منتهى البيان في نفي تحريف القرآن











المقدمة 

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. اللهم صل على محمد واله الطاهرين. ربنا اغفر لنا ولجميع المؤمنين. 

هذا الكتاب معرفي اكثر منه كتابة ولذلك فهو قد تألّف فكرا في العقل و اعتقادا في الصدر قبل ان يكون كتابة على الورق، ومر بمراحل تـأليفية معرفية اعتقادية قبل ان ادونه، فكان على مراحل؛ الاولى الآيات التي نفت التحريف، ثم الروايات التي دلت على نفي التحريف، ثم المعارف التي بينت ان القران معلوم قطعا عند المسلمين وتوارثوه بشكل جمعي لا يقبل التحريف، وأخيرا وبسبب معارف منهج العرض؛ أي عرض المعارف بعضها على بعض وعرض الحديث على القرآن والسنة واعتبار اتساق المعارف وعدم اختلافها والاتقان الدائم في افعاله تعالى تحقق الدليل العقلي على نفي تحريف القرآن. ومن هنا تبين ان نفي التحريف ممتنع بدلالة القران والسنة والوجدان والعقل، فرأيت ان اظهر هذا الكتاب جامعا ومبينا لما سبق، والله الموفق. 


فصل: الدليل القرآني على عدم التحريف 



قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 

و (الذِّكْرَ) وهو الموعظة وهو صفة الكتب السماوية ومنها القرآن قال تعالى (وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ). وصيانة القرآن من التحريف هي من مصاديق الحفظ. 



وقال تعالى: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (*) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} 

. وعَزِيزٌ أي: منيع على كل باطل ولهذا قال: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} والتحريف من مصاديق الباطل. 



فصل الدليل السنّي على عدم التحريف 



اشارة: الدين قرآن وسنّة، والقرآن محمول في الآيات والسنّة محمولة في الروايات، لكن القرآن متحد مع الآيات بسبب العلم الثابت بها، لذلك فكل آية هي قرآن. اما السنّة فقد افترقت عن الأحاديث بسبب الظن الممكن في الحديث، فليس كل حديث هو سنّة. 

والسنّة كما بينت في كتب سابقة هي ما يعلم انه حديث رسول الله صلى الله عليه واله؛ سواء بالاستقلال كالنقل القطعي او بالتصديق والشواهد للنقل الظني. وقد بينت في مناسبات عدة ان حديث الوصي هو حديث النبي بالمعرفة الثابتة فعند الانتهاء الى الوصي فنحن بلغنا حديث رسول الله صلى الله عليه واله. 

اخرج الصدوق في التوحيد عن علي بن سالم، عن أبيه قال: سألت الصادق عليه السلام فقلت له: يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام الله، وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله، وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. 

واخرج في التوحيد والعيون والامالي عن الريان قال: قلت للرضا عليه السلام: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا. 

البحار عن كشف الغمة عن ابن طلحة: عن امير المؤمنين عليه السلام قال: وشرطت على الحكمين بحضوركم أن يحكما بما أنزل الله من فاتحته إلى خاتمته والسنة الجامعة. تعليق: قوله (بما انزل الله) يقصد هذا المصحف. فالحديث نص في نفي التحريف. 

البحار عن العياشي عن عمر بن حنظلة عن ابي عبد الله عليه السلام: قال: فلما رآني أتتبع هذا واشباهه من الكتاب قال: حسبك كل شيء في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا فهو في الائمة. تعليق: قوله (كل شيء في الكتاب) يقصد هذا المصحف. فالحديث نص في نفي التحريف. 

البحار عن جعفر البحريني مرسلا عن الصادق عليه السلام في دعاء: ويتوجه بالقرآن قائلا اللهم إني أتوجه إليك بالقرآن العظيم من فاتحته إلى خاتمته، وفيه اسمك الاكبر. تعليق: قوله (بالقران العظيم) يقصد هذا المصحف. فالحديث نص في نفي التحريف. 


الخرائج: روي عن جندب بن زهير الازدي عن امير المؤمنين عليه السلام في حرب الخوارج: من يأخذ هذا المصحف فيمشي به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب الله وسنة نبيه وهو مقتول وله الجنة؟ تعليق لاحظ قوله (فيدعوهم الى كتاب الله) وهو المصحف. 



الارشاد عن عبيد الله بن سلمة قال امير المؤمنين عليه السلام في الجمل (من يأخذ هذا المصحف يعرضه عليهم ويدعوهم إلى ما فيه فيحيى ما أحياه، ويميت ما أماته؟ ثم قال فقام الفتى فقال: يا أمير المؤمنين أنا آخذه وأعرضه عليهم وأدعوهم إلى ما فيه، قال: فأعرض عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) ثم نادى الثانية من يأخذ هذا المصحف فيعرضه عليهم ويدعوهم إلى ما فيه؟ تعليق: وصف (يدعوهم الى ما فيه) هو للمصحف هذا. 

