مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. اللهم صل على محمد واله الطاهرين. ربنا اغفر لنا ولجميع المؤمنين.
هذه رسالة مختصرة في تحقيق الاخبار التي تحدثت عن الذبيح الذي أراد نبي الله ابراهيم الخليل عليه السلام ان يذبحه وفُدي من قبل الله تعالى بكبش عظيم. والاخبار المحققة هنا هي من خصوص كتاب بحار الانوار في الباب التي تناول قصة الذبيح من ولد ابراهيم الخليل عليه السلام. والتحقيق وتمييز الحديث الصحيح من غيره هنا بحسب منهج العرض؛ اي عرض الحديث على محكم القران وقطعي السنة، فميزت ما يصح وله شاهد فيحقق العلم مما ليس له شاهد فهو معتل وظن.
والحديث الصحيح هو ما كان له شاهد من محكم القرآن وقطعي السنّة وهو المعرفة والحق والصدق وما خالفهما فهو معتل وهو الظن. وبهذا يمتاز منهج عرض الحديث انه يخرج الحديث من الظن الى العلم فيعين ما هو المعرفة والصدق والحق، وهو مدخل حقيقي الى عصمة المعارف.
خلاصة البحث ان ظاهر القران دال على ان الغلام الذبيح هو اسماعيل عليه السلام وهو المتعين كمعرفة وعلم وحق فما وافقه وله شاهد منه فهو الحديث الصحيح وهو العلم وهو الحق، وما خالفه فهو ظن معتل لا يعتمد. كما ان في هذا الباب بعض الأحاديث فيها من الغرابة والنكارة وعدم اتساق مع المعارف الثابتة وابتعاد عن الصبغة والنسق العام للمعارف الشرعية ما يثير الظن بعدم الصدور اي يثير الظن بكذبها، الا ان النقل لا يكذّب الا بعلم ومن هنا يتبين ضعف من وصف بعض الأحاديث بالوضع من خلال الاستنتاجات والظن من دون علم متحقق. والله المسدد.
تمهيد
قال تعالى (وَقَالَ: إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ. رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ. فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ. فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ، قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ، فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى؟ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ، سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ. فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ: قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا. إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ، سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ. كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ. وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ. وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ. تعليق: قال الطوسي (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين) * فدل على ان الذبيح كان اسماعيل. ومن قال: إنه بشر بنبوة اسحاق دون مولده، فقد ترك الظاهر لان الظاهر يقتضي البشارة بإسحاق دون نبوته، ويدل ايضا عليه قوله * (فبشرناها بإسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب) * ولم يذكر اسماعيل، فدل على انه كان مولودا قبله وايضا فانه بشره بإسحاق وانه سيولد له يعقوب، فكيف يأمره بذبحه مع ذلك..) انتهى. تعليق: اقول وبشره تعالى ان إسحاق سيكون نبيا فكيف يأمره بذبحه وهو معد للنبوة. فهنا بشارتان؛ الاولى قبل الذبح هي البشارة بالغلام الحليم والثانية بعد الذبح هي البشارة بإسحاق. وهو غير الاول وللعلم القطعي بان اسماعيل هو ابن ابراهيم فيتعين انه الغلام الذبيح بعد ثبوت كون اسماعيل اخا لإسحاق قال تعالى على لسان نبيه الخليل (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) واما قوله تعالى (قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فهو تجوز بحق اسماعيل فانه عمه لكن سموه ابا، وهو ليس جد يعقوب ويدل على انه ليس جده قوله تعالى على لسان يعقوب ليوسف (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) و قال تعالى (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) ولم يذكر اسماعيل مع ان اسماعيل نبي قال تعالى ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا) و اسماعيل على ملة ابراهيم بنص الآية و قد قال تعالى ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( *) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَك)َ فيكون المراد انه اراد ان يذكر اباه وجده الصلبيين. وهذه المعرفة هي العلم وهي المحكم الذي يرد اليه غيره.
الخلاصة
الحديث الاول: العيون والخصال عن الحسن بن فضال، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه واله: أنا ابن الذبيحين، قال: يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وعبد الله بن عبد المطلب أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله به إبراهيم " فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر " ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت " ستجدني إن شاء الله من الصابرين ". حديث صحيح له شاهد من القران.
الحديث الثاني: قال الصدوق عن سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال قول النبي صلى الله عليه واله: " أنا ابن الذبيحين ". حديث صحيح له شاهد.
الحديث الثالث: الصدوق عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألناه عن صاحب الذبح، فقال: إسماعيل عليه السلام. حديث صحيح له شاهد فهو علم.
الحديث الرابع: قال الصدوق وروي عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: أنا ابن الذبيحين. يعني إسماعيل وعبد الله بن عبد المطلب. حديث صحيح له شاهد فهو علم. تعليق: يبدو ان التفسير من الصدوق.
الحديث الخامس: ب: الحسن بن علي بن فضال قال: سأل الحسين بن أسباط أبا الحسن الرضا عليه السلام - وأنا أسمع - عن الذبيح إسماعيل أو إسحاق؟ فقال: إسماعيل أما سمعت قول الله تبارك وتعالى: " وبشرناه بإسحق "؟ حديث صحيح له شاهد.
