اتفاق الأربعة الأركان
على
نفي تحريف القرآن
أنور
غني الموسوي
اتفاق
الأربعة الأركان
على
نفي تحريف القرآن
أنور
غني الموسوي
دار
أقواس للنشر
العراق
1441
المحتويات
قول السيد المرتضى بعدم تحريف القرآن
قول الشيخ الطوسي بعدم تحريف القرآن
المقدمة
بسم
الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. اللهم صلّ على محمد واله الطاهرين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين.
هذه
رسالة مختصرة في بيان اتفاق الفقهاء الأربعة الاعلام على نفي تحريف القرآن وهم
الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي رضوان الله تعالى عليهم.
وسنقدم مقدمة حديثية بأحاديث حق وصدق صريحة واضحة في نفي تحريف القرآن.
الأحاديث
الحديث
الأول
الخرائج
: روي عن جندب بن زهير الازدي عن امير المؤمنين عليه السلام في حرب الخوارج : من
يأخذ هذا المصحف فيمشي به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب الله وسنة نبيه وهو
مقتول وله الجنة ؟
الحديث
الثاني
الارشاد
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مع أصحاب الجمل قال : لما صاف القوم واجتمعوا على
الحرب أحب أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يستظهر عليهم بدعائهم إلى القرآن،
وحكمه، فدعا بمصحف و قال: من يأخذ هذا المصحف يعرضه عليهم ويدعوهم إلى ما فيه
فيحيى ما أحياه، ويميت ما أماته ؟ قال: وقد شرعت الرماح بين العسكرين حتى لو أراد
امرؤ أن يمشي عليها لمشى، قال فقام الفتى فقال: يا أمير المؤمنين أنا آخذه وأعرضه
عليهم وأدعوهم إلى ما فيه، قال: فأعرض عنه أمير المؤمين (عليه السلام) ثم نادى
الثانية من يأخذ هذا المصحف فيعرضه عليهم ويدعوهم إلى ما فيه ؟ الحديث.
الحديث
الثالث
امالي
الطوسي: أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت عن أحمد بن محمد ابن عقدة قال: حدثنا الحسن
بن صالح من كتابه في ربيع الاول سنة ثمان وسبعين وأحمد بن يحيى عن محمد بن عمرو،
عن عبد الكريم، عن القاسم بن أحمد عن أبي الصلت الهروي. وقال ابن عقدة: وحدثناه
القاسم بن الحسن الحسيني عن أبي الصلت عن علي بن عبد الله بن النعجة عن أبي سهيل
بن مالك: عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: في حديث عن امير المؤمنين عليه السلام
انه قال (عليه السلام): ليس لاحد فضل في هذا المال هذا كتاب الله بيننا وبينكم
ونبيكم محمد (صلى الله عليه وآله) وسيرته.
الحديث
الرابع
النهج:
قال عليه السلام ( في التحكيم): عليه
السلام في التحكيم إنا لم نحكم الرجال وإنما حكمنا القرآن وهذا القرآن إنما هو خط
مسطور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولابد له من ترجمان وإنما ينطق عنه الرجال، ولما
دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله
تعالى.
الحديث
الخامس
المجلسي
عن مصباح الانوار: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا قرأ القرآن قال قبل أن يقرأ
حين يأخذ المصحف: اللهم إني أشهد أن هدا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن
عبد الله، وكلامك الناطق على لسان نبيك.
الحديث
السادس
مصباح
الشريعة عن الصادق فانظر كيف تقرأ كتاب
ربك، ومنشور ولايتك، وكيف تجيب أوامره ونواهيه، وكيف تمتثل حدوده، فانه كتاب عزيز
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
الحديث
السابع
الاحتجاج:
عن ابي الحسن علي بن محمد عليهما السلام في حديث انه قال: اجتمعت الامة قاطبة لا
اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة
الإجتماع عليه مصيبون، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون.-الى ان قال عليه السلام -
إذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الامة وعارضته بحديث من هذه
الأحاديث المزورة صارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفارا ضلالا.
الحديث
الثامن
مجالس
الطوسي وابنه: عن أبي محمد الفحام عن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري، عن سهل بن
يعقوب بن إسحاق، عن الحسن بن عبد الله بن مطر، عن محمد ابن سليمان الديلمي، عن
أبيه عن الصادق عليه السلام في حديث انه قال لرجل ثم خذ المصحف فدعه على رأسك وقل:
بهذا القرآن وبحق من أرسلته.
الحديث
التاسع
دعوات
الراوندي عن زرارة قال: قال الصادق عليه السلام:تأخذ المصحف في ثلاث ليال من شهر
مضان، فتنشره وتضعه بين يديك، وتقول: اللهم إني أسألك بكتابك المنزل وما فيه وفيه
اسمك الاكبر، وأسماؤك الحسنى، وما يخاف ويرجى، أن تجعلني من عتقائك من النار،
وتدعو بما بدالك من حاجة.
الحديث
العاشر
العيون
: الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام قال : والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذى
( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) وانه المهيمن على
الكتب كلها وانه حق من فاتحته إلى خاتمته . نؤمن بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه
ووعده ووعيده وناسخه ومنسوخه وقصصه وأخباره، لا يقدر أحد من المخلوقين أن يأتي
بمثله.
