منذ دقيقة \ صادفته\ مكسرا \  محطما \ مهشما\ ظل من الوجع \ طريقه ) .
وتحكي لنا  كلمات الشاعر الفلسطيني  قصّة الألم المرير الذي يتجاوز صبر الصابرين تقول     ايمان مصاروة (بِجِراحِ شعبٍ صيَّرَ الصَّبرَ الجَميلَ لِزادِها \ كالعُشْبِ في جَبَلِ المُكَبِّرِ يحتَفي بالغَيْمِ \ يَلْبَسُ حُمرةَ الآهاتِ رُغْمَ سُقوطِ بَعضِ حُروفِهِ \ في هُوَةِ المَعنى  ) و في لوحة تعبيرية عن الخواء يقول محمد حلمي الريشة (أَصْعَدُ شَجَرَةَ الحَيَاةِ \ لِأَلْتَقِطَ ثَمَرَةً \ سَقَطَتْ فِي القَبْرِ )
ان القضية الفلسطينية هي الجرح العربي الكبير يقول عيسى ابو راغب (  أنا جرح عربي  \ نصفه مطر  \ونصفه تراب  ) , و في لوحة تعبيرية تبوح ايمان مصاروة بألم كبير فتقول (تركتَني \زمنًا ينوحُ على مواجعِهِ الصّليبُ ) و في بوح شفيف  ينصدع الاسى من موطن الجرح و يطلع  النزف حيث تقول مقبولة عبد الحليم (من موطن الجرح قلبي بالأسى انصدعا  \أخـــــــط نزفًـــــــا من الأوجاع قد طَلعا \ كــــــــــــونٌ بروحي من الآلام يذبحني \ ومـــــــا أزال بآهي أكــــتوي هـــــلعا)   و يفيض الزمن بالأسى حتى الشبع يقول  محمد حلمي الريشة( أَبْتَلِعُ الأَسَى  \ نَحْلَةً مَرِيضَةً،\ وَأَصْرُخُ مِنْ شَبَعِي )
 لقد تلوّنت حكايات الشاعر الفلسطيني بألوان  شتى للحزن   ، الحزن الذي لا يمكن تصوره يقول عيسى ابو راغب  ( فوق التصور  \هذا الحزن فينا  \الدم يمر ............... )  و غابات الحزن تأسر المكان اذ يقول بكر زواهرة   في لوحة تعبيرية عالية   (أنقشُ في وجهِ الريح  \  \دموعي فيهلُ الغيث الساخن  \في عشبي المثقوبِ رمالا \ والريحُ تمشطُ غابات \ الأحزان \ بصهيل حصانٍ \مضمر )
و في صورة تعبيرية تبلغ عمق الجراح يهرب احمد فوزي الى الليل اذ يقول (حينَ تَهرُبُ إلى اللّيلِ \ كَي ترى الضّوءَ في جروحِ المدينةِ \ ولا تَشفى )


الكون الخدّاع المتخاذل
ان الألم المستمر لم يكن ليوجد ـ و لا ليستمر لولا خيانة الكون المتخاذل  و الانسان المنافق ، حيث  يقول عيسى أبو راغب (  طلبت منك أن تعتلي سقف الروح والسماء / أن نشيح بوجهنا عن كل الخداع الكوني /فهذا النفاق قد استيقظ من نومه ) ، و يقول في موضع اخر  (  هذه فتنة أرختها الأيام على جسدي /وكتبت خيانات الكون من بعد ما ولدت )  انه عالم خائن كسيحٌ  ، اذ يقول عيسى ابو راغب (  فهذا العدم قد دبّ في جذع الجسد وأصابه بالكساح  ) .