الحديث السادس: ما: عن سليمان ابن يزيد، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: الذبيح إسماعيل. حديث صحيح له شاهد معرفي.
الحديث السابع: قال الرازي: ان رسول الله صلى الله عليه واله قال: " أنا ابن الذبيحين ". حديث صحيح له شاهد.
الحديث الثامن: قال الرازي وقال له أعرابي: يا ابن الذبيحين فتبسم فسئل عن ذلك فقال: إن عبد المطلب لما حفر بئر زمزم نذر إن سهل الله له أمرها ليذبحن أحد ولده، فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا له: افد ابنك بمائة من الإبل ففداه بمائة من الابل ; والذبيح الثاني إسماعيل. حديث صحيح له شاهد.
الأحاديث
الحديث الاول
العيون والخصال عن الحسن بن فضال، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه واله: أنا ابن الذبيحين، قال: يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وعبد الله بن عبد المطلب أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله به إبراهيم " فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر " ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت " ستجدني إن شاء الله من الصابرين ". حديث صحيح له شاهد.
.1 - ن، ل: القطان، عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال، عن ابيه قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه واله: أنا ابن الذبيحين، قال: يعني إسماعيل بن إبراهيم الخليل، وعبد الله بن عبد المطلب أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله به إبراهيم " فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر " ولم يقل له يا أبت افعل ما رأيت " ستجدني إن شاء الله من الصابرين " فلما عزم على ذبحه فداه الله بذبح عظيم. بكبش أملح يأكل في سواد، ويشرب في سواد، وينظر في سواد، ويمشي في سواد، ويبول ويبعر في سواد، وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما، وما خرج من رحم انثى، وإنما قال الله عزوجل له: كن فكان، ليفتدى به إسماعيل، فكلما يذبح بمنى فهو فدية لاسماعيل إلى يوم القيامة، فهذا أحد الذبيحين. . قال المجلسي أقول: ثم ساق
الخبر وذكر قصة عبد الله وسيجئ الخبر بتمامه. حديث صحيح له شاهد من محكم القران.
.2 قال الصدوق رحمه الله: فد اختلفت الروايات في الذبيح، فمنهاما ورد بأنه إسماعيل، ومنها ما ورد بأنه إسحاق، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح طرقها، وكان الذبيح إسماعيل، لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي امر أبوه بذبحه فكان يصبر لامر الله ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب، فعلم الله عزوجل ذلك من قلبه فسماه بين ملائكته ذبيحا لتمنيه لذلك. هذه معرفة معتلة لا شاهد لها فهي ظن ومعرفة معتلة. الا ان الصدوق يذهب الى ان الذبيح حقيقة هو اسماعيل وانما قال ذلك لكيلا يرد الخبر.
الحديث الثاني
قال الصدوق عن سليمان بن مهران، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام قال قول النبي صلى الله عليه واله: " أنا ابن الذبيحين ". حديث صحيح له شاهد.
3. قال الصدوق حدثنا بذلك محمد بن علي بن بشار، عن المظفر بن أحمد القزويني، عن محمد بن جعفر الكوفي الاسدي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن عبد الله بن داهر، عن أبي قتادة الحراني، عن وكيع ابن الجراح، عن سليمان بن مهران، عن
أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليه السلام وقول النبي صلى الله عليه واله: "
أنا ابن الذبيحين " . حديث صحيح له شاهد ، و سياتي تفسيره.
4. قال يؤيد ذلك، لان العم قد سماه الله عزوجل أبا في قوله: " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق " وكان إسماعيل عم يعقوب فسماه الله في هذا الموضع أبا، وقد قال النبي صلى الله عليه واله: " العم والد " فعلى هذا الاصل أيضا يطرد قول النبي صلى الله عليه واله: " أنا ابن الذبيحين " أحدهما ذبيح بالحقيقة، والاخر ذبيح بالمجاز، واستحقاق الثواب على النية والتمني، فالنبي صلى الله عليه واله هو ابن الذبيحين من وجهين على ما ذكرناه. تعليق: هذه معرفة معتلة لا شاهد عليها فهي ظن.
5. قال الصدوق حدثنا ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن الفضل قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما أمر الله عزوجل إبراهيم أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده، وأنه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده عليه بيده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى الله عزوجل إليه: يا إبراهيم من أحب خلقي إليك ؟ فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد، فأوحى الله إليه: أفهو أحب إليك أم نفسك ؟ قال بل هو أحب إلي من نفسي، قال: فولده أحب إليك أم ولدك ؟ قال: بل ولده، قال: فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أذبح ولدك بيدك في طاعتي ؟ قال: يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي، قال: يا إبراهيم فإن طائفة تزعم أنها من امة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي ; فجزع إبراهيم لذلك وتوجع قلبه وأقبل يبكي، فأوحى الله عزوجل: يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجز عك على الحسين وقتله، و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، وذلك قول الله عزوجل: " وفديناه بذبح عظيم ". تعليق: حديث معتل ليس له شاهد.