الحديث
الحادي عشر
كشف الغمة عن ابن طلحة: عن امير المؤمنين عليه
السلام قال: وشرطت على الحكمين بحضوركم أن
يحكما بما أنزل الله من فاتحته إلى خاتمته والسنة الجامعة وإنهما إن لم يفعلا فلا
طاعة لهما علي.
الحديث
الثاني عشر
كتاب
صفين : أبو إسحاق الشيباني في الكتاب الذي بين امير المؤمنين عليه السلام و وبين
معاوية : أنا ننزل عند حكم الله
وكتابه ولا يجمع بيننا إلا إياه وأن كتاب
الله سبحانه بيننا من فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيا القرآن ونميت ما أمات
القرآن.
الحديث
الثالث عشر
العياشي
عن عمر بن حنظلة عن ابي عبدالله عليه السلام :قال : فلما رآني أتتبع هذا واشباهه
من الكتاب قال : حسبك كل شئ في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا فهو في الائمة
عنى به.
الحديث
الرابع عشر
المجلسي
عن جعفر البحريني عن كتاب لبعض اصحابنا مرسلا عن الصادق عليه السلام في دعاء :
ويتوجه بالقرآن قائلا اللهم إني أتوجه إليك بالقرآن العظيم من فاتحته إلى خاتمته،
وفيه اسمك الاكبر.
الحديث
الخامس عشر
الكافى عن يزيد بن عند الله، عمن حدثه عن ابي
جعفر (عليه السلام) في كتابه إلى سعد الخير:
وكل امة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه .
وكان من نبذهم الكتاب ان اقاموا حروفه وحرفوا حدوده . فهم يروونه ولايرعونه
والجهال .- الى ان قال - ثم اعرف اشباههم
من هذه الامة الذين اقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده .
الحديث
السادس عشر
التفسير
:ابن زياد و ابن سيار عن الحسن العسكري عليه السلام انه قال قال الصادق عليه
السلام ان الله لما بعث موسى بن عمران ثم
من بعده من الانبياء إلى بنى اسرائيل لم يكن فيهم قوم الا اخذوا عليهم العهود
والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربى الامى المبعوث بمكة الذى يهاجر إلى المدينة يأتى
بكتاب الله بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره ، يحفظه امته فيقرؤنه قياما وقعودا
ومشاة ، وعلى كل الاحوال يسهل الله عزوجل حفظه عليهم – الى ان قال- ثم اذا صار محمد إلى رضوان الله عزوجل وارتد
كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان ، وحروفوا تأويلاته وغيروا معانيه ، ووضعوها على
خلاف وجوهها ، قاتلهم - اي علي عليه السلام- بعد ذلك على تأوليه.
الحديث
السابع عشر
سليم
في كتابه قال طلحة: لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سألتك عنه من أمر القرآن ألا
تظهره للناس، قال: يا طلحة عمدا كففت عن جوابك فأخبرني عن ماكتب عمر وعثمان أقرآن
كله أم في ما ليس بقرآن ؟ قال طلحة: بل قرآن كله، قال: إن أخذتم بما فيه نجوتم من
النار، ودخلتم الجنة، فان فيه حجتنا، وببان حقنا، وفرض طاعتنا، قال طلحة: حسبي أما
إذا كان قرآنا فحسبي. ثم قال طلحة: فأخبرني عما في يديك من القرآن وتأويله وعلم
الحلال والحرام إلى من تدفعه ومن صاحبه بعدك ؟ قال: إلى الذي أمرني رسول الله صلى
الله عليه وآله أن أدفعه إليه وصيي وأولى الناس بعدي بالناس ابني الحسن، ثم يدفعه
ابني الحسن إلى ابني الحسين ثم يصير إلى واحد بعد واحد من ولد الحسين حتى يرد
آخرهم على رسول الله صلى الله عليه وآله حوضه، هم مع القرآن لا يفارقونه، والقرآن
معهم لا يفارقهم .
الحديث
الثامن عشر
سليم
بن قيس في كتابه عن سلمان قال في امير المؤمنين عليه السلام و وأقبل على القرآن
يؤلفه ويجمعه، فلم يخرج من بيته حتى جمعه، وكان في الصحف والشظاظ و الاكتاف
والرقاع، فلما جمعه كله وكتبه بيده: تنزيله وتأويله، والناسخ منه و المنسوخ، بعث
إليه أبو بكر اخرج فبايع، فبعث إليه علي (عليه السلام) أني مشغول وقد آليت على
نفسي يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أولف القرآن وأجمعه – الى ان قال-
.قال امير المؤمنين عليه السلام : فلم ينزل الله على رسوله آية منه إلا وقد جمعتها
وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمني تأويلها ثم
قال لهم علي (عليه السلام): لا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي، ولم
أذكركم حقي، ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته.
الحديث
التاسع عشر
الكليني
عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن يزيع، عن عمه حمزة بن
بزيع، والحسين بن محمد الاشعري، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن يزيد بن عبد
الله، عمن حدثه قال: كتب أبو جعفر عليه السلام إلى سعد الخير: بسم الرحمن الرحيم –
الى ان قال- وكل امة قد رفع الله عنهم علم
الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه وكان من نبذهم الكتاب ان اقاموا حروفه
وحرفوا حدوده . فهم يروونه ولايرعونه والجهال .- الى ان قال ثم اعرف اشباههم من هذه الامة الذين اقاموا
حروف الكتاب وحرفوا حدوده .
