اسلام عابر للمذاهب


 
الا يجب علينا ان نتوقف و نتساءل ما الذي جنيناه من المذهبية ؟ ما هي الخدمة التي قدمتها  لنا؟ طبعا المراد هنا ليس الاعتقاد الصحيح، اذ لا ريب ان هناك اعتقادات صحيحة و اعتقادات فاسدة و العقل يرشد الى كون الانسان على اعتقاد صحيح وهذه ليست مذهبية و انما معرفة . مرادنا من المذهبية، المؤسسة المذهبية من حيث الاصول و المدرسية  . و قبل الاجابة على السؤال ، لا بد ان نستذكر الصحابة في زمن رسول الله صلى الله عليه و اله و بعده ، هل كانوا بنقسمون في مناهلهم و مؤسساتهم الى مذاهب ، الجواب الواضح انه لا وجود لهكذا شكل من المؤسسات مع انه كان هناك اعتقادات صحيحة و اعتقادات باطلة.  اذن كيف كان يعمل اصحاب الاعتقادات الصحيحة ؟ انهم كان منخرطين وسط الاخرين يتحركون بشكل واسع لا يتركون طريقا للوصل و الاقتراب من الاخر الا سلكوه ، تسوروا جميع الاسباب و الحجج لتأليف القلوب ، و كانوا يضعون الامة الواحدة فوق التحزب و التمييز ، بل ان ما يقرب من ذلك كان في تعاملهم مع الكفار مع اشتمال القلب على ولاية اهل الحق و التبري من الكفر .
الان صار الطريق معبدا للاجاية عن السؤال و جدوى المؤسسة المذهبية .طبعا سيكون الجواب واضحا انه لا جدوى ابدا من المؤسسة المذهبية ، بل و لا جذور اصيلة لها و انما هو امر محدث لم يكن مدروسا و كان في كثير من اسباب وجوده ردة فعل و تحصن و تمترس ليس الا ، و كان وبالها كبيرا على الامة . طبعا تحت شعار تبيين الحق من الباطل و تعريف السنة من البدعة، و لنا ان نسأل الا يمكن ييان الحق من الباطل من دون مؤسسة مذهبية ؟ الا يمكن تعريف السنة من البدعة من دون تخندق و انعزال مذهبي ؟ و هل نجحت المؤسسة المذهبية في تحسين حال المسلمين و عملهم ؟
ان اخطر ما تسببت به المذهبية هو ضياع الجهد الاسلامي، و خمول العمل الاسلامي ، حتى صرنا امة هامشية ، لا تمتلك القدرة على العمل مطلقا ليس فقط في الوسط العالمي بل فيما يخص شؤوننا نحن. 
على المسلمبن جميعا مراجعة هذا الامر و العمل بجدية على وجود اسلام لامذهبي ، و امة اسلامية بواجهة تتعالى على التخندقات و التمترسات اللامبررة ، و  الحفاظ على دين الانسان و سلامة عقيدته لا يحتاج الى تمذهب و تخندق و انعزال . و لعل من الامور السيئة التي نتجت عن المذهبية هي الطائفية الساسية و التي يمكن ببساطة ان تتطور الى حرب اهلية ، وما هذا الدمار الذي يحصل الا و تجد ان  استغلالا بشعا للطائفية  قد حصل و قتلا للابرياء باسم الدين و الحق ، و اللعب على حبل التكفير و انتهاك حرمات الانسان بحجة الكفر و الابتداع .
لا ريب انه صار من الواضحات الحاجة الماسة الى عمل اسلامي موحد ، كما ان الحاجة الى حياة اسلامية حامعة ايضا صار ضرورة ملحة، و كلنا يرى ان التمذهب لم يعد شرخا بين الطوائف فقط بل صار يحصل بين ابناء الطائفة الواحدة ، و لا بد من التاكيد ان الحل و الخروج من حالة التشرذم  ليس في ما يسمى تقريب المذهبي لان هذا شيء غير عملي و فشله بين ، بل الحل الحقيقي هو اعتماد روح التعايش و الالفة و الاجتماع نحو المشتركات ، و ترك الامور الخلافة كمسالة فردية بين الانسان و ربه ، بمعنى اخر الفصل بين الفدري و الجماعي ، فيكون الانتماء الاسلامي و الوطني و الانساني هو مضمار العمل الجماعي ، و معرفة الحق و الاعتقاد الصحيح يكون موطنه الوجود الفردي ، و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر غير محتاج لان تكفر الناس و تقتلهم بحجة الابتداع ، بل الامر بالمعروف و النهي عن المنكر يوجب العمل على وحدة المسلمين و اظهار الاسلام بوجه مشرق و احترام الاخرين من غير المسلمين و العمل معهم لاجل واقع انساني افضل . وهذا هو جوهر الدين .