ليس هناك في هذا العالم سوى الخراب ، و الارض اليباب يقول عيسى ابو راغب ( تعال أيها الغراب الحكيم يا سيد هذه الأرض الخراب لنعود للبداية ) انه الصمت الكوني القاتل   ، تقول ايمان مصاروة ( أليستْ تلكَ الأرضُ  \المذبوحةُ بالصمتِ ؟   )  ، و في لوحة تعبيرية لهذا الزمن المظلم يقول محمد حلمي الريشة ( أَنْهَضُ كُلَّ لَيْلَةٍ \ بَحْثًا عَنْ صَبَاحٍ \ بَيْنَ جَنَاحَيْ غُرَابٍ )
الا ان الفلسطيني لا يرضى بهذا الواقع المرّ و يدعو الارض ان تثور ليتحرر الانسان يقول احمد فوزي (أيا أَرْضُ أَنتِ البسيطَة مثلي \ فثوري أَثورُ \ لكي يصبحَ النّاسُ \ كَالطَّيرِ ) .

عتمة الغربة و المنفى
البعد عن الوطن و المنفى ذلك الألم العتيد الذي يضرب في جسد الانسان الفلسطيني والذي يموت فيه نَفَس  و يولد فيه  آخر يقول عيسى ابو راغب (     أبي قد مات /مات بعد حفنة من القهر والألم والمنفى والغياب /أبي الذي مات في المنفى البعيد )  فيولد في المنفى و ريثاً له و قصّةً كئيبة يقول عيسى ابو راغب (أنا وريث المنفى /وحين ولدت كانت امرأة تحمل في جدائل شعرها رسائل البلاد قصت حبلي السري وأوثقته بالأرض  ) و حينما تضرب الغربة في العمق تتجلى الوحدة الممزقة يقول يعقوب احمد (في ظلال غربتي \أشد السماء \ كمعطف ممزق \ يفيض...بالأوجاع \ وبعتمة الطريق.... )   .   وتتساءل ايمان مصاروة هل يورق المنفى ؟ اذ تقول  (  هنا ، هناكَ أراهُ ما بينَ الخيامْ \هل يُورِقُ المنفَى \بعينِ العشقِ ؟ ).
لا يرى الشاعر الفلسطيني هذا الزمن المليء بالغربة  الا صقيعا قاتلا يقول عيسى ابو راغب (   
ما زلت ابحث عن رحم الأرض الدافئ فقد اشتد الصقيع  ) ، انها برودة ارصفة الغرباء  يقول يعقوب احمد (وأحياناً \ كثيرة \ أتلاشى \ وأتبخر \ وأنتهي حتى تلملمني البرودة
  \ عن أرصفة الغرباء )   ، و لا يرى في بعده عن الوطن الا سوادا مريرا  خاليا من رغبة الحياة  ،  يقول عيسى ابو راغب (وقت بلا رغبة \ وقت بسواد ليل  \ خذوه مني  \ خذوه \....وابقوا لي \شرفة للبكاء \اكتفي قبل الوداع  \بشي منكم مستطاع \ أن اقبل تراب وطني \  وبعدها يكون العمر انعتاقاً ) انه زمن ينوح عليه الصليب كما تقول ايمان مصاروة (تركتَني \ زمنًا ينوحُ على مواجعِهِ الصّليبُ ) ،  انه زمن لا حياة فيه و لا فرق بين ايامه و ساعاته يقول بكر زواهرة (من غيمة العمر السريعة تسقط الاعوام \ في لحم التجاعيد العميقة كالهبوط بلا هواء \ في بطون الانقراض \  لا فرق في الاعوام \أو شكل السنين سوى  \  اختلاف في الوجوه ) .  لا فرق بين الغربة و المنفى فألم الحرية حاضر في الاثنين يقول عيسى ابو راغب (عيسى : فلا فرق بين الغربة والمنفي \أما الحرية فهي غريبة \ مثلي\ لا ارض لها) . و الى الاغتراب و  الغياب رسالة ونداء ودعوة الى انهاء فصول البعد و طلب اللقاء حيث تقول ايمان مصاروة (خُذني إلى لحدي \ ولملِمْ ما تركْتُ مِن الغيابِ \ وكحّلِ العينَ الشقيةَ في ابتعادِكَ \ كي تراكْ )

نشيد الأرض
حين تُذبَح الارض بصمت الصامتين  ،  يعلو النداء الحزين ، اذ  تقول ايمان مصارة    ( أليستْ تلكَ الأرضُ  \المذبوحةُ بالصمتِ )  . ان الانسان الفسلطيني إلتحم بأرضه فكان هو الارض و كانا شيئا واحدا  يقول عيسى  ابو راغب (  أبي كتب على صدره بعود السنابل الأصفر / نحن الأرض / وحين طل برأسه من هناك /على المدى البصري /لم ير إلا طين الأرض ووردة وزيتونة تنحني للعاشقين ، تناديان بعضهما البعض ) ، و يتغنّى بالوطن فان ازقته اجمل من النجمات  يقول عيسى ابو راغب (   أزقة وطني \أجمل من نجمة تترصد \غابات الليمون ) .