في النهج: قال عليه السلام (في التحكيم): إنا لم نحكم الرجال وإنما حكمنا القرآن وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين الدفتين لا ينطق بلسان ولابد له من ترجمان وإنما ينطق عنه الرجال، ولما دعانا القوم إلى أن نحكم بيننا القرآن لم نكن الفريق المتولي عن كتاب الله تعالى. تعليق: هذا نص ان القران هو المصحف وهو المسطور بين الدفتين. 

المجلسي عن مصباح الانوار: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا قرأ القرآن قال قبل أن يقرأ حين يأخذ المصحف: اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبد الله، وكلامك الناطق على لسان نبيك. تعليق: اقوله هذا أي المصحف. 

الارشاد: عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال: فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحيا ما أحياه القرآن وأن يميتا ما أماته القرآن فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكم من حكم بما في الكتاب. تعليق: القران والكتاب يراد بها المصحف الذي بين الناس. 

مصباح الشريعة عن الصادق فانظر كيف تقرأ كتاب ربك، ومنشور ولايتك، وكيف تجيب أوامره ونواهيه، وكيف تمتثل حدوده، فانه كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. تعليق: قوله (تقرأ كتاب ربك) يراد به المصحف، ووصف العزيز ولا يأتيه الباطل كلها لهذا لمصحف. 



مجالس الطوسي وابنه: عن أبي محمد الفحام عن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري، عن سهل بن يعقوب بن إسحاق، عن الحسن بن عبد الله بن مطر، عن محمد ابن سليمان الديلمي، عن أبيه عن الصادق عليه السلام: قال لرجل ثم خذ المصحف فدعه على رأسك وقل: بهذا القرآن وبحق من أرسلته. تعليق: هذا نص ان المصحف هو القرآن. 



في تفسير الامام عليه السلام " لا ريب فيه " لا شك فيه لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم أن محمدا صلى الله عليه وآله ينزل عليه الكتاب يقرؤه هو وامته على سائر أحوالهم). تعليق: امته تقرأ الكتاب وهم لا يقرؤون الا المصحف. 



سليم قال امير المؤمنين عليه السلام لطلحة فأخبرني عما كتب عمر وعثمان، أقرآن كله أم فيه ما ليس بقرآن؟ قال طلحة: بل قرآن كله. قال: إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة. نص ان كل ما كتب عمر وعثمان قرآن والمراد ما كتب على عهدهما. 





عبيس بن هشام، عن غير واحد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قراء القرآن ثلاثة: رجل قرأ القرآن فاتخذه بضاعة، واستدر به الملوك، واستطال به على الناس، ورجل قرأ القرآن فحفظ حروفه، وضيع حدوده، ورجل قرأ القرآن ووضع دواء القرآن على دائه، وأسهر به ليله، وأظمأ به نهاره. تعليق: القران أي هذا المصحف. 



امالي الطوسي: أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت عن أحمد بن محمد ابن عقدة قال: حدثنا الحسن بن صالح من كتابه في ربيع الاول سنة ثمان وسبعين وأحمد بن يحيى عن محمد بن عمرو، عن عبد الكريم، عن القاسم بن أحمد عن أبي الصلت الهروي. وقال ابن عقدة: وحدثناه القاسم بن الحسن الحسيني عن أبي الصلت عن علي بن عبد الله بن النعجة عن أبي سهيل بن مالك: عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: في حديث عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال (عليه السلام): ليس لاحد فضل في هذا المال هذا كتاب الله بيننا وبينكم ونبيكم محمد (صلى الله عليه وآله) وسيرته. تعليق قوله (هذا) أي المصحف. 















دعوات الراوندي عن زرارة قال: قال الصادق عليه السلام: تأخذ المصحف في ثلاث ليال من شهر مضان، فتنشره وتضعه بين يديك، وتقول: اللهم إني أسألك بكتابك المنزل وما فيه وفيه اسمك الاكبر، وأسماؤك الحسنى، وما يخاف ويرجى، أن تجعلني من عتقائك من النار، وتدعو بما بدالك من حاجة. هذا نص في ان هذا المصحف هو القران وفيه الاسم الأكبر. 



الكافي عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: تأخذ المصحف في الثلث الباقي من شهر رمضان فتنشره وتضعه بين يديك وتقول: " اللهم إنى أسألك بكتابك المنزل وما فيه وفيه اسمك الاعظم الاكبر وأسماؤك الحسنى وما يخاف ويرجى أن تجعلني من عتقائك من النار " وتدعو بما بدالك من حاجة. 

كتاب صفين: أبو إسحاق الشيباني في الكتاب الذي بين امير المؤمنين عليه السلام و وبين معاوية : أنا ننزل عند حكم الله وكتابه ولا يجمع بيننا إلا إياه وأن كتاب الله سبحانه بيننا من فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيا القرآن ونميت ما أمات القرآن. تعليق: هذا كتبه الناس الا انه كان برضاه للأصل ولصريح غيره بمضمونه. 













