المعرفة هي علم بالحقيقة، ولحقيقة ان الحقيقة لها جهات متعددة للعلم
بها فان جهة المعرفة بالحقيقة المعينة تؤثر في طبيعة معرفتها أي في صورتها
المعرفية وهذه هي (جهوية المعرفة). احيانا يظهر الناس مختلفين بخصوص حقيقة لكن في
الواقع هم غير مختلفين فيها وانما هم مختلفين من زاوية النظر اليها وتصوراتهم ربما
كلها صحيحة لكن من جهة نسبية. ومن هنا قبل الحكم بتحقق الاختلاف لا بد من ضبط وحدة
جهة النظر الى الموضوع، ولو قلنا ان المعرفة البشرية كلها نسبية او لا يمكن ان
تكون غير تسبية فهذا صحيحا.
ان المعنى هو مجموعة دوائر اتصافية مفردة او مركبة تتكون منها مجموعة
من الدوائر الفهمية هذه الدوائر تحقق اشكالا من الادراك مختلفة في البعد التصوري
للشيء ، وهناك جهات للمعنى والادراك ينطلق من عنصر المشاهد وليس من منطقة التحليل
لذلك فالمعنى يمكن ان يكون ما يرى او يسمع او ينظر اليه او يصور اي انه ما يتصور
من جهة معينة لذلك. فالشيء الواحد له معان مختلفة بل وتعاريف مختلفة باختلاف
الجهة، فقد تكون حقيقة واحدة لها معان مختلفة وصور مختلفة بالنسبة الى اشخاص متعددين.
وهذا هو مبدأ النسبية، وفي الحقيقة حينما نقول ان الشيء يعني لمختلفين معان مختلفة
هو تعريفه الوظيفي النسبي لهم فهناك تعريف حقائقي كلي وهناك تعريف جهوي وظيفي نسبي،
والمعنى يمكن ان يكون باي من تلك التعاريف.
ان هذه الحقيقة أي نسبية المعرفة مهمة جدا في تحقق الصراع البشري،
ودليل واضح على ان المعارف الكلية المجردة أمور صعبة التحقق لذلك لا بد من الاتجاه
نحو توحيد المعارف النسبية بدل البحث عن معارف عليا موحدة لا يبدو واضحا نفعها،
انما النفع في التعامل مع المعارف النسبية وتوحيد النظر اليها. ان اهم أساس للعلم
وعلمية المعرفة هو اعتماد النسبية الوظيفية والكف عن قصد الحقائق الكلية المجردة.
البعد النظري والتطبيقي للمبدأ في الفقه العرضي:
عدم قبول معارف شرعية مختلفة من جهة واحدة.