سلال البرد





نص مشترك
سعد مهدي غلام و د انور غني الموسوي
تشربني همسات البرد، سلالٌ من زغب الصقيع المرّ، تشعل مقلتيَّ جمراً ، فتتساقط أغصان التوت اﻻحمر . لقد رأيتُ قلبها الشفّاف ، يتدلى على جذع البياض ، يفيض عبقا رقيقا ، يرتشف ملح الصبر .
*
شارع البرد ؟ مزدحم بالجماهير ، يا لشعبي المحروم ؛ كم يعشق البرد ، ﻻ يرتدي غير الزكام ، يا لشعبي المظلوم ، يتوسد نواصي الشفق ، يحلم  بخباء من غيم .
*
ايتها الفصول العذراء ، لقد سئمت النداء  ، سئمت زقزقة  العصافير ، فانا  من أمة صماء تداركها النسيان . لقد سئمت اﻻسفلت الغارق في مسامات بشرتي ،  لطالما جردني من  مسوح الحناء المقدسة ، لطالما بكيت ألما .
*
السنين عرجاء ، يا للسنين العرجاء ،سلبوها عكازها واقعدوها عند بابي  ، أما آن لها أن تنتهي ؟ تلك  اﻻساطيلُ ، و الطائرات ، تهمس في أذني اللقالق الا تمرّ على سطح بيتي الصغير ، كأنّني من هشّم  كبيرهم  الذي علمهم شرب الدماء
*
كأنكِ اﻻنواء متقلبة ، يا حضارة من كهف ، حلّ في جسدها الغروب ،   حملِتْ حقيبة ذكرياتي الباسمة مع خفافيشها و رحلت ببرود .
*
هكذا أنا ،  جيل من الألم و النداء  ، فانوس مكسور الزجاج معلق في مدخل المحطة المهجورة ، أجلس في زاوية  الشلالات البنية ، الى اليمين قليلا .
 معتكف  أنا هناك  منذ زمن القدامى  ، مشدود الى المذبح أضحيةً تتهدج ابتهاﻻتي الناعسة . أرنو الى البرد  ، أرمق نقاءه الشهيّ وأتحسر ،أنتظر الغباش الشيّق .
الدمعُ يترقب العيون التي لما تزل هناك ، في البرد ،
تكاد تصبح رمادا .