بأخبار الاسراء والعروج
أنور غني الموسوي
أبواب البروج بأخبار الاسراء والعروج
أنور
غني الموسوي
دار
أقواس للنشر
1441
المحتويات
المحتويات
المقدمة
بسم
الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. اللهم صلّ على محمد وال محمد. ربنا
اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان.
هذه
رسالة مختصرة في اخبار الاسراء والعروج استخرجتها من أحاديث بحار الانوار، واقتصرت
على ما له شاهد ومصدق من المعارف الثابتة من القران والسنة، فالكتاب من تطبيقات
منهج العرض، والله المسدد.
المقدمة اللغوية
الاسراء
قال
في الصحاح: وسَرَيْتُ سُرىً ومَسْرىً وأَسْرَيْتُ بمعنىً، إذا سرتَ ليلاً. بالألف
لغة أهل الحجاز، وجاء القرآن بهما جميعاً. ثم قال وأَسْراهُ وأَسْرَى به، وإنَّما
قال تعالى: " سُبْحانَ الذي أَسْرى بعَبْدِهِ ليلاً " وإن كان السُرى لا
يكون إلاّ بالليل للتأكيد. والسِرايَةُ: سُرَى الليل، وهو مصدر. وقال قلبها
والسارِيَةُ: السحابة التي تأتي ليلاً.
قال
في العين السرى: سير الليل، وكل شئ طرق ليلا فهو سار.
سرى
يسري سرى وسريا. والسارية من السحاب: التي تجئ بين الغادية والرائحة ليلا. وسرى
وأسرى، لغتان، وسرى به وأسرى به سواء.
قال
في التاج: ( وسرى به وأسراه و ) أسرى ( به
) أي يستعملان متعديين بالباء الى مفعول ( و ) أما قوله تعالى سبحان الذى ( أسرى
بعبده ليلا ) وان كان السرى لا يكون الا ليلا الا انه ( تأكيد ) كقولهم سرت أمس
نهارا والبارحة ليلا كما في الصحاح ( أو معناه سيره ) كما في التهذيب وقال علم
الذين السخاوي في تفسيره انما قال ليلا والاسراء لا يكون الا بالليل لان المدة
التى أسرى به فيها لا تقطع في أقل من أربعين يوما فقطعت به في ليل واحد فكان
المعنى سبحان الذى أسرى بعبده في ليل واحد من كذا وكذا وهو موضع التعجب وانما عدل
عن ليلة الى ليل لانهم إذا قالوا سرى ليلة كان ذلك في الغالب لاستيعاب الليلة
بالسرى فقيل ليلا أي في ليل انتهى نقله عبد القادر البغدادي في حاشية الكعبية
اقول:
فالإسراء السير ليلا.
العروج
قال
في العين: عَرَجَ يعرُجُ عُروجاً، أي: صَعِد. والمَعْرَجُ: المَصْعَد.
والمَعْرَجُ: الطريقُ الذي تصعَدُ فيه الملائكة. والمِعْراجُ شبهُ سُلّم أو درجة
تَعْرُجُ الأرواحُ فيه إذا قُبِضَتْ. يقال ليس شيءٌ أحسن منه، إذا رآه الروحُ لم
يتمالك أن يخرج، ولو جمع على المعاريج لكان صوابا.
والمعارج
في قول الله عزّ وجلّ: " من الله ذي المعارج تَعْرُجُ الملائكة والروح إليه
" جماعة المَعْرَج.
قال
في الصحاح : والمِعْراج: السُلَّم؛ ومنه ليلة المِعْراج؛ والجمع مَعارج ومَعاريج،
مثله مَفاتِح ومَفاتيح. قال الأخفش: إن شئت جعلت الواحد مِعْرَج ومَعْرَج مثل
مِرْقاةٍ ومَرْقاةٍ. والمَعارج: المصاعِدُ.
قال
في الجمهرة : والمِعراج: كل شيء عرجت فيه فصعدت من سُفْل إلى عُلْو فهو مِعْراج. و
قال والمَعارج: مَعارج الملائكة إلى السماء، والله أعلم. ويمكن أن يكون واحدها
مَعْرَجاً أو مِعْرَجاً ومِعْراجاً. والمِعراج، فيما زعم أهل التفسير: سبب تنحدر
عليه الملائكة من السَّماء
وقال
في المحكم والمحيط والمِعْراج: شبه سلم، تعرُجُ عليه الأرواح. وقيل: هو حيث تصعد
أعمال بني آدم.
قال
في التهذيب قال الله جلّ وعزّ: )تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ(
" المعارج 4 " أي تصعد. يقال: عَرَج يعَرُج عُروجاً. وقوله جل وعز: ) مِنْ
اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ( " المعارج3 " قال قتادة: ذي المعارج ذي
الفواضل والنِّعَم. وقيل مَعارجُ الملائكة، وهى مَصاعدُها التي تصعد فيها وتعَرُج
فيها، ذكر ذلك أبو إسحاق. وقال الفراء: ذي المعارج من نعت الله، لان الملائكة
تعرُج إلى الله، فوصَف نفسَه بذلك. والقُرَّاء كلُّهم على التاء في قوله ) تعرُج (
إلا ماذُكر عن عبد الله، وهو قول الكسائي.