الحديث
العشرون
تفسير
الامام العسكري عليه السلام عن الصادق عليه السلام ( ثم إذا صار محمد (صلى الله
عليه وآله) إلى رضوان الله عزوجل، وارتد كثير ممن كان اعطاه ظاهر الايمان وحرفوا
تأويلاته وغيروا معانيه ووضعوها على خلاف وجوهها قاتلهم بعد على تأويله.
الحديث
الحادي و العشرون
الصدوق
في التوحيد عن المكتب، عن الاسدي، عن البرمكي، عن عبد الله بن أحمد بن داهر، عن
الفضل بن إسماعيل، عن علي بن سالم، عن أبيه قال: سألت الصادق عليه السلام فقلت له:
يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن ؟ فقال: هو كلام الله، وقول الله، وكتاب الله،
ووحي الله، وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه تنزيل من حكيم حميد. و في التوحيد و العيون و الامالي: ابن مسرور، عن محمد
الحميري، عن أبيه، عن ابن هاشم، عن الريان
قال:
قلت للرضا عليه السلام: ما تقول في القرآن ؟ فقال: كلام الله لا تتجاوزوه، ولا
تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا.
الحديث
الثاني و العشرون
الارشاد:
عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال : فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين
أن يحيا ما أحياه القرآن وأن يميتا ما أماته القرآن فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا
أن نخالف حكم من حكم بما في الكتاب.
الحديث
الثالث و العشرون
التهذيب
: عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: المصحف لا تمسه على غير
طهر، ولا جنبا. ، ولا تمس خيطه ولا تعلقه إن الله يقول " لا يمسه " إلا
المطهرون "
الحديث
الرابع و العشرون
كشف: عن الحافظ عبد العزيز، عن داود بن سليمان،
عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
مجالسة العلماء عبادة والنظر إلى علي (عليه السلام) عبادة، والنظر إلى البيت
عبادة، والنظر إلى المصحف عبادة، والنظر إلى الوالدين عبادة.
الحديث
الخامس و العشرون
عدة
الداعي: عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إني أحفظ
القرآن عن ظهر قلب، فأقرؤه عن ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف ؟ قال: فقال لي: لا
بل اقرأه وانظر في المصحف، فهو أفضل أما علمت أن النظر في المصحف عبادة.
الحديث
السادس و العشرون
عدة
الداعي: عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
ليس شئ أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظرا والمصحف في البيت يطرد
الشيطان.
الحديث
السابع و العشرون
المحاسن
عن ابن أبي يعفور عن ابي عبد الله عليه
السلام : إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أو من قول رسول الله
صلى الله عليه واله، وإلا فالذي جاءكم به أولى. وفيه عن السكوني، عن أبي
عبد
الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا
فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه.
الحديث
الثامن و العشرون
المحاسن:
أبي، عن علي بن النعمان، عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول: كل شئ مردود إلى كتاب الله والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.
الحديث
التاسع و العشرون
عبيس
بن هشام، عن غير واحد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قراء القرآن ثلاثثة: رجل قرأ
القرآن فاتخذه بضاعة، واستدر به الملوك، واستطال به على الناس، ورجل قرأ القرآن
فحفظ حروفه، وضيع حدوده، ورجل قرأ القرآن ووضع دواء القرآن على دائه، وأسهر به
ليله، وأظمأ به نهاره.
الحديث
الثلاثون
في
تفسير الامام الزكي العسكري عليه السلام " لا ريب فيه " لا شك فيه
لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمدا صلى الله عليه وآله ينزل عليه الكتاب
يقرؤه هو وامته على سائر أحوالهم .
الحديث
الحادي و الثلاثون
المحاسن:
عن كليب بن معاوية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أتاكم عنا من حديث لا
يصدقه كتاب الله فهو باطل. و فيه عن
الهشامين جميعا وغيرهما قال: خطب النبي صلى الله عليه واله بمنى فقال: أيها الناس
ما جاءكم عني فوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله.
الحديث
الثاني و الثلاثون
دعائم
الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال لابي حنيفة وقد دخل
عليه فقال له: يا نعمان ما الذي تعتمد عليه فيما لم تجد فيه نصا في كتاب الله ولا
خبرا عن الرسول (صلى الله عليه وآله) ؟ قال: أقيسه على ما وجدت من ذلك، قال له:
أول من قاس إبليس، فأخطأ.
الحديث
الثالث و الثلاثون
عدة
الداعي: وقال ( امير المؤمنين ) عليه السلام: وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا
لسانه، وبين لا تهدم أركانه، وعز لا تهزم أعوانه.
الحديث
الرابع و الثلاثون
مصباح
الشريعة عن الصادق عليه السلام فانظر كيف
تقرأ كتاب ربك، ومنشور ولايتك، وكيف تجيب أوامره ونواهيه، وكيف تمتثل حدوده، فانه
كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فرتله
ترتيلا، وقف عند وعده ووعيده، وتفكر في أمثاله ومواعظه واحذر أن تقع من إقامتك
حروفه في إضاعة حدوده.
