النص الكامل ( كلمة المرور ) للشاعرة الدكتورة سجال الركابي نموذجا .









د أنور غني الموسوي




  كلمة المرور/ سجال الركابي
أدور... 
يميناً شمالاً
يتأملّني القلقُ
يستبشرُ البُكاء...!
يُربِكني اليقين
أظلُّ افتقد الجواب
أتعبتني المساراتِ المضطربة
وتشظّيَ الأرواحِ
أصبحَ الخوفُ كلمة المرور
هل أنعتِقُ مِنَ المكتوب
إن ارتميتُ في فضاء المجهول...!؟
أتتلقفني أحضان ُكفوف ٍأخفاها اللاممكن...؟؟؟




في نص ( كلمة مرور ) تجليات نصية و سردية تعبيرية تعكس تجربة متمكنة و متقدمة ادبيا و فكريا ، فاضافة الى القاموس اللفظي الذي يخيم عليه الاضطراب و التيه و القلق بمفردات تنقل القارئ الى ذلك النص و حقوله المعنوي المقصودة ، اذ لا تجد مقطعا او سطرا الا و فيه مفردة من حقل القلق و الاضطراب (أدور... \ يميناً شمالاً \ القلقُ \يُربِكني \ افتقد الجواب \المساراتِ المضطربة \تشظّيَ الأرواحِ \ الخوفُ كلمة المرور \ فضاء المجهول...!؟ \أخفاها اللاممكن...؟؟؟ (


لقد نجحت الشاعرة في احضار القارئ الى النص ، وهذه من اهم المهام التي تقع على عاتق الشاعر و نصه .


في توظيف اخر يضرب في عمق المعنى و حقيقية الادب و الشعر هو تجلي حالة استقرار القلق و الاضطراب الذي يطال اعماق النفس و الثوابت ، وهو شيء ابدعت فيه الشاعرة و اجادته بقوة في مقاطع فذة :


في مقطعين نجد تمكنا و ارسوخا للقلق الذي ياخذ بالانفاس و زوايا النفس ( يتاملني القلق \ يستبشر البكاء ) وهو معنى عميق و خانق .


في مقطع اخر ( يربكني اليقين ) نجد اليقين المربك الذي هو خلاف اليقين الباعث على الاطمئنان و الثقة ، انه تعبير صادم و عميق و كاشف عن عمق الازمة .


كما ان عمق الازمة و التجربة ايضا ينكشف في تعبير ) تشظيَ الأرواحِ) ، فان الروح هي الجوهر وهي القطب الذي يذاد عنه ، فاذا وصل التشظي اليها ، فان ذلك عاكس عن عمق المأساة و الازمة .


و ايضا تتجلى عمق التجربة في عبارة ( أصبحَ الخوفُ كلمة المرور )، اذ انه نظرة تتجاوز الذاتية بل و المحلية لتطلق نداء الى العالم ، الذي صار يعيش على الخوف ، فلا مسار ولا طريق الا و يتشح بالخوف ، وهذا ايضا يكشف و يعكس عمق المأساة و التجربة .


و في مقطعين اخرين تتجلى التجربة و عمقها ( ( هل أنعتِقُ مِنَ المكتوب ) ، ( ارتميتُ في فضاء المجهول...!؟ ) ، اذ انها تكشف بلوغ النفس ذروة الحيرة حتى انها تصل الى حد قرار الارتماء في المجهول .


ان نص ( كلمة مرور ) بتحقيقه السردية التعبيرية ، و تكامله في تجليات النص من جهة تجلي اللغة و انثيالاتها و تجلي النص و توظيفاته الجمالية و تجلي تجربة المؤلف و قصده و قضيته و افكاره ، و من خلال البراعة في احضار القارئ الى النص ، و الرسالية الواضحة الجمالية و الانسانية يتحقق هنا ( النص الكامل ) .