مبدأ الاتساقية

 


الاتساق هو الأساس للواقعية والحقائقية، وهو العلامة الواضحة لصدق المعرفة. ان العقل البشري لا يقر الا بالمعرفة المستقرة، واما المعرفة القلقة فلا يقر بها مهما كانت مصادرها، ولأجل استقرار المعرفة في العقل لا بد ان تكون لها شواهد ومصدقات وان تكون في تناسق وتوافق مع باقي حقول المعرفة. فعدم الشواهد وعدم المصدقات هو علامة المعرفة القلقلة. ولا بد من شواهد مصدقة وتوافق تناسقي للمعرفة مع ما هو ثابت ومعلوم لاستقرارها، وهذا هو مبدأ (اتساق المعرفة). وهذا يجري في المعرفة الشرعية، فلا بد لأجل الحكم بواقعية المعرفة الشرعية وحقائقيتها وانها حق وصدق لا بد ان تكون متوافقة متناسقة مع ما هو معلوم ولها شواهد مصدقة منه.

البعد النظري والتطبيقي للمبدأ في الفقه العرضي

عدم قبول معارف غير متسقة.

ان الشريعة كمعرفة هي منظومة معارف مستقلة لها مظهرها واستقلالها ولونها المعرفي المتميز بخصائص واضحة تستفاد من مواد الشريعة أي ادلتها والتي هي القران والسنة، وتعتمد كما هو حال غيرها من معارف على التوافق والتناسق والتشابه والاتصال والاعتصام. وتعرف المعرفة من كونها شرعية بعلامات التوافق والتناسق والاتصال فتصبح علما وحقا شرعيا وصدقا واعتصاما. قد يعتقد ان الشريعة هي النص او دلالته وهذا لا مجال له بل الشريعة معرفة مستقلة في مستوى خارج النص ودلالاته وان كان النص ودلالاته مقدمة وطريقا اليها، بل حينما يكون النص غير موافق للشريعة فانه يكون متشابها ويعالج بطريقة او بأخرى حتى يتوافق معها فيحكم، وما هذا الا بسبب استقلال الشريعة عن النص.

ان الاتساقية الشرعية لا تطرح الموافقة كحل لمشكلة العلم وانما تطرحها كعلامة للعلم ولذلك فالمتسق والموافق هو العلم والصدق أي هو صورة الحقيقة وصورة الواقع. ومن هنا فلا مجال لتقسيم المعرفة الى ظاهرية وواقعية من جهة الثبوت وانما كل المعرفة الثابتة واقعية الا انه حين يتبدل العلم أي يتبين الخلاف فان العلم بالواقع ومعرفته تتبدل. ان الحقيقة والواقع الشرعي محفوظ ومعصوم ونحن البشر ليس لنا الا معرفته والعلم به وهذا العلم يمكن ان يتغير. ومن هنا يتبين ان الواقع واقعان؛ واقع حقائقي وواقع معرفي ونحن نتعامل مع الواقع المعرفي يمكن ان يتغير اما الواقع الحقائقي فلا يتغير ويحتاج الى معرفة محيطة، فما ندركه هو المعرفة وليس الحقيقة. 

 

البعد النظري والتطبيقي للمبدأ في الفقه العرضي:

عدم قبول معارف شرعية غير متسقة.