الحديث
الخامس و الثلاثون
الاحتجاج
الامام الحسن الزكي عليه السلام : انه
قال فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الامة وعارضته بحديث من
هذه الأحاديث المزورة صارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفارا ضلالا، وأصح خبر ما عرف
تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلى الله عليه واله حيث قال:
إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وانهما
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. واللفظة الاخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله صلى
الله عليه واله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن
يفترقا حتى يردا علي الحوض ما إن تمسكتم بهما لم تضلوا. فلما وجدنا شواهد هذا
الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين
يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون. ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير
المؤمنين عليه السلام أنه تصدق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له، وأنزل الآية
فيه، ثم وجدنا رسول الله صلى الله عليه واله قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من
كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وقوله صلى الله عليه
واله: علي يقضي ديني وينجز موعدي وهو خليفتي عليكم بعدي. وقوله صلى الله عليه واله
- حيث استخلفه على المدينة - فقال: يا رسول الله أتخلفني على النساء والصبيان
؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة
هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار
وتحقيق هذه الشواهد فيلزم الامة الإقرار بها إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن، ووافق
القرآن هذه الأخبار، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ووجدنا كتاب الله موافقا
لهذه الأخبار وعليها دليلا كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا لا يتعداه إلا أهل
العناد والفساد.
الحديث
السادس و الثلاثون
التحف
عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال : فأفضل الناس عند الله منزلة وأقربهم من
الله وسيلة أطوعهم لامره وأعملهم بطاعته وأتبعهم لسنة رسوله وأحياهم لكتابه ليس
لاحد عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة الرسول. هذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد رسول
الله صلى الله عليه وآله وسيرته فينا لا يجهل ذلك إلا جاهل عاند عن الحق
منكر.
الحديث
السابع و الثلاثون
الاحتجاج
و الارشاد عن ابي جعفر الباقر عليه السلام : أو ما علمتم أن أمير المؤمنين إنما
أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا يتعدياه واشترط رد ما خالف القرآن من أحكام
الرجال وقال حين قالوا له: " حكمت على نفسك من حكم عليك " فقال: "
ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت كتاب الله " .
الحديث
الثامن و الثلاثون
بصاير
الدرجات: يا سدير ألم تقرأ القرآن ؟
قال: قلت: بلى، قال: فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله " قال الذي عنده علم من
الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك "
؟ قال: قلت: جعلت فداك قد قرأت، قال: فهل عرفت الرجل ؟ وهل علمت ما كان
عنده من علم الكتاب ؟ قال: قلت: فأخبرني أفهم قال: قدر قطرة الثلج في البحر الاخضر، فما يكون ذلك من علم الكتاب ؟ قال:
قلت: جعلت فداك ما أقل هذا ؟ قال: فقال لي: يا سدير ما أكثر هذا لمن ينسبه
الله إلى العلم الذي اخبرك به، يا سدير
فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم
ومن عنده علم الكتاب " قال: قلت: قد
قرأته جعلت فداك، قال: فمن عنده علم من الكتاب أفهم أم من عنده علم الكتاب ؟ قال:
لا، بل من عنده علم الكتاب كله، قال: فأومأ بيده إلى صدره وقال: علم الكتاب والله
كله عندنا، علم الكتاب والله كله عندنا.
الحديث
التاسع و الثلاثون
الاحتجاج
الاحتجاج عن السيدة الزهراء عليها السلام انها قالت : فهيهات منكم ! وكيف بكم ؟ ! وأنى تؤفكون ؟
وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره
لائحة، وأوامره واضحة، قد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون ؟، أم بغيره
تحكمون ؟ ! بئس للظالمين بدلا.
الحديث
الاربعون
الاحتجاج
: عن الصادق عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: ما وجدتم في كتاب
الله عز وجل فالعمل به لازم ولا عذر لكم في تركه، وما لم يكن في كتاب الله عز وجل
وكان في سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي،
وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به
فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها اخذ اهتدى وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم، واختلاف
أصحابي لكم رحمة. قيل يا رسول الله: من أصحابك ؟ قال: أهل بيتي.
تعريف
بالأعلام الأربعة
الشيخ
الصدوق
محمد
بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المشهور بـالشيخ الصدوق من أعاظم علماء
القرن الرابع الهجري. ولد سنة 305 هـ، وتوفي 381 هـ. ودفن في مدينة الرّي. ترك
الصدوق 300 أثر علمي، لكن الكثير من هذه المؤلفات فقدت، ولم يعثر عليها. من أهم
مؤلفاته كتاب من لا يحضره الفقيه وهو من الكتب الأربعة المعتمدة لدى الشيعة وأيضا
الخصال وعلل الشرائع ومعاني الأخبار وعيون أخبار الرضا. ومن أبرز تلامذته الشيخ
المفيد.
وصفه
الشيخ الطوسي، بقوله: «محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي يكنى أبا جعفر جليل
القدر حفظة بصير بالفقه والأخبار والرجال له مصنفات كثيرة ذكرناها في الفهرست »ز
وترجم
له النجاشي قائلا: «محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو جعفر نزيل
الري شيخنا و فقيهنا ووجه الطائفة بخراسان و كان ورد بغداد سنة خمس و خمسين
وثلاثمائة وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن».