6. 2 - فس: أبي، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام إن إبراهيم أتاه جبرئيل عليه السلام عند زوال الشمس من
يوم التروية، فقال: يا إبراهيم ارتو من الماء لك ولاهلك، ولم يكن بين مكة وعرفات
ماء فسميت التروية لذلك، فذهب به حتى انتهى به إلى منى فصلى به الظهر والعصر والعشائين والفجر حتى إذا بزغت الشمس خرج إلى عرفات فنزل بنمرة وهي بطن عرنة،
فلما زالت الشمس خرج وقد اغتسل فصلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين، وصلى في موضع المسجد الذي بعرفات وقد كانت ثم أحجار بيض فادخلت في المسجد الذي بنى، ثم مضى به إلى الموقف فقال: يا إبراهيم اعترف بذنبك، واعرف مناسكك ; ولذلك سميت عرفة، وأقام به حتى غربت الشمس، ثم أفاض به فقال: يا إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت المزدلفة، وأتى به المشعر الحرام فصلى به المغرب والعشاء الاخرة بأذان واحد وإقامتين ثم بات بها حتى
إذا صلى بها صلاة الصبح أراه الموقف، ثم أفاض به إلى منى فأمره فرمى جمرة العقبة، وعندها ظهر له إبليس، ثم أمره بالذبح وإن إبراهيم عليه السلام حين أفاض من عرفات
بات على المشعر الحرام وهو قزح فرأى في النوم أن يذبح ابنه، وقد كان حج
بوالدته فلما انتهى إلى منى رمى الجمرة هو وأهله، وأمر سارة أن زوري البيت،
واحتبس الغلام فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى فاستشار ابنه وقال كما حكى الله: " يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى " فقال الغلام كما ذكر الله: امض لما أمرك الله به " يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " وسلما لامر الله وأقبل شيخ فقال: يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام ؟ قال: اريد أن أذبحه، فقال: سبحان الله تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين، فقال إبراهيم: إن الله أمرني بذلك، فقال: ربك ينهاك عن ذلك، و إنما أمرك بهذا الشيطان، فقال له
إبراهيم: ويلك إن الذي بلغني هذا المبلغ هو الذي أمرني به والكلام الذي وقع في اذني فقال: لا والله ما أمرك بهذا إلا الشيطان، فقال إبراهيم: لا والله لا اكلمك، ثم عزم
على الذبح فقال: يا إبراهيم إنك إمام يقتدى بك، وإنك إن ذبحته ذبح الناس أولادهم، فلم يكلمه وأقبل على الغلام واستشاره في الذبح فلما أسلما
جميعا لامر الله قال الغلام: يا أبتاه خمر وجهي، وشد وثاقي، فقال إبراهيم: يا
بني الوثاق مع الذبح ؟ لا والله لا أجمعهما عليك اليوم، فرمى له بقرطان الحمار، ثم
أضجعه عليه، وأخذ المدية فوضعها على حلقه ورفع رأسه إلى السماء، ثم انتحى عليه المدية وقلب جبرئيل المدية على قفاها، واجتر الكبش من قبل ثبير وأثار الغلام من تحته، ووضع الكبش مكان الغلام، ونودي من ميسرة مسجد الخيف: " أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين * إن هذا لهو البلاء المبين " قال: ولحق إبليس
بام الغلام حين نظرت إلى الكعبة في وسط الوادي بحذاء البيت فقال لها: ما شيخ رأيته ؟ قالت: ذاك بعلي، قال: فوصيف رأيته معه ؟ قالت: ذاك ابني، قال: فإني رأيته وقد أضجعه وأخذ المدية ليذبحه، فقالت: كذبت إن إبراهيم أرحم الناس كيف يذبح ابنه ؟ !
قال: فورب السماء والارض ورب هذا البيت لقد رأيته أضجعه وأخذ المدية، فقالت: ولم ؟ قال: زعم أن ربه أمره بذلك، قالت: فحق له أن يطيع ربه ; فوقع في نفسها أنه قد امر
في ابنها بأمر، فلما قضت نسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى وهي واضعة يدها على رأسها تقول: يا رب لا تؤاخذني بما عملت بام إسماعيل. قلت: فأين أراد أن يذبحه ؟ قال: عند الجمرة الوسطى. قال: ونزل الكبش على الجبل الذي عن يمين مسجد منى نزل من
السماء وكان يأكل في سواد، ويمشي في سواد، أقرن. قلت: ما كان لونه ؟ قال: كان أملح أغبر. تعليق: حديث معتل لا شاهد له فهو ظن.
الحديث الثالث
الصدوق عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألناه عن صاحب الذبح، فقال: إسماعيل عليه السلام. حديث صحيح له شاهد فهو علم.
7. قال: وحدثني أبي، عن صفوان بن يحيى وحماد، عن عبد الله بن المغيرة،
عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألناه عن صاحب الذبح، فقال: إسماعيل عليه السلام. حديث صحيح له شاهد فهو علم.
الحديث الرابع:
قال الصدوق وروي عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: أنا ابن الذبيحين يعني
إسماعيل وعبد الله بن عبد المطلب. حديث صحيح له شاهد فهو علم. تعليق: يبدو ان التفسير من الصدوق.
8. قال الصدوق وروي عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل وعبد الله بن عبد المطلب. حديث صحيح له شاهد فهو علم.
