الدلالة اللفظية والدلالة المعرفية


قال في تفسير مجمع البيان:« مغاضبا » لقومه عن ابن عباس و الضحاك أي مراغما لهم من حيث أنه دعاهم إلى الإيمان مدة طويلة فلم يؤمنوا حتى أوعدهم الله بالعذاب فخرج من بينهم مغاضبا لهم قبل أن يؤذن له. تعليق: هذه المعرفة ظن معتل ليس له شاهد فلا يؤخذ به. اقول ان قيد (قبل ان يؤذن له) قيد معرفي وليس نصيا، وقد ألجأهم اليه ان مغاضبته للقوم الظالمين ليست مما يستوجب اللوم لكن اللوم ثابت، فكان لا بد من حالة تستوجب اللوم فقالوا انه خرج قبل الاذن وهو مما لا دليل لفظيا عليه وانما تقتضيه اتساقية المعارف وهو تام مع ثبوت الاصل المعرفي الا ان الاصل وهو مغاضبة قومه معتل ظني. ان التمييز بين ما يقتضيه النص وما تقتضيه المعرفة يبين وجه الكثير من الشروط والقيود والتخصيصات التي قالها العلماء بخصوص نصوص ليست ظاهرة في تلك القيود والتخصيصات، وطبعا تلك العملية صحيحة جدا وتامة وتدل على فقه وعلم ومعرفة الا انه ينبغي ان يكون الاصل الذي لأجله وجّه النصوص ثابتا وحقيقيا وليس متوهما ومدعى ظنيا كما هنا. وهنا تبرز اهمية رسوخ الاصول المعرفية واهمية الارتكاز على الاصول المعرفية الراسخة الثابتة. ان التوجيه المعرفي للنص امر حق، والدلالة المعرفية للنص تقدم دوما على الدلالة اللفظية. ان توجيه النص بالدلالة المعرفية التي قد تغاير الدلالة اللفظية هي من اهم اركان فقاهة الفقيه.