مبدأ الأثرية


من الراسخ في وجداننا وفي الواقع ان هناك أشياء نعلم بوجودها حتما وواقعا الا اننا لا ندركها كمادة وهذا ما نسميه (العلم الاثري) أي العلم بالشيء بأثره في قبال العلم الصوري أي ما يكون له صورة في اذهاننا. ان من إمكانات العقل الجبارة انه يمكن ان يدرك أشياء بأثرها من دون ان يتصوره وهذا غالبا ما يشار اليه في الشرع المعرفة بالآيات والدلائل والمعرفة بالقلب في قبال الحس. وفي الحقيقة هو ليس في قبال الحس وانما في قبال التصور الشكلي. بل في الحقيقة لا يذعن العقل لوجود صورة من دون إثر فحتى ما لا يدرك أثره من الأشياء الصورية يفترض العقل ان له اثرا وان لم يدرك، فهذه الاثرية مترسخة في المعرفة، فالإدراك اما اثري وهو موافق للغاية المعرفية او صوري وهذا ان لم يدرك له اثر افترض له اثر غير معلوم وهذا هو مبدأ الاثرية في المعرفة.

 ان العقل يمكنه ان يذعن بوجود شيء لا يدرك له أي صورة ان كان له وجود وحضور مؤثر بما لا يمكن دفعه ومن هذه المعارف هو المعرفة بالله فان العقل يدرك وبقوة وجود الله تعالى بدلائله واثار فعله في واقعنا الا انه يعجز عن تصور صورة له.   كما ان الراسخ في وجدان العقل ان ما يدرك أثره ولا يدرك صورته هو من العجز تجاه قوة وجوده وليس ضعف وجوده، فهذه الموجودات التي لا تدرك الا بالأثر هي وجوديات جبارة يقر العقل بالعجز تجاهها بل أحيانا يعبدها وهذا هو أحد أسباب الشرك وهو ان العقل يعلم بوجدانه وجود شيء له إثر في حياته الا انه يريد ان يعطيه صورة فيجعل صورة تمثيلية. والشرع أدرك خطورة ذلك فنهي عن تمثيل الله تعالى باي مثل وهذا من الدلائل الحقيقة على سماوية الشرع الإسلامي لبلوغه حقيقة عميقة في الإنسانية لا يتوصل اليها العقل. ان النهي عن تمثيل الاله بمثال ناتج عن عمق المعرفة بحقيقة الانسان التي يعجز العقل عن معرفتها وهذا بسبب احاطة علم الله بالأشياء وقصور العقل في الإحاطة.

 

البعد النظري والتطبيقي للمبدأ في الفقه العرضي:

عدم قبول معارف شرعية ليس لها صورة او ليس لها إثر. ووجوب اثبات المعرفة بأثرها وان لم تدرك صورتها.