9. فهذان الخبران عن الخاص في الذبيح قد اختلفا في إسحاق وإسماعيل، وقد روت العامة خبرين مختلفين في إسماعيل وإسحاق. تعليق: الاختلاف غير جائز في المعرفة ومنها الشريعة ولا ينبغي رواية المختلف مع العلم باحد الطرفين وهو هنا قد اختار ان الذبيح هو اسماعيل الا انه روى الاخر بتوجيه ومجاز فهو من تعدد الجهة وهذا جائز فان اتحاد المعرفة هو من كل وجه وليس مع تعدد الجهة الا انه صار الى التوجيه والمجاز بفعل نص مخالف للمحكم صح عنده وطريقته في التصحيح غير واضحة الا انها تبدو من رواية شيوخه للخبر، ولقد روى الكليني الخبرين واظهر توقفا فيهما على الحقيقة وان كان ظاهر المتن انه يقول بان الذبيح اسماعيل فانه علق على خبر اسحاق بقوله ( هكذا جاء الحديث) ومن البعيد انه تعليقة تلميذه او احد رواة الكتاب لان الكتاب مجرد. ، وهذه هي الحالة الوحيدة التي يجوز فيها رواية المختلف اي التوقف والا غيرها لا يصح الرواية الا مع تعدد الوجه والتوجيه. وانا هنا وفي ما شابه اخرج الصحيح واورد غيره لاجل البحث والكتب التي عليها الاعتماد هي المختارات الصحيحة والاخبار الصحيحة هنا اسخرجتها في كتابي ( صحيح بحار الانوار).
10. - كا: علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ; والحسين ابن محمد، عن عبدويه
بن عامر جميعا، عن البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام مثل ما مر في خبر معاوية، وفيه: ثم انتحى عليه فقلبها جبرئيل عن حلقه فنظر إبراهيم فإذا هي مقلوبة، فقلبها إبراهيم على حدها، وقلبها جبرئيل على قفاها، ففعل ذلك مرارا، ثم نودي من ميسرة مسجد الخيف: يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا،
واجتر الغلام من تحته. وفي آخره: قال: فلما جاءت سارة فأخبرت الخبر قامت إلى ابنها تنظر فإذا أثر السكين خدوشا في حلقه، ففزعت واشتكت وكان بدو مرضها الذي هلكت فذكر أبان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أراد أن يذبحه في الموضع الذي حملت ام رسول الله عند الجمرة الوسطى، فلم يزل مضربهم يتوارثونه كابرا عن كابر
حتى كان آخر من ارتحل منه علي بن الحسين عليه السلام في شئ كان بين بني هاشم وبين بني امية فارتحل فضرب بالعرين. تعليق: حديث معتل ليس له شاهد.
11. - فس: الحسين بن عبد الله السكيني، عن أبي
سعيد البجلي، عن عبد الملك بن هارون، عن أبي عبد الله، عن آبائه صلوات الله وسلامه عليهم قال: سأل ملك الروم الحسن بن علي عليه السلام عن سبعة أشياء خلقها الله لم تركض في رحم، فقال عليه السلام: أول هذا آدم، ثم حواء، ثم كبش إبراهيم، ثم ناقة الله، ثم إبليس الملعون، ثم الحية، ثم الغراب التي ذكرها الله في القرآن. تعليق: حديث معتل ليس له شاهد.
12. - ل: ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن اليشكري، عن محمد بن زياد الازدي، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن سفيان بن أبي ليلى، عن الحسن عليه السلام مثله. تعليق: حديث معتل ليس له شاهد.
الحديث الخامس
- ب: الحسن بن علي بن فضال قال: سأل الحسين بن أسباط أبا الحسن الرضا عليه السلام - وأنا أسمع - عن الذبيح إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال: إسماعيل أما سمعت قول الله تبارك وتعالى: " وبشرناه بإسحق " ؟ حديث صحيح له شاهد.
13. - ب: محمد بن عبد الحميد، عن الحسن بن علي بن فضال قال: سأل الحسين بن أسباط أبا الحسن الرضا عليه السلام - وأنا أسمع - عن الذبيح إسماعيل أو إسحاق ؟ فقال: إسماعيل أما سمعت قول الله تبارك وتعالى: " وبشرناه بإسحق " ؟ حديث صحيح له شاهد.
14. - ل، ع، ن: سأل الشامي أمير المؤمنين عليه السلام عن ستة لو يركضوا في رحم، فقال: آدم وحواء، وكبش إبراهيم، وعصا موسى، وناقة صالح، والخفاش الذي عمله عيسى ابن مريم فطار بإذن الله عزوجل. حديث معتل ليس له شاهد معرفي.
الحديث السادس
- ما: عن سليمان ابن يزيد، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: الذبيح إسماعيل. حديث صحيح له شاهد معرفي.
15. - ما: ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن جعفر بن عنبسة بن عمرو، عن سليمان ابن يزيد، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: الذبيح إسماعيل. حديث صحيح له شاهد معرفي.