الشيخ
المفيد
محمّد
بن محمد بن النعمان المشهور بالشيخ المفيد (338 - 413 هـ) من علماء الشيعة
الإمامية الإثني عشرية، عاش في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري وأوائل القرن
الخامس الهجري، وكان تلميذ الشيخ الصدوق، وأستاذ السيّدين الرضي والمرتضى وكذلك الشيخ
الطوسي.
ويعتبر
الشيخ المفيد المؤسس للفقه المقارن، من خلال تأليفه الذي أطلق عليه عنوان الإعلام
فيما اتفقت الإمامية عليه من أحكام، واكتمل هذا المشروع من خلال كتاب الانتصار
للسيد المرتضى، والخلاف للشيخ الطوسي، وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلّي. ويعدّ الشيخ
المفيد من أكبر العاملين على إحياء العلوم الإسلامية ومن المروجين الجادّين
للثقافة الشيعيّة والناشرين للفقه الإمامي.
روى
الشيخ الطوسي: أن محمد بن محمد بن النعمان المفيد، يكنى أبا عبد الله، المعروف
بابن المعلم، من جملة متكلمي الإمامية، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، وكان
مقدماً في العلم وصناعة الكلام، وكان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة
حاضر الجواب، وله قريب من مائتي مصنف كبار وصغار.
وكتب
ابن النديم تحت عنوان ابن المعلم: ابن المعلم أبو عبد الله في عصرنا انتهت رياسة
متكلمي الشيعة إليه مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه دقيق الفطنة ماضي الخاطر
شاهدته فرأيته بارعا وله من الكتب.
السيد
المرتضى
علي
بن الحسين بن موسى (355- 436 هـ) المعروف بـالسيد المرتضى والشريف المرتضى وعلم
الهدى، سند الشيعة و نقيب الطالبيين في بغداد وأمير الحاج والمظالم بعد أخيه السيد
الرضي، وكان منصب أبيهم قبل ذلك.
وهو
فقيه ومن متكلمي الإمامية ومرجعهم بعد وفاة أستاذه الشيخ المفيد. وكان متعمقاً في
علم الكلام والمناظرة في كل مذهب. وتشمل سعة تخصصه العلمي في الفقه والأصول والأدب
واللغة والتفسير والتاريخ والتراجم.
نّ
المكانة العلمية للسيد المرتضى غنية عن البيان فهو دون شك من أكبر علماء الشيعة
الامامية ويظهر من مؤلفاته الكثيرة في العديد من علوم عصره كالكلام والفقه والأصول
والتفسير والفلسفة الإلهية والفلك وأقسام الأدب كاللغة والنحو والمعاني والإنشاء
والشعر وأمثالها فهو استاذ ماهر بل وحيد عصره. وكان قد انصبّ أكبر جهده على الفقه
والكلام والأدب وقد خدم المذهب الإمامي من خلال هذا الطريق وأدّى إلى استحكام
آرائه الأصلية والفرعية.
ويقوم
منهجه في الأصول على الدليل العقلي ومن هنا لا يختلف مع الأشاعرة فقط وإنّما مع
أهل الظاهر من الإمامية. ولم يعمل في الفقه بخبر الواحد وكان يستفيد في استنباط
الأحكام من الأدلة الأصولية اللفظية والعقلية .
إنّ
السيد المرتضى فقيه الإمامية ومتكلمهم ومرجعهم بعد وفاة أستاذه الشيخ المفيد،
وكتابه الشافي في الإمامة أوضح دليل على تعمّقه في علم الكلام والمناظرة في كلّ
مذهب.
ورسائله
وكتبه في الفقه والأصول شاهد على تسلّطه. ويأتي كتابه الأمالي في الأدب واللّغة
والتفسير والتاريخ والتراجم كبرهان ناصع على سعته المعرفية في العلوم.
يقول تلميذه الشيخ الطوسي: هو متوحّد في علومٍ
كثيرة، مجمَع على فضله، مقدمٌ في العلوم مثل علم الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب
والنحو الشعر واللّغة وغير ذلك.
الشيخ
الطوسي
الشيخ
الطوسي هو محمد بن الحسن بن علي بن الحسن (385 ــ 460 هـ) المعروف بشيخ الطائفة
والشيخ الطوسي. مؤلف كتابين من الكتب الأربعة ومن كبار المتكلمين والمحدثين
والمفسرين والفقهاء الشيعة. قدم إلى العراق من خراسان في سن الثالثة والعشرين
وتتلمذ على يد العلماء هناك كالشيخ المفيد والسيد المرتضى. أسند إليه الخليفة
العباسي كرسي كلام بغداد. وعندما احترقت مكتبة شابور إثر هجوم طغرل بيك اضطر
للهجرة إلى النجف فأسس الحوزة العلمية هناك.
تسلم
المرجعية وزعامة المذهب الجعفري بعد وفاة السيد المرتضى وقد خدم العالم الإسلامي
لا سيما مذهب الإمامية خدمات جليلة من خلال تربية آلاف التلاميذ والطلاب وتأليف
العشرات من الكتب العلمية الخالدة والتي لا تزال لها أثرها المشهود، ومن خدماته
تأسيس طريقة الاجتهاد المطلق وتأليف في مجالات الفقه والأصول, وقد جعل الشيخ
اجتهاد الشيعة مستقلا في مقابل اجتهاد أهل السنة خصوصا مذاهبهم المهمة.
