( العربيّ)






 جبرائيل خطّ النيل و الفرات ،  فكانت هنا القلوب رمالا و نسيما ، و كانت الأغنيات ( حفّلا  معسولة الحلب) (1) ، و كانت الفراشات أسدا و نمرا .
رغم الضباب  ، نعم أنا عربي ،  و رغم الحزن و الألم العريض ، نعم أنا عربي ، و رغم موت العالم الأعمى ، فإنّ في زوايا أملي نورا مخبّأ و ترانيم تعرفها الفصول الشاحبة .
أزقة النجف رسالات  معلّقة بالفردوس ، و من طيبة حملنا أعباء المجرّة  فكنّا القدس و كنّا قربان العصور ، و من صحراء تونس أسود علّمنا الزمن الرماديّ الضوء  ، (يده يد أسد ، و ظفره مخلب نسر)(2) ، نستلّ من قلب الزمن عبق الخيمة و زعفران المائدة .
أحببنا البحر ، فكانت الأندلس  ، و أحببنا عيون السحر فكانت السند و بخارى و كابل ، لولا وردة  في ساحلنا الفضّي ، لما عرفت نجوم روما حكايات النور .
حينما أجلس وسط الخليقة  ، فأنا ابن ابراهيم و اسماعيل و عبد المطلب ، يأتي أمّة وحده ، عليه سيماء الأنبياء (3) . يأخذ صوته بيدي فأبصر .
نعم أنا عربي صحراوي كمكة و سيناء و رقراق كبغداد ،  وجهي كلوحة رسّام أسمر ، ينهل من كأس فردوسيّ حكايات العشق و مدن البلّور ، من أعماق السلام اسلامي محمدّيّ ، ومن زويا النور ثيابي و وأزهاري الزاهية .
أنا عربيّ كالكعبة وسط المجرّة  ، أنا وسط الخليقة وصوت الشهود و ترانيم الرثاء ، نعم أنا الألم العريض ، و الجرح المغدور ، نعم انّ السور رثّ ، و الثياب ممزّقة ، لكنّي سأسير حافياً حتى أطرق باب الزمن الأعمى بيدي المهشّمة ، وأضرب رأسي بحائط الحقيقة فأصحو ، فلقد سئمت دماء الوهم ، و شعارات اللصوص باسم  أحمد و السماء ، سأعمل من يدي واحة للطيور ،  أعلّمها انشودة المطر و البكاء ، عسى أن تتحرّر من ثياب النزف البراقة ، فهنا في هذا القلب وجه الشمس و عشبة الخلود ، هنا في هذا القلب ، بيت و أغنية ، حكاية عزّ، و نداء و أنتظار .






1-                من قصيدة ( السيف اصدق انباء من الكتب ) لابي تمام
2-                ملحمة جلجامش اللوح السابع ترجمة د انور غني الموسوي
3-                 حديث شريف في عبد المطلب رضوان الله تعالى عليه .