التهذيب: عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال: المصحف لا تمسه على غير طهر، ولا جنبا، ولا تمس خيطه ولا تعلقه إن الله يقول " لا يمسه " إلا المطهرون " تعليق: هذا نص ان المصحف هو القران. 

كشف الغمة: عن الحافظ عبد العزيز، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): النظر إلى المصحف عبادة، والنظر إلى الوالدين عبادة. تعليق: هذه قدسية للمصحف، أي هذا المصحف فكيف يكون محرفا؟ 





عدة الداعي: عن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إني أحفظ القرآن عن ظهر قلب، فأقرؤه عن ظهر قلبي أفضل أو أنظر في المصحف؟ قال: فقال لي: لا بل اقرأه وانظر في المصحف، فهو أفضل أما علمت أن النظر في المصحف عبادة. تعليق: هذا نص على ان التقديس للمصحف الذي بين أيدينا فكيف يكون محرفا؟ 





عدة الداعي: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: ليس شيء أشد على الشيطان من القراءة في المصحف نظرا والمصحف في البيت يطرد الشيطان. تعليق: هذا تقديس لا يمكن ان يكون لكتاب محرف. 

المحاسن عن ابن أبي يعفور عن ابي عبد الله عليه السلام: إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه واله، وإلا فالذي جاءكم به أولى. تعليق: كتاب الله أي المصحف فهو نص ان المصحف هو كتاب الله. 



المحاسن عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه. تعليق: كتاب الله أي المصحف. 







المحاسن: أبي، عن علي بن النعمان، عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلى كتاب الله والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف. تعليق: والكتاب هو ما في ايدي الناس أي المصحف. 





المحاسن: عن كليب بن معاوية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل. تعليق: كتاب الله أي المصحف الذي بايدي الناس. 



المحاسن عن الهشامين جميعا وغيرهما قال: خطب النبي صلى الله عليه واله بمنى فقال: أيها الناس ما جاءكم عني فوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله. تعليق: أي ما عندكم أي هذا المصحف. 

دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال لابي حنيفة وقد دخل عليه فقال له: يا نعمان ما الذي تعتمد عليه فيما لم تجد فيه نصا في كتاب الله ولا خبرا عن الرسول (صلى الله عليه وآله)؟ قال: أقيسه على ما وجدت من ذلك، قال له: أول من قاس إبليس، فأخطأ. تعليق: قوله (كتاب الله) أي المصحف الذي عند الناس. 



عدة الداعي: وقال (امير المؤمنين) عليه السلام: وكتاب الله بين أظهركم ناطق لا يعيا لسانه، وبين لا تهدم أركانه، وعز لا تهزم أعوانه. تعليق: هذا نص ان كتاب الله هو المصحف. 

التحف عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال: فأفضل الناس عند الله منزلة وأقربهم من الله وسيلة أطوعهم لامره وأعملهم بطاعته وأتبعهم لسنة رسوله وأحياهم لكتابه ليس لاحد عندنا فضل إلا بطاعة الله وطاعة الرسول. هذا كتاب الله بين أظهرنا وعهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرته فينا لا يجهل ذلك إلا جاهل عاند عن الحق منكر. تعليق: بين اظهرنا أي المسلمين وهو نص ان المصحف هو كتاب الله. 

الاحتجاج و الارشاد عن ابي جعفر الباقر عليه السلام : أو ما علمتم أن أمير المؤمنين إنما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا يتعدياه واشترط رد ما خالف القرآن من أحكام الرجال وقال حين قالوا له: " حكمت على نفسك من حكم عليك " فقال: " ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت كتاب الله " . تعليق: هذا نص ان المصحف هو كتاب الله. 



الاحتجاج الاحتجاج عن السيدة الزهراء عليها السلام انها قالت : وكيف بكم ؟ ! وأنى تؤفكون؟ وكتاب الله بين أظهركم، أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة، وزواجره لائحة، وأوامره واضحة. تعليق فالكتاب هو المصحف الذي بين الناس. 








فصل: الدليل الوجداني على عدم التحريف القران 



ان الحالة العامة التعبوية والحث العظيم على حفظ القران وتوارثه والتكليف بذلك تكليفا عينيا في الجملة جعل حفظ المسلمين للقران منقطع النظير حتى انهم يعرفون تفاصيله أكثر من أي شيء اخر وهو بدرجة من الوضوح والجلاء عندهم أكثر من معرفتهم ووضوح اسمائهم وهذا يعني قطعا ان ما في المصحف لفظا بحروفه وحركاته هو ما صدر عن رسوله الله صلى الله تعالى عليه واله وانه قراءته وانه ما اخذه الاصحاب عنه وليس هناك غيره لا حروفا ولا حركات ولا قراءة. فحرف القران حرف واحد هو الذي في المصحف وقراءة القران قراءة واحدة وهي التي في المصحف وكل نقل او قول خلاف ذلك هو ظن لا عبرة به ولا قيمة له. 