 و تحضر دوما القدس رمزا و معشوقة  في شعر الفلسطينيين فتقول ايمان مصاروة (إذا ما رفعتُ الى القدسِ قلبي  \تَهَاوَىَ الشّهَابُ  \ وعَزَّ النّظَرْ  ) انها الوحي الذي ترتل تقول ايمان مصاروة (  فالقُدسُ وحيٌ قد تَرتَلَ جُرحُها \ نورًا يُضاهي الشَّمسَ حينَ تَزورُها   ) انها اعجوبة الزمان انها رئة التاريخ و الوجود  تقول ايمان مصاروة (في القُدسِ تَبْذُرُ سِحْرَها المَلَكِيَّ بابِلُ \والفُتُوَّةُ في حدائِقِها المُعَلَقَةِ العَجيبةِ \ تَفتَحُ الدُنيا نَوافِذَها لِتلتَقِطَ الهَواءَ \ وَتنْتَشي بِالحَرْفِ \تَضْحَكُ من جَديدْ )
و الوطن مزروع في صدر الشاعر الفلسطيني حيث يقول بكر زواهرة ( وطني مزروعٌ في صدري  \وأنا مزروعٌ في الاشياء العليا\ مخلوقٌ من لحم الزيتون \ومرسومٌ من ملك الأوطان )
و رغم  الالم ، رغم الحزن ، رغم الخيبات الا ان الفلسطيني يبقى طودا يبقى عاليا  لا يعرف الخنوع و لا الركوع تقول  ايمان مصاروة (تقولُ كلاماً فطرياً \  يخلو من زيفِ التنميقِ  \وبهرجةِ الساسةِ  \لن نركعَ  )  .
 لم يترك الشاعر الفلسطيني و سيلة ليتكلّم فيها عن وطنه حتى انه احترف السكوت لأجل الحديث عنه فهنا بكر زواهرة يقول (حينما يكثر الكلام عن الوطن \ ابحث عن طريقة كي يتذوقني بها الوطن \ واحترف السكوت )  . و بهذا النداء العالي و الصوت الرفيع  يتقدم الصوت الفلسطيني ليشق الصخر و يوحد الشعوب يقول أحمد فوزي  ( إذا شَقَّ صَخْرَكِ \يومًا نَباتٌ \ فذاكَ حنيني  \إذا صارَ شَدوُ الرُّعاةِ نَشيدًا \يُوَحِّدُ حُلمَ الشّعوبِ الفقيرةِ \ ذاكَ أنيني)
منذ الطفولة و الانسان الفلسطيني يحمل في صدره وطنه يعلقه في فكره نورا آسرا  يقول  عيسى ابو راغب (  ما زلت أنا يا أبي ذاك الطفل الذي يحمل صدى الوطن وغيم السماء بكفي ...سلام لك  )  و  يتجلّى همّ الوطن في لغة يعقوب احمد و الواقع المرّ حيث يقول ( حين بدأت الكتابة قبل نصف قرن مضى \ كنت اكتب عن طفل\ لا يجد صندلا ينتعله \ و اليوم\ صار \ الطفل \ امة \ حافية \ بلا عيد\ تموت كل صباح من جديد ) ،  انه يرى القيود التي تكبل الوطن و صوته و وجوده فتقول ايمان مصاروة (   تَركتَني \وطنًا يقيّدُهُ الغريبُ ) .