وقال
الليث: عَرَج يعرُج عُروجاً ومَعرَجاً. قال والمَعْرج: المصعد. والمَعرَج:
الطَّريق الذي تصعَد فيه الملائكة. قال: والمِعراجُ يقال: شبه سُلَّم أو درجة
تَعرُج فيه الأرواح إذا قُبِضَتْ. يقال ليس شيء أحسَنُ منه، إذا رآه الرُّوح لم
يتمالك أن يَخرج. قال: ولو جمع على المعاريج لكان صوابا. فأما المعارج فجمع
المعرج.
قلت:
ويجوز أن يجمع المعراج مَعارج.
اقول
فالمعراج هو آلة العروج، ومن هنا فقول ( ليلة الاسراء والمعراج) لا يصح ان اريد
بالمعراج المصدر اي العروج، ومن الواضح ان نسبة ليلة الى حدث هو ارادة المصدر اي
العروج، فالصحيح ان يقال ( ليلة الاسراء والعروج) و اما قول ( معراج النبي) ففيه
تقدير لان المعراج هو الة العروج لا العروج فالصحيح قول ( عروج النبي).
المقدمة القرآنية
·
الاسرى:
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى الذي
باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " 1.
تعليق:
سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ جسدا وروحا لَيْلًا بيان اعجاز بقصر الزمن مِنَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ نفسه إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الذي في السماء وهو
البيت المعمور بقرينة صفاته التالية فانه الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ
مِنْ آَيَاتِنَا.
·
الزخرف:
" واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمان آلهة يعبدون
" 45 .
تعليق:
واسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا،
هذا استعارة مركبة عبارة مجاز عن عبارة أي انظر في مللهم التي علمتها فليس السؤال
حقيقة، أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ. أي فلا تجدهم
يعبدون غير الرحمن وهو مصدق لك وفيه خطاب للناس ايضا.
·
النجم:
علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالافق الاعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب
قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما
يرى * ولقد رآه نزلة اخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة
ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من آيات ربه الكبرى". 5 - 18 .
تعليق:
عَلَّمَهُ
اي علم محمدا جبرائيل شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى بصورته الحقيقة
(6) وَهُوَ جبرائيل بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى بعيدا(7) ثُمَّ دَنَا جبرائيل
فَتَدَلَّى الى النبي من الافق (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى من
النبي بتلك الصورة (9) فَأَوْحَى جبرائيل
إِلَى عَبْدِهِ اي عبد الله مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا
رَأَى بالبصر (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى اذ راى جبرائيل بعينه (12) وَلَقَدْ رَآَهُ اي راى النبي جبرائيل
نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14).
1. عن
أبي سعيد الخدري، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لما اسري بي إلى السماء
ما سمعت شيئا قط هو أحلى من كلام ربي عزوجل.
2. عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه
السلام) قال: لما عرج برسول الله (صلى الله عليه وآله) انتهى به جبرئيل (عليه
السلام) إلى مكان فخلى عنه، فقال له: يا جبرئيل أتخليني على هذه الحال؟ فقال:
امضه، فوالله لقد وطئت مكانا ما وطئه بشر وما مشى فيه بشر قبلك.
3. الحسن بن فضال، عن الرضا (عليه
السلام) أنه قال: من كذب بالمعراج فقد كذب رسول الله (صلى الله عليه وآله).
4. حفص بن البختري عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: لما اسري برسول الله (صلى الله عليه وآله) وحضرت الصلاة فأذن
جبرئيل (عليه السلام) فلما قال: الله أكبر، الله أكبر، قالت الملائكة: الله أكبر،
الله أكبر، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قالت الملائكة خلع الانداد، فلما
قال: أشهد أن محمدا رسول الله، قالت الملائكة: نبي بعث، فلما قال: حي على الصلاة،
قالت الملائكة: حث على عبادة ربه، فلما قال: حي على الفلاح، قالت الملائكة: أفلح
من اتبعه.
5. يونس بن عبد الرحمان قال: قلت لابي
الحسن موسى ابن جعفر (عليه السلام): لاي علة عرج الله بنبيه إلى السماء ومنها إلى
سدرة المنتهى، ومنها إلى حجب النور وخاطبه
وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان ؟ فقال عليه السلام: إن الله لا يوصف بمكان، ولا
يجري عليه زمان، ولكنه عزوجل أراد أن يشرف به ملائكته وسكان سماواته، ويكرمهم بمشاهدته.
ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقوله المشبهون،
سبحان الله وتعالى عما يصفون.
