قال
الله تعالى على لسان نبيه (اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ
مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). وقال تعالى (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ
عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ
إِلَّا تَخْرُصُونَ). وقال تعالى (وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ
مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ. أَمْ
آَتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ). وقال تعالى (وَمَا
لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا
يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا). فصح التعبد بالنقل المنتهي الى مصدر العلم. ومن
خلال ما سيأتي سيتبين ان المقصود علم نبي او وصي.
كما
ان الرد الى الله والرسول وولي الامر لوصي لأنهم مصدر العلم قال تعالى: (فَإِنْ
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) وقال تعالى:
(مَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) وقال تعالى :(
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ
الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) وهو يدل على ان ولي الامر مصدر علم. وقال
تعالى (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
وكذا
الامر بطاعة الله ورسوله وولي الامر فأيضا لأنهم مصدر علم. قال تعالى (وَأَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ). وقال تعالى (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ
وَالرَّسُولَ). قال تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ). وقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ منكم).
ويدل
عليه أيضا ما دل على عدم اتباع الظن لأنه لا يؤدي الى العلم. قال تعالى (وَمَا
لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا
يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) وقال تعالى (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا
ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) وقال تعالى (وَإِنْ
تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ
يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) بل صرح القران
بعدم جواز القول بغير علم. قال تعالى (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ).
وأيضا
توجه الامر بالسؤال الى اهل الذكر وليس غيرهم، يعني اهل العلم. قال الله تعالى
(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ).
كما
ان القران أشار الى حكمة اتباع من يهدي وليس اتباع من لا يهدي فقال تعالى
(أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي
إِلَّا أَنْ يُهْدَى) والذي يهدي هو العالم صاحب العلم.
بل
ان الاصطفاء أيضا لاجل ان يكون اتصال علمي فقد قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى
آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين،
ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ) والاصطفاء ليكون مصدرا للعلم وتبليغ العلم.
وهكذا جعل الخليفة والامام. قال تعالى (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً)
وقال تعالى (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) وقال تعالى (إِنِّي
جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) بل ان ارسال الرسل لاجل ان تكون طريقا للعلم. قال
تعالى (وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ). تعليق: هذا كله لاجل فتح باب العلم
بطريقة طبيعية عادية واقعية فكانت الخلافة والرسالة والنبوات والامامة. فإرسال
الرسل وجعل الائمة هي من أعظم نعم الله على البشر لأنه فتح بهم باب العلم الى علمه
تعالى.
كما
ان الله تعالى أكد على البرهان والحجة والاطلاع، وهذه كلها دلائل على قصد العلم. قال
تعالى (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ
نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
صَادِقِينَ) وقال تعالى (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ
فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) وقال تعالى (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ
فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) وقال تعالى (قُلْ فَلِلَّهِ
الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ).
فلا
بد للمعارف لتكون صدقا وحقا ان تنتهي بعلم الى النبي او الوصي، والا كانت ظنا. ولذلك
فما يجتهد فيه المجتهدون هو في الحقيقة ليس منتهيا إليهم وانما هو منته الى النبي
والوصي وانما هو واسطة ووسيلة لبيان علم النبي وعلم الوصي فصح الاعتماد على اجتهاداتهم
والتي يجب ان تكون مصدقة بالقران والسنة ولها شاهد منهما.