أسس
الشيخ طريق الاجتهاد المطلق في الفقه وأصوله. وعندما تطلق كلمة الشيخ مجردة لدى
العلماء فهو المقصود بها, وهو صاحب كتابين من الكتب الحديثية الأربعة هما
«الاستبصار» و«التهذيب» ولم يجرء أحد بعده أن يخالف نظرياته إلى أن ظهر ابن ادريس
الحلي فأخذ بنقدها. وكان كتابه «النهاية» مادة للتدريس إلى أن ألّف المحقق الحلي
كتاب «شرائع الاسلام».
اقوال
الاعلام الأربعة
قول
الشيخ الصدوق بعدم تحريف القرآن
يقول الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي،
الملقّب بالصدوق في الاعتقادات: إعتقادنا
أنّ القرآن الذي أنزله الله على نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو ما بين
الدفّتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس باكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة
وأربع عشر سورة، وعندنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة، ولإيلاف وألم تر كيف سورة
واحدة. ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب. وما روي - من ثواب قراءة
كلّ سورة من القرآن، وثواب من ختم القرآن كلّه، وجواز قراءة سورتين في ركعة والنهي
عن القران بين سورتين في ركعة فريضة - تصديق لما في قلناه في أمر القرآن، وأن
مبلغه ما في أيدي الناس. وكذلك ما روي من النهي عن قراءة القرآن كله في ليلة
واحدة، وأنه لا يجوز أن يختم القرآن في أقل من ثلاثة أيام تصديق لما قلناه أيضاً.
بل
نقول : انه قد نزل الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع الى القران لكان مبلغه مقدار
سبعة عشر الف اية .
قول
الشيخ المفيد بعدم تحريف القرآن
قال الشيخ محمد بن محمد بن النعمان، الملقّب
بالمفيد، البغدادي في أوائل المقالات: قد قال جماعة من أهل الإمامة: إنه لم ينقص
من كلمة، ولا من آية، ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين
(عليه السّلام) من تأويله، وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتاً
منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز.
وعندي
أنّ هذا القول أشبه من مقال من ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون
التأويل، وإليه أميل، والله أسأل توفيقه للصواب ".
قول
السيد المرتضى بعدم تحريف القرآن
قال
الشريف المرتضى على بن الحسين الموسوي، الملقّب بعلم الهدى في الطرابلسيات: "
إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار، والوقائع العظام،
والكتب المشهورة، واشعار العرب المسطورة، فإنّ العناية اشتدّت والدواعي توفّرت على
نقله وحراسته، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه في ما ذكرناه، لأنّ القرآن معجزة النبوّة،
ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينيّة، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه
وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته،
فكيف يجوز أن يكون مغيّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟! ".
وقال:
" إنّ العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته، وجرى ذلك
مجرى ما علم ضرورةً من الكتب المصنّفة ككتابي سيبويه والمزني، فإنّ أهل العناية
بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها، حتى لو أنّ مدخلاً أدخل في
كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعرف وميزّ، وعلم أنّه ملحق وليس في أصل
الكتاب، وكذلك القول في كتاب المزني، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من
العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء ".
وقال:
" إنّ القرآن كان على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مجموعاً
مؤلّفاً على ما هو عليه الآن... ".
"
واستدلّ على ذلك بأنّ القرآن كان يدرّس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان، حتى عيّن على
جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنّه كان يعرض على النبي (صلّى الله عليه وآله
وسلّم) ويتلى عليه، وأنّ جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود واُبيّ بن كعب
وغيرهما ختموا القرآن على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عدّة ختمات. كل ذلك
يدلّ بأدنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتورٍ ولا مبثوت ".
"
وذكر أنّ من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتدّ بخلافهم، فإنّ الخلاف في
ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث، نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا بصحّتها، لا يرجع
بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته ".
قول
الشيخ الطوسي بعدم تحريف القرآن
قال
الشيخ محمد بن الحسن أبو جعفر الطوسي، الملقّب بشيخ الطائفة في مقدّمة تفسيره التبيان:
"والمقصود من هذا الكتاب علم معانيه وفنون أغراضه، وأمّا الكلام في زيادته
ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه
فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي
نصره المرتضى - رحمة الله تعالى - وهو الظاهر من الروايات.