تراتيل الشهادة و الفداء
 لا يعرف الفلسطيني الحياة الا شهادة و فداء  ، و ابناء فلسطين لا يعرفون الحياة الا مناسبة للموت من أجل الوطن ، يقول  عيسى ابو راغب ( وتتدلى على صدري مفاتيح الصعود للسماء\ أبنائي يحملون أوسمة الموت \و وطن عابر )  ان الشهادة قصيدة الفلسطيني و فراشته الحرّة لرسم وطنه الحبيب يقول عيسى ابو راغب   (   تعال يا ابن وطني  \ تعال لنرسم الوطن كما نشاء  \تعال نطرز البطولة على جسد الشهداء  \ونطلق الصرخة في وجه الاعادي \ هنا وهناك في كل مكان  \صوت فلسطين يجمعنا ) .
ان الشهادة طهر الانسانية و طهر الارض تقول ايمان مصاروة (في غزَّةَ صوتُ المذيــاعِ تطهرَ
بالشهداءِ \ بدمعةِ أمٍ ثــكلى  )  و تخاطب الحمقى  الذين يجهلون  انّ الشهادة باب الحرية و الصباح ، اذ تقول  (يا حمقى قد ولدَ الصبحُ بنزفِ دمــاءْ  \ يا حمقى قد عــادَ شهيدُ الأرضِ ليورثَ من  نظروهُ ضيـــاءْ   )  ان الشهادة هي  نار على المعتدين ، انها سقر  اذ تقول ايمان مصارة (شهيدٌ شهيدٌ يجَدّدُ عهداً \ويشعلُ  \ناراً توازي سقر ) و تبلغ مقبولة عبد الحليم الغاية فترى ان كل وجود غير الشهادة هو خنوع اذ تقول (نالوا شهادتهم من أجــــــــــــل غايتهم  \للقدس واستبقوا من خـــــــار أو خنعا ) . 
حتى الحب يكون له معنى اخر في ارض البطولة و الفداء فتقول ايمان مصاروة (الحبُ هنا \ أن تسلِّمَكَ الحبيبةُ \رصاصةَ العهدِ \لتكتبَها البندقية ...... ) بل ان الوجد لا يكون الا  في حرية الشهادة ،  بل ان الحياة لا تكون الا بذلك  ،  تقول ايمان مصاروة (  الوجودُ أنْ  \ تكونَ حراً  \ حتى لو جِئتِ  \ على أكتافِ الموتى أنتَ \ الحيُّ أيا ولدي \أنت الحي ) و في لوحة تعبيرية لبكر زواهرة يقول فيها ( ثمة فرق بين امشاط الرصاص \وأقلام الرصاص مهما يحاول المجرمون ان يدجنوا الثقافتين ) فيعتبر المساواة بين الاثنين جريمة  ،  و تصرّح ايمان مصاروة ان التعبير و البلاغة كلها في الفداء وان لا لغة حقّة الا الفداء ،اذ تقول (قلْ للّذين تنكّروا \أنّ الفداءَ هو البلاغةُ والدّماءُ ) حتى ان المعاني و العناوين و أشياء الحياة تتداخل و تتوحد كلها فيكون لها عنوانها الأوحد وهو الفداء تقول ايمان مصاروة (وتقولُ أمُّكَ للمســاءِ \إنّ الصباحَ حروفُ مَن عشِقُوا  \ووجهُكَ والقصيدةُ والفداءْ
لقد تمثل الشاعر الفلسطيني قضيته و كان رسولاّ فذّاً و صوتاً صادقاً و نداءً عالياً لا ينفكّ عن قلبه وطنُه و لا يفارق عينيه املُه ، بل انه اتّحد مع الارض و الوطن  و يختصر ذلك بكر زواهرة في مقطوعة رائعة و يوح شفيف ، اذ يقول ( أنا المحمّل ُباليراع \ وبالصراع  \ وبالتراب بالهضابَ \ وبالجراحَ \ وبالحبيبةَ والشعوبْ ) .