ان المعارف الدينية الاسلامية يصدق بعضها بعضا ويشبه بعضها بعضا فلا تناقض فيها ولا اختلاف، وهذا التوافق والاتساق في المعارف ميز بين المعارف المحورية والمعارف التي تعرف بها، والمعارف المحورية الاصل فيها القران، ولذلك فان المعرفة الشرعية تعرف به وهذه هي الصورة التطبيقية لحقيقة لـ"الاتساقية الشرعية" وهي جزء من "الاتساقية الاسلامية" وقد بينتها في كتاب " فقه الفقه" وسأفرد لها رسالة خاصة تتحدث عن الاتساقية الاسلامية. وان حديث العرض أي عرض الحديث الظني على محكم القران هو من صورها التطبيقية، وهذا الامر أي امر العرض حقيقي جوهري وان استشكل فيه البعض ولقد بينت اسسه في كتب كثيرة مما لا يدع وجها للشك. وعرض الحديث على القران يمنع من ان يكون القران محرفا لان العرض هو نوع اعتصام وعصمة فاذا كان المحور محرفا كيف يعرض عليه غيره ويعرف به غيره؟ 








فصل: الدليل العقلي على عدم التحريف 



تحريف القرآن ممتنع عقلا لأنه فعل الله ولأنه محور الشريعة وعاصمها ودليها ولأنه خاتم الرسلات وكل واحد من هذه الامور يستقل بنفسه بان يمنع عقلا من التحريف. ومن يعتقد التحريف فالتحريف في عقله وليس في القران. 



وبيان مقدماتها ما يلي مختصرا: 

اولا: الإحكام وكمال الإتقان في فعله تعالى. 

ثانيا: محورية القرآن للشريعة وعاصيمته لها. 

ثالثا: خاتمية الشريعة إلى يوم القيامة. 

ان القول بتحريف القرآن ينقض هذه الثلاثة وان نقض واحدة منها يعني بطلان الفرض لأنها معارف قطعية ومسلمات بل بديهيات دينية. ومن هنا فلا يصح قبول رواية او قول ظاهره التحريف. 

هذا وإنني لا أعلم أحدا أقام دليلا عقليا على نفي تحريف القرآن سابقا بل يعتمدون النقل والملازمات وان المقدمة الاولى مستقلة كما هو ظاهر. وهذا ببركة منهج العرض واعتبار اتساق المعارف وتوافقها وعرض بعضها على بعض. والأخذ بالمتسق وترك المختلف. 

من القطعيات ايضا حديث الثقلين وهو التمسك بالكتاب والعترة، فاذا لم يكن الكتاب موجودا عند الناس يكون تكليفا بما لا يطاق وهو ممتنع عقلا فيمتنع التحريف لأنه يعني عدم وجوده عند الناس وقد اشار الكثيرون الى ذلك. 



مناقشة: قد يقال ان المقدمة الاولى تنتقض بان التحريف وقع في الكتب السابقة التوراة والانجيل وهي كلام الله، وفيه انه قياس باطل جدا، فنحن لا نعلم مفهوم التحريف الذي حصل لهم على القطع كما هو يتحدث به الان بمفهوم واضح وهو تبدل اللفظ، وثانيا نحن لا نعلم مكانة ما في ايديهم من حيث نسبته الى الله تعالى فان المسلمون يقولون ان هذا المصحف هو قطعا كلام الله ولا نعلم مثل هذا عندهم، كما ان في القران دلالة على ان هناك حالات اخفاء و كتمان و عدم معرفة من العامة بالكتاب وهذا غير حاصل بالنسبة للقران فالمسلمون توارثوا القران وبشكل واسع من اول ايامه. كما ان هناك اشارات الى ان اليهود كانوا حينها في زمنه صلى الله عليه واله يحرفون بيانيا واخبارا ما يعلمون انه الكتاب في زمنهم وهناك علم ومعرفة بالحق وان ما عندهم حينها كان يشتمل على الصحة كقوله تعالى (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ) وقوله تعالى (لَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) وهذا غير حاصل عند المسلمين فانهم يعلمون ان هذا هو القران ولا يعلمون غيره. كما ان مجيء القران المصحح يدخل في اتقان ما سبق وهذا غير حاصل بالنسبة للقران اذ لا مصحح له بعده فيكون من الاتقان عدم تحريفه. واتعرض لكثر من الجوانب التي تعرض اليها القرآن بخصوص التوراة والانجيل في كتابي (ميتا التوراة). 