غير
أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل
شيء منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً، والأولى
الإعراض عنها وترك التشاغل بها لأنّه يمكن تأويلها، ولو صحّت لما كان ذلك طعناً
على ما هو موجود بين الدفّتين، فإنّ ذلك معلوم صحّته لا يعترضه أحد من الامّة ولا
يدفعه "
خاتمة
ان
ما قدمنا من الاحاديث المستفيضة بل المتواترة معنى صريحة بأن ما في المصحف الذي
بأيدينا هو كلام الله من أوله الى اخره، و بعضها مشهور كقطعي الصدور و بمجموعها
يتحقق هذا العلم الذي لا يعارض بغيره، لذلك فما ورد من ألفاظ التحريف و ما دل على
ذلك يحمل على التحريف في التأويل المنزل، بل هو صريح بعض الاحاديث التالية و ان
القران في عرفهم عليهم السلام هو مجموع التنزيل (المتن المنزل) و التأويل المنزل
المدرج. ومن هنا فتلك الروايات تحمل على
تحريف التأويل المنزل المدرج كتأويل منزل هو تفسير للمتن فيسمى المجموع قرآن
تغليبا ومجازا وهذا وارد في اللغة. و ان من تلك الاحاديث روايات ثابتة تصف ما في المصحف انه كلام الله تعالى وانه القران و اثبتوا له صفات القران و خصائصه
و قولهم عليهم السلام ليس هزلا ولو ان في المصحف تحريفا لما وصفوه بذلك. فمن الاحاديث ما يدل على ان ما في المصحف قران
كله و منها ما يعطي للمصحف خصائص القران و يسميه به وانه كلام الله و هذا دال على
عدم التحريف ففي التوحيد عن علي بن سالم،
عن أبيه قال: سألت الصادق عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله ما تقول في
القرآن؟ فقال: هو كلام الله، وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله، وتنزيله، وهو الكتاب
العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وفي التوحيد والعيون والامالي عن الريان قال:
قلت للرضا عليه السلام: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله لا تتجاوزوه، ولا
تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا.
واما
قول الباقر عليه السلام انه ما أحد من هذه الامة جمع القرآن إلا وصي محمد صلى الله
عليه وآله. و قوله عليه السلام ما يستطيع أحد يقول جمع القرآن كله غير الاوصياء. و
قوله عليه السلام ما ادعى أحد من الناس انه جمع القرآن كله كما انزل الا كذاب ،
وما جمعه وحفظه كما نزله الله الا على بن أبى طالب والائمة عليهم السلام. فيحمل على مجموع التنزيل و التأويل كما في قول
امير المؤمنين عليه السلام : فلم ينزل الله على رسوله آية منه إلا وقد جمعتها
وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمني تأويلها ثم
قال لهم علي (عليه السلام): لا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي، ولم
أذكركم حقي، ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته. و عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ما
يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الاوصياء. وعن ابي عبد
الله عليه السلام انه قال: والله إني لاعلم كتاب الله من أوله إلى آخره، كأنه في
كفي، فيه خبر السماء، وخبر الارض، وخبر ما يكون، وخبر ما هو كائن، قال الله: فيه
تبيان كل شئ . وعنه (عليه السلام): إن الله علم نبيه التنزيل والتأويل، قال: فعلم
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا، قال: وعلمنا والله.
فما
جاء بالفاظ التحريف و الزيادة و النقصان
كما في قول امير المؤمنين عليه السلام ( أن المنافقين قد غيروا وحرفوا
كثيرا من القرآن، وأسقطوا أسماء جماعة ذكرهم الله بأسمائهم من الاوصياء ومن
المنافقين ) و عن أبي جعفر عليه السلام
قال: لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقنا على ذي حجى. فهذه و امثالها
فالمراد بها التحريف و التغيير و التبديل بالتأويل و كذا الفاظ ( فمحوها و هكذا
نزلت) فالمراد به التأويل المنزل حيث ان القران في كلامهم عليهم السلام هو مجموعة
التنزيل و التأويل المدرج. كما هو ظاهر ما
جاء عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا "
فأبى أكثر الناس " بولاية علي " إلا كفورا "
لكن عن جابر عن أبي جعفر عليه
السلام في قول الله عزوجل: " فأبى أكثر الناس إلا كفورا " قال: نزلت في
ولاية علي عليه السلام . و عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل
جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: " فأبى
أكثر الناس " من امتك بولاية علي
عليه السلام " إلا كفورا ". فيكون واضحا ارادة التأويل في لفظ نزل
جبرائيل. و مثله عن الهيثم بن عروة
التميمى قال سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل ( فاغسلوا وجوهكم
وايديكم إلى المرافق ) فقلت : هكذا ومسحت من ظهر كفى إلى المرفق ؟ فقال : ليس هكذا
تنزيلها ، انما هى ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق ) ثم امر يده من مرفقه إلى
أصابعه . لكن عن زرارة قال : قلت لابى
جعفر عليه السلام : الاتخبرنى من أين علمت وقلت : ان المسح ببعض الرأس وبعض
الرجلين ؟ فضحك ثم قال : يا زرارة قال رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به
الكتاب من الله لان الله عزوجل يقول فاغسلوا وجوهكم فعرفنا ان الوجه كله ينبغى أن
يغسل ثم قال : وايديكم إلى المرافق ثم فصل بين كلامين فقال : وامسحوا برؤسكم
فعرفنا حين قال برؤسكم ان المسح ببعض الرأس.
