العلم مقدمة من مقدامات
المعرفة. فالعلم هو ادراك حقائق مستقلة بالخارج لا يمكن للعقل انتاجها، وحينما تكتشف
بالعلم تصبح مادة ومعرفة متاحة يجري عليها العقل عملياته، ولا معرفة متاحة الا
بادراك عقلي. وهذا هو مبدأ عقلائية المعرفة.
ان الاستنتاج العقلي هو في الواقع اجراء عقلي على معارف معلومة.
وبمعنى اخرى الادراك المباشر للأشياء بالحواس هذا علم وليس عملية عقلية وانما
العقل يستقبل هذا العلم ويجري عليه عمليات التحليل. ومن هنا يتبين ان الحقيقة
العلمية حقيقة مستقلة بالوجود في خارج النظام العقلي. اما الحقيقة العقلية فهي كل
معرفة مستفادة من العلم أي كل ما يحلله العقل ويتوصل اليه من علاقات. وبينما
الحقيقة العلمية بسيطة وطريقيه ومجردة عن العمل العقلي فان الحقيقة العقلية حقائق
معرفية نهائية ومرتبطة بتاريخ الانسان وارثه الشخصي. فالحقائق العلمية نوعية وصفية
بينما الحقائق المعرفية فردية تحليلية.
لكن لا بد من التأكيد ان الحقيقة العلمية ليست فقط حسية وانما اثرية،
أي يعلم الشيء بأثره والحقيقة الاثرية حقيقة علمية وليست عقلية كما يعتقد ويشار
اليه عادة، فالمؤثر يدرك علما كاملا حقيقا وان كان لا يحس، وبعد ان يدرك ان العقل
سيجري عليه عملياته. ومن هنا فالإمكان العقلي والاستحالة العقلية هي امور حقيقية
لها وجود في الخارج الا انها غير مستقلة.
البعد النظري والتطبيقي للمبدأ في الفقه العرضي:
عدم قبول معارف شرعية غير عقلائية.
الشريعة معرفة بشرية والمعرفة البشرية من مقوماتها انها عقلية ليس لان
العقل هو اداة الادراك فقط وانما لان العقل هو الميزان لاجل قبول الخارج والاذعان
له. لا يمكننا باي حال من الاحوال فصل الانسان عن عقله لان العقل هو الوجدان
والوجدان لا يمكن ان يتخلف نعم يمكن ان يقهر لكن لا يتخلف وبالطريقة السوية
الفطرية، فلا بد ان يكون كل شيء موافقا للعقل والوجدان ومنه الشريعة. من هنا فكل
نقل ينسب الى الشريعة يخالف العقل لا يقبل وكل فهم لنص مخالف للعقل لا يقبل وكل
تفريع من أصل نصي ينبغي ان يكون بقوانين العقل السليمة أي العقلاء، فالدين حقيقة
كامل بالقران والسنة بإذعان العقل وتفريع العقل. لا يمكن باي حال من الاحوال
التقليل من شان العقل في الشريعة الا انه يستنير بعلم النص لان الشريعة علم والعقل
يتنور بالعلم.
بالعلم الانسان يكتشف الاشياء في الخارج والعقل يجري عليه عملياته
الادراكية من رد وعرض وتحليل. لذلك فالعلم يمكن ان يدعي لكن العقل لا يدعي الا انه
قد يُخدع بالعلم. ومن هنا تبرز ضرورة اعتماد الوجدان والفطرة السليمة والنقاء
الأصلي للإنسان بدل المصطلح التخصصي العلمائي والذي قد يصنع الزخرف العلمي المضلل
أحيانا.
العقل التمييزي هو آلة الرشد والادراك وهو ليس فقط يدرك الاشياء كصور
وعلاقات بين الاشياء وليس فقط يمكنه ان يخترع علاقات ويحلل ويضيف ويحذف، وانما
هناك صفة واضحة ومتميزة في العقل التمييزي هي احكامه الوجدانية الانسانية او
الضمير الانساني وهو احكام الحسن والقبح وهي علاقات معرفية راسخة جدا وعميقة جدا
في التجربة الانسانية. وكلما كانت المعرفة عميقة كانت أكثر حاكمية على غيرها وكلما
كانت راسخة كانت اصدق من غيرها.
البعد النظري والتطبيقي
للمبدأ في الفقه العرضي:
عدم قبول معارف شرعية غير عقلائية.