مناقشة: قد يقال ان حديث القلين امر ايضا بالتمسك بالعترة والعترة الان غائبة، فلا يمنع الحديث من غياب القرآن. وفيه انه قياس مع الفارق، فان القران كلام والعترة شخص والشخص له كلام يحفظ عنه، و كما امر الله تعالى بالرد الى الله والرسول ومن المعلوم اننا في واقعنا لا نتصل بالله ولا الرسول وانما لدينا كلام الله تعالى و لدينا كلام رسول الله صلى الله عليه واله. فالقران والسنة هما الوسيلة لمعرفة ما يريد الله تعالى ورسوله، والعترة هي المبينة والفاصلة في ذلك ولقد بينت مفصلا وظيفة الوصي في زمن الغيبة في كتابي "فقه الفقه". فحديث الثقلين يدل قطعا على عدم خلو أي زمن من القران والعترة الا انه لا يدل على امتناع غيبة الوصي لان غيبته لا تمنع من اداء وظيفته، بينما القران يمتنع غيبته لان غيبته تعني امتناع وظيفته. 














خاتمة: في الروايات المتشابهة 

وردت روايات تشابه ظاهرها على البعض فظن ان المراد منها التحريف في التنزيل المجرد وهي لا تعنيه فحصل لديهم خلط وتشابه، واحكامها انها تحمل على المحكم، وهو العلم والحقيقة وكل ما قدمت وغيره كثير لا يجعل مجالا ولا يعطي فرصة لاتباع تشابه تلك الروايات وانما هي ظن لا يمكن اعتباره عند العقلاء ووجدانهم وفطرتهم. 

لقد بينت في كتابي " احكام المحكم" ان التشابه من خصائص العلم أي القران والسنة، اما الظن وهو الحديث المنسوب فانه لا يدخل في المتشابه اصلا بحسب منهج العرض لان من شروط قبول الظني موافقته للعلمي وجود شاهد له من المعلوم، والتشابه هو مخالفة الظاهر للعلم، والظني الذي هكذا حاله ليس فقط بلا شاهد من العلم بل هو معارض له فهو في الدرجة الثانية السفلى من الظن الضعيف الذي يقرب من البطلان. فهذه الروايات التي ظاهرها يخالف العلم الثابت ظنية لا تبلغ العلم وإطلاق التشابه هنا بحسب فلسفة الفكرة العامة كمعرفة. وهنا بعض المسائل: 












مسألة: جمع التأويل والتنزيل. 





عن سليم عن سلمان قال في امير المؤمنين عليه السلام فلما جمعه كله وكتبه بيده: تنزيله وتأويله – الى ان قال- قال امير المؤمنين عليه السلام : فلم ينزل الله على رسوله آية منه إلا وقد جمعتها وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمني تأويلها ثم قال لهم علي (عليه السلام): لا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي، ولم أذكركم حقي، ولم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته. تعليق: هذا الحديث فيه مضامين صحيحة منها قوله (فلم ينزل الله على رسوله آية منه إلا وقد جمعتها وليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمني تأويلها)، وفي الحديث ما يدل على انه عليه السلام كان يصف التنزيل والتأويل كله بكتاب الله وهو يشير الى ان التأويل علم شارح فهو منه بهذا المعنى. وسيتبين من بعض الروايات ان القدماء – أي اوائل اهل البيت واصحاب النبي صلى الله عليه واله- انذاك كانوا يدرجون التأويل – أي شرح رسول الله للقران- في التنزيل وانه المتعارف حينئذ وعليه جاء لفظ الائمة الباقين صلوات الله عليهم، لذلك احتج الاوائل على توحيد المصاحف ليس لتعدد التنزيل وانما لانه تجريد القران من التأويل الذي ورثوه عن النبي، فما حصل في الجمع هو تجريد التنزيل من التأويل وليس توحيد القراءات او الحروف كما يتصور البعض. واؤكد مرة اخرى ان اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله كانوا يدرجون التأويل الوحيي المنزل في التنزيل وكانوا يعتبرونه من القران بل ويصفونه انه القران بل ويقدمونه كمعرفة بيانية تعليمية لكونه شرحا، حتى انهم يقصدون المراد احيانا الذي علموه مع عدم ذكر اللفظ التنزيلي فيقول انه كذا بلفظ التأويل الشارح وهذا من البيان الارتكازي على ما هو موجود وبيان ان المراد والمقصود هو هذا وليس ظاهر اللفظ، فهو يكون من المتشابه الذي علم تشابهه بالتأويل والسنة الشارحة والذي لا بد فيه من العلم وليس اخبار احاد ظنية. هذا الفهم وهذا البيان يجيب على كل اشكال وشبهة حصلت للبعض. وهذه النقطة هي اهم ما سبب للبعض التشابه والشبهة. 

