تحميل
من
المعلوم انه لا توجد آية واحدة تكفر مسلما ولا يوجد حديث واحد يكفر مسلما بل على
العكس القران يوجب الايمان للمؤمن ويمنع من كفره والسنة صريحة بذلك وهذا ما سأبينه
مفصلا. ومن هنا فالقول بان المسلم المقر بالإيمان يكفره عمل قول ظاهر البطلان ولا
يصح الاستمرار بالقول به، وان عوامل عدة سياسية واجتماعية منذ الزمن الإسلامي
الأول تسببت في ظهور تسميات غريبة ليس لها شاهد ولا أصل ولا أثر في القران وتبنى
عليها معارف متعلقة بها منها التكفير والتفسيق والتبديع، وأخطر ما يترتب على تلك التسميات هو تكفير
المسلم وهو ما يخالف القران والسنة الثابتة.
في
الحقيقة لا بد من الاعتراف انه قد حصل خلل معرفي وقلة ضبط عند بعض الاوائل رحمه
الله تعالى، وتبنوا أفكارا متشددة خوفا من اتساع الانحراف وغلبة الضلال والإسلام حديث
العهد فكانت تلك المتبنيات والتسميات والتوصيفات والتمييزات لأغراض تحصينية
ترهيبية وترغيبية وتشددية لان الإسلام لا زال في اول دولته ونشأته. الا انه عند
التمحيص والتدقيق والمراجعة نجد ان أكثر تلك المتبنيات ليس له اثر صحيح ولا اصل في
القران ولا في السنة بلا هما على خلافها وانما هي اجتهادات واراء اريد به الخير
للاسلام الا انها عادت بأثار عكسية عليه واهمها الفرقة والتناحر والتكفير وقد حان
الوقت لرفضها كلها والقول بصراحة انه لا وجود لمسلم كافر ولا وجود لموحد مشرك وان
كل ما قيل ونقل هو وهم.
ومن الملاحظات البينة ان الجيل الذي تلى الاوائل
كان اكثر تساهلا وسرعة في التبديع والتكفير والاقصاء والعزل والتهميش، واستمرت هذه
النزعة التمييزية الى ان ظهر التفاعل العالمي بين الشعوب والأمم عير الانترنت واصبح
من غير المقبول تبني أفكار بهذا الشكل من التشدد والتمييز والاقصاء وتبين لكل مطلع
وناظر ان تلك المذاهب التحصينية الاستباقية التحذيرية قد بالغت في التمييز والاقصاء
والعزل بل وغلت فيه، ومن اهم تلك الصور هو تبديع وتكفير المسلم وأوضح تلك الصور
التمييزية والعنصرية الفكرية هي الحكم بشرك الموحد وهو من الغرائ.
من
الواضح ان ما يترتب على تلك التسميات من احكام التبديع والتكفير والاقصاء والعزلة
والتهميش وان كان بدافع التحصين والتحذير والوقاية الا انها تسميات اجتهادية نابعة
من الرأي غير المصيب والفكر الغريب الذي يتعارض مع وحدة المسلمين والاعتصام بالدين
والمخالف لصريح القران والسنة وتنزيل احكام الكافرين على المؤمنين..
ان
المسلمين بجميع أفكارهم ومتبنياتهم يسعهم الإسلام فلا وجه لتبديع مسلم ولا تكفيره
وينبغي ان تنتهي هذه الوصاية وهذا الهدم في بناء الإسلام والتمزيق في جسده الواحد،
والمسلم المؤمن بالله والرسول وبالقران والمقر بما فيه ان اجتهد او اعتقد اعتقادا
باطلا وفاسدا لشبهة ولم يكن قاصدا عداء لله ولا لرسوله ولا اذية الإسلام ولا محاربة
اهله فالإسلام يسعه ويبقى مسلما ويبقى مؤمنا وليس من حق أحد إخراجه من هذه الدائرة
وان كان مخطئا ومشتبها. ومن هنا يتبين الدور الخطير والغريب للفظ (البدعة
والمبتدع) والذي يجب ان يختفي من قاموس المسلمين والذي يرتبط بالتفسيق والتكفير
والعزل والاقصاء ويجب ان يحل محله الفاظ (المخطئ والمجتهد والمشتبه) وحمل المسلم
على احسن الظن وعلى سلامة القلب والنية والقصد. ولا يجوز ابدا حمل المسلم الا على انه حريص على
الإسلام والمسلمين ومخلص للاسلام والمسلمين ومحب للاسلام والمسلمين مهما صدر منه
ومهما فعل فان كان مخطئا حمل على الاشتباه والالتباس والاجتهاد والرأي غير الصائب
والذي يسعه الإسلام ولا ينبذه ويحتويه ولا يبعده.
انني
بهذا الكتاب اعلن موت مصطلح (المسلم المبتدع) و مصطلح (المسلم الكافر) ومصطلح
(المسلم الضال) ومصطلح (المسلم المشرك) ومصطلح (المسلم العدو لله)، وانما تلك الاوصاف
تخص غير المسلمين المجاهرين بانكار الرسالة وانكار الايمان والحرب لله تعالى فالكافر
هو الكافر بالله ورسوله وليس المسلم وعدو الله هو المعادي لله ورسوله ولاسلام بالكفر
والكيد والاذى وليس المسلم والمبتدع هو المكذب لله ورسوله ودينه المجاهر بمخالفته
لنبيه وكتابه وليس المسلم والمشرك من يعبد الها غير الله تعالى يؤلهه وليس المسلم
والكافر من يكفر صريحا بالايمان والرسالة والكتاب وليس المسلم. ان ايا من تلك
التسميات لا ينطبق على مسلم ولا يكون هذا ارجاء ولا تمييعا بل هو صادر من أصول
إسلامية ثابتة راسخة بان الحساب على الله وهو رب العباد وهو صاحب الدين والشريعة وان
الله رحيم رؤوف وانه واسع كريم، فأصول الرحمة والسعة تقتضي ما أقوله إضافة الى عدم
الدليل على تلك التسميات فيما يخص المسلمين بل وقيام الدليل على خلافها، اضافة الى وضوح
الاجتهاد والراي فيها من قبل اهل الزمن الأول بغايات التحصين والتحذير والتنبيه والتذكير
الا ان اثارها كانت كاريثية ومؤلمة مما يوجب تركها ومنعها والكف عنها والتذكير
والتحذير والتنبيه على اثار تلك الاجتهادات التذكيرية التنبيهية التحذيرية التي
أدت الى نتائج غير محمودة بل وكاريثية.
وهنا
أورد الأدلة التامة الكافية في المنع من تكفير مسلم مهما كان فعله وعمله وموقفه واعتقاده والمنع
من تكفير أي مسلم يقر بالإيمان والرسالة ما دام مقرا بالإسلام فالأصل هو الايمان
وسلامة الايمان وعدم العداء للاستلام وعدم العداء لله تعالى، وان ذلك الفعل الخاطئ
والكبير لا يخرجه من الايمان والإسلام. والله الموفق.