6. إسماعيل الجعفي قال: كنت في المسجد
الحرام قاعدا وأبو جعفر (عليه السلام) في ناحية، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة،
وإلى الكعبة مرة، ثم قال: " سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى
المسجد الاقصى " وكرر ذلك ثلاث مرات. ثم قال أسرى به من هذه إلى هذه وأشار
بيده إلى السماء.
7. هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: لما أخبرهم أنه اسري به قال إن علامة ذلك عير لابي سفيان يحمل
ندا يقدمها جمل أحمر، يدخل غدا مع الشمس، فأرسلوا الرسل وقالوا لهم: حيث ما لقيتم
العير فاحبسوها ليكذبوه بذلك، قال فضرب الله وجوه الابل فأقرت على الساحل، وأصبح
الناس فأشرفوا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فما رئيت مكة قط أكثر مشرفا ولا
مشرفة. منها يومئذ لينظروا ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأقبلت الابل من
ناحية الساحل، فكان يقول قائل: الابل الشمس، الشمس الابل، قال: فطلعتا جميعا.
8. هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى العشاء الآخرة، وصلى
الفجر في الليلة التي اسري به بمكة.
9. زرارة وحمران بن أعين، ومحمد بن
مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: حدث أبو سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) قال: إن جبرئيل أتاني ليلة اسري بي فحين رجعت فقلت: يا جبرئيل هل لك من
حاجة ؟ فقال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام، وحدثنا عند ذلك أنها
قالت حين لقيها نبي الله عليه وآله السلام، فقال لها، الذي قال جبرئيل: قالت: إن
الله هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام وعلى جبرئيل السلام.
10.
سلام
الحناط، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المساجد التي لها
الفضل، فقال: المسجد الحرام ومسجد الرسول، قلت: والمسجد الاقصى ! ؟ جعلت فداك
فقال: ذاك في السماء إليه اسري رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت: إن الناس
يقولون إنه بيت المقدس، فقال: مسجد الكوفة أفضل منه. تعليق: فالمعنى لو كان اسراء لمسجد على الأرض
لكان الى مسجد الكوفة، وفيه دلالة على عدم الاسراء الى بيت المقدس.
11.
عن
أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه
وآله) قال: لما اسري به رفعه جبرئيل بإصبعيه وضعهما في ظهره حتى وجد بردهما في
صدره. تعليق: فيه دلالة على ان جبرائيل عرج به وليس البراق.
12.
عيسى
بن داود النجار، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام : إن
النبي (صلى الله عليه وآله) لما اسري به إلى ربه جل وعز قال: وقف بي جبرئيل (عليه
السلام) عند شجرة عظيمة لم أر مثلها، قد كللها نور من نور الله جل وعز، فقال
جبرئيل: هذه سدرة المنتهى، وأنت تجوزها إن شاء الله ليريك من آياته الكبرى، فاطمئن
أيدك الله بالثبات، حتى تستكمل كرامات الله، وتصير إلى جواره، ثم صعد بي حتى صرت
تحت العرش فدلي لي رفرف أخضر ما أحسن أصفه، فرفعني الرفرف بإذن الله وانقطع عني
أصوات الملائكة ودويهم، ولم أر عندي أحدا من خلقه، فناداني ربي عزوجل فقال تبارك
وتعالى: يا محمد، قلت: لبيك ربي وسيدي وإلهي لبيك، قال: هل عرفت قدرك عندي ومنزلتك
وموضعك ؟ قلت: نعم يا سيدي. ثم قال ثم هوى بي الرفرف فإذا أنا بجبرئيل فتناقلني
منه حتى صرت إلى سدرة المنتهى، فوقف بي تحتها، ثم أدخلني إلى جنة المأوى.
13.
ابن
عباس قال: لما زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن الله قد اختارني من خلقه
فبعثني إليكم رسولا، واختار لي عليا خليفة ووصيا. ثم قال اني لما وصلت إلى السماء
السابعة وتخلف عني جميع من كان معي من ملائكة السماوات وجبرئيل (عليه السلام)،
والملائكة المقربين، ووصلت إلى حجب ربي حتى وصلت إلى حجاب الجلال فناجيت ربي تبارك
وتعالى وقمت بين يديه، وتقدم إلي عز ذكره بما أحبه وأمرني بما أراد. ثم قال وقال
لي: يا محمد علي وليي وخيرتي بعدك من خلقي، اخترته لك أخا ووصيا ووزيرا وصفيا
وخليفة. معاشر الناس! علي أخي في الدنيا والآخرة، ووصيي ووزيري وخليفتي عليكم في
حياتي وبعد وفاتي، لا يتقدمه أحد غيري، وخير من أخلف بعدي.
14.
عن
أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إن جبرئيل احتمل رسول
الله (صلى الله عليه وآله) حتى أتى به إلى مكان من السماء ثم تركه، وقال له: ما
وطئ نبي قط مكانك.
15.
هارون
بن خارجة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ما بعد المسجدين أفضل من مسجد
كوفان.