علم جهات المعنى ؛ الاثم نموذجا

المشهور ان الاثم هو العصيان الشرعي، لكن من خلال التتبع في النصوص واللغة يظهر ان الاثم الذي ذكرته النصوص هو مفهوم عرفي وضعي خارجي يعني الجور بملاحظة كونه فعلا. وان وضع المعنى لاجل جهة من معنى اخر واضح وهو علم ينبغي تتبعه ويمكن ان نسميه علم ( جهات المعنى) فكل معنى او مفهوم له جهات للنظر من حيث الفعل و الفاعل و المفعول ولكل منها يوضع وصف خاص يلحظ فيه ذلك وهذا فارق دقيق الا انه مهم. تقول العرب ( اثمة الناقة اي ابطأت و ناقة آثمة اي بطيئة)
فمثلا كلمات ( الجور و الظلم والحيف ، والاثم) كلمات احيانا تستعمل كمترادفات الا انها بالتدقيق تظهر انها ملحوظ فيها (جهات المعنى) وان الاصل فيها هو ( الجور)
فالجور هو الافراط والتجاوز عن الحد وهو الميل عن الطريق فهو عدم الاعتدال وهو بالضبط ما يقابل العدل.
الظلم هو الجور بلحاظ المفعول اي من وقع عليه الجور.
الحيف الجور بلحاظ الفاعل اي من فعل الجور.
والاثم هو الجور بلحاظ الفعل اي فعل الجور نفسه.
ثم تاتي الاشتقاقات بحسب الاطراف.
والان لنلاحظ السلاسة في كون الاثم هو الجور كما اقول، و التكلف في كون الاثم هو العصيان كما هو المشهور

قال تعالى (لِتَأْكلُوا فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَلِ النَّاسِ بِالاثْمِ) اي جورا، اذ حمله على العصيان تكلف.
وقال تعالى (وَ يَتَنَجَوْنَ بِالاثْمِ وَ الْعُدْوَنِ وَ مَعْصِيَتِ الرَّسولِ) وقوله تعالى (إِذَا تَنَجَيْتُمْ فَلا تَتَنَجَوْا بِالاثْمِ وَ الْعُدْوَنِ وَ مَعْصِيَتِ الرَّسولِ) اي تتناجون بالجور ومن الواضح تكلف حمله على العصيان بل بطلانه لان كلمة العصيان ذكرت نصا.
وقال تعالى (وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) اي جورا فمن التكلف حمله على المعصية من ذكر الخطيئة.
وقال تعالى (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا.) اي جورا، ومن التكلف حمل كذبهم على العصيان وهم كفار اصلا.
وقال تعالى (وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ ) اي جائز قلبه فان حمله على العصيان فيه تكلف فالمعصية صفة للانسان وليس لقلبه.
 وقال تعالى (لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ) اي فولهم الجور والحمل على العصيان تكلف.
وقال تعالى (إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) اي الجور وحمله على العصيان تكلف فان المقام مقام تعداد قبائح عرفية.
واما قوله (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ) اي انه لم يرتكب جورا ليؤاخذ به. والجنف الجور.
فالخلاصة ان الاثم هو الجور بلحاظ كونه فعلا، والامر واضح عندي لكنني لم اجد من اشار الى ذلك.