سليم قال امير المؤمنين عليه السلام: إن كل آية أنزلها الله جل وعلا على محمد صلى الله عليه وآله عندي بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط يدي، وتأويل كل آية أنزلها الله على محمد صلى الله عليه وآله. تعليق: هذا كالنص ان ما هو مكتوب عنده عليه السلام – والذي يسميه احيانا كتاب الله- هو مجموع التنزيل والتأويل وان هذا هو الذي فعلا عند امير المؤمنين صلى الله عليه واله وليس شيء اخر مختلفا كما يتصور البعض فما في كتاب علي هو القران التنزيلي المجرد مع تأويل تنزيلي شارح وكله مكتوب ومدرج بين التنزيل. نعم كان هذا التأويل مدرجا ويسمونه ايضا قرانا بالنظرة المعرفية لانه بيان للقران ومن القران ومراد القران، فالقران في كلامهم احيانا يعني التنزيل المجرد الذي نسميه القران والتاويل الشارح الذي نسميه السنة. فالشبهة جاءت بسبب الالفاظ، فالقران عندنا هو المجرد بينما عند القدماء فيستعمل في معنيين الاول هو المجرد ومرة اخرى يستعمل في مجموع التنزيل المجرد وتاويله المدرج، وحينما يشار الى حصول تغيير او تحريف او تبديل في القران فيريد التأويل لكن البعض فهم انه يريد التنزيل المجرد لاجل تشابه اللفظ لكن هذا من المتشابه الذي لا ينبغي اتباعه ويرد الى المحكم وهو ان المراد هنا هو مجموع التنزيل والتاويل فهم ايضا يسمونه قرانا وان التغيير والتبديل والنقصان والزيادة هو في التاويل أي المنزل الشارحة للقران. ولو اننا تتبعنا كلمات اهل البيت صلوات الله عليهم واصحاب رسول الله صلى الله عليه لوجدنا هذه الحقيقة واضحة وهو انهم يستعملون لفظ القران وكتاب الله والتنزيل بتوسع يشمل التنزيل والتأويل أي كلام النبي وشرحه وبيانه لكلام الله تعالى. وهذه معرفة عالية نحن فقدناها بسبب الظن الذي دخل في السنة، وبسبب التمييز اللاواقعي بين معارف القران ومعارف السنة كما انه يبين ان سيرة السلف في التأليف هو انهم دوما يجعلون الايات موضوعا و يدرجون التفسير فكان التفسير هو اول اشكال التأليف الذي ظهر في زمن الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم. فإدراج التأويل بين التنزيل هو اول اشكال التأليف الاسلامي. 



وعن ابي الصباح عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال: إن الله علم نبيه التنزيل والتأويل، قال: فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا، قال: وعلمنا والله. تعليق: هذا الحديث نص في ان ما عند علي صلى الله عليه هو تنزيل وتأويل وانه من الله وحي منزل الا انه ليس قرانا تنزيليا. وسيتبين لك ان هناك حالات لاهل البيت و الاصحاب من القصد المعرفي و اظهار التميز العلمي والضبط الحقائقي للعلم من خلال قصد التأويل كحقيقة للتنزيل. 

عن جابر قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : ما ادعى أحد من الناس انه جمع القرآن كله كما انزل الا كذاب ، وما جمعه وحفظه كما نزله الله الا على بن أبى طالب والائمة عليهم السلام. تعليق: هذا متشابه والمراد بالجمع ما بيناه من جمع التنزيل والتأويل كما صرح في غيره وهو يصفه الان كله ( قران) وهذه الروايات من اهم الروايات التي سببت التشابه والشبهة عند البعض، والصحيح انه يريد بالقران هنا مجموع التأويل والتنزيل وليس التنزيل المجرد الذي نعرفه نحن ولا نعرف غيره قرانا.. 



الاحتجاج عن الحسن عليه السلام إن العلم فينا، ونحن أهله، وهو عندنا مجموع كله بحذافيره، وإنه لا يحدث شئ إلى يوم القيامة حتى أرش الخدش إلا وهو عندنا مكتوب باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام بيده.-الى ان قال-ثم قالوا: قد ضاع منه قرآن كثير، بل كذبوا والله بل هو مجموع محفوظ عند أهله. تعليق: قوله الاخير متشابه ويقصد تاويل القران وشرحه ووصفه انه قران بتعبير معرفي لانه بيان و شرح، فاما التنزيل فهو محفوظ عند كل المسلمين وانما ما حفظه الوصي هو التأويل وحقائق العلم وليس التنزيل المجرد وهذه الرواية ايضا من الروايات التي سببت التشابه عند البعض. وقوله كل شيء يحدث عندنا مكتوب أي بقواعد كلية واحكام كلية فانها كانت لديهم اصول كلية، ويختلفون عنا انهم يعلمون التطبيق وانطباق القانون على القضية بعلم قطعي اما نحن فنعلمها بعلم لغوي تخاطبي، فقصد الامام للحكم يتجه من المعرفة الى النص اما نحن فنتجه من النص الى المعرفة فهذا الفرق . 

عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما أحد من هذه الامة جمع القرآن إلا وصي محمد صلى الله عليه وآله. تعليق: أي جمع التاويل والتنزيل. وقد مر مثله. 












مسالة: لفظة "نزلت" في بعض الروايات يراد به التأويل المنزل. 





الهيثم بن عروة التميمى قال سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل ( فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق ) فقلت : هكذا ومسحت من ظهر كفى إلى المرفق ؟ فقال : ليس هكذا تنزيلها ، انما هى ( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق ) ثم امر يده من مرفقه إلى أصابعه . لكن عن زرارة قال : قلت لابى جعفر عليه السلام : الا تخبرنى من أين علمت وقلت : ان المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين ؟ فضحك ثم قال : يا زرارة قال رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به الكتاب من الله لان الله عزوجل يقول فاغسلوا وجوهكم فعرفنا ان الوجه كله ينبغى أن يغسل ثم قال : وايديكم إلى المرافق ثم فصل بين كلامين فقال : وامسحوا برؤسكم فعرفنا حين قال برؤسكم ان المسح ببعض الرأس. و عن زرارة و بكير قالا : ثم قال: إن الله يقول " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " فليس له أن يدع شيئا من وجهه إلا غسله. اقول لاحظ قوله عليه السلام ( نزل به الكتاب) و قوله (ان الله يقول). 



وهكذا جل الروايات التي جاءت بلفظ (التنزيل) و بلفظ مخالف لما في المصحف فان ذلك هو بيان الاية بالتأويل المنزل و ليس بالمتن المنزل حيث ان تلك الايات ذكرها ايضا الامام نفسه بلفظ المصحف او لفظ اخر. ولا ادري كيف يمكن التغاضي عن هذه الحقيقة و درجة الوضوح التي تعنيها اختلاف الالفاظ والاشارة الى انها كلها تنزيل وقران وكتاب الله؟ وهل هذا الا يدل عند كل عاقل ومن له وجدان سليم ان المراد شرح وبيان وتأويل وقصد للتعليم وان وصفها بالقرانية والكتابية والتنزيلية من باب التوسع؟ وبهذا يكون الاستعمال الحقيقي ما هو معلوم كتجريد للمتن وهو ما في المصحف. لكن انا ارى ان هناك تحيزا فكريا عند البعض المصرين على استظهار التحريف منها والا كيف يمكنهم الاجابة عن ذلك؟ 














مسالة: لفظة التحريف ونحوها يحمل على تحريف التأويل 





عن الكافى عن ابى جعفر عليه السلام وكل امة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه وكان من نبذهم الكتاب ان اقاموا حروفه وحرفوا حدوده . فهم يروونه ولايرعونه _ الى ان قال _ ثم اعرف اشباههم من هذه الامة الذين اقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده. اقول هذا نص في ان التحريف في المعنى. 

تفسير الامام عليه السلام عن الصادق عليه السلام (وحرفوا تأويلاته وغيروا معانيه ووضعوها على خلاف وجوهها) وهذا نص في ان التحريف في التأويل. 



و هكذا حال ما جاء بالفاظ التحريف و الزيادة و النقصان فعن أبي جعفر عليه السلام قال: لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقنا على ذي حجى.) فهذه و امثالها فالمراد بها التحريف و التغيير و التبديل بالتأويل و كذا الفاظ ( فمحوها و هكذا نزلت) فالمراد به التأويل المنزل حيث ان القران عندهم عليهم السلام هو مجموعة التنزيل و التأويل. 

ملاحظة: بينت سابقا انه حينما يكون ظاهر النص غير مراد والمراد غيره ويعلم ذلك بقرينة لغوية او معرفية فانه يكون متشابها، ولان هذا يعني عدم وجود شاهد لظاهره من الثابت المعلوم فانه يبقى الظني ظنا، مما يعني ان المتشابه هو من صفات النقل المعلوم استقلالا فلا يجري في الحديث الظني وانما بينت هنا احوال بعض الاخبار لاجل رفع الاشكال والا فان هذه الاخبار لا تحقق العلم بل هي ظن لا اعتبار به في المعرفة. ولقد بينت في مناسبات عدة ان السنّة التي تعلم استقلال هي التي تكون قرينة للقران وهي التي تكون اصلا ومحورا في الشريعة، ومنها ومن القران تعرف باقي المعارف الشرعية، أي الظنيات التي تبلغ العلم بالتصديق والشواهد من القران والسنة، فتصبح تلك المتوافقات والمتسقات سنة، ومن هنا فالسنة من حيث الثبوت سنتان سنة مستقلة تعلم بالاستقلال وسنة غير مستقلة مصدقة بالشواهد. 














مسالة: الاسقاط والتبديل في بعض الروايات يحمل على التأويل. 