16. 10 ع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن البزنطي، عن أبان ابن عثمان قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: كيف صار الطحال حراما وهو من الذبيحة ؟ فقال: إن إبراهيم عليه السلام هبط عليه الكبش من ثبير - وهو جبل بمكة - ليذبحه أتاه إبليس فقال له: أعطني نصيبي من هذا الكبش، قال: وأي نصيب لك وهو قربان لربي وفداء لابني ؟ فأوحى الله عزوجل إليه: إن له فيه نصيبا وهو الطحال، لانه مجمع الدم ; وحرم الخصيتان لانهما موضع للنكاح ومجرى للنطفة، فأعطاه إبراهيم عليه السلام الطحال والانثيين وهما الخصيتان، قال: فقلت: فكيف حرم النخاع ؟ قال: لانه موضع الماء الدافع من كل ذكر وأنثى وهو المخ الطويل الذي يكون في فقار الظهر. حديث معتل ليس له شاهد بل منكر يظن كذبه.
17. - مع: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن داود ابن كثير الرقي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أيهما كان أكبر إسماعيل أو إسحاق ؟ وأيهما كان الذبيح ؟ فقال: كان إسماعيل أكبر من إسحاق بخمس سنين، وكان الذبيح إسماعيل، وكانت مكة منزل إسماعيل، وإنما أراد إبراهيم أن يذبح إسماعيل أيام الموسم بمنى. قال: وكان بين بشارة الله لابراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق خمس سنين، أما تسمع لقول إبراهيم عليه السلام حيث يقول: " رب هب لي من الصالحين " إنما سأل الله عزوجل أن يرزقه غلاما من الصالحين، وقال في سورة الصافات: " فبشرناه بغلام حليم " يعني إسماعيل من هاجر، قال: ففدي إسماعيل بكبش عظيم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ثم قال: " وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين * وباركنا عليه وعلى إسحق " يعني بذلك إسماعيل قبل البشارة بإسحاق، فمن زعم أن إسحاق أكبر من إسماعيل وأن الذبيح إسحاق فقد كذب بما أنزل الله عزوجل في القرآن من نبأهما. ص: بإسناده إلى الصدوق مثله. حديث معتل ليس له شاهد.
18. 12 - كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سعد بن سعد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: لو علم الله عزوجل شيئا أكرم من الضأن لفدى به إسماعيل عليه السلام. حديث معتل ليس له شاهد.
19. 13 - كا: علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابه أظنه محمد بن إسماعيل، عن الرضا عليه السلام قال: لو خلق الله مضغة هي أطيب من الضأن لفدى بها إسماعيل عليه السلام. حديث معتل ليس له شاهد.
20. 14 - كا: بعض أصحابنا، عن جعفر بن إبراهيم الحضرمي، عن سعد بن سعد، عن الرضا عليه السلام قال: لو علم الله خيرا من الضأن لفدى به. قال: يعني إسحاق، هكذا جاء في الحديث. حديث معتل ليس له شاهد.
21. 15 - شى: عن مقرن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كتب يعقوب إلى عزيز مصر: نحن أهل بيت نبتلي، فقد ابتلى أبونا إبراهيم بالنار فوقاه الله، وابتلى أبونا إسحاق بالذبح. حديث معتل ليس له شاهد.
22. 16 - شى: عن محمد بن القاسم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن سارة قالت لابراهيم عليه السلام: قد كبرت، فلو دعوت الله أن يرزقك ولدا فيقر أعيننا فإن الله قد اتخذك خليلا وهو مجيب دعوتك إن شاء الله، فسأل إبراهيم ربه أن يرزقه غلاما عليما، فأوحى الله إليه: إني واهب لك غلاما عليما، ثم أبلوك فيه بالطاعة لي ; قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين، ثم جاءته البشارة من الله بإسماعيل مرة اخرى بعد ثلاث سنين. حديث معتل ليس له شاهد.
23. 17 - كا: علي، عن أبيه، عن أحمد بن محمد وابن محبوب، عن العلاء، عن محمد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام أين أراد إبراهيم عليه السلام أن يذبح ابنه؟ قال: على الجمرة الوسطى، وسألته عن كبش إبراهيم عليه السلام: ما كان لونه ؟ وأين
نزل ؟ فقال: أملح، وكان أقرن، ونزل من السماء على الجبل الايمن من مسجد منى، وكان يمشي في سواد، ويأكل في سواد، وينظر ويبعر ويبول في سواد. حديث معتل ليس له شاهد.
24. قال المجلسي : قال الرازي في تفسيره: اختلفوا في أن هذا الذبيح من هو ؟ فقيل: إنه إسحاق، وقيل: إن هذا قول عمر وعلي والعباس بن عبد المطلب و ابن مسعود وكعب الاحبار وقتادة وسعيد بن جبير ومسروق وعكرمة والزهري والسدي ومقاتل. وقيل: إنه إسماعيل وهو قول ابن عباس وابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن والشعبي ومجاهد والكلبي. واحتج القائلون بأنه إسماعيل بوجوه الاول) تعليق: ستعرف ان كلامه يعني المستنبطين وليس الاوائل المذكورين الذين ياخذون علمهم من رسول الله صلى الله عليه واله.
الحديث السابع
قال الرازي: ان رسول الله صلى الله عليه واله قال: " أنا ابن الذبيحين ". حديث صحيح له شاهد.
25. قال الرازي: أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: " أنا ابن الذبيحين ". حديث صحيح له شاهد.
