هناك ، و سط فوضى الرياح ، كانت الشجرة
الصامتة تحكي لنفسها قصة الصفاء ، انها تحبّ ان ترى الحديقة نظيفة و تحبّ
ان تغلق الشبابيك و الستائر ، فأوراقها المائلة للصفرة ساخنة لا تعرف الهدوء ،
تتطاير مع كل ريح ، انه امر متعب بلا شك .
كانت العصافير تحبّ ان تحط ّعلى ذلك
الغصن بالذات ، الحبّ شيء لا يمكن فهمه ،
فتتساقط أوراقها و ريش العصافير المشاكسة
، انه امر متعب لتلك الشجرة المثقلة
بأعباء الزمن ، ، فتضطر ان تنزل من اغصانها لتنظف الحديقة من الاوراق و الريش ، ما
يخلفه لعب العصافير و عبث الرياح .
ليتك رأيت أصابعها النحيفة ، و الفراشات
الغارقة في الزرقة ، كيف تبتهج بصوتها
الحنون ، لقد رأيتها تمشي على الماء
كالنسيم ، كصوتي الذي نسيته عند بداياتي المؤجلة .
هي لا تحب النوم ، ربما كان ذلك وصية اجدادها
الذين عاصروا نسور الجبال ، لكنها كانت تحلم ، فالحلم ارث هذه المجرة ، و كثيرا ما
تتذكر الجدران التي تصنعها الانهار النازلة من الشمال ، لأجل الصيف الجاف ، تلك
الجدران بلونها البني المائل للسواد تشبه الى
حدّ كبير وجه اغصانها في زمن الشيخوخة المنهكة .
د أنور غني الموسوي
*(( السردية التعبيرية ) )