فلسفة الدين؛ ميتا دين.

لكل علم فلسفة والدين علم فلا بد ان يكون له فلسفة. وفلسفة العلم امر فطري وجداني لا يمكن منعه ولان الشرع فطري ووجداني فاننا نقطع بان فلسفة العلم ليس فقط جائزة بل لا يمكن منعها.
فلكل علم فلسفة وطبعا فلسفة العلم لا تتدخل في ابحاثه و لا في استدلالته وانما هي تنظر الى مدى التناسق و التوافق بين معارفه و تنظر الى علاقاته مع غيره ايضا من جهة خارجية توافقية اتزانية لا غير. فليس لفسفة العلم اي حكومة على العلم وانما هي ممارسة عقلية وجدانية للتامل و التفكر.
وفلسفة الدين هي النظر الى الدين من خارجه لرؤية توازنه و اتزانه واعتداله و اتساقه وهو ليس مختصا بالدين بل يجري في كل علم.
كل معرفة علمية لها نوعان من الحقائق حقائق اصلية ثابتة راسخة و حقائق فرعية متغيرة متباينة الثبوت وكذلك هناك حقائق قديمة وحقائق مستحدثة. وهناك حقائق متفق عليها وهناك حقائق مختلف فيها . ولا ريب ان الحقائق الاصلية الثابتة الراسخة  المتافق عليها في الدين هي العمدة وهي الاساس والمنطلق للك لا بد من التعامل معها دوما باحترام من دون تشكيك.
وفلسفة العلم تتناول جميع اشكال تلك المعارف سواء الثابتةالراسخة المتافق عليها او الحقائق المتغيرة المختلف فيها الا ان الكلام عن الحقائق الراسخة المتفق عليها يختلف كليا عن الكلام عن الحقائق المستحدثة والمختلف فيها . ولذلك فهناك شكلان من فلسفة الدين او التناول الفلسلفي للدين ولا يصح الخلط بينهما، وهذا لا يختص بالدين ل بكل معرفة، لان خلاف ذلك يعني الجهل و يعني الكلام بالظن في قبال العلم ولا يجوز ادخال الظن في العلم.
وعلى كل حال فيحق لكل انسان ان يتامل و ينظر فيما يخبر به عن الدين و ان يقيمه بخصوص الامور غير الراسخة وغير الثابتة وغير القطعية. بمعنى اخر ان المعارف الدينية المستحدثة والمختلف فيها ليست لها تلك القداسة كقداسة المعارف الاصلية الثابتة الراسخة المتفق عليها. وعلى الانسان ان يحرز اتساق وتوافق وانتظام المعارف العلمية كلها فان العلم لا يتناقض ولا يختلف. كما ان للدين مقاصد عليا وغايات كبرى راسخة ثابتة ينبغي على كل معرفة مستحدثة وفرعية ان توافقها و تتفق معها بشكل تام. ان البحث عن توافق واتساق وانتظام المعارف الدينية مع محورية و ثبوت المعارف الثابتة الراسخة المتفق عليها هو من فلسفة الدين ومن الميتا دين الذي من سبيله ان يكون رافدا في التحصين وعصمة المعرفة، والفلسفة تبقى معؤرفة افتراضية الا انها تمحيصية وتدعو الى التامل و المراجعة.