عن علي بن محمد بن الجهم عن الرضا عليه السلام انه قال، قال الله تبارك و تعالى، (وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) وقال عزوجل (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين) . و عن عبدالحميد بن أبى الديلم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: يقول الله عزوجل : ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ) و عن حنان بن سدير عن ابيه عن ابى جعفر عليه السلام قال : ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض قال : نحن منهم ونحن بقية تلك العترة . وعن جابر عن ابى جعفر عليه السلام قال : ( توقد من شجرة مباركة ) فاصل الشجرة المباركة ابراهيم صلى الله عليه وآله وهو قول الله عزوجل : ( رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد ) وهو قول الله عزوجل : ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ) و عن ابي عبدالله عليه السلام : قال قال محمد ابن اشعث بن قيس الكندى للحسين عليه السلام : يا حسين بن فاطمة اية حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك ؟ فتلا الحسين عليه السلام هذه الآية ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض ) الاية قال والله ان محمدا لمن آل ابراهيم والعترة الهادية لمن آل محمد . اقول هذه الرواية نص ان ( ال محمد ) ليست موجودة في متن التنزيل. 

و عن ابي الحسن عليه السلام ان الله تعالى؟ ابان فضل العترة على ساير الناس في محكم كتابه ، فقال له المأمون اين ذلك من كتاب الله تعالى ؟ فقال له الرضا عليه السلام في قوله تعالى (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض ) وقال عزوجل في موضع آخر : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب و الحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ). 

فهذا هو المحكم والذي بين ان (ال محمد) تأويل للتنزيل وليس منه. لكن جاءت روايات تشابهت على البعض فهي من المتشابه كما عن: أيوب قال: سمعني أبو عبد الله عليه السلام وأنا أقرأ: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " فقال لي: وآل محمد، كانت، فمحوها، وتركوا آل إبراهيم وآل عمران. تعليق: أي محو التأويل المدرج. 

عن على بن ابراهيم وقوله : ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ) قال العالم عليه السلام : نزل ( وآل ابراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين ) فأسقطوا آل محمد من الكتاب . تعليق يقصد بالكتاب أي التأويل المدرج فانه يسمونه قرانا كما بينا ، فلاحظ كيف وصف التأويل بالكتاب. 

فعن ابى عمرو الزبيرى عن ابيعبدالله عليه السلام قال : قلت له : ما الحجة في كتاب الله ان آل محمد هم اهل بيته ؟ قال : قول الله تبارك وتعالى : ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران وآل محمد ) هكذا نزلت على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ). اقول لاحظ انه وصف انها (نزلت هكذا) ويقصد التأويل المنزل فهذا متشابه ولا يصح اتباعه بل يحمل على المحكم وهو ان التنزيل ليس فيه هذا وانما هذا تأويل، ومن يصر على خلاف ذلك فهو متحيز فكريا. 

وهكذا نحوها من الروايات التي جاءت لفظ ( اسقطوها ) ، ( محوها) ، ( بدلوها) ، وايضا ما اشار الى انه لو قرئ القران كما انزل أي بالتاويل فان التاويل المنزل أي بالسنة، كما في عن داود بن فرقد عمن أخبره عن أبى عبدالله عليه السلام قال : لو قرئ القرآن كما انزل لا لفيتنا فيه مسمين . و عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال : لو ان الناس قرؤا القرآن كما انزل الله عزوجل ما اختلف اثنان . اقول ان هذه الروايات تدل وبوضح تداخل السنة في القران وتدل على ان المعرفة الشرعية معرفة قرانية سنية و ليست متميزة واقعا وان التاويل هو في الواقع سنة، وهكذا تاكيد على توجيه السنة لدلالة القران دال على ان السنة داخلة في القران وان المعرفة الشرعية قرانية سنية دوما. وان التحريف في التاويل جاء نصا في روايات مثل : التفسير :ابن زياد و ابن سيار عن الحسن العسكري عليه السلام انه قال قال الصادق عليه السلام : وحروفوا تأويلاته وغيروا معانيه ، ووضعوها على خلاف وجوهها . 



اشارة: روايات باطلة لا يصح نسبتها الى الشرع: 

روي عن (هشام بن سالم قال سألت ابا عبدالله عليه السلام عن قول الله اصطفى آدم ونوحا) فقال : ( هو آل ابراهيم وآل محمد على العالمين ) فوضعوا اسما مكان اسم .) وما عن حمران قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقرء هذه الآية " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين " قلت: ليس يقرأ كذا، فقال: ادخل حرف مكان حرف). تعليق: هذه الروايات ينبغي طرحها لأنه معارضة للثابت بشكل تام فهو من الباطل معرفيا ولا يصح نسبة صدوره عن اهل البيت صلى الله عليهم فالمتشابهات الممكنة سابقة هو احكامها بحمل التحريف والتغيير والتبديل والمحو على التأويل (التفسير) المنزل.