الحديث الثامن
قال الرازي وقال له أعرابي: يا ابن الذبيحين فتبسم فسئل عن ذلك فقال: إن عبد المطلب لما حفر بئر زمزم نذر إن سهل الله له أمرها ليذبحن أحد ولده، فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا له: افد ابنك بمائة من الابل ففداه بمائة من الابل ; والذبيح الثاني إسماعيل. حديث صحيح له شاهد.
26. قال الرازي وقال له أعرابي: يا ابن الذبيحين فتبسم فسئل عن ذلك فقال: إن عبد المطلب لما حفر بئر زمزم نذر إن سهل الله له أمرها ليذبحن أحد ولده، فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا له: افد ابنك بمائة من الابل ففداه بمائة من الابل ; والذبيح الثاني إسماعيل. حديث صحيح له شاهد.
27. قال الرازي الحجة الثانية: نقل عن الاصمعي أنه قال: سألت أبا عمرو بن العلاء
عن الذبيح فقال: أيا أصمعي أين عقلك ؟ ومتى كان إسحاق بمكة، وإنما كان إسماعيل بمكة، وهو الذي بنى البيت مع أبيه والنحر بمكة. حديث معتل ليس له شاهد. اقول هذا يشير الى تسالم على ان الذبح كان بمكة وقد اشار الكليني الى ذلك لكن ليس واضحا عندي، كما انه ليس فيه حجة فيمكن انهم حجو كما عن الكليني.
28. قال الرازي: الحجة الثالثة: أن الله تعالى وصف إسماعيل بالصبر دون إسحاق في قوله: " و إسمعيل واليسع وذا الكفل كل من الصابرين " وهو صبره على الذبح فوفى به. تعليق: هذه معرفة معتلة ليس له شاهد بل منكرة فوصف اسماعيل بالصبر لا يمنعه عن اسحاق ووصف اسماعيل بالصبر ليس دالا على انه على الذبح بل سيرة الانبياء الصبر على الاذى والابتلاء.
29. قال الرازي: الحجة الرابعة: قوله تعالى: " وبشرناه بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب " فنقول: لو كان الذبيح إسحاق لكان الامر بذبحه قبل ظهور يعقوب منه أو بعد ذلك، والاول باطل لانه تعالى لما بشره بإسحاق وبشر معه بأنه يحصل منه يعقوب، فقبل ظهور يعقوب منه لم يجز الامر بذبحه وإلا حصل الخلف في قوله: " ومن وراء إسحق
يعقوب " والثاني باطل لان قوله: " فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك " يدل على أن ذلك الابن لما قدر على السعي ووصل إلى حد القدرة على الفعل أمر الله تعالى إبراهيم بذبحه، وهذه تنافي وقوع هذه القصة في زمان آخر، فثبت أنه لا يجوز أن يكون الذبيح هو إسحاق. تعليق وهذا استدلال عقلي تام مستفادة من النص وما يلزم منه.
30. قال الرازي: الحجة الخامسة: حكى الله تعالى عنه أنه قال: " إني ذاهب إلى ربي
سيهدين " ثم طلب من الله تعالى ولدا ليستأنس به في غربته قال: " رب هب لي من الصالحين " وهذا السؤال إنما يحسن قبل أن يحصل له الولد، لانه لو حصل له ولد واحد
لما طلب الولد الواحد لان طلب الحاصل محال، وقوله: " هب لي من الصالحين " لا يفيد إلا طلب الواحد، وكلمة من للتبعيض، وأقل درجات البعضية الواحد، فكان قوله: " من الصالحين " لا يفيد إلا طلب الولد الواحد، فثبت أن هذا السؤال لا يحسن إلا عند عدم كل الاولاد فثبت أن هذا السؤال وقع حال طلب الولد الاول، وأجمع الناس على أن
إسماعيل متقدم في الوجود على إسحاق فثبت أن المطلوب بهذا الدعاء هو إسماعيل. ثم إن الله تعالى ذكر عقيبه قصة الذبح، فوجب أن يكون الذبيح هو إسماعيل. تعليق وهذا تام وهو معين علما بكون اسماعيل هو الغلام والذبيح.
31. قال الرازي: الحجة السادسة: الاخبار كثيرة في تعليق قرني الكبش بالكعبة وكان الذبح بمكة ولو كان الذبيح إسحاق لكان الذبح بالشام. تعليق هذه معرفة معتلة لا شاهد له.
32. قال الرازي: واحتج من قال بأنه إسحاق بأن أول الاية وآخرها يدل على ذلك، أما أولها فإنه تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام قبل هذه الاية أنه قال: " إني ذاهب
إلى ربي سيهدين " وأجمعوا على أن المراد مهاجرته إلى الشام، ثم قال: " فبشرناه
بغلام حليم " فوجب أن يكون هذا الغلام الحليم قد حصل له في الشام، وذلك الغلام ليس إلا إسحاق، ثم قال بعده: " فلما بلغ معه السعي " هو ذلك الغلام الذي حصل في الشام،
فثبت أن مقدمة هذه الاية تدل على أن الذبيح هو إسحاق ; وأما مؤخرة الاية فهي أيضا تدل على ذلك لانه تعالى لما تمم قصة الذبيح قال بعده: " وبشرناه بإسحق نبيا من
الصالحين " و معناه أنه بشره بكونه نبيا من الصالحين، وذكر هذه البشارة عند حكاية تلك القصة يدل على أنه تعالى إنما بشره بهذه النبوة لاجل أنه تحمل الشدائد في قصة الذبح فثبت لما ذكرنا أن أول الاية وآخرها يدل على أن الذبيح هو إسحاق عليه السلام. تعليق معرفة معتلة لا شاهد لها.