و عن زرارة و بكير قالا : ثم قال: إن الله يقول " يا أيها الذين آمنوا
إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " فليس له أن يدع
شيئا من وجهه إلا غسله. اقول لاحظ قوله عليه السلام ( نزل به الكتاب) و قوله (ان
الله يقول).و هكذا جلّ الروايات التي جاءت بلفظ ( التنزيل ) و بلفظ مخالف لما في المصحف فان ذلك هو بيان
الاية بالتأويل المنزل و ليس بالمتن المنزل حيث ان تلك الايات بتلك الالفاظ ذكرها الامام
نفسه بلفظ المصحف او لفظ اخر. و كذا ما عن
أيوب قال: سمعني أبو عبد الله عليه السلام وأنا أقرأ: " إن الله اصطفى آدم
ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " فقال لي: وآل محمد، كانت،
فمحوها، وتركوا آل إبراهيم وآل عمران. لكن عن علي بن محمد بن الجهم عن الرضا عليه
السلام انه قال ، قال عزوجل ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على
العالمين) . و عن عبدالحميد بن أبى الديلم عن أبى عبدالله عليه السلام قال : يقول
الله عزوجل : ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ) و عن حنان بن سدير عن ابيه عن ابى جعفر عليه السلام
قال : ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من
بعض قال : نحن منهم ونحن بقية تلك العترة . و عن على بن ابراهيم وقوله : ( ان الله
اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ) قال العالم عليه السلام :
نزل ( وآل ابراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين ) فأسقطوا آل محمد من الكتاب .
فلاحظ كيف وصف التأويل بالكتاب. و عن جابر
عن ابى جعفر عليه السلام قال : ( توقد من شجرة مباركة ) فاصل الشجرة المباركة
ابراهيم صلى الله عليه وآله وهو قول الله عزوجل : ( رحمة الله وبركاته عليكم أهل
البيت انه حميد مجيد ) وهو قول الله عزوجل : ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل
ابراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) و عن
ابي عبدالله عليه السلام : قال قال محمد ابن اشعث بن قيس الكندى للحسين عليه
السلام : يا حسين بن فاطمة اية حرمة لك من رسول - الله ليست لغيرك ؟ فتلا الحسين
عليه السلام هذه الآية ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على
العالمين ذرية بعضها من بعض ) الاية قال والله ان محمدا لمن آل ابراهيم والعترة
الهادية لمن آل محمد . اقول هذه الرواية نص ان ( ال محمد ) ليست موجودة في تنزيل
الاية و لكنها من التأويل المنزل فعن ابى عمرو الزبيرى عن ابيعبدالله عليه السلام
قال : قلت له : ما الحجة في كتاب الله ان آل محمد هم اهل بيته ؟ قال : قول الله
تبارك وتعالى : ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران وآل محمد ) هكذا
نزلت على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ). اقول لاحظ انه قال هكذا
نزلت أي تاويلا منزلا. و عن ابي الحسن
عليه السلام ان الله تعالى ؟ ابان فضل العترة على ساير الناس في محكم كتابه ، فقال
له المأمون اين ذلك من كتاب الله تعالى ؟ فقال له الرضا عليه السلام في قوله تعالى
( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض
) وقال عزوجل في موضع آخر : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد
آتينا آل ابراهيم الكتاب و الحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ). و من هنا يعلم ان ما عن
هشام بن سالم قال سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله اصطفى آدم ونوحا )
فقال : ( هو آل ابراهيم وآل محمد على العالمين ) فوضعوا اسما مكان اسم .) و ما عن
عن حمران قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقرء هذه الآية " إن الله اصطفى آدم
ونوحا وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين " قلت: ليس يقرأ كذا، فقال: ادخل
حرف مكان حرف) فهو متشابه مطروح و لا شاهد
له فيرد الى اهله و اما ما تقدم فيحمل على التحريف و التغيير و التبديل و المحو في التأويل
( التفسير) المنزل و ليس في التنزيل (المتن) المنزل. وهكذا نحوها من الروايات التي جاءت لفظ ( اسقطوها ) ، ( محوها) ، ( بدلوها) كما في
قوله عليه السلام ( محي منه سبعون من قريش
بأسمائهم) فانه يحمل على التأويل بانه بعد
التثبيت و الكتابة و هذا يشير الى ان اهل البيت عليهم السلام يريدون ان يقرأ
القران بتؤيله و ليس بالتنزيل فقط و هو معنى ما عن داود بن فرقد عمن أخبره عن أبى
عبدالله عليه السلام قال : لو قرئ القرآن كما انزل لا لفيتنا فيه مسمين . و عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال : لو
ان الناس قرؤا القرآن كما انزل الله عزوجل ما اختلف اثنان . و عن ابن نباتة، قال:
سمعت عليا عليه السلام يقول: كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس
القرآن كما انزل، قلت: يا أمير المؤمنين أو ليس هو كما انزل ؟ فقال: لا، محي منه
سبعون من قريش بأسمائه. فهذا كله من التفسيرات و التاويلات التي ازيلت وليس المراد
التنزيل المجرد.
و لو تنبه الكثيرون لهذه النقطة لما فهم منها
تحريف المتن (التنزيل) بل هو تحريف
التأويل الذي كان يعامل معاملة المتن فاطلق عليه الفاظ توهم بارادة المتن و من هنا
دخلت الشبهة على من حمل ظاهر هذه الروايات على المتن سواء من انكر الرواية او
وافقها ،فالطرفان حصلت لهم شبهة بل تلك الروايات هي في التأويل المنزل المدرج الداخل تحت اسم القران
في عرفهم عليهم السلام و المعامل معاملة المتن.
وقال
الصدوق وقال الصادق عليه السلام: القرآن واحد، نزل من عند واحد، على نبي واحد،
وإنما الاختلاف من جهة الرواة. وهذا المعنى منقول في غير هذه الرواية وهو يبطل
تعدد القراءات وانه ليس من لفظ ولا صورة ولا حركات الا ما هو موجود في المصدف الذي
بين أيدينا.