القراءة الصحيحة و النقد المفتوح







 د أنور غني الموسوي


  دوما هناك سؤال : ما هي القراءة الصحيحة ؟  بل ان النقد في جانب من بحث منهجياته انما يحاول ان يجب عن هذا السؤال ، و  ان النظرية النقدية انما تقدم  كنموذج للقراءة الصحيحة .
و ربما يمكن اعادة السؤال :   كيف نعرف ان قراءتنا للنص صحيحة ؟
للاجابة الواضحة و الصحيحة عن هذا السؤال لا بد من تذكر امرين :
الاول : ان الصحة  و النموذجية   امور تطورية  ، لذلك من الخطأ تصور وجود قراءة صحيحة خالدة و دائمة ، كما انه لا بد من اليقين انه ليس هناك قراءة صحيحة اكثر من القراءة المعاصرة .
الثاني : ان للنص غايات تتجلى فيه هي :  اللغة و النص نفسه و قصد المؤلف ، كل منها يتجلى بمظاهر واعية و غير واعية  ، و حينما تكون تجربة الكاتب ناضجة و متكاملة تكون مظاهر تجلي تلك الغايات على درجة عالية من الفنية و الرقي و الثراء .  هذا الثراء يحتاج الى قراءة مخلصة تتبع جهات الادباع في النص في كل مستوياته .
في ضوء ما تقدم تكون القراءة الصحيحة متسمة بصفتين اولا المعاصرة و ثانيا الاخلاص ، لانه من دون قراءة معاصرة تكون قراءة متخلفة و مسيئة للنص  ، و اما الاخلاص ، فمن دونه لن يكون هناك مجال لتبين اوجه الابداع في غايات النص المتقدمة ، فتكون القراءة ناقصة ايضا .
النص المعاصر لا يريد فقط الحكاية و التوصيل و النقل ، لكي يكتفى في قراءته بعملية قراءة واحدة ، بل هو ساحة للإيحاء و الرمزية و التقنية و الفنية و الثقل المعرفي و اللغوي و البعد الجمالي و تمثل القضية و الانتماء و النفس و الايغال في عمق التجربة و عالم المعنى . ان الكتابة الفنية المعتبرة - و ليست التسويقية  طبعا - تتمتع بعدد كبير من الجوانب الابداعية في مستويا متعددة و مختلفة  ، فهناك عوامل من الوعي و عوامل من اللاوعي ، و هناك عوامل من النص ذاته و من اللغة الراسخة بفعل البيئة و الثقافة في نفس الكاتب .كلها تعمل على التجلي في بناءات و تراكيب فنية مناسبة تلائم ما ترسخ و تراكم في تجربة المؤلف ، وهذه الحقيقة ليس فقط المؤلف يدركها بل القارئ ايضا .

من هنا لاجل ان نحقق قراءة صحيحة لا بد من تتبع مظاهر الابداع في جهات متعددة و مستويات قراءاتية مختلفة ، و في القراءة الفنية للناقد ،ربما يكون واقعا ظهور حالة ( النقد المفتوح ) و الذي ينفتح على جميع امكانات النص بجميع ما يتاح من ادوات وصلت الى الناقد المعاصر ، و حينها يكون من التعسف القول بان منهجا معينا و مدرسة معينة هي التي تفي بحق الظاهرة الابداعية .