33. قال الرازي: الحجة الثانية: ما اشتهر من كتاب يعقوب عليه السلام: من يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله. تعليق: الحديث معتل لا شاهد له والشهرة مع عدم الشاهد لا تنفع.
34. فهذا جملة الكلام في هذا الباب، وكان الزجاج يقول: الله أعلم أيهما الذبيح. واعلم أنه يتفرع على ما ذكرناه اختلافهم في موضع الذبح، فالذين قالوا: الذبيح هو إسماعيل قالوا: كان المذبح بمنى، والذين قالوا: إنه إسحاق قالوا: هو بالشام، وقيل بيت المقدس. والله أعلم انتهى. تعليق: هذه معرفة معتلة لا شاهد لها تبنى على ى ترحيل هاجر و اسماعيل وهو لا شاهد له معتل ظن وفيه غرائب ومناكير لا يمكن ان تصح.
35. قال المجلسي وقال الشيخ أمين الدين الطبرسي قدس الله روحه بعد ذكر القولين: وكلا القولين قد رواه أصحابنا عن أئمتنا عليهم السلام إلا أن الاظهر في الروايات أنه إسماعيل. تعليق: الدين ليس روايات بل الدين علم وليس الرواية وان اشتهرت او تكثرت طرقها تفيد العلم بل ما يفيد العلم هو التناسق والتوافق و الاتساق والايات بينة ان الذبيح ليس اسحاق بل ان المنطقية تمنع ان يكون اسحاق بنص الايات كما اشار الرازي.
36. قال المجلسي ثم ذكر الطبرسي بعض ما مر من الوجوه ثم قال: وحجة من قال: إنه إسحاق أن أهل الكتابين أجمعوا على ذلك، وجوابه أن إجماعهم ليس بحجة، وقولهم غير مقبول. تعليق ان هذا الاتجاه اي الاحتجاج باجماع اهل الكتاب ناتج من السر باتجاه خاطئ وهو اعتبار الاجماعات والحقيقة انه لا عبرة بالاجماع ولو انا اعتبرنا الاجماع كحجة عقلائية لبطلت الكثير من العلوم والحقائق.
37. قال الطبرسي روى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز فسألني عن الذبيح، فقلت: إسماعيل و استدللت بقوله: " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين " فأرسل إلى رجل بالشام كان يهوديا وأسلم وحسن إسلامه وكان يرى أنه من علماء اليهود فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك وأنا عنده فقال: إسماعيل، ثم قال: والله يا أمير المؤمنين إن اليهود ليعلم ذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أبوكم الذي كان من أمر الله فيه ماكان، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لان إسحاق أبوهم انتهى. تعليق : هذه معرفة معتلة لا شاهد عليها.
38. قال المجلسي أقول: لا يخفى ضعف ما احتجوا به على القول الاخير سوى الاخبار الدالة على ذلك لكن يعارضها ما هو أكثر وأصح منها ويؤيدها ما ذكر من الوجوه أولا وإن كان بعضها لا يخلو من وهن، واشتهار هذا القولبين علماء الشيعة ومحدثيهم في جميع الاعصار. تعليق: من الواضح ان الكثرة لا توجب العلم الا بموافقتها المعارف الثابتة كما ان الاصح في كلماتهم يعود الى امور لا تثبت الصحة فعلا فاما السند واما التناقل واما الشهر و اما المعتمدون او غير ذلك من قرائن كلها لا تستقل ولا تفيد العلم وانما الطريق والعلامة على الحق والصدق و الصحة هو موافقة المعارف الثابتة المستفادة من القران وقد عرفت ان حديثين عن الرضا عليه السلام واحدة يثبت ان الذبيح اسماعيل لموافقتها الكتاب و الثاني ينفي انه اسحاق لان ذلك مخالف للكتاب. واما تلك الوجوه المذكورة فان منها ما لا ينبغي رده لانه استدلال بالمنطقية الدلالية والنصية التي لا يخرج عنها العقلاء وهو ما اشار اليه الامام الرضا عليه السلام والطوسي والرازي.
39. قال المجلسي وأما الجمع بين الاخبار فيمكن حمل الاخبار الدالة على المذهب الثاني على التقية بأن يكون زمان صدور الخبر هذا القول أشهر بين علماء المخالفين. تعليق: هذه معرفة معتلة لا شاهد لها.
40. قال المجلسي: يمكن حمل بعضها على ما مر في الخبر من تمني الذبح، ويمكن الجمع أيضا بالقول بوقوعهما معا إن لم ينعقد إجماع على كون الذبيح أحدهما. تعليق: لا مجال لهكذا قول لان الكتاب واضح في تعيين ان الذبيح غير اسحاق و هو ما ينلغي موافقته وما خالفه لا يعتمد فلا تصل النوبة الى الجمع لانه من باب ادخال الظن في العلم.
41. قال المجلسي: قال الكليني بعد أن أورد رواية عقبة بن بشير عن أحدهما عليهما السلام: إن إبراهيم عليه السلام أذن في الناس بالحج، وكان أول من أجابه من أهل اليمن، قال: وحج إبراهيم عليه السلام هو وأهله وولده ; وقال: فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن ههنا كان ذبحه. تعليق: هذه معرفة لا شاهد عليها.
42. قال الكليني وذكر عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام يزعمان أنه إسحاق. تعليق: هذا حديث لا شاهد له.
43. قال الكليني: وأما زرارة فزعم أنه إسماعيل. هذه معرفة معتلة لا شاهد عليها.
44. قال المجلسي وغرضه – اي الكليني- رحمه الله من هذا الكلام رفع استبعاد عن كون إسحاق ذبيحا بأن إسحاق كان بالشام، والذي كان بمكة إسماعيل عليه السلام، فكون إسحاق ذبيحا مستبعد، فدفع هذا الاستبعاد بأن هذا الخبر يدل على أن إبراهيم عليه السلام قد حج مع أهله وولده، فيمكن أن يكون الامر بذبح إسحاق في هذا الوقت، ويظهر منه رحمه الله أنه في ذلك من المتوقفين. تعليق: هذه معرفة لا شاهد عليها، كما ان ظاهر الحديث السابق اي قوله ( هكذا جاء الحديث) يدل على ترجيح الكليني للقول باسماعيل.
45. قال الطبرسي رحمه الله: ومن قال: إن الذبيح إسماعيل فمنهم محمد بن إسحاق بن بشار( يقصد يسار)، وذكر أن إبراهيم كان إذا زار إسماعيل وهاجر حمل على البراق فيغدو من الشام فيقيل بمكة، ويروح من مكة فيبيت عند أهله بالشام حتى إذا بلغ السعي اري في المنام أن يذبحه، فقال له: يا بني خذ الحبل والمدية ثم انطلق بنا إلى هذا الشعب لنحتطب فلما خلا إبراهيم بابنه في شعب ثبير أخبره بما قد ذكره الله عنه، فقال: يا أبت اشدد رباطي حتى لا أضطرب، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح من دمي شئ فتراه امي، واشحذ شفرتك، واسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون علي، فإن الموت شديد، فقال له إبراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر الله ; ثم ذكر نحوا مما تقدم ذكره. تعليق: حديث معتل ليس له شاهد.
46. قال الطبرسي : وروى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: كم كان بين بشارة إبراهيم بإسماعيل وبين بشارته بإسحاق ؟ قال: كان بين البشارتين خمس سنين، قال الله سبحانه: " فبشرناه بغلام حليم " يعني إسماعيل، وهي أول بشارة بشر الله بها إبراهيم في الولد، ولما ولد لابراهيم إسحاق من سارة وبلغ
إسحاق ثلاث سنين أقبل إسماعيل الى إسحاق وهو في حجر إبراهيم فنحاه وجلس في مجلسه فبصرت به سارة فقالت: يا إبراهيم ينحي ابن هاجر ابني من حجرك ويجلس هو مكانه ! لا والله لا يجاورني هاجر وابنها في بلاد أبدا، فنحهما عني، وكان إبراهيم مكرما لسارة يعزها ويعرف حقها، وذلك أنها كانت من ولد الانبياء وبنت خالته، فشق ذلك على إبراهيم واغتم لفراق إسماعيل، فلما كان في الليل أتى إبراهيم آت من ربه فأراه الرؤيا في ذبح ابنه إسماعيل بموسم مكة، فأصبح إبراهيم حزينا للرؤيا التي رآها، فلما حضر موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجرو إسماعيل في ذي الحجة من أرض الشام فانطلق بهما إلى مكة ليذبحه في الموسم فبدأ بقواعد البيت الحرام، فلما رفع قواعده وخرج إلى منى حاجا
وقضى نسكه بمنى رجع إلى مكة فطافا بالبيت اسبوعا ثم انطلق إلى السعي، فلما صارا في المسعى قال إبراهيم لاسماعيل: يا نبي إني أرى في المنام أني أذبحك في الموسم عامي هذا، فما ذاترى ؟ قال: يا أبت افعل ما تؤمر، فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى وذلك يوم النحر، فلما انتهى به إلى الجمرة الوسطى وأضجعه لجنبه
الايسر وأخذ السكين ليذبحه نودي: " أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " إلى آخره، و فدي إسماعيل بكبش عظيم فذبحه وتصدق بلحمه على المساكين. تعليق: الحديث معتل لا شاهد له بل منكر ورغيب يظن كذبه.
47. قال الطبرسي: وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن صاحب الذبح، قال: هو إسماعيل. حديث صحيح له شاهد.
48. قال الطبرسي: وعن زياد بن سوقة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن صاحب الذبح فقال: إسماعيل عليه السلام . حديث صحيح له شاهد.
49. قال المجلسي: اقول: هذه الاخبار المعتبرة أيضا مصرحة بكون الذبيح إسماعيل. تعليق يقصد هنا اخبار الطبرسي الاخيرة و ربما اعتبارها من كون ان الطبرسي اثبتها عن اصحابها بصورة تشعر انه يعتقد صدورها عنهم ولما للطبرسي من جلالة والا فهي مراسيل